لهذه الأسباب ستفشل المصالحة الفلسطينية

الثلاثاء ١٥ سبتمبر ٢٠٠٩ - ١١:٣٠ بتوقيت غرينتش

بتسليم مصر لكل من فتح وحماس والمنظمات الفلسطينية الأخرى ورقتها الأخيرة الخاصة بالمصالحة الفلسطينية والتي تحدد فترة ما بعد عيد الفطر لإنجاز ملف المصالحة تمهيداً لعقد انتخابات فلسطينية تشريعية ورئاسية في النصف الثاني من العام المقبل، أصبح السؤال الأكثر إثارة هو : هل بالفعل اقترب أجل المصالحة وباتت أكثر تحقيقاً أم أن الورقة المصرية لن يكون لها مفعول السحر وسيظل الخلاف قائماً؟

قد يرى البعض أن الحديث عن فشل هذه المصالحة وفقا للورقة المصرية وبرغم الردود الإيجابية من غالبية الفصائل ما هو إلا مسلسل تشاؤمي، ولكن الحقيقة أن هناك أموراً وحقائق أخرى لا شك ستلعب دوراً في إفشال هذه المصالحة بعضها محلي وبعضها إقليمي وأكثرها دولي.

بداية نقول أن أسس المصالحة الفلسطينية نفسها لا تتوافر لأن الحديث يدور - خصوصاً بعد انتخابات حركة فتح الأخيرة - عن سيطرة (السلطة الفلسطينية) على (الحركة)، وعزل الحرس القديم - المسيطر على السلطة - لتيار الحرس الجديد الفائز في انتخابات فتح، واختطافه للقرار السياسي الفلسطيني في الضفة الغربية، وهذا التيار هو من بيده تحريك الأمور والمصالحة في نهاية الأمر وعرقلتها حتى ولو قبلت فتح (الحركة) بتنازلات فيها!.

الأمر الثاني هو : كيف تجري مصالحة فلسطينية أصلا وهناك خطط تعاون أمني واستخباري و تدريب للشرطة الفلسطينية - وفق خطة دايتون - بما يجعل قوات الأمن الفلسطينية احترافية هدفها هو منع المقاومة ضد الصهاينة حتى ولو جاءت هذه المقاومة من حركة فتح نفسها، فهذه الخطط الأمنية بين السلطة والصهاينة وبتعاون أميركي قطعت شوطاً كبيراً ويصعب وقفها أو إلغاؤها، وهناك عقبات في ضم الشرطة وأجهزة أمن حماس في غزة ضمنها لأن العقيدة العسكرية التي يتدرب عليها كل طرف متعارضة تماما مع الأخر.

أيضا كيف تجري المصالحة وهناك مئات المعتقلين السياسيين (من المقاومة) ممن تعتبرهم السلطة الفلسطينية في الضفة - وفق منظور دايتون - خارجين عن النظام في حين تعتبرهم حماس مقاومين يجب تكريمهم ؟ وكيف تجري المصالحة وهناك عمليات إقصاء وتطهير لكل ما يمت لحماس بصلة في الضفة الغربية من جمعيات خيرية ووظائف حكومية وحتى رؤساء بلديات وآخرهم رئيس بلدية قلقيلية الموالي لحماس الذي عزله الرئيس عباس ضد خطة التطهير ولكن بحجة أنه تجاوز المصاريف المالية!.

كيف تكون هناك مصالحة بين حماس وفتح وهناك خلافات بين قوى داخل فتح نفسها تحتاج لمصالحة، وهذه الخلافات بلغت مرحلة خطيرة وانقسام بين فتح الداخل وفتح الخارج، وبين فتح السلطة وفتح الحركة، وفتح المقاومة، وفتح التنسيق الأمني مع الصهاينة ضد المقاومة وكأن الدولة الفلسطينية قامت وهناك من يهددها!.

ما لا يدركه كثيرون هو أن هناك للأسف عوامل أخري إقليمية ودولية تستعجل إنهاء صراع القضية الفلسطينية وتصفية هذه القضية، وأن قضية فلسطين الأصلية يجري الإجهاز عليها بخطط خبيثة من الصهاينة وإدارة أوباما ضمن سياسات الاستيطان والتهجير وإعلان دولة فلسطينية مؤقتة في الضفة فقط وتأجيل ملفات القدس وعودة اللاجئين لأجل غير مسمي !؟.

ووسط هذا الركض العربي تجاه التطبيع مع الصهاينة والذي لن يتأخر في ظل رغبة أميركا في هذا وعدم رغبة غالبية الدول العربية المعتدلة في إغضابها، تضيع ثوابت القضية، ويأتي اللوم العربي للصراع بين فتح وحماس برغم أن سبب هذا الصراع أولا وأخيرا هو التدخلات العربية وتصنيف الطرفين وتقسيمهما على محور الاعتدال أو المقاومة.

خالد مشعل نفسه أسرّ - خلال زيارته الأخيرة للقاهرة - لعدد ضئيل من الإعلاميين منهم فهمي هويدي أن هناك شواهد تدل على أن الرئيس أبو مازن وفريقه لم يعودوا راغبين في المصالحة مع حركة حماس، وان هناك اتجاهاً لإبقاء الوضع كما هو عليه حتى نهاية العام، بحيث يحين موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في شهر يناير المقبل في ظل استمرار الخصام فيجري انتخابات في الضفة دون غزة، بحيث تصبح الضفة هي قاعدة الدولة الفلسطينية والممثلة لمشروعها، بما يؤدي إلى إخراج غزة وحركة حماس من الصورة تماماً.

وفي ظل انتخاب مجلس تشريعي جديد تهيمن عليه قيادة فتح، يمكن الانطلاق بعد ذلك نحو التسوية التي تستجيب للشروط والمواصفات الإسرائيلية، ومع أنه قال إن القاهرة تحفظت على إجراء الانتخابات في الضفة الغربية وحدها، ودعت إلى ضرورة إجراء المصالحة قبل الانتخابات، حتى إذا أدى ذلك إلى تأجيل موعد إجرائها ( وهو ما حدث عندما قررت الورقة المصرية تأجيلها إلى منتصف 2010 ما أغضب عباس).

والمشكل هنا أن طول فترة الخلافات وما ترتب خلالها من إجراءات وترتيبات على الأرض جعل من الصعوبة عودة الطرفين للتعامل معاً بسبب مخزون عدم الثقة، فضلاً عن صعوبة حل مشكلات مثل التنسيق الأمني مع (إسرائيل) أو إعطاء عباس سلطة التفاوض مع (إسرائيل) وحده في ظل عدم ثقة حماس فيه.

هناك بالتالي عقبات حقيقة أغلبها تدخلات لأطراف خارجية والأمر ليس مجرد تمنيات وإلا لحلت القضية بالتمنيات، وحتى لو افت