أوروبا ليست في حاجة إلى بلير المعتد بنفسه

الجمعة ٣٠ أكتوبر ٢٠٠٩
١١:٤٣ بتوقيت غرينتش
توني بلير المسكين خرّب عليه ابن جلدته. فقبل أسابيع فقط بدا بلير وكأنه صاحب الحظ الأوفر لتولي رئاسة الاتحاد الأوروبي. لكن وليم هيج، وزير خارجية الظل في بريطانيا، جعل بقية أوروبا تعرف الآن أن حزب المحافظين المعارض يعتبر تعيينه «إشارة عدائية».

ولأن من المحتمل أن يكون المحافظون وهيج في الحكم في منتصف السنة المقبلة، بعد انتخابات بريطانية عامة، فإن لآرائهم وزناً حقيقياً. ويقول شارلس جرانت، رئيس مركز الإصلاح الأوروبي، وهي مؤسسة فكرية: «خلال سفراتي في أوروبا (...) وجدت أن تعليقات هيج أحدثت تأثيراً كبيراً». لقد تضرر ترشيح بلير ضرراً شديداً.

وهناك بالطبع تاريخ بين هيج وبلير. فقبل عقد من السنوات، كان بلير رئيس وزراء بريطانيا وفي ذروة قواه، وكان هيج زعيما لحزب محافظين في حالة معاناة. وبعد عشر سنوات انزوى كلا الرجلين. أصبح بلير رجل دولة سابق يعرض خدماته للإيجار، بينما شاهد هيج قيادة المحافظين تنتقل إلى رجل أصغر سناً وأكثر جاذبية.
والبعض في بريطانيا يعتبر تعليقات هيج المناهضة لبلير تصرفا يتصف بالحقد والضغينة. وآخرون يرون الأمر بشكل أسوأ، ويقولون إن هيج أعمته أيديولوجيته المتشككة في أوروبا حتى أنه مستعد لإيذاء بريطانيا والاتحاد الأوروبي بالحؤول دون وصول بلير إلى رئاسة الاتحاد.

لكن هيج على حق. تعيين توني بلير لرئاسة الاتحاد الأوروبي سيكون بمثابة غلطة. ليس لأنه رجل سيئ، أو لأنه سياسي رديء. فهو ليس أياً منهما. المشكلة هي الوظيفة - إنها منصب لا يتم بالانتخاب ولا يملك شاغله أي تفويض ديمقراطي.

وفي الحقيقة هناك صعوبتان مترابطتان تتعلقان بترشيح رئيس للاتحاد الأوروبي. الأولى تتصل بالشرعية المهزوزة للوظيفة. والثانية بالافتقار إلى وحدة ضمنية، وهو افتقار لا يزال يفسد الجهود الرامية إلى إيجاد سياسة خارجية أوروبية مشتركة. وكلتا المشكلتين ستزداد سوءاً بتعيين بلير.

والاتحاد الأوروبي يعرف أن محاولة إجراء انتخابات مباشرة لرئيس الاتحاد أبعد ما تكون. فالأعضاء الـ 27 يفتقرون إلى اللغة المشتركة والهوية السياسية اللتان يمكن لهما أن يجعلا مثل هذا الانتخاب ناجحا. وعندما ناقشت ذات مرة فكرة رئيس أوروبي يتم انتخابه مباشرة، مع مسؤول رفيع المستوى في بروكسل، ينتمي إلى فنلندا، هز رأسه بحزن وقال: «لا أستطيع أن أتصور ساركوزي يقوم بحملة في لابلاند». لكن هذا ليس سوى واحدا من الاحتمالات الكثيرة المسلّية: ماذا عن بيرلوسكوني في بيركشاير، أو ميركل في وارسو؟

ولأن رئيساً أوروبياً منتخباً بشكل مباشر أمر غير وارد، فإن معاهدة لشبونة الخاصة بالاتحاد الأوروبي - والتي أخذت تتقدم أخيراً ببطء نحو المصادقة عليها - تسمح لقادة الدول الـ 27 في الاتحاد الأوروبي بتعيين رئيس، لكن طبيعة الوظيفة بحد ذاتها بقيت دائماً غامضة بعض الشيء. فهناك تفسير معتدل يمكن له أن يرى رئيس المجلس الأوروبي يقوم بدور متواضع نسبياً، وهو التنسيق بين الحكومات الوطنية ورئاسة القمم الأوروبية والعمل عموماً على توفير استمرارية للسياسة أكثر من الرئاسة الحالية، التي تتغير كل ستة أشهر. وهناك تفسير متطرف يريد من رئيس الاتحاد الأوروبي الجديد أن يكون شخصية بارزة، تمشي باختيال على المسرح العالمي.

وأنصار بلير الأكثر حماساً مع التفسير المتطرف. ديفيد ميليباند، وزير الخارجية البريطانية، يعتقد أن على الاتحاد الأوروبي أن يكون الشريك الثالث في ثالوث عالمي يدير الشؤون العالمية مع الولايات المتحدة والصين. ويعتقد أن بلير الرجل الملائم لتمثيل أوروبا على طاولة الكبار في العالم، لأنه شخصية عالمية يمكن لحضوره أن «يوقف حركة السير في بكين». ويمكن تقديم بلير «رئيسا حقيقيا لأوروبا» - يستطيع التحدث على قدم المساواة مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أو الصيني هو جنتاو.

لكن إذا ظهر بلير في بكين معلنا أنه رئيس أوروبا، فإن الشيء الوحيد الذي يشترك فيه مع هوجنتاو هو أن كلاً منهما يفتقر إلى تفويض ديمقراطي. ويمكن أن يكون لدى الأوروبيين العاديين مبرر للتساؤل عما هو الحق الذي يجعل بلير غير المنتخب يتحدث باسمهم. فرئيس الوزراء السابق يظل شخصية مثيرة جداً للجدل في كثير من أوروبا بسبب تأييده لحرب العراق.

وبلير بشكل خاص مثير للجدل، لكن أي رئيس أوروبي بارز يمكن أن يكون شخصية مسببة للشقاق، لأن رئيس الاتحاد الأوروبي، على عكس الرئيس الصيني، لن يتحدث باسم كيان موحد. وفي الحقيقة الوحدة الأوروبية تميل إلى الانهيار في لحظات الأزمات الدولية. فقد تفكك الاتحاد الأوروبي بشكل سيئ عندما انهارت يوغوسلافيا في تسعينيات القرن الماضي، وكانت قوى الاتحاد الأوروبي الرئيسية تمسك إحداها بخناق الأخرى حول العراق عام 2003 .

وهذا لا يعني القول إن المحاولة الرامية إلى إيجاد سياسة خارجية مشتركة للاتحاد الأوروبي هي دائما نكتة، أو أن تقدما جوهريا لم يتحقق خلال العقد الماضي. فقد أظهر الاتحاد الأوروبي جبهة موحدة تقريباً بشأن إيران، وحول التغير المناخي، و
كلمات دليلية
0% ...

آخرالاخبار

الصين تبهر العالم برجل ثلج عملاق في 11 يوماً فقط! +فيديو


تحالف إماراتي إسرائيلي لتعزيز دور أبوظبي كبديل استراتيجي للسعودية + فيديو


الاتحاد الإفريقي يرفض أي قوة موازية للجيش السوداني ويطالب بحوار شامل


علماء اليمن يؤكدون على نصرة المقدسات والتعبئة للجهاد


غزة تنزف بلا توقف.. عدد الشهداء يقترب من 71 الفاً


حسم رسمي مصري بشأن 'لقاء' السيسي ونتنياهو في واشنطن


الشهيد محمد غبريس في سجل الإبطال


رشيد يدعو إلى تشكيل حكومة تمثل جميع العراقيين وترتقي بالدولة


لقاء موسّع لعلماء اليمن نصرةً للمقدسات ورفضاً للإساءة للقرآن الكريم


الكيان الصهيوني يتحالف مع هذين البلدين ضد تركيا..