العالم - فلسطين
حلم الصهيونيّة، كان وما زال وسيبقى تقسيم سوريّا إلى كيانات عرقيّةٍ وطائفيّةٍ ومذهبيّةٍ، لتفتيت المُفتت وتقسيم المُقسّم.
وهذا الحلم الرطّب لقادة "إسرائيل" هو نتاج العقيدة التي وضعها مَنْ يُطلقون عليه في تل أبيب مؤسس "إسرائيل"، دافيد بن غوريون، والذي رفض حمل الهويّة الزرقاء، لأنّه كُتب فيها أيضًا باللغة العربيّة، وفرض الحكم العسكريّ بحقّ العرب بعد النكبة على مَنْ تبقوا في فلسطين، ولولا تدّخل مجلس الأمن الدوليّ وتهديده بسحب الاعتراف بإسرائيل، لما وافق بن غوريون في العام 1966 بإلغاء الحكم العسكريّ.
وعودٌ على بدء
يعتقد وزير الحرب الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان أنّ هناك ثلاث استنتاجات يجب على العالم أنْ يستخلصها من النزاعات التي تدور في الشرق الأوسط، ومن أهمها ضرورة تقسيم العراق وسوريّا، مُشيرًا إلى أنّ هذه الدروس بارزة بشكل خاص بالنسبة لإسرائيل وبالنسبة لأولئك المعنيين بضمان أمنها القوميّ، بحسب تعبيره.
أفكار ليبرمان، وهو من صقور اليمين الإسرائيليّ المُتطرّف وردت في مقالٍ نشره بموقع “ديفينس نيوز″ الأمريكيّ، حيث وصف ما يحدث في سوريّا والعراق واليمن وفي باقي بلدان المنطقة بالزلزال التاريخيّ.
وبرأيه، فإنّ الحلّ لمشاكل المنطقة يكمن في رسم حدودٍ جديدةٍ لبعض الدول، فتغيير الحدود بشكلها الحاليّ وتحديدًا في العراق وسوريّا، ووضع خطوط فاصلة بين مناطق الشيعة ومناطق السُنّة من شأنه أنْ يقضي على الفتنة الطائفيّة، ويفتح الطريق أمام قيام دول تتمتع بشرعيةٍ داخليّةٍ، على حدّ تعبيره.
علاوة على ذلك، شدّدّ ليبرمان على أنّ تأسيس العديد من البلدان في الشرق الأوسط قد تمّ بشكلٍ مصطنعٍ، وذلك كان نتاجًا لاتفاقية سايكس بيكو، التي تمّت بناءً على الاعتبارات الاستعماريّة، هذه الاعتبارات، أضاف، لم تأخذ بعين الاعتبار نمط عيش السكان والخلافات الطائفيّة والعرقيّة العميقة داخل مجتمعات معينّة، بحسب قوله.
وبيّن ليبرمان أنّه من الخطأ الاعتقاد أنّ هذه الدول يمكنها التعايش في حدودها الحالية، مُوضحًا أنّ الحل الذي يسوقه ينطبق على الصراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ، حيث قال إنّ الوضع سيؤول في آخر المطاف إلى دولتين.
ووفقًا له فإنّ الاستنتاج الأوّل وراء عدم الاستقرار في المنطقة هو غياب شبه كامل للطبقة الوسطى، عازيًا ذلك إلى أنّ معظم الدول العربية تعاني من الفساد المؤسساتي والفقر المدقع، إلى جانب وجود طبقة تضم كبار رجال الأعمال الأثرياء للغاية. وأكّد ليبرمان على أنّه من الضروري الحفاظ على طبقة وسطى قوية، لافتًا في السياق عينه إلى أنّ أكثر الدول استقرارًا وازدهارًا في العالم هي تلك التي لديها طبقة وسطى واسعة، وفي بعض الحالات، تضم ما يصل إلى ثمانين بالمائة من السكان في البلاد، مُضيفًا أنّ التعصب الدينيّ والتطرف القوميّ يأتي نتيجة للإخفاقات الاقتصاديّة.
الاستنتاج الثالث، بحسب وزير الحرب الإسرائيليّ، الذي استُجلب إلى فلسطين في العام 1978، فيتمثل في كيفية دحر االمقاومة المسلحة وحزب الله، مشدّدًا على أن التجربة أثبتت أنّ الانتصار بشكلٍ حاسمٍ يتطلّب المواجهة البريّة، مؤكّدًا على أنّ الضربات الجويّة وتقديم الدعم العسكريّ هما جزء من المعادلة العسكرية، لكن بواسطتهما لا يًمكن تحقيق ما أسماه بالكسب الشامل والحاسم.
وبينّ ليبرمان أنّ هناك حاجة إلى تقييم واقعي للأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة والمذهبيّة والجغرافيّة من الناحية الإستراتيجيّة في الشرق الأوسط من أجل صياغة سياسةٍ دوليّةٍ سليمةٍ في المنطقة، مشيرًا إلى أنّ ذلك هو أمر حيوي بالنسبة للأمن القوميّ الإسرائيليّ.
ومن الأهميّة بمكان في هذا السياق التأكيد على أنّ رؤية الوزير الإسرائيليّ تتطابق مع ما يُسّمى بمشروع نائب الرئيس الأمريكيّ الحالي جو بايدن، الذي دعا قبل ترشحه للمنصب في ولايته الأولى، العام 2007، إلى تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق، كرديّة وسنيّة وشيعيّة، تتمتع كلّ منها بالحكم الذاتيّ.
من ناحيته، قال الباحث أندرو جيه. تابلر، من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إنّه على إدارة ترامب القبول بأنّ سوريّة مقسّمة بحكم الأمر الواقع وعلى الإدارة القادمة إقامة مناطق آمنة، وإجراء مفاوضات مُضنية مع موسكو، وإحداث انقسامٍ بين إيران وروسيا بشأن سوريّا، ويتوجّب على واشنطن، أضاف الباحث الأمريكيّ إبقاء حزب الله خارج سوريّا، على حدّ قوله.
زهير أندراوس ــ رأي اليوم
106-10