قصّة القيصر والأمير

قصّة القيصر والأمير
السبت ٠٣ يونيو ٢٠١٧ - ٠٤:٣٤ بتوقيت غرينتش

من التعليقات الساخرة انذآك في الوسط الديبلوماسي انه عندما التقى فلاديمير بوتين في 3 كانون الاول 2013 رئيس الاستخبارات العامة في المملكة العربية السعودية الامير بندر بن سلطان، سأله بعدما اصغى اليه لنحو اربعين دقيقة «هل تريد القول انك جئت الى هنا لشراء الكرملين؟».

العالم - مقالات وتحليلات

تردد ان بوتين وافق على ذلك، مقابل ان تستثمر موسكو النفط السعودي لمائة عام، وان تقيم قواعد بحرية وجوية في المملكة بعد خروج الاميركيين بطبيعة الحال...

وقيل ان الامير الذي ابدل حتى هيكله العظمي ليغدو اميركياً بالكامل، فهم البراغماتية هكذا: شيك على بياض امام مضيفه مقابل رأس بشار الاسد..

وبالرغم من انه عاش في واشنطن سنوات، وقد ظهر في احدى الصور وهو يكاد يجلس في حضن صديقه الرئيس جورج دبليو بوش، لم يتعلم من الاميركيين كيفية الولوج الى داخل الشخصيات الكبيرة التي يلتقيها، حتى قيل ان من اراد ان يكون اميركياً بالكامل بقي سعودياً بالكامل...

هذا مع ان الاميركي (اليهودي) جورج سوروس، ونجم وول ستريت، كان يعتقد ان بالمال يمكن تأمين مقعد في عربة الدرجة الاولى الى السماء...

بطبيعة الحال، الامير محمد بن سلمان اقل حنكة بكثير من ابن عمه، ولكن اذ يمتلك صلاحيات اكثر، وهو ابن الملك، يتميز بالصراحة والشفافية، وباللغة المباشرة التي لا تخلو من العثرات.

العثرات التي تعزى اما الى قلة الخبرة او الى نصائح المستشارين، ناهيك بالغرور الذي لا بد ان يستبد بشخص صغير السن نسبياً ويتولى صناعة مستقبل لدولة هي بين الدول الاكثر ثراء في العالم...

نحاول ان نستشف ما حدث في لقاء الكرملين من خلال التعليقات التي صدرت في موسكو، وايضاً من خلال زميل صديق يعمل في احدى وسائل الاعلام الروسية وقريب من وزارة الخارجية...

الشيء المؤكد ان اسلوب الامير في مقاربة المسألة السورية كانت اقل غلواً بكثير. لا بحث في «رأس الاسد»، وان كان باستطاعة عادل الجبير ان يصرح بعكس ذلك...

بطبيعة الحال، لم ينقل بوتين الى محمد سلمان ذهوله حيال الصفقات الاسطورية التي عقدت مع دونالد ترامب. تعامل بلا مبالاة مع المسألة ليركز على دور الولايات المتحدة في زعزعة اسعار النفط، وهو ما ينعكس بصورة دراماتيكية ان على روسيا او على السعودية...

هل حقاً ان بوتين قال له ان الاميركيين يعاقبون اصدقاءهم عادة اكثر مما يعاقبون اعداءهم؟

من سنوات قال احمد زكي يماني الذي قضى حقبة طويلة وزيراً للنفط في المملكة «في مجال الاسعار لا نفهم ما اذا كانت اميركا معنا ام ضدنا».

النفط هو دم المملكة. هو دم العائلة المالكة، والشيء الذي يثير الدهشة ان السعوديين اثاروا مع ترامب كل القضايا باستثناء مسألة وقف التلاعب بأسعار النفط. مع بوتين هذا الملف شكل بنداً اول في جدول الاعمال...

موسكو والرياض شريكتان في المصاب. اذا بقيت اسعار النفط تتراجع لا مجال لتنفيذ الامير رؤيته لعام 2030 حتى وان وضع ارامكو بالمزاد العلني، لابل ان النظام السعودي يمكن ان يتخلخل او ان يتزعزع...

هل اكتشف السعوديون بعد فوات الاوان انهم اعطوا ترامب اكثر بكثير مما ينبغي، وان بوتين اكثر صدقاً والتزاماً في التعاطي مع الاصدقاء والحلفاء؟ الاتفاقات التي عقدت مع روسيا، خلال زيارة الامير، بعيدة عن ان تؤمن الحد الادنى من التوازن مع ما تم تقديمه للاميركيين على طبق من ذهب.

المهم ان ولي ولي العهد السعودي اكد للرئيس الروسي (وهنا معادلة القيصر والامير) على التنسيق في ملفات كثيرة، من بينها الملف السوري، ولكن اين هي السعودية الآن في سوريا؟ بوتين لم يطرح السؤال....
 

نبيه البرجي / شام تايمز

109-1