حملة مطار أبو الضهور… الميدان أطار صواب أردوغان

حملة مطار أبو الضهور… الميدان أطار صواب أردوغان
الجمعة ٢٩ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٥:٤٢ بتوقيت غرينتش

لم تبدأ بعد العملية العسكرية الكبرى باتجاه إدلب انطلاقاً من ريفي حماة وحلب، لكن عمليات "التليين بالنار" انطلقت تمهيداً للاقتحامات المرتقبة للقرى المنتقاة للتحرير، جحيم حقيقي ينصب على مدار الساعة على خطوط القتال، وطرق الإمداد، التي يبدو أنها موصولة بحدود تركيا، التي عاد رئيسها أردوغان للتصعيد مع خرق للخطوط الحمر المتفق عليها، إذ أسقطت فصائل تديرها تركيا طائرة حربية بصاروخ محمول على الكتف.

العالم - مقالات وتحليلات

تقدمت القوات السورية بدعم من حلفائها في محور المقاومة نحو ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وحصلت على موطئ قدم يترجم إعلامياً ونفسياً بأن "إدلب ليست خطاً أحمر أردوغاني ولن تكون"، تقدم مهدت له مكاسب ميدانية واضحة في ريف حماة الشمالي الشرقي على حساب هيئة تحرير الشام، وفصائل "الجيش الحر" المحسوبة مباشرة على تركيا في معارك محور "أبو دالي".

وبينما يحل أردوغان في ضيافة تونس، كانت ترده الأخبار المقلقة من ريفي إدلب وحماة، معطوفة على تقدم للجيش من خناصر باتجاه تل الضمان ومطار أبو الظهور، مع سلسلة انكسارات و"مقاتل بالجملة" لعشرات المسلحين والانغماسين من هيئة تحرير الشام والمقاتلين التركستان في عمليات دقيقة ترصد تحركاتهم في محاور القتال، على تخوم حلب الغربية والجنوبية

هذا الأمر معطوف على تقارب روسي سعودي تمت ترجمته بإعلان أحمد الجربا رئيس تيار الغد المقرب من السعودية مشاركته في مؤتمر سوتشي جعل أردوغان يخرج عن صمته فيما يتعلق بلازمته التي أقلع عنها في الشهور الأخيرة "لا حل إلا برحيل الأسد" ويعود إلى التصعيد الكلامي الشخصي بمواجهة الرئيس السوري، دون التفاتة إلى موقف مضيفيه.

لا يمكن قراءة هذا التصعيد اللفظي فقط عبر شخصية أردوغان النزقة، فإسقاط الطائرة الحربية السورية من قبل فصيل مسلح محسوب على تركيا بصاروخ موجه، وقتل الطيار الأسير على الفور مؤشر واضح على تصعيد ميداني يوازيه، كانت ملامحه بادية برفض الالتحاق بمؤتمر سوتشي وفق الشروط الروسية التي جعلت من الأسد مرجعية للحوار السوري السوري المزمع، وكان لا بد للجيش السوري وحلفائه من تفعيل لغة الميدان لإنضاج لغة القاعات، فجاء التصعيد المتدرج في معركة إدلب، ليتطور مؤخراً إلى تقدم عبر ثلاثة محاور، شرقي من ريف حلب باتجاه "أبو الظهور"، وجنوبي شرقي باتجاه "الرهجان"، وجنوبي باتجاه "أبو دالي"، وهي محاور تبعد ما لا يقل عن 30 كم عن المطار – الوجهة الهدف .

ثلاثة محاور ملتهبة

في محور أبو دالي تقدمت وحدات الجيش لتسيطر على أم حارتين وتلة طويلة الرحمن، إثر مقتل قائد هذا القطاع في حركة أحرار الشام الإسلامية المدعو "إبراهيم الدياب" الملقب بـ"أبو خالد" ، وتحاول التقدم غرباً باتجاه "عطشان"، وهذه المنطقة ينتشر فيها إلى جانب "أحرار الشام" "جيش النصر" وهو من عداد "الجيش السوري الحر" الذي جرى تأهيله تركياً، وتقديمه كفصيل غير إسلامي، ويتميز باستخدام وفير للصواريخ م – د، كما أنه نسب لنفسه كما فعلت فصائل عدة إسقاط الطائرة الحربية السورية من طراز لام 39 قرب أم حارتين قبل تحريرها .

وإلى الشرق قليلاً، تحاول القوات السورية التقدم من تل بولص وشطيب باتجاه جبل الكافي المطل على قرية المشهد التابعة لمحافظة إدلب، أما في محور الرهجان، فتباطأت حركة القوات مع المقاومة الضارية التي يبديها مقاتلو هيئة تحرير الشام.

