المناطق"الآمنة" في سوريا.. محاولة لإفساد "إستانة" أم طيش ترامبي

المناطق
الأحد ٢٩ يناير ٢٠١٧ - ٠٨:٣١ بتوقيت غرينتش

قبل ایام اعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه سيقيم "قطعاً" مناطق آمنة في سوريا لحماية الفارين من العنف، ومن المتوقع ايضا، كما ذكرت وسائل اعلام امريكية، ان يأمر ترامب خلال الأيام المقبلة وزارتي الدفاع والخارجية بصياغة خطة لإقامة هذه المناطق في سوريا ودول قريبة من سوريا.

العالم - مقالات

موسكو تفاجأت بقرار ترامب بشان المناطق الامنة في سوريا، عندما اكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن ترامب لم يتشاور مع روسيا، محذرا في الوقت نفسه ترامب من ان عليه تقييم عواقب خطته، التي قد تفاقم وضع اللاجئين.
ليس روسيا وحدها التي تفاجأت بقرار ترامب، فجميع الدول، وحتى تلك الحليفة لامريكا، تفاجأت بالامر، فالرئيس الامريكي استعجل الخطة قبل ان يناقشها مع حلفاء امريكا ولا حتى مع روسيا، وهي خطة قد تجعل امريكا تنزلق الى المستنقع السوري، وعندها سيتورط ترامب في سوريا، كما تورط بوش في العراق و اوباما في ليبيا.
الخبراء العسكريون والسياسيون حذروا من خطورة فرض منطقة "امنة" في سوريا لاعتبارات عدة، منها:

- ارسال الاف الجنود الامريكيين لتأمين هذه المنطقة وحمايتها، وهو ما يتنافى مع سياسة ترامب المعلنة والقائمة على عدم الانزلاق الى المستنقع السوري.
- احتمال أن تصبح المناطق الآمنة داخل سوريا لعنة دبلوماسية تجبر إدارة ترامب على التعامل مع مجموعة من التوترات العرقية والسياسية في سوريا إلى أجل غير مسمى.
- احتمال أن تجتذب المنطقة "الآمنة" متشددين إما لتنفيذ هجمات، أو لاستخدام المنطقة مأوى يمكن للمتشددين إعادة تنظيم صفوفهم فيها.
- إقامة مثل هذه المناطق سيكون مكلفا نظرا لضرورة توفير أماكن إيواء وطعام وتعليم ورعاية طبية للاجئين.
- المنطقة "الامنة" تحتاج الى منطقة حظر طيران تشرف امريكا على مراقبتها، الامر الذي سيجعل امريكا في مواجهة مباشرة مع الطيران الروسي والسوري، وكذلك ستكون الطائرات الامريكية في مرمى الدفاعات الروسية المتطورة في سوريا.

كل هذه الحقائق كان قد اخذها الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما بنظر الاعتبار، عندما رفض خطة اقامة منطقة "امنة" في سوريا، لانها تعني، كما يقول الخبراء العسكريون، الاستعداد لخوض حرب مع روسيا وحلفائها، ليس في سوريا فحسب بل في المنطقة والعالم، وما يترتب على ذلك من نتائج تتناقض كليا مع سياسة ترامب ازاء ازمات الشرق الاوسط، كما اعلن عنها خلال حملته الانتخابية.
يبدو ان اعلان ترامب عن سعيه لاقامة منطقة "امنة" في سوريا، جاء بعد الموقف الايراني الرافض لاشراك امريكا في مؤتمر "استانة" حول سوريا، بسبب الدور السلبي الذي قامت به امريكا خلال السنوات الست الماضية في سوريا، والقائم على استخدام المجاميع التكفيرية ومدها بكل اسباب القوة، ورفض كل الجهود الدولية الجادة والمخلصة لوقف الحرب على سوريا والتصدي للارهابيين التكفيريين، بهدف تدمير سوريا واستنزاف ايران وحزب الله وروسيا ومحور المقاومة بشكل عام.
كان واضحا لايران ولغيرها، ان امريكا لا يمكن ان تتخذ موقفا جادا لمواجهة الارهابيين التكفيريين، الذين يعملون لخدمة الاجندة الامريكية الصهيونية في المنطقة، فكان القرار الشجاع والحكيم الذي اتخذته طهران برفض دعوة امريكا للمشاركة في اعمال المؤتمر، ساهم في نجاح المؤتمر وخروجه بنتائج تصب في صالح الشعب السوري وشعوب المنطقة.
النتائج الايجابية التي تمخض عنها مؤتمر "استانة"، الذي اوجد ثغرة في جدار الازمة السورية القائمة منذ 6 سنوات، و وضعت هذه الازمة على سكة الحل، دفعت امريكا للتفكير في وسيلة لضرب هذه النتائج والاجواء الايجابية التي تمخضت عنها، عبر اتخاذ قرار اقامة "منطقة امنة" في سوريا، لخلط اوراق الازمة مرة اخرى.
هناك محاولات تبذل لاقناع اصدقاء واعداء امريكا، بجدية قرار ترامب  باقامة منطقة "امنة" في سوريا، عبر العزف على وتر "طيشه"، وان هذا الطيش هو الذي يظفي الجدية على قراره، بينما الجهات التي تدير السياسة الامريكية، من وراء الكواليس، تعلم اكثر من غيرها، بصعوبة اقامة مثل هذه المنطقة، حتى لو استعرض ترامب جنونه وليس طيشه فقط .

* شفقنا

205