خالد الجيوسي: السعودية.. "متقدرش على الحمار، تتشطّر على البردعة"!

خالد الجيوسي: السعودية..
الثلاثاء ١٨ يوليو ٢٠١٧ - ٠٢:١٥ بتوقيت غرينتش

يقول المُلحّن اللبناني سمير صفير، وفي برنامجٍ حواري على شاشةٍ لبنانية، أن الرئيس السوري بشار الأسد تمّت تشويه صُورته إعلامياً، وهو في الواقع عكس ما يتم الترويج له، وهو حاكم يُريد الإصلاح والسلام لبلده، ويتحدّث صفير عن تجربة شخصية، فقد جلس مع الرئيس لأكثر من ساعة في مُقابلة شخصية جمعتهما.

لطالما آمنا شخصياً، أن هُناك تيّاراً عكسيّاً من “جهابذة” نظام الأسد “الأب”، لا يُريدون إصلاحاً ولا سلاماً لسورية، ومَصلحتهم تقتضي بعدم مُحاربة الفساد، والقضاء على الظلم المُتفشّي بأركان النظام، وأن الرئيس الأسد كان أحد الذين أُسقطت ثورتهم ضد نظام حافظ، يوم تولّيه السلطة وحُكم الجمهورية، ودلالة ذلك مشروعه الإصلاحي قبل الأزمة، والذي غاب عن الوعي لاحقاً.

إلى اليوم، لم نلتقِ الرئيس السوري، ونحن سنكون أول الزائرين لسورية بعد الانتصار الكبير، إن سمح من كالوا لنا السباب والشتائم حين انتقدنا فساد النظام في مقالٍ سابق منذ أسابيع، ولكننا نتّفق تماماً مع كلام المُلحّن صفير، بأن هناك من شوّه صورة هذا الرئيس الطبيب، الفارق الوحيد اليوم أنه بات أقوى بعد الأزمة، ويُمسك بكل تفاصيل الدولة السورية، ومُؤسّساتها، ولا حُجّة ولا تبرير ستمنعه برأينا من الإصلاح التاريخي الذي سُيُنجب لنا “سورية المُتجدّدة”، والتي أخبرنا عنها الأسد ذاته.

خُلود .. بين الحِمار والبردعة!
يحتار المرء حقّاً، بحال السعوديين، وردّات فعلهم العجيبة الغريبة هذه الأيام، على مُختلف الظواهر المُجتمعية، فحين يكون الامتعاض “واجباً”، تأتيك ردود الفعل الإيجابية، وحين يكون التقبّل أمراً واقعاً، يُستنفر القوم، ويأتوك بالعجب العُجاب، وردّات فعل، وكأن الأمر جللٌ بالفعل.

ربّما تذكرون الأعزاء القُرّاء، يوم زيارة “الحسناء” إيفانكا ترامب للسعودية، وكيف “انذهل” القوم من شدّة جمالها، وحُسن قوامها وكأنّهم لم يروا النساء في حياتهم من قبل، والحياة قبل إيفانكا، ليست كما بعدها، والوقائع التي تغنّت بها كثيرةٌ، والوقت لا يسعنا لذِكرها.

إيفانكا ترامب، حينما حلّت “ضيفةً” على أراضي بلاد الحرمين، بالطبع لم نسمع أي امتعاض، ولم يُحدثنا أحد عن الضوابط الإسلامية الصارمة، وبدا وكأن تلك البلاد تحوّلت لولاية أمريكية، لا يعجب أحد فيها من تجوّل الشقراوات في شوارعها.

بذات ثقة إيفانكا ابنة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أطلّت فتاة سعودية تُدعى خلود، وهي ترتدي “تنورة قصيرة”، في قرية تراثية بمدينة أشيقر، وأحد أكثر الأماكن مُحافظة، وتداول النشطاء مقطعها، على أنه كارثة قومية حلّت بالبلاد، وطالب الجميع بُحاسبة الفتاة، بل وحتى إقامة الحد عليها، وكأنها “زانية”، وهي للحقيقة لم تُضبط بخلوة “مُحرّمة” مع رجل.

نسأل، ولا نبحث عن إجابة، ونحن هنا لا نُبرّر فعلة الفتاة، ولا نُدافع عنها، فنحن تربية مجتمع شرقي، وتحكمنا العادات والتقاليد التي ترفض أن ترتدي نساءنا مثل ما ارتدت خلود في مقطعها المُتداول، ولكن نسأل هل يُطبّق السعوديون المثل القائل: “مقدرش على الحمار، تشطّر على البردعة”، أي هل فرغّا كامل غضبهم في خلود، في حين لم يستطيعوا فعل ذلك في حضرة الضيفة إيفانكا؟

حِراك الرّيف المغربي.. “فنزويلي”!
قدّمت قناة “فرانس 24″ اعتذاراً رَسمياً للمملكة المغربية، عن بثّها تقريراً للاحتجاجات في الحسيمة بالريف في الشمال المغربي، تضمّن صُوراً تعود للاحتجاجات التي تشهدها العاصمة الفنزويلية، وأكّدت القناة الفرنسية أن ذلك “لم يكن مُناسباً”، وأرجعته لخطأ تقني، مُتشبّثةً بالمعايير المهنية التي تعتمدها في سياستها التحريرية.

لا شك أن مطالب الريف المغربي مُحقّة، وهي تحتاج إلى إعلام مُحايد حتى ينقل تفاصيلها ووقائعها بدقّة، ولكن يتوجّس المواطن العربي، وبالتأكيد المُواطن المغربي في هذه الحالة، من النوايا الخفيّة التي كانت تتعمّد القناة “الفرنسية” إرسالها، وربّما بالخطأ الذي وصفته “بالتقني” كان يُمكن أن تصب الزيت على النار، وتزيد من أجواء التوتّر المُشتعلة هُناك أصلاً.

ومع التجربة المريرة التي خلقتها بعض القنوات العربية، في تزوير الحقائق، مع ما يُسمّى ثورات الربيع العربي، وحالة الانفلات الأمني التي خلّفتها، لا بُد أن تضع الحُكومات، والمغربية ليست استثناء، علامة استفهام، على أيّة تغطية مشبوهة، مع إيماننا أن قناة “فرانس 24″، تتمتّع بالمِهنية والمِصداقية التي دفعتها للاعتذار عن هذا التصرّف الذي لا نعرف حقيقة إن كان مقصوداً أم لا، على عَكس قنوات لا تزال تواصل تزييفها للحقائق، وتَضرب بأرواح الشعوب العربية والإسلامية عرض الحائط.

حتى نكون في مأمن “إعلامي” على الأقل من الثورات المُضلّلة، ونحن ننصح من باب الحرص على أمن وأمان المملكة المغربية، وتجنيبها مصير “سورية الثورة”، لا بُد أن يكون هُنالك حُضوراً إعلاميّاً مغربيّاً محليّاً، بإشرافٍ رسميٍّ حُكوميٍّ “مُحايد”، يُواكب حِراك الريف المغربي إن استمر أو تجدّد، وبذلك الحضور تُجنّب الحكومة المغربية نفسها، مُطالبة القنوات الأجنبية تحرّي الدقّة والموضوعيّة أولاً، تستمع لصوت الشارع بنفسها وتنقله ثانياً، وتُجنّب نفسها التضليل “ورش البهارات” على حِراك ريفها ثالثاً، والله المُوفّق والمُستعان.

خالد الجيوسي/ كاتب وصحافي فلسطيني ـ راي اليوم

3