العنصرية الصهيونية وتجلياتها

الإثنين ١٤ سبتمبر ٢٠٠٩ - ٠١:٠٩ بتوقيت غرينتش

"إذا كانت إسرائيل لا تستطيع صنع السلام مع مليون ونصف المليون عربي ممن يعيشون داخلها... فكيف بإمكانها صنعه مع العالم العربي بأكمله ؟!"

ما من شك بأن العنصرية ضاربة في أعماق المجتمع الصهيوني حتى تحولت إلى نهج وسلوك وثقافة حياتية تُمارس وتتجلى بأبشع صورها ومظاهرها في التعاطي اليومي مع فلسطينيي ال 48 ومما يساهم في استشراء واستفحال ظاهرة العنصرية الرعاية والدعاية التي تحظى بها من قبل الإعلام الإسرائيلي وتصريحات القادة الصهاينة المعادية لكل من هو عربي .

إن أكثر فئة تتضرر من النهج العنصري السائد هي الأقلية الفلسطينية التي تعيش داخل "الخط الأخضر" والبالغ تعدادها مليون ونصف المليون فلسطيني ممن بقوا على أرضهم عام 48.. فهذه الفئة مضطرة للتعاطي مع المجتمع الإسرائيلي والاحتكاك به وهي تتحمل الكثير وتقف بصلابة صابرة صامدة متحدية كل المظاهر العنصرية التي تواجهها.

إن دولة بنيت على أسس عنصرية خالصة ورسخت ثقافة الكراهية للآخر لا يمكنها أن تتخلص من عقدتها بين عشية وضحاها وحتى لو أرادت التخلص إلا أنها لن تكن قادرة إذ ليس من السهل قلب موازين ثقافية تربت عليها الأجيال الإسرائيلية بسهولة وبساطة..وليس من السهل فطامها من حالة الإدمان العنصري التي تعيشها.. فالعنصرية لم تعد ظاهرة مَرضية يمكن علاجها بل تحولت هنا إلى فكرة وأيدلوجيا تلازم المجتمع الإسرائيلي بكل شرائحه !

في استطلاعات للرأي أجرتها معاهد صهيونية متعددة بينت أن غالبية اليهود يرون بالعربي قذرا لا يمكن التعايش معه وتقبله.. معطيات مذهلة أبرزها الاستطلاع وفي مقدمتها أن اليهودي لا يثق بالعربي ويرى بان وطنه هو مناطق السلطة ! العنصرية ترسخت في ذهن المجتمع وأصبحت جزءا من ثقافته الحياتية وممارساته اليومية .

يبنون مجدهم على حسابنا !
كل الساسة الصهاينة يبنون مجدهم السياسي والحزبي على حساب العرب وضربهم ...فمعيار قوة ووطنية أي سياسي وقائد إسرائيلي تكمن في مدى عدائه للعربي وتنكره للحق الفلسطيني.. رئيس الوزراء الراحل (رابين ) اعتبروه ملكا لإسرائيل لأنه انتهج سياسة تكسير العظام إبان الانتفاضة الأولى ..(شارون )استمد قوته وجبروته من مجزرة صبرا وشاتيلا و(ليبرمان) وسّع شعبيته لأنه ينتهج التطرف وينادي بترحيل العرب ..إذا فأزمة المجتمع الإسرائيلي مركبة ومعقدة وهي نهج وسلوك قيادة وشعب.. كلاهما يتحملان المسؤولية .

من الطبيعي والبديهي أن يكون المسئول الأول عن استشراء واستفحال ظاهرة العنصرية هي القيادة السياسية والدينية والتي لم تترك مناسبة إلا وأطلقت التصريحات التحريضية والعنصرية ضد الأقلية الفلسطينية هنا ناهيك عن تشريع القوانين "الابرتهايدية" لتضييق الخناق علينا وبالتالي إجبارنا على ترك وطننا والرحيل !

مخططات إسرائيلية عديدة تحاك بالسر والعلانية لتحاشي الخطر القائم .."الخطر الديموغرافي" الذي يشكله فلسطينيو ال 48 .. أو القنبلة الديموغرافية الموقوته كما يسمونها ،فكل المعطيات تشير إلى أن تعداد العرب هنا سيتساوى مع تعداد اليهود بعد عشر سنوات أو أكثر وهذا ما يخيف الصهيونية لأنها ستفقد يهوديتها وطابعها .

إسرائيل أرادت لنفسها أن تكون خالية من العرب فعندما زار "بن غوريون" منطقة الجليل في الستينات ذهل من رؤية القرى العربية القائمة فسأل مرافقيه هل نحن في سوريا أم في إسرائيل ؟!

منذ ذالك الوقت بدأت القيادة الإسرائيلية بالتفكير الجدي في كيفية التخلص من "القنبلة الديموغرافية " المسماة عرب الداخل .. فبدأت بمصادرة الأراضي التابعة للمواطنين العرب وبناء المستوطنات عليها وتحديدا في الجليل لتغيير طابعها العربي وكان انفجار يوم الأرض عام 76 احتجاجا على سلب ونهب ما تبقى من أراضي.

كل قوانينهم لن تثنينا
لقد منيت مخططاتهم بفشل ذريع لان الإنسان الفلسطيني يتمسك أكثر من غيره بالأرض ويعتبرها جزءا من كينونته وبقائه فالأرض بالنسبة له مكونا من مكوناته الحياتية .

لقد دأبت إسرائيل على تشريع قوانين تحد من مجال تحرك العرب وتطورهم الاقتصادي وتفاعلهم السياسي مع شعبهم وأمتهم .. قوانين تحَرم علينا إحياء ذكرى نكبة شعبنا سُمي بقانون النكبة وقانون الولاء للدولة فكل من يزور دولة معادية يحاكم ويسجن والعديد العديد من القوانين الهادفة إلى تدحيننا وتطويعنا وبالتالي سلخنا عن شعبنا وامتنا !

ناهيك عن سياسة تضييق الخناق وعدم إفساح المجال أمامنا للتقدم والتطور في شتى المجالات السياسية والاقتصادية وحتى العلمية !

برغم هذه التجليات العنصرية الوقحة ما زال الفلسطيني يقاوم الظروف متمسكا بالحياة بمرارتها وحلوها لا تثنية أي قوة أو قانون عن شق طريقة بكرامة وعزة منسجما ومندمجا مع قضايا شعبه وأمته .

إسرائيل تدرك تماما أن الأقليات المضطهدة هي الخطر الحقيقي والجدي عليها وان أي اضطهاد قد يؤدي إلى الانفجار لكنها لم تستخلص العبر من تجاربها السابقة مع الأقلية الفلسطينية هنا .. يوم الأرض وانتفاضة الأقصى لذا هي الآن تدرس وبجدية إمكانية التخلص