حرب اسرائيلية مفتوحة وارتباط فلسطيني متزايد

الخميس ٣٠ ديسمبر ٢٠١٠ - ٠٢:١٧ بتوقيت غرينتش

بقدر ما أدمى استهداف الاحتلال الواسع للمنازل والمراكز الأمنية والمقار المدنية، وما تخلل ذلك من ارتقاء شهداء وجرحى، قلوب الفلسطينيين في قطاع غزة خلال عدوان 2008 ، فإن استباحة الاحتلال وطائراته لبيوت الله، كان له وقع أليم وخاص في نفوسهم، دفعهم إلى التمسك بالمساجد ورسالتها، بشكل أكبر. فعلى مدار 18 يوماً من الحرب الغاشمة، أقدمت قوات الاحتلال عبر طائراتها الحربية وجرافاتها العسكرية على تدمير 45 مسجداً بشكل كلي، و55 منزلا آخر تدميراً جزئياً، إضافة لأكثر من 100 منزل لحقت بها أضرار متفاوتة جراء تعرضها للقذائف. مجازر إلى جانب المساجد المستهدفة

بقدر ما أدمى استهداف الاحتلال الواسع للمنازل والمراكز الأمنية والمقار المدنية، وما تخلل ذلك من ارتقاء شهداء وجرحى، قلوب الفلسطينيين في قطاع غزة خلال عدوان 2008 ، فإن استباحة الاحتلال وطائراته لبيوت الله، كان له وقع أليم وخاص في نفوسهم، دفعهم إلى التمسك بالمساجد ورسالتها، بشكل أكبر.


فعلى مدار 18 يوماً من الحرب الغاشمة، أقدمت قوات الاحتلال عبر طائراتها الحربية وجرافاتها العسكرية على تدمير 45 مسجداً بشكل كلي، و55 منزلا آخر تدميراً جزئياً، إضافة لأكثر من 100 منزل لحقت بها أضرار متفاوتة جراء تعرضها للقذائف.


مجازر إلى جانب المساجد المستهدفة


ولم تعبأ قوات الاحتلال أثناء استهدافها للمساجد، بمنازل المواطنين الملاصقة والمجاورة لتلك المساجد، والتي كان يعتقد قاطنوها أن وجودهم قرب بيوت الله يشكل أماناً لهم بعدما حولت قوات الاحتلال كافة أرجاء القطاع إلى ساحة استهداف مفتوحة.


وبات كل استهداف صهيوني لمسجد يخلف معه جريمة أخرى لا تقل معها بشاعة يذهب ضحيتها سكان مدنيون نساء وأطفال وشيوخ.

مسجد عماد عقل ومجزرة عائلة بعلوشة .

ففي اليوم الثاني للحرب الغاشمة وتحديداً الساعة 11:50 ليلاً، قصفت الطائرات الحربية الصهيونية مسجد عماد عقل المكون من ثلاثة طوابق في بلوك 5 في مخيم جباليا، شمال قطاع غزة، والمقام في منطقة مكتظة بالسكان.


لحظات وتتكشف فصول الجريمة، فإلى جانب تدمير المسجد بالكامل، دمر القصف المنزل المجاور الذي يعود للمواطن أنور خليل بعلوشة، وانهيار المنزل على رؤوس قاطنيه، ونجم عن ذلك استشهاد خمس طفلات، وإصابة الموطن بعلوشة وزوجته وثلاثة من أطفاله الآخرين بجروح، وأصيب أيضاً، 17 مدنيا آخرين، من بينهم خمسة أطفال من سكان المنازل المجاورة التي تضررت بشكل كبير.


استهداف متعدد الأشكال


وتنوعت أشكال استهداف المساجد خلال فترة الحرب، ما بين القصف من الجو والبر والتجريف.


ويؤكد الباحث الحقوقي ياسر عبد الغفور لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" أن توثيقهم لجرائم الاحتلال خلال الحرب أظهر أن قوات الاحتلال استهدفت المساجد طيلة فترة العدوان على قطاع غزة، وعمدت إلى قصفها المستمر من الجو، وإلى هدم وإلحاق الضرر بعدد منها خلال الاجتياح البري.


وشدد على أن استهداف دور العبادة يدخل في إطار الأعمال الانتقامية والعقاب غير العادل للسكان المدنيين، ويخالف المادة الثالثة والثلاثين من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب.


مسجد ومصلون في دائرة الاستهداف


ولم يقتصر استهداف وقصف المساجد على أوقات معينة، وإنما قصفت بعض المساجد أثناء الصلاة فيها، ما أوقع عددا كبيرا من الشهداء والجرحى داخلها، وفي محيطها.


ففي الثالث من كانون ثان (يناير) 2009، فبينما كان المصلون يؤدون الصلاة في مسجد الشهيد إبراهيم المقادمة، الكائن في شمال مخيم جباليا، أطلقت طائرة استطلاع صهيونية صاروخاً تجاه المسجد، ليستشهد 15 مواطناً من المصلين الذين كانوا في الصفوف الخلفية على الفور، من بينهم 4 أطفال وأب وابنه، فيما أصيب ثلاثون آخرون بجراح. نقل عدد من المصابين إلى مستشفى الشفاء في غزة.


أكذوبة مفضوحة


ولجأ العدو الصهيوني خلال حربه الغاشمة وبعدها، على ترديد أكذوبة كبيرة لتبرير جريمته التي أذهلت العالم بأسره الذي كان يهيج لأي مساس صغير بكنيسة يهودية أو مسيحية هنا أو هناك من بلاد العالم، فزعم العدو ان هذه المساجد كانت عبارة عن مخازن للسلاح.


ومع انفضاح هذه الأكذوبة للرأي العام الفلسطيني والدولي لأن المساجد مفتوحة أمام الجميع، ولا يوجد فيها إلا المصلون والمصاحف والكتب، جاء تقرير القاضي جنوب أفريقي ريتشالد غولدستون ليؤكد في أحد جوانبه بناء على التحقيقات الميدانية كذب الرواية الصهيونية بأن المساجد استغلت لأي شيء غير العبادة، مؤكداً أن تحقيقات فريقه لم تجد دليلاً واحداً يسند رواية الاحتلال الكاذبة.


إعمار وارتباط متزايد


وبالرغم من استمرار قصف المساجد وارتفاع وتيرتها لم يمنع ذلك الفلسطينيين من استمرار الإقبال عليها وإعمارها، في ظاهرة لفتت أنظار العالم إلى حجم ارتباط الشعب الفلسطيني بالمساجد بيوت الله ومراكز التوجيه والإعداد والإرشاد والتحصين في المجتمع.


وبدلاً من تجنب المساجد والصلاة فيها، سجل المراقبون والمتابعون ظاهرة فريدة، وهي إقامة الفلسطينيين الصلوات على أنقاض المساجد المستهدفة وبعد ساعات قليلة من استهدافها في رسالة تحدٍ للعدو المحتل "بأن ارتباطنا بالمساجد لا يمكن أن ينفصم".