وحسب قائد ميداني فإن "تعدد المحاور يهدف إلى دحرجة الجيب الداعشي باتجاه الشمال الغربي، فالأسهل للدواعش أن يواجهوا نظراءهم في تحرير الشام والجيش الحر بدل مواجهة الجيش السوري ."

ويضيف " سنتقدم على طول الخط الشرقي لسكة الحديد وصولاً إلى محطة أبو الضهور المتاخمة للمطار ."

ما يقوله القائد الميداني يلتقي في وجهه منه مع تصريحات زعماء للفصائل المسلحة في ريفي حماة وإدلب يؤكدون فيها أن توافقاً إقليمياً حدد المنطقة الواقعة إلى الشرق من سكة حديد حماة – حلب منطقة عمليات لمكافحة الإرهاب ستعمل روسيا الاتحادية فيها على القضاء على تنظيم جبهة النصرة.

المحور الذي شهد تقدماً مماثلاً للجيش السوري كان محور غربي خناصر – جبل الحص، فقبل بدء "حملة مطار أبو الضهور" قبل نحو شهرين انطلاقاً من خناصر كما بات يعرف اسم العملية، كانت مواقع المسلحين لا تبعد عن بلدة خناصر أكثر من أربعة كيلومترات وعلى خط جبهة يتجاوز العشرين كيلومتراً وهذا ما كان يعني تهديداً مباشراً لحركة السير على طريق خناصر حلب، وسهولة في التسلل لزرع العبوات أو إمطار الطريق برشقات رشاشة أو صواريخ موجهة، ولكن تحرير قرية الرشادية ومن ثم حجرات كبيرة وحجرات صغيرة وتلة خناصر ورسم السيالة وقبلها تل الصوان ورسم الخلا وعبيسان والعزيزية وغيرها من القرى، مكن من تأمين الطريق بما يمكن من تشغيله ليلاً بعد أن اقتصرت الحركة فيه على النهار منذ فتحه في العام 2013.

وفي الأيام الأربعة الأخيرة كثف سلاحا الجو السوري والروسي من عملياتهما في مناطق القتال القريبة من المحاور الثلاثة المذكورة، وبالأخص طامة ومشرفة ودجاج وصولاً إلى سراقب وسنجار والتمانعة وخان شيخون وأبو الضهور وجرجناز والصرمان.

وما يميز إدارة المعارك الجديدة في جبل الحص المشرف على مطار أبو الضهور هو سخاء لا متناه في النيران، لإنهاك الخصم لتتقدم بعد ذلك المدرعات، تتلوها جحافل المشاة لتتولى تطهير البقعة المستهدفة واتخاذ تحصينات ومرابض جديدة لقضم بقعة أخرى .

بالوقت نفسه يسود الهدوء في جبهة الحاضر جنوبي حلب وهي الأقرب إلى أبو الضهور (نحو 20كم)، بينما يسود الاعتقاد في صفوف الجماعات المسلحة أن الهجوم الكبير باتجاه المطار، الذي بات قاعدة للمقاتلين التركستان سيكون من هذه الجهة، معتبرين أن ما يقوم به الجيش السوري هو تمويه وسعي لتشتيت جهود الفصائل، وتكريس لطريقته في خلق جيوب وقطع خطوط إمدادها بالنار ومن ثم محاصرتها من ثلاث جهات وإجبار المتحصنين فيها على الانسحاب .

معارك جانبية

لم تمنع المساكنة الاضطرارية بين" جيش النصر " و "هيئة تحرير الشام" الأخيرة من أن تفرض عليه التبرؤ من كتيبة المهام الخاصة التابعة له و التي يتزعمها منير رعدون، الملقب "أبو دباك"، في منطقة قلعة المضيق في ريف حماه الشمالي الغربي، الاشتباكات التي اندلعت بين الطرفين ظاهرها هو اتهام الهيئة للمذكور بتجارة المخدرات، لكن مصدرا في "جيش النصر" أكد لوكالة أنباء آسيا أن " هدف هيئة تحرير الشام هو الاستيلاء على مستودعات ذخيرة وصواريخ موجهة تلقاها أبو دباك من تركيا، إضافة للاستحواذ على التجارة مع مناطق الدولة التي يحتكرها أبو دباك " و يضيف المصدر أن " أبو دباك المحاصر في قلعة المضيق سيواجه الموت إن لم يسلم ما بحوزته من ذخيرة نوعية " معتبرا أن ضغوطا قوية مورست على قائد جيش النصر الرائد المنشق "محمد منصور" لإصدار بيان يفصل فيه " رعدون" من جيش النصر و" يجرده من كل صلاحياته وذلك لمخالفته التعليمات الصادرة عن القيادة " وفق البيان .

وفي سياق متصل، قتل أحد عناصر "هيئة تحرير الشام" وأصيب آخر، نتيجة انفجار عبوة ناسفة قرب مقر لهم في مدينة "سلقين" في الريف الشمالي الغربي لإدلب.

2-104