صراعات الميدان السوري..أمريكا تتلاعب بحلفائها وشركاء محور المقاومة منتصرون

صراعات الميدان السوري..أمريكا تتلاعب بحلفائها وشركاء محور المقاومة منتصرون
الخميس ٢٥ يناير ٢٠١٨ - ٠١:١١ بتوقيت غرينتش

طرحت واشنطن منذ فترة قصيرة أن تقوم بتجهيز قوات “أمن حدودية” في مناطق “قوات سوريا الديموقراطية”، ليخرج البنتاغون بعد أيام نافياً نية إنشاء أي قوة جديدة في سوريا، هذا التناقض في مفاصل صنع القرار الأمريكي يبدو تناقضاً ظاهرياً، يحوي توافقاً ضمنياً اعتاد صُنّاع القرار الأمريكي إيهام العالم به، لخلط الأوراق وشبكِ خيوط اللعبة بما يضمن تحقيق ما ينشدونه في النهاية حسب اعتقادهم، وبكل تأكيد فإنّ ما يحصل في الميدان السوري يندرج ضمن خيوط تلك اللعبة، وأولها أحداث عفرين و”عنتريات” أردوغان.

العالم - مقالات

مصدرٌ سوري مطلع قال لموقع “العهد” الإخباري إنّه ” عندما نتحدث عن الواقع الميداني في سوريا فلا يمكن فهم أية جزئية فيه إلّا بإطار شمولية ما حدث ويحدث على كل الجبهات وعلى وجه الخصوص ما يجري في الشمال السوري اليوم، إذ إنّ العدوان التركي على عفرين قد أتى بعد أن تمكن الجيش السوري وحلفاؤه في محور المقاومة والأصدقاء من استعادة مطار أبو الضهور وتطهير عشرات القرى و آلاف الكيلو مترات، وتدحرج قواتهم بشكل متسارع يفوق قدرة مشغلي الجماعات الإرهابية و المسلحة”، مشيراً إلى أنّ ” هذا العدوان التركي يندرج في إطار العربدة التي يقوم بها أردوغان الذي أقدم على ما أقدم عليه ليس كنوع من العنترية فقط، إنما هو دور وظيفي يُملى عليه”.

ما يتم ضخّه في الإعلام التركي يندرج تحت عملية التضليل الاستراتيجي حسب حديث المصدر المطلع ففي البداية قيل إنّ هناك امتعاضاً أمريكياً من الدخول التركي براً نحو عفرين ليتبين فيما بعد بأنه تنسيق فعلي بين الطرفين، و لكنه في الحقيقة أمر عمليات أمريكي يُنفّذُ تركياً، و هنا تتضح الصورة أكثر حيث أضاف المصدر قائلاً إنّه ” منذ فترة ليست ببعيدة تحدث الأمريكي عن نيته إقامة ما يسمى بقوات حرس حدود للإشراف على الحدود السورية ـ العراقية، وهم بذلك لا يريدون لمحور المقاومة أن يمتد من طهران إلى بغداد فدمشق و بيروت ثم غزة و الضفة الغربية، و بالتالي يمكن فهم حقيقة ما حدث في ظل هذه الرؤية”، مؤكداً أنّ ” ما يقوم به أردوغان يندرج في إطار العربدة السياسية من جهة و الحرب النفسية من جهة أخرى على الأكراد، كما أنه إذا استطاع أن يقتطع جزءاً من الأراضي السورية فإنّ ذلك لن يكون مزعجاً لأمريكا، و بالتالي يصرف النظر عما يُخطط في الشمال الشرقي و الشرق السوري من مخططات أمريكية تقسيمية.

كما أنه لا يمكن فصل السياسة عن العسكرة على الإطلاق و أحد أسباب إطلاق التركي عملية اجتياح عفرين هو الحد من اندفاع الجيش السوري باتجاه إدلب، و هو سبب أساسي، فحماية جبهة النصرة أمرٌ جوهري عند أردوغان حسب المصدر المطلع ذاته،  أكد أنّ ” أردوغان فكّر أن الدولة السورية ستضطر لإرسال جزء من قواتها إلى عفرين مما يؤجل أو يخفف من حدة الاندفاعة باتجاه ما تبقى من إدلب، و إذا كان هناك من يراهن على إمكانية إيقاف تقدم الجيش السوري و قيامه بمهامه الدستورية في استعادة أراضي دولته فعليه أن يعيد حساباته”.

التناقض في المواقف الأمريكية و سياساتها هو تناقضٌ ظاهري يؤدي إلى التكامل، و تحقيق الهدف الاستراتيجي الذي يريده الأمريكي الذي يمسك بالعصا الكردية حيث تناسبه، مرةً يهدد بها استقلال الدولة السورية و مرة يهدد بها أردوغان كي لا يذهب باتجاه الروسي أكثر و تارةً يلوّح بها للعراق و أخرى لإيران، فهو متعدد المعايير، لكن صمود الدولة السورية و حلفائها و أصدقائها قد ساهم بإعادة اصطفاف جيوبوليتيكية جديدة، و نتائج الحرب المفروضة على الدولة السورية أعادت رسم توازن العلاقات الدولية و الإقليمية و ألغت الأحادية القطبية الأمريكية في العالم، كل ذلك وفقاً لحديث المصدر الذي أكد أنّ ” أمريكا ما تزال جبروتاً عسكرياً و اقتصادياً كبيراً في العالم و تعمل مراراً و تكراراً على خلط الأوراق كلما لاحت في الأفق بادرة للحل، و هدفها الأساس هو تجزئة المنطقة برمتها ووجودها بذريعة محاربة الإرهاب سبب ظاهري فقط، فهذا الأمر لم يكن بالأساس أولوية لديهم عكس ما يدعون، حيث كانت المواجهة على المستوى الدولي لمنع عودة روسيا و الصين لمكانهما على المستوى الدولي، و في الداخل السوري سعت أمريكا وما تزال لمنع تكامل محور المقاومة و استهداف نهجه”، مشيراً إلى أنّ ” الطرف الأمريكي لديه نقطة ضعف كبيرة و هي العنصر البشري على الأرض، بمعنى أن الأمريكي يدرك بأنّه مهما امتلك من قوة عسكرية إلّا أنه لا يريد الزج بقواته بشكل مباشر، و هذا ما حدث في العدوان التركي على عفرين إذ زج التركي بما يسمى بالجيش الحر أمام قواته، و سيعمد قدر المستطاع إلى جمع أصحاب الفكر التكفيري الإرهابي كأدوات لتحقيق أهدافه، تماماً مثلما يفعل الأمريكي بالأكراد، وهنا يصبح أردوغان صاحب الدور الوظيفي بالنيابة عن الأمريكي، فهو لا يمكن ان يتخذ القرار”، مؤكداً أنّ ” وحدة التراب السوري أمرٌ لا جدال فيه بالنسبة للجيش السوري و حلفائه”.

علي جسن / العهد

109-4