جمعات الغضب في غزة بعيون مراسلة قناة العالم

الثلاثاء ١٥ مايو ٢٠١٨ - ٠٢:٥٩ بتوقيت غرينتش

"هي جمعة الحق وهي استفتاء شعبي على أن حق الفلسطينيين في العودة غير قابل للمساومة وأن الشعب وحده هو من يمتلك القرار في ذلك." هذا ما قالته مراسلتنا في غزة إسراء البحيصي اثناء استهدافها من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي

العالم-فلسطين

 

ما الذي رأيتيه في الأمس؟

هي جمعة الحق وهي استفتاء شعبي على أن حق الفلسطينيين في العودة غير قابل للمساومة وأن الشعب وحده هو من يمتلك القرار في ذلك

هذه هي رسالة أهل غزة الذين ظن كثيرون أنهم غرقوا في حصارهم وأزماتهم الداخلية وظن البعض أن قطع لقمة العيش والدواء عنهم سينال من ثوابتهم الوطنية ولكن ما حدث في مسيرة العودة أثبت أن حنين الفلسطينيين لأراضيهم المحتلة أكبر من أن ينال منه الحصار وأن جذوره في أرضه أعمق من أن تقتلع بالصفقات المشبوهة

في هذه المسيرة كان الخطر كبيرا وكان الاحتلال يتعمد استهداف الصحفيين ليقتل معهم الصورة ولكن هذا الأمر زادنا اصرارا على العمل فهو واجب وطني وأخلاقي قبل أن يكون واجب المهنة.

هل كان هناك من شارك في الاحتجاجات من عائلتك؟

ما زاد الأمر صعوبة علي هذه المرة أن أخي يعمل لدى احدى الشركات الاعلامية في غزة وكان موجودا ليغطي الحدث وكنت أخشى وأنا على الهواء أن أذيع خبر استشهاده أو اصابته لذلك كنت أحبس أنفاسي عند كل اسم يصلني عن الشهداء والجرحى

لما كنت تنظرين الى وجوه الشهداء بعد سقوطهم؟

عندما حدث اطلاق نار مباشر علينا أثناء التغطية بدأ الشهداء والمصابين يسقطون أمامي حينها لم أستطع ضبط نفسي فبدأ صوتي يرجف وأعصابي لم تحتمل هذا الظلم الذي يقع على أبناء شعبي وما هزني أكثر أنني كنت أدقق في وجوه الشهداء لأن الدماء كان يغير ملامحهم كنت أخشى أن يكون أخي من بينهم.

كم مرة اصبتِ انت، وكيف استطعتي اكمال تغطيتك الخبرية؟

ما يزيد الأمر تعقيدا قنابل الغاز التي تلقى علينا ونواصل التغطية ففي الجمعة الماضية تعرضت بشكل مباشر لقنابل غاز أدت إلى حدوث ارتجاجات عصبية في جسدي ومكثت ثلاثة أيام متواصلة على أنبوبة الأكسجين ومنذ ذلك الحين بدأت تصيبني نوبات كهربائية أمام أبنائي وهذا أيضا من أصعب ما مررت به فبعد أن تعافيت أصبح أبنائي يخافون من كلمة حدود وعندما يعرفون أني ذاهبة للتغطية يبدئون في البكاء ولكن دائما أحاول أن أصارحهم بأن هذا واجب وأن هذا قدر وأنني اذا لم أصور هذا أمر سيسعد الجنود الاسرائيليين لأنهم سيقتلوا الناس دون ان نصورهم ونحن يجب ان لا ندخل في قلوبهم السعادة

بهذه الطريقة كنت أحاول أن أقنع أولادي بعملي فنحن في فلسطين لا نستطيع أن نخفي هذه الحقائق يجب أن نصارحهم بالأمر حتى لو كان الأمر أكبر من عمرهم لأنه لا مفر من أن يواجهوا هذه الأحداث خصوصا أن أبنائي يعيشون في منطقة حدودية وبشكل مستمر يسمعون اطلاق القذائف من الدبابات ولذلك يجب أن يدركوا حقيقة ما نعيشه لنواجهه معا

ما الاسلحة التي يستخدمها الاسرائيليون في مواجهة الفلسطينيين؟

ربما بصراحة أكثر ما كنت أخشاه ليس الموت انما الإصابة فإن متنا فنحن شهداء بإذن الله ولكن لأن الاحتلال يستخدم أسلحة محرمة وخطيرة ومتفجرة فإن هذه معظم الاصابات تنتهي بإعاقات وهذا ما كنت أخشاه

ما الشيء المختلف في يوم أمس عن بقية الجمع الماضية؟

واللافت في المسيرة الأخيرة أن الجيش الاسرائيلي استخدم ثلثي قوته وجنوده لمواجهة شعب أعزل لا يحمل سلاحا.

لماذا رغم تساقط هذه الاعداد الكبيرة من الشهداء والجرحى الا انه لم يظهر نقص العدد بين المتظاهرين؟

ورغم الاستهداف والقتل المباشر كنا نلاحظ أن أعداد المتظاهرين تزداد لأن هناك معادلة لا يدركها الاحتلال وهو أن العنف لا يولد الا المزيد من الغضب فمن يجد شقيقه او ابنه او صديقه يصاب او يستشهد بجانبه تتولد لديه رغبة أكبر في الانتقام حتى لو كان ذلك الانتقام بمجرد الوقوف في وجه الجندي وترديد الشعارات الوطنية

اكثر الخواطر التي ترسخت في ذهنك عن جمع الغضب الماضية؟

ربما هذا ما حدث معي كصحفية فقتل زميلي ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين زادني اصرار على مواصلة التغطية حتى لا يقتل شعبي بصمت وحتى أكون وفية لدماء زملائي  في مهنة الصحافة

هل اجتمعتِ بإحدى عوائل الشهداء.. وما هي ردود افعالهم؟

وبعد انتهاء المسيرة كانت اللحظات الأصعب هي الالتقاء بعوائل الشهداء ورصد لحظات الوداع فالحدث جلل ومؤسف ولكن ما يواسيهم أن هؤلاء الشهداء سقطوا من أجل الأرض ومن أجل تراب القدس وأن هذا قدر يواجه الفلسطينيين منذ سبعين عاما وليس أمامنا خيار آخر غير الصمود

ما هي ردود الافعال في الداخل على المواقف العربية والاسلامية بشأن نقل السفارة الاميركية الى القدس؟

ولكن ما يحزن أهل غزة وأهل فلسطين أن التضامن العربي والاسلامي ليس كافيا فالقدس هي للجميع ومع ذلك الفلسطينيون يخوضون المعركة وحدهم وما زاد الأمر سوءا هو التطبيع العلني مع الاحتلال وكأن دماء الفلسطينيين باتت رخيصة في الميزان العربي والاسلامي

ومع ذلك مازال يأمل الشعب الفلسطيني في استنهاض الشعوب لأن الرهان هو على ضمائر الشعوب وليس على قياداتها

 

يذكر أن مصور قناة العالم نبيل قنديل وخلال تغطيته مع الزميلة سماح الكحلة الاحتجاجات الجارية في مدخل مدينة البيرة تعرض لإصابة مباشرة بقنبلة غاز في ساقه أدت إلى جرحه، حيث تم نقله لتلقي  العلاج، وتم استبداله بمصور آخر حيث مازالت تغطية قنة العالم من تلك المنطقة جارية.