دحلان وحماس، مباراة في ملعب ملغم

دحلان وحماس، مباراة في ملعب ملغم
الخميس ٢٢ يونيو ٢٠١٧ - ٠٦:٠٦ بتوقيت غرينتش

على وقع انتشار أنباء عن قيام وفد من حركة حماس بزيارة الإمارات العربية المتحدة واحتمال لقائه بالنائب محمد دحلان وتوافقات محتملة بين الجانبين للتحالف في الساحة السياسية الفلسطينية وتداعياته يرى الكاتب الفلسطيني فارس الصرفندي أن الساحة ملغمة لحركة حماس لأن دحلان لن يمنح حماس ما تريد دون أن يحصل مقابل كل خطوة على ثمن سياسي. وفيما يلي نص مقاله:

العالممقالات

مباراة الكلاسيكو بين حركة حماس وعدوها التقليدي محمد دحلان ستنطلق على الأغلب بعد عيد الفطر السعيد وكل منهم سينزل إلى الملعب وفي ذهنه حسم المباراة لصالحه. لكن الفارق بين مشجعي الفريقين أن مشجعي دحلان يقفون صفا واحدا خلفه ويشجعونه بكل قوة بينما يصفق مشجعو حركة حماس لها بكثير من الشك والهتاف غير الموحد. لأن الانقلاب الذي حدث في موقف حركتهم كان سريعا وغير واضح رغم كل التبريرات التي ساقتها حماس أمام مشجعيها بأن اللعب مع دحلان جاء نتيجة لانسداد الأفق ومواقف رئيس السلطة الفلسطينية من قطاع غزة وإمكانية قيام دحلان بتخفيف الحصار عن القطاع وحل الازمات المستعصية وعلى رأسها الكهرباء والمعابر.

دحلان صاحب العلاقات الإقليمية المتشعبة من مصر إلى الإمارات فالسعودية سيسجل هدفا سريعا في مرمى حماس لأن عودته إلى المشهد السياسي من بوابة الحركة التي نعتها حلف السعودية بالإرهاب يعني أنه استطاع أن يجذب الحركة نحو أعداءها التاريخيين. لأن هؤلاء من سيدفعون ثمن المصالحة المجتمعية التي سيطلقها الطرفان بعد عيد الفطر لا سيما أن الراعي الرسمي لهذه المصالحة هي مصر ممثلة بنظام السيسي المعادي لحركة الاخوان المسلمين والتي كانت وما زالت مرجع حركة حماس وإن حاولت الحركة في وثيقتها الجديدة أن تبتعد من الناحية التنظيمية عن الإخوان وحتى لو حاولت حماس أن تتظاهر بأنها مازالت ضمن الحلف القطري التركي الإخواني بحكم استقرار قادتها في الدوحة ألا أنها تدرك أن التسهيلات التي سيحصل عليها القطاع تحت إدارتها لها ثمن سياسي يريده الحلف الذي يمثله دحلان.
حماس ستحاول أن تسجل هدفا في الشوط الأول من خلال تخفيف الحصار عن الفلسطينيين في قطاع غزة والذين ضاقت أنفاسهم من حصار مستمر منذ أكثر من عشرة أعوام تخللته ثلاثة حروب أدت إلى تدمير البنى التحتية وأعادت القطاع إلى ما قبل سنوات الاحتلال الإسرائيلي. وللأمانة العلمية والعملية فإن حماس تحاول بشتى الطرق أن تخرج القطاع من عنق زجاجة ضيق للغاية.

في الشوط الثاني سيحاول محمد دحلان أن يحسم المباراة من خلال حركة حماس عبر تثبيت شرعيته بصفته عضو برلمان منتخب. فإذا عقد المجلس التشريعي بوجود أعضاء حركة حماس والأعضاء المحسوبين على محمد دحلان فهذا يعني أنه أرسل رسالة هامة للرئيس الفلسطيني بأن شرعيته في حركة فتح التي فقدها بعد إخراجه منها لن تنقص من شرعيته كنائب عن الشعب الفلسطيني لا سيما وأن القانون الأساسي يعتبر شرعية المجلس التشريعي ممتدة إلى انتخاب مجلس جديد وقد تكون التسوية مع حركة حماس تنص على أن يتقلد محمد دحلان موقعا في هيئة رئاسة المجلس المنعقد والذي سينتخب هيئة قيادية جديدة. لكن تبقى للرئيس الفلسطيني فرصة لمواجهة هذا التحالف خاصة وأن القانون الأساسي يمنحه دعوة المجلس للانعقاد، حركة حماس ودحلان اختلفا في كل الأمور، لكنهما اتفقا على معاداة محمود عباس الذي دفع حركة حماس كما يقول قادتها إلى هذا التحالف وإلى هذه المباراة غير متوقعة النتائج. لكن محمد دحلان لن يمنح حماس ما تريد دون أن يحصل مقابل كل خطوة على ثمن سياسي مقابلها أشك أن تقدر عليه حركة حماس إلا إذا قررت قيادة حماس الجديدة أن تصل في براغميتها إلى أقصى الحدود وأن تنتقل إلى حلف جديد لا يشبهها على الإطلاق وأن تخاطر بطلاق بائن بينونة كبرى من حلفها السابق.

حتى اللحظة الكل ينتظر صافرة البداية ويحاول أن يتكهن أي الطرفين سيسجل هدفا في ملعب مليء بالألغام شديدة الانفجار.

بقلم : فارس الصرفندي - مراسل العالم في رام الله
216