تطورات الأزمة السورية تؤكد صوابية الموقف الإيراني

تطورات الأزمة السورية تؤكد صوابية الموقف الإيراني
الخميس ٢٦ يناير ٢٠١٧ - ٠٩:٥٣ بتوقيت غرينتش

وقفت ايران موقفا ثابتا لا يتزعزع ازاء الازمة السورية منذ ايامها الاولى وحتى الان، وهذا الموقف قائم على مبادىء ثابتة تُحدد أطر السياسة الايرانية ازاء الازمات الاقليمية، ومنها احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ودعم الحكومات الشرعية، ورفض استخدام الجماعات التكفيرية والارهابية كوسيلة لتحقيق اهداف سياسية، وان لا حل عسكريا للازمات السياسية.

العالم - مقالات
 

هذا الموقف الايراني ازاء سوريا، جسدته ايران عمليا خلال السنوات الست الماضية، فقد دعمت الحكومة الشرعية، للحيلولة دون وقوع سوريا بيد الجماعات التكفيرية التي كانت ستحول سوريا الى مركز لتصدير الارهاب الى العالم أجمع، كما رفضت تدخل الدول الاخرى في الشان السوري وتمويلها وتسليحها وتدريبها للجماعات التكفيرية والارهابية التي استقدمتها من اكثر من 80 بلدا في العالم وارسلتها الى سوريا، وطالبت ايران ايضا من هذه الدول وفي اكثر من مناسبة الى الكف عن التدخل في الشأن السوري، وافساح المجال امام السوريين من اجل التوصل الى صيغة لادارة بلدهم.
ومن اجل اخراج سوريا من دوامة الحرب والدمار، قدمت ايران قبل عامين مبادرة لحل الأزمة السورية تضمن اربعة بنود هي: الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعادة تعديل الدستور السوري بما يتوافق وطمأنة المجموعات الإثنية والطائفية في سوريا، وإجراء انتخابات بإشراف مراقبين دوليين، ولكن للاسف الشديد لم تلقهذه المبادرة الاهتمام المطلوب حينها بسبب اصرار الجهات الداعمة للجماعات التكفيرية على اسقاط النظام في سوريا من خلال القوة العسكرية.
الموقف الايراني الثابت والمتزن والواقعي من الازمة السورية، لم يتغير مع تغير الوقائع الميدانية، بل على العكس تماما، فايران ورغم انتصار محورها في حلب، كانت اكثر تمسكا بالحل السياسي، ولم تخرجها نشوة الانتصار عن عقلانيتها، فبعد انتصار حلب توصلت ايران الى جانب روسيا وتركيا الى قناعة ان الفرصة مؤاتية لدفع الاطراف السورية الى طاولة الحوار، لاسيما ان الحقائق على الارض جعلت بعض الجماعات المسلحة اكثر عقلانية من السابق، وهو الذي حدث، فقد شجعت ايران وروسيا وتركيا الجماعات المسلحة للجلوس الى طاولة واحدة مع وفد الحكومة السورية في العاصمة الكازاخية "استانة"، وتم خلال يومين كاملين التطرق الى سبل تثبيت الهدنة، وكيفية فصل الجماعات المسلحة عن "داعش" و "النصرة"، وصولا الى التعاون بينهما من اجل محاربة الجماعات المسلحة التي مازالت تؤمن بالحل العسكري للازمة السورية.
المتابع لوقائع مؤتمر "استانة" والبيان الختامي الذي صدر عن المؤتمر، لا يسعه الا ان يستذكر المبادرة الايرانية التي كانت ستجنب سوريا المزيد من الدمار والشعب السوري المزيد من الضحايا، لو امكن اقناع الجماعات المسلحة للركون الى الحوار وترجيح التعقل على التعصب والوطنية على الطائفية، ولكانت الازمة السورية قد انفرجت منذ ذلك الوقت.
من الواضح ان روح المبادرة الايرانية تكمن في بنود بيان مؤتمر استانة، بل حتى موضوع الدستور الذي تضمنته المبادرة الايرانية، اشار اليه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وهو يعلق على نتائج مؤتمر استانة، بقوله "ان موسكو قدمت مشروع الدستور السوري، إلى أطراف مباحثات أستانة، وراعت في هذا المشروع موقف النظام والمعارضة ودول المنطقة"، وهو ما كان صدى للعبارة التي وردت في المبادرة الايرانية التي اشارت الى "إعادة تعديل الدستور السوري بما يتوافق وطمأنة المجموعات الإثنية والطائفية في سوريا".
اكدت ايران مرارا وتكرارا على ان الجماعات التكفيرية الارهابية من امثال "داعش" و القاعدة (النصرة - فتح الشام)، والجماعات المسلحة التي تحالفت معهما، والجهات الداعمة لها، هي السبب الرئيسي وراء استمرار الازمة السورية، وتم تاكيد هذه الحقيقة في  مؤتمر "استانة"، الذي دعا الجهات الداعمة بالكف عن سياستها،  مثلما ما تم دعوة الجماعات المسلحة الاخرى، للابتعاد عن "داعش" والقاعدة، اذا كانت حقا تسعى وراء الحلول السياسية، وتجنيب بلدها الخراب والدمار.
هذه التطورات التي شهدتها الازمة السورية، اكدت صوابية الموقف الايراني، الذي اقتربت منه جميع الدول المعنية بالشان السوري وتلك المتورطة في هذه الازمة، حيث كانت مواقف هذه الدول تترنح في الماضي بين ضرورة "اسقاط النظام السوري"، وبين ايجاد مناطق "امنة"، وبين "تقسيم" سوريا، و..، فيما بقيت ايران على موقفها الرافض لكل هذه السيناريوهات، ومشددة على ترك السوريين يقررون مصير بلادهم بانفسهم.

* ماجد حاتمي – شفقنا

205