حرب "الثوار" في الشمال السوري تكشف حقيقة "الثورة"!

حرب
السبت ٢٨ يناير ٢٠١٧ - ٠٩:٢٥ بتوقيت غرينتش

تدور حرب ابادة حقيقية هذه الايام في شمالي سوريا، وتحديدا في ريفي ادلب وحلب، بين “رفاق” الامس من “ثوار” سوريا، بهدف تحقيق اهداف “الثورة”!، والوصول بالشعب السوري، الى بر “الديمقراطية والتعددية وحرية التعبير وحقوق الانسان” ، الذي ينشده هؤلاء “الثوار”!.

العالم - سوريا

حرب التصفية الجارية على قدم وساق بين “جبهة فتح الشام” (النصرة – فرع القاعدة في بلاد الشام)، وبين “رفاق العقيدة والسلاح”  في حركة “احرار الشام” التي دخلت تحت عباءتها كل الجماعات المسلحة المتواجدة في شمال سوريا والمنضوية تحت “راية الجيش السوري الحر”، من امثال “ألوية صقورالشام ” و “جيش الإسلام” و “كتائب ثوار الشام”  و”الجبهة الشامية” و”جيش المجاهدين” و”تجمع فاستقم كما أمرت”، هربا من بطش وتنكيل “فتح الشام”.

رغم ان الخلاف بين “رفاق السلاح والعقيدة” كان قديما الا انه اشتد وتحول الى حرب ابادة، بعد ان اتهمت “فتح الشام”(النصرة)، تلك الجماعات بالخيانة، لانها ارسلت ممثلين عنها الى مؤتمر “استانة”، او ايدت المؤتمر، وكانت هذه المواقف كفيلة لتقرر “فتح الشام” تصفية كل تلك الجماعات عن بكرة ابيها.

اختارت الجماعات الهاربة من بطش “جبهة النصرة- فتح الشام”، حركة “احرار الشام”، ملجأ اخيرا لها لاعتبارات عدة منها، انها مقربة ومدعومة من تركيا، وانها الاقوى بين تلك الجماعات المنضوية تحت راية “جيش السوري الحر”، كما انها كانت تقاتل، في خندق واحد مع القاعدة (جبهة فتح الشام- النصرة)، حتى قبل ايام من انعقاد مؤتمر “استانة”، في بعض مناطق مختلفة من سوريا وخاصة في الشمال.

الملفت ان “احرار الشام” التي تحولت الى “منقذ” للجماعات المسلحة الاخرى، لا تختلف كثيرا في اساليبها وممارستها عن “فتح الشام”، فهي ايضا مصنفة ارهابية من قبل روسيا، لقتالها جنبا الى جنب مع القاعدة (فتح الشام) خلال السنوات الماضية، كما رفضت المشاركة في مؤتمر “استانة”، الا انها وبإيعاز تركي، ايدت الجماعات الاخرى المشاركة في المؤتمر.

هناك من حاول، ومنهم تركيا، اظهار حركة “احرار الشام” على انها حركة تختلف ايديولوجيا مع “فتح الشام”، وانها “معتدلة” وغير متطرفة، بينما الحقائق على الارض تؤكد عكس ذلك، فقبل ايام عندما سحقت “فتح الشام ”، “جيش المجاهدين” و”صقور الشام ” في ادلب، اعلن علي العمر أبو عمار، زعيم حركة “أحرار الشام”، في كلمة صوتية ان حركته “لن تسمح بحصول اقتتال بين الفصائل”، مؤكدا ضرورة “صد الباغي”، وذلك بعد “تجاهل فتح الشام للمحكمة الشرعية”، التي دعت إليها حركته، موضحا “أن جبهة فتح الشام هي الطرف الوحيد الذي رفض النزول إلى محكمة شرعية للفصل في التطورات التي حدثت بينها وبين فصائل أخرى”، ومن الواضح من ادبيات زعيم حركة “احرار الشام”، ان الحركة لا تختلف ايديولوجيا مع “جبهة النصرة” (فتح الشام)، بل ان الحركة ترى في القاعدة  فصيلا “ثوريا”، يقاتل جنبا الى جنب مع باقي فصائل “الثورة”، الا ان الحركة ستكون مضطرة لقتالها بعد ان رفضت “المحكمة الشرعية”!.

الملفت ايضا ان “حركة نور الدين الزنكي”، وهي من ابرز فصائل “الجيش الحر”، التي تحاول امريكا وحلفائها تسويقها على انها “معتدلة”، اعلنت وقوفها على الحياد في القتال الدائر في الشمال وأكدت في بيان لها أن هذا القتال هو “استنزاف للقوى العسكرية الثورية ولا يصب إلا في مصلحة النظام ..، وانها تقف من هذا القتال موقفا حيادياً من الطرفين بعد أن بذلت جهوداً للإصلاح بينهما، ولكن لم تجد آذاناً صاغية لسماع النصيحة”، ودعت الطرفين المتنازعين إلى «تحكيم شرع الله»، وأن يتذكروا ما حل بأفغانستان والعراق والجزائر من هزيمة نكراء جراء الاقتتال الداخلي”!!.

نتوقف امام هذا الصراع الدائر بين “رفاق السلاح والعقيدة”، ونتساءل :

-هل مواقف فصائل “الجيش الحر” والتي اشرنا الى بعض منها، توحي ان هذه الفصائل تختلف ايديولوجيا مع القاعدة بل وحتى مع “داعش”؟.

-هل في مواقف هذه الفصائل ما يوحي الى انها تعادي القاعدة، المصنفة عالميا، ارهابية؟

-هل في مواقف هذه الفصائل ما يوحي انها “معتدلة” أو انها “قومية او علمانية”؟

-الا تؤكد هذه المواقف ان جميع الفصائل هي فصائل “سلفية جهادية”، تعتمد على الفكر الوهابي التكفيري المتطرف؟.

نداء الاستغاثة الذي اطلقته فصائل “الجيش الحر” في شمال سوريا، ودخولها تحت عباءة “حركة احرار الشام الاسلامية”، خوفا من “الانقراض” على يد مسلحي القاعدة (جبهة النصرة – فتح الشام)، يؤكد حقيقة طالما اشرنا اليها من قبل وهي ان فصائل ما يسمى بـ”الجيش الحر” لا تأثير لها على الارض السورية، خلافا للضجة الاعلامية التي تثيرها بعض الجهات الاقليمية والدولية التي تحاول تضخيم نشاطها وعدد مقاتليها دون جدوى، فمعارك الشمال السوري اليوم، اثبتت حتى للمشككين ان العمود الفقري للجماعات المسلحة في سوريا هما “داعش” والقاعدة.

المعارك الدامية بين “رفاق السلاح والعقيدة” اثبتت ايضا حقيقة في غاية الاهمية وهي، ان كل ما قيل عن ان الحرب الدائرة في سوريا على انها حرب بين “السنة والشيعة” و بين ” السنة والعلويين” و”بين السنة والرافضة” وبين “السنة والنصيرية” وما الى ذلك من تعابير مقززة كريهة استخدمتها هذه الفصائل المسلحة ومن ورائها الاعلام الخليجي خلال السنوات الماضية، هو كذب في كذب، فهذه الجماعات لو كانت اسلامية (سنية) حقا كما تدعي، لماذا لا تتورع عن ابادة بعضها البعض وبدون رحمة كما يحصل الان في شمال سوريا ؟.

المصدر : شفقنا

109-1