تجارة المخدرات والادمان في السعودية

تجارة المخدرات والادمان في السعودية
الثلاثاء ٠٣ يوليو ٢٠١٨ - ٠٦:٠٨ بتوقيت غرينتش

ترويج وتعاطي المخدرات في السعودية ظاهرة منتشرة في المجتمع وتشير البيانات والإحصائيات الرسمية الصادرة عن السلطات السعودية إلى أرقام عالية من المدمنين في صفوف الشباب وحتى البنات وفي أعمار صغيرة ما طرح تساؤلات عن أسباب انتشار هذه الظاهرة.

العالم - السعودية

وقد أعلنت سلطات مكافحة المخدرات في السعودية، الاثنين، إحباط محاولة تهريب أكثر من 5 ملايين حبة من المخدرات، شرق البلاد.

وتعتبر السعودية سوقاً مهمة لمهربي المخدرات في الشرق الأوسط، حيث أعلنت وزارة الداخلية السعودية أنها تمكنت خلال عام 2017 من ضبط كميات ضخمة من المخدرات، واعتقال مئات المهربين وتجار المواد الممنوعة، بحسب وكالة الأنباء السعودية.

وإحباط تلك العملية جاء بعد ساعات من القبض على شخص يبيع المواد المخدرة، وبحوزته (٦٨٩٦) حبة من الحبوب المحظورة، بحسب ما أعلنت "مكافحة المخدرات".

وأشارت في بيان إلى أنها تمكنت من القبض على 1628 متهماً، منهم 589 سعودياً، بالإضافة إلى 1039 متهماً من 41 جنسية مختلفة، لتورطهم في جرائم تهريب واستقبال ونقل وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية.

وبلغ إجمالي ما تم ضبطه في العمليات الأمنية من مواد مخدرة ما يزيد على 21 مليون قرص إمفيتامين (كبتاغون)، و19 طناً من الحشيش، و12 كيلوغراماً من الهيروين الخام، و219 كيلوغرماً من الكوكايين، ونحو 23 كيلوغراماً من مادة الشبو المخدرة، بالإضافة إلى ما يقرب من 1.5 مليون قرص دواء خاضع لتنظيم التداول الطبي، بحسب البيان.

استفحال ظاهرة تعاطي المخدرات بين السعوديين

في هذه الاثناء رصد تقرير مصور، أعده صحفي سعودي متطوع، استفحال ظاهرة تعاطي المخدرات بين السعوديين، في أحد أحياء العاصمة الرياض.

ولم يذكر الصحفي المتطوع اسم الحي، إلا أن حسابًا على “تويتر”، يُطلق عليه “حي النسيم بالرياض” نشر التقرير في إشارة غير مباشرة إلى حين النسيم بالعاصمة السعودية.

 وكشف التقرير، الذي صوره الصحفي بنفسه أثناء تجواله بالحي، أماكن تواجد المدمنين ومروجي المخدرات في الحي، لافتًا إلى أن بعض المدمنين يأتون إلى الحي رغم وجودهم في مستشفيات ومراكز علاج المخدرات.

ونقل الصحفي عن أحد سكان الحي قوله: إن هذا الحي يفتقر إلى الخدمات والاهتمام الرسمي والرقابة الصارمة، مبينًا أن أنواع المخدرات المنتشرة في الحي تتراوح ما بين الحشيش ونوع يطلق عليه “الأبيض”، فضلًا عن “الهيروين”، الذي يعد الأخطر من بينها.

وأظهر المقطع انتشار إبر تعاطي المخدرات في شوارع الحي، في إشارة واضحة على انتشار تعاطي "الهيروين".

وقدم ساكن الحي شرحًا حول كيفية تعاطي المخدرات التي يتبعها المدمنون، باستخدام أغطية علب المياه الصحية وغيرها.

وردًا على تساؤل الصحفي حول الشرطة والداخلية أو عناصر مكافحة المخدرات، أجاب الساكن: "الله أعلم"

وعندما حاول الصحفي الحديث إلى أحد المدمنين أجابه باللهجة السعودية: “هذا شيء ما يخصك”، فيما أظهر المقطع حديث الصحافي مع أحد المدمنين، الذي زعم أنه مهندس بترول، متخصص بالحفر، وأن الشركات كانت تتهافت على تعيينه.

كما قال سكان، تواجدوا أثناء تصوير التقرير، أن من بين المدمنين طيارين.

ظاهرة ترويج وتعاطي المخدرات في السعودية

هناك إحصائيات وأرقام مرتفعة عن ظاهرة ترويج وتعاطي المخدرات في السعودية ورغم إعلان السلطات السعودية عن مساع لمكافحتها إلا أنها في ارتفاع متزايد كما تشير الإحصائيات الرسمية.

ويراوح عدد مدمني المخدرات في السعودية بين 150 ألفاً إلى 200 ألف مدمن وفق بعض التقديرات.

وتشير الإحصائيات أن أكثر من يقع في الإدمان هم من فئة الشباب. إذ تتراوح أعمارهم من 18 سنة إلى 29 سنة، وأكثر أنواع المخدرات تعاطي هي مادة الحشيش والكبتاجون، وتعتبر هذه المادة من أخطر المواد. إذ تؤدي إلى تدمير الخلايا العصبية، ومن ثم الجنون بمجرد تعاطيها لمدة 3 أشهر.

و90% من متعاطي المخدرات في السعودية سعوديين، و43% أعمارهم أقل من 25، 67% غير متزوج، 48% عاطل عن العمل، 40% يعمل، 13% من طلاب المدارس والجامعات.

وتنتشر الإدمان في السعودية 9% في الشرقية وجازان، 7% في عسير، 5% في المدينة المنورة وتبوك، 4% الحدود الشمالية ونجران، و 2% في حائل.

وكانت صحيفة "تسايت" الألمانية أوردت في تقرير أن أكبر سوق لتجارة الكبتاجون يتمركز في الدول الخليجية وبالتحديد في السعودية. ووفقا لتقرير المخدرات الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تم تهريب 11 طن من مادة الكبتاجون إلى السعودية.

وتعرف مادة الكبتاجون في السعودية باسم "أبو هلالين". ويعتبر الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و30 سنة من أكبر مستهلكي هذه المادة المخدرة.

 وأشارت الصحيفة بأن تاجر المخدرات يعاقب في السعودية بتنفيذ حكم الإعدام في حقه. وقد تم بالفعل إعدام العديد من تجار الكبتاجون. لكن من المثير للدهشة، أنه في خريف سنة 2015، فتشت الشرطة اللبنانية طائرة تعود ملكيتها لأمير سعودي، قبل إقلاعها إلى الرياض من مطار بيروت لتعثر على طنين من مادة الكبتاجون. وقد أثار ذلك حفيظة الصحافة اللبنانية التي نددت بنفاق العائلة المالكة السعودية التي تحظى بشعبية واسعة في البلاد.

 وأوردت الصحيفة إن ملايين الشبان في مدينتي جدة والرياض يستهلكون مادة الكبتاجون.

تورط شخصيات في مواقع المسؤولية بإدخال المخدرات 

وكان الداعية السعودي علي المالكي قد كشف عن تورط رموز و أسماء معروفة وشخصيات في مواقع المسؤولية بإدخال المخدرات إلى المملكة .

وقال المالكي :" لدينا رموز في المملكة العربية السعودية ونقولها بكل شجاعة هم من يحيون السهرات في المزارع، هم من يبيعون، هم من يدخلونها إلى السعودية ومع الأسف هم رموز معروفة وأسماء هي معاني البناء في المملكة السعودية، ولا أحد يستطيع أن يقربهم".

واضاف: "أنا هذا أعرفه من خلال تأكيد عندما يتصل عليّ بعض الشباب على الجوال ويقول لك أنا كنت سهران في مزرعة فلان في استراحة فلان، مع فلان، بل ما هو أشد وأعظم وآلم اليوم ليس مشكلتنا في إدمان الشباب، في إدمان الفتيات، اليوم اصبح عندنا نسبة عالية من البنات المدمنات بل بعض الشباب التائبين يعلمني يقول أنا أطلع واحدة صداقة محرمة ما تسألني كم ستعطيني على الشورتايم أو اللقاء ونحوه.. لا.. عندك شراب، عندك حشيش، عندك حبوب..".

من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور نسيب حطيط، حول تزايد ظاهرة الترويج وتعاطي المخدرات في السعودية : "ان ظاهرة تعاطي المخدرات والإدمان في السعودية ترجع إلى عدة عوامل، أولها هي مسألة الثقافة الدينية والفكر الديني السلفي الوهابي، الذي أخذ عنده عقدة المرأة وربط كل المعاملات بين الناس رجالاً ونساءً في التجارة في المدرسة في أي قطاع من القطاعات في مسألة العلاقة بين المرأة والرجل بعقدة الجنس".

ولفت "الأمر الآخر هي مسألة البطالة في السعودية نتيجة مع كل الغنى والميزانية المرتفعة وعائدات النفط فإن هذا ليس لصالح الشعب السعودي فالبطالة متفشية بين الشباب".

واضاف حطيط: "المسألة الثالثة هي العمالة الوافدة وخاصة من الدول التي لا تدين بالإسلام او تدين ببعض المعتقدات الأخرى التي لا تحرم الشراب أو الكحول أو المخدرات، فتنقل عاداتها وثقافتها وتقاليدها وسلوكياتها إلى السعودية، وبالتالي يكون هناك شبه تلاقي ثقافي وسلوكي مع السعوديين".

واكد ان "الأمر الأهم هو مسالة أن السلطة تمنع العمل الحزبي والنقابي والثقافي والترفيهي وتبعد الناس عن السياسة حتى تضمن بقاء عرشها واستمراريته، فتدفع هؤلاء الشباب نتيجة غياب الطموح في أن يكون فاعلاً في المجتمع أو في الحكومة فيتجه إلى تصريف كل هذا التعبئة الداخلية وهذا الحقد وهذا الاحتجاج الذي لا يستطيع أن ينفس عنه نتيجة القمع، فيذهب إلى الهروب من الواقع علّه يجد في المخدرات والإدمان نوعاً من التعويض النفسي عما يشعر به من ظلم ومن إحباط ومن حصار اجتماعي ومادي ومعيشي".

واوضح الدكتور حطيط : في السعودية يجب أن لا يقرب المواطن السعودي أمرين الواقع السياسي الذي تصادره العائلة المالكة وبالتالي من الآن حتى ينقلب هذا الحكم فإن الحكم والسلطة والثروة متجمعة في يد الملوك وأبنائهم وأحفادهم، وأحفاد أحفادهم وفق الدستور السعودي، وبالتالي لا طموح لهذا الشاب السعودي أن يحتل موقعاً سياسياً.