هكذا تتجسس الإمارات على دول الجوار

هكذا تتجسس الإمارات على دول الجوار
السبت ٢٨ يوليو ٢٠١٨ - ٠٦:٢١ بتوقيت غرينتش

كشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية في تقرير لها نشر يوم أمس الجمعة، الدور الإماراتي الاستخباراتي الذي تلعبه من خلال كاميرات المراقبة المزروعة في "مركز أبو ظبي الوطني للمعارض" من أجل التجسس على السفارة الإيرانية في أبو ظبي.

العالم - العالم الاسلامي

ونشرت الصحيفة صوراً للكاميرات الإماراتية المزروعة مقابل السفارة الإيرانية وقالت إن الممرات الأربعة في شارع الكرامة الفاصلة بين المبنيين، والغطاء النباتي الذي يخفي سفارة إيران، لا يشكّل عائقاً أمام عملية تحديد هوية الأشخاص والسيارات التي تخرج من مقر السفارة.

كما وكشف دبلوماسي غربي في أبو ظبي للصحيفة الفرنسية أن "الهاجس الجيوسياسي الذي يشغل بال ولي العهد ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة "الشيخ محمد بن زايد آل نهيان" هو إيران وبصفة أقل قطر، لهذا السبب تم تركيز نظام أمني متكامل من بين أهدافه الرئيسية التجسس".

التجسس على دول الجوار

الامارات تبحث لنفسها عن بناء امبراطورية وسط الصحراء غير متناهية الأطراف تبدأ بالإقليم ولا تنتهي خلف المحيط الهندي، ربما تريد من ذلك مجاراة السعودية التي احتلت مكانة كبيرة مقارنة ببقية الدول الخليجية وكانت حتى وقت قريب تفرض املائاتها على بقية أعضاء مجلس التعاون الخليجي لكن الزمن تغير وتبعثر اعضاء المجلس بعد مبالغة السعودية في رغبتها بالتحكم بقرارات جيرانها، ومن هنا بدأت تبحث الامارات عن فرص أكبر لنفسها بعد أن خرج الجميع عن عباءة المملكة، لكنها استخدمت ذكاء يجب ان نعترف به في ترويض بن سلمان ودفعه "بسبب ضعف خبرته السياسية وصغر سنه" إلى خدمة سياسة آل زايد وآل نهيان في المنطقة.

سياسة آل زايد وآل نهيان

تحتاج سياسة هاتين العائلتين إلى غطاء دولي أو على الأقل جذب دول كبرى مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا إلى حديقتها الأمنية، خاصة أن الدول الآنفة الذكر لديها تجربة كبيرة في هذا المضمار، وكان الهدف من ذلك "بناء شبكات تجسس تطال الحلفاء والأعداء ومواطنيها في نفس الوقت" أما الغاية فهي رغبة دفينة في ايجاد لنفسها مكانا دوليا في السياسة بعد أن تمكنت خلال العقود الماضية من أن تجعل من نفسها مركزا دوليا للتجارة العالمية، فهل ستنجح بأن تكون مركزا دوليا للتجسس على دول المنطقة؟!.

يساعد موقع الامارات الجيوسياسي على الدخول في متاهة "التجسس" فالأرضية خصبة هناك لكون الامارات تتمتع بحركة أموال وتواجد دائم لرؤوس الأموال فيها، فضلاً عن كونها تمثل محور النقل العالمي، ومركزاً يحتضن المؤتمرات الراقية، ووجهة سياحية جذابة، بالإضافة إلى أنها نقطة التقاء العالم الإسلامي والإفريقي والجنوب آسيوي لاسيما الهندي والأفغاني. كما تمثل دبي مركزاً مالياً ومحطة لغسيل الأموال، بعد بيروت. وتجعل كل هذه الظروف من الإمارات "منطقة صيد" ملائمة للمخابرات.

تدريب وتجسس وفضائح

منذ مطلع القرن الحالي تطلعت الامارات إلى بناء شبكة من العلاقات مع كل من فرنسا "لتفوقها في صناعة الأقمار الصناعية" والولايات المتحدة الأمريكية" لوزنها وثقلها في المنطقة" وحاولت أن تستغل حاجة الاثنين لابرام صفقات معها في خصوص الأمن لكون جميع الدول الكبرى تبحث عن فرصة ذهبية مثل هذه للحصول على أكبر كم من المعلومات عن الشرق الأوسط.

ومن هنا وفي العام 2008 انطلقت عملية بيع أقمار صناعية للامارات، تحديدا عندما أعربت السلطات الإماراتية عن نيتها اقتناء هذا النوع من الأقمار الصناعية لحماية أراضيها. وقد عُقدت عدة مفاوضات طويلة، ظفر على إثرها العرض الفرنسي بالصفقة، نظرا لتفوق القمر الصناعي الفرنسي على مستوى الدقة بقرابة 50 سنتيمتر على مشروع رايثيون. وخلال شهر ديسمبر/ كانون الأول من سنة 2012، أعلن الجانب الإماراتي عن أفضلية العرض الفرنسي على حساب العرض الأمريكي.

لكن الولايات المتحدة لم تقف على الحياد ازاء هذه الصفقة، وحاولت باسم احترام المعايير المنظمة لتجارة الأسلحة (ITAR)، أن توقف سير صفقة فرنسا خاصة اذا كانت الأقمار التي باعتها للامارات تحتوي على مكون صنع في الولايات المتحدة.

ولكن وفي يوم 22 يوليو/ تموز من سنة 2013، وقعت باريس وأبوظبي رسمياً عملية بيع قمرين صناعيين معدين للمراقبة من نوع Pléiades، بقيمة تفوق 700 مليون يورو. ومن خلال حسن استغلال العلاقة التي تربط وزير الدفاع الفرنسي السابق، جان إيف لودريان، بالشيخ محمد بن زايد، ضمنت فرنسا عودة قوية إلى الإمارات مع إتمامها لصفقات تسلح، بعد غياب دام ست سنوات.

مراكز تدريب مدربين أجانب

الامارات لم يكن لديها اي خبرة في مجال التجسس في السابق لكنها بنت مراكز مجهة بكافة المعدات والتقنيات الحديثة وبدأت باستقطاب ضباط استخبار ذوي خبرة في مجال التجسس لتاهيل كوادر اماراتية في هذا المجال، وحاليا وفي بقعة تقع إلى الشمال الشرقي من ميناء زايد في أبوظبي، وفي فيلا خليجية نموذجية حديثة محاطة من أحد جوانبها بحمام سباحة أنيق، يقوم بعض الغربيين بتدريب الإماراتيين على استخدام أدوات التجسس الحديثة.

ومن بين الأشخاص الذين يقومون بعمليات التدريب هذه نذكر: ضابط الاستخبارات الأمريكي السابق "لاري سانشيز" وهو يعمل حاليا لدى ولي عهد أبوظبي في الإمارات على مدى السنوات الست الماضية لبناء منظومة استخباراتية كاملة من الألف إلى الياء، وفقا لست مصادر تحدثت إلى مجلة "فورين بوليسي".

كما انتقل "إريك برنس" مؤسس "بلاك ووتر" إلى الإمارات لإنشاء كتيبة من القوات الأجنبية التي تخدم ولي العهد، والتي كشفت عنها صحيفة "نيويورك تايمز" لأول مرة في عام 2011، كما أن "ريتشارد كلارك" يعمل هو الآخر كمستشار كبير لولي عهد أبوظبي بصفته الرئيس التنفيذي لشركة "غود هاربور" لإدارة المخاطر الأمنية.

الدول المستهدفة

ايران: تعمل كاميرات المراقبة المزروعة في "مركز أبوظبي الوطني للمعارض" على مراقبة مداخل السفارة الإيرانية ومخارجها، بحسب دبلوماسي غربي كان بمثابة مