"نوبل" تصفع ترامب.. ما صلته بالاتفاق النووي..

الإثنين ٠٩ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٨:٠٣ بتوقيت غرينتش

اعتاد الرئيس الامريكي دونالد ترامب هذه الايام ان يزبد ويرعد وحيدا، ضد ايران والاتفاق النووي، من دون ان يجد آذانا صاغية لدى، بريطانيا وفرنسا والمانيا وروسيا والصين والاتحاد الاوروبي، وهي الدول التي شاركت امريكا في التوصل الى الاتفاق النووي مع ايران.

العالم - مقالات وتحليلات

ترامب لم يفشل في اقناع الدول التي شاركت امريكا في المفاوضات التي انتهت بالتوقيع على الاتفاق النووي، بعدم التزام ايران بالاتفاق فحسب، بل فشل ايضا في اقناع حتى صقور ادارته من امثال وزير الدفاع جيمس ماتيس وكذلك وزير الخارجية ريكس تيلرسون، اللذان مازالا يحضانه على عدم انتهاك الاتفاق النووي مع ايران، لما سيترتب على الانتهاك من تداعيات كبيرة على سمعة ومصداقية امريكا لدى حلفائها في العالم.

الملفت ان ترامب تلقى صفعات مدوية من قبل حلفائه الغربيين، الذين كانوا اكثر تشددا من الامريكيين خلال المفاوضات الماراثونية مع ايران، بعد ان رفضوا حتى مجاملة ترامب في موقفه من الاتفاق النووي، عندما القوا خطاباتهم من على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها الاخيرة، وهو المنبر الذي شهد خطاب ترامب الناري ضد ايران والاتفاق النووي، حيث شدد الجميع دون استثناء على ضرورة احترام الاتفاق النووي والعمل على ديمومته.

آخر صفعة مدوية انهالت على وجه ترامب جاءت من لجنة جائزة نوبل للسلام، التي منحت جائزتها لعام 2017 الى منظمة “الحملة الدولية للقضاء على الاسلحة النووية” (آيكان)، في اجراء وصفه المراقبون بانه تحذير لترامب من مغبة انتهاك الاتفاق النووي، والدفع باتجاه الحفاظ عليه، والحث على ايجاد صيغة مشابهة له مع كوريا الشمالية.

مديرة منظمة "آيكان" بياتريس فين، التي اشادت بالاتفاق النووي، وقالت أن رسالة نوبل أتت في الوقت المناسب وسيتلقاها المجتمع الدبلوماسي الأميركي والكونغرس، فهناك اشخاص مؤثرين مثل وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس يريدون الحفاظ على الاتفاق بطريقة أو بأخرى.

من الواضح ان منح "آيكان" جائزة نوبل للسلام في هذا الوقت بالذات، سيعطي الجهود المبذولة من اجل الحفاظ على الاتفاق النووي زخما اضافيا داخل امريكا، لاسيما ان النواب الجمهوريين، كما كشف احد الدبلوماسيين الغربيين في حديث مع وكالة فرانس برس، ليسوا سعداء من العودة إلى موضوع يتوجسون منه، ولا يرغبون في أن يتحملوا مسؤولية افتعال أزمة دولية، فيما يبحث العديد من أعضاء مجلس الشيوخ عن تسوية من أجل عدم انهاء الاتفاق.

 ترامب ليس في وضع يُحسد عليه، فالرجل مطلوب منه الانسحاب من الاتفاق النووي ارضاء للوبي الصهيوني، الا انه وحيد في الميدان، وليس هناك من يؤيد انسحابه من الاتفاق الا "اسرائيل"، وقد تخلى عنه حتى حلفاؤه التقليديون، كما كشف الدبلوماسي الغربي في حديث لفرانس برس، قائلا :" قلنا للادارة الأميركية، سواء أعلنتم ضمانة التزام ايران بالاتفاق أم لا، هذه ليست مشكلتنا، انما هي سياسة أميركية داخلية، لكن حذار من انتهاج مسار يعرض الاتفاق للخطر".

في حال انتهك ترامب الاتفاق النووي فلن تقوم لسمعة امريكا قائمة، لانه ببساطة، كما ترى الباحثة في مؤسسة "بروكينز" الأميركية للدراسات جونغ باك، لن يكون بامكان احد ان يضع ثقته بأمريكا بعد ذلك، خصوصا أن الموقف الأميركي تجاه طهران كان رسالة واضحة جدا بالنسبة الى بيونغ يانغ، فلن يكون لدى الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، أي سبب للتفكير بأن اتفاقا محتملا مع امريكا سيبقى قائما في حال تغيرت الادارة الأميركية.

يرى البعض ان الصفعات التي انهالت وتنهال على ترامب، واخرها صفعة "جائزة نوبل"، على خلفية تهديداته بالانسحاب من الاتفاق النووي، اما ان تعيد الوعي اليه، او ان تفقده الوعي تماما، وان كنا نتمنى ان تصحوا النخب السياسية الامريكية على وقع هذه الصفعات، ويقفوا في وجه ترامب قبل ان يرتكب حماقة لا يمكن التكهن بنتائجها.

ماجد حاتمي/ شفقنا

المصدر: ارنا

103-2