القصة الكاملة للشهيد العائد من الموت في الجيش السوري نعيم حمدان

القصة الكاملة للشهيد العائد من الموت في الجيش السوري نعيم حمدان
الأربعاء ١١ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٥:٤٠ بتوقيت غرينتش

بعد أربعة أيام على دفن الجثمان ونصب خيمة العزاء يعود الجندي نعيم حمدان إلى أهله حياً يرزق في قرية يرتي بمنطقة القرداحة في ريف اللاذقية.

ليست معجزة عودة نعيم إلى الحياة بل إنها الحرب بتفاصيلها المؤلمة التي أدت إلى التباس الوجوه على أقرب المقربين فتغيرت وجهات الجثامين ودفن رفيق السلاح الشهيد لؤي العقلة على أنه نعيم بينما كان الأخير محاصراً مع مجموعة من رفاقه يقاتلون بشراسة على جبهة السخنة بريف حمص الشرقي.

الشهيد لؤي ورفيقه نعيم بطلان لقصة استثنائية موجعة ومفرحة في آن معاً، قصة أدخلت نعيم قائمة الشهداء الأحياء من دون حساب. وفي التفاصيل وبينما كانت المعارك دائرة ونعيم في الصفوف الأولى حيث الاتصالات مقطوعة ومغادرة النقطة الموجود فيها أمراً مستحيلاً، كانت قريته تودعه وداع الأبطال وتزفه شهيداً، وبعد عدة أيام وحين هدأت حدة المعارك، أخبره قائده بضرورة مهاتفة أسرته لطمأنتهم أنه على قيد الحياة بينما كان أهله يقيمون خيمة العزاء ويتلقون المباركات باستشهاد ابنهم البطل.

للوهلة الأولى ظن نعيم أن الأمر مزاح وكان جوابه الضحك، لكن قائده أصر على مهاتفة أسرته وهنا بدأت فصول قصة حياة جديدة. سبق اتصال نعيم تداول شائعات حول بقائه على قيد الحياة لكن لا شيء مؤكد، اتصاله قطع الشك باليقين وهنا لم يخذل الأمل محبيه من أسرته وأصدقائه بعودته من جديد. الجندي القوي لم يتمالك نفسه بعد سماع صوت والدته فهو لم يتكلم معها لأيام فسبقت دموعه الكلمات. وعادت الدماء تجري بعروق الأم المحروقة على فراق فلذة كبدها وهي المؤمنة والراضية بقضاء الله وقدره.

لكن من الذي زفته القرية شهيداً؟ الصورة بدأت تتوضح بشكل لا لبس فيه، وتبين أن الشهيد هو لؤي العقلة رفيق نعيم بالسلاح وهو من حي الميدان الدمشقي والخطأ وقع أثناء التعرف على الجثمان في المشفى العسكري من قبل العائلتين للشبه بين الشابين ولتغير ملامح الوجه أثر الأصابة.

الشهيد لؤي ونعيم صديقان تآخيا خلال خدمتهما الإلزامية وتربطهما صداقة قوية كما يؤكد نعيم، الشهيد لؤي كان محباً شغوفاً لللاذقية وكان يخطط مع نعيم لزيارة قريته مستقبلاً ولم يكن يعلم أن زيارته الأولى ستكون بهذا الشكل حيث عبر فيها بهوية نعيم محمولاً على الأكتاف واحتضنه ترابها ليرقد به برهة ثم يعود إلى دمشق ما يسبب غصة كبيرة لنعيم.

السيدة ليلى والدة نعيم تصف ولدها بالصنديد و(المرضي) تفخر بصموده وهو الحامل لإجازة في التمريض وتصف الأيام الأربعة بأنها كانت اختبار من الله والحياة لقدرتها على الصبر والصمود. استقبلت ولداً وودعت ولداً آخر لم تره عينها، لكن رأته بقلب الأم الذي لا يقول إلا الصدق، بكته وهي الأقدر على الشعور بحرقة الأم المكلومة على ولدها.

علي عدرا صديق نعيم بالدراسة والناشط على الفيس بوك بث أخبار القصة كاملة كان ممن ينتظرون الأمل لتتغير الأحوال. صديق مقاعد الدراسة وشريك الذكريات حمل نعش الشهيد لؤي مرتين عندما عاد ملفوفاً بعلم الوطن على أنه نعيم وعندما ودع وكرم تكريم الأبطال في رحلته الأخيرة إلى دمشق.

أهالي القرية أتموا واجباتهم تجاه الشهيد لؤي فهو ابنهم أيضاً وله في كل بيت بتلك القرية أم وأب وأخت وأخ كما عادة السوريين جميعاً توحدهم النوائب ودماء الشهيد لؤي فخر لهم كما لأهله ولمدينته.

واليوم يتجهز (نعيم الوطن) كما يلقبه أصدقاؤه للعودة والالتحاق بقطعته العسكرية بعد إجازة قصيرة مصحوباً بدعوات الانتصار والحماية الالهية لكل بواسل جيشنا.

المصدر: تشرين

103-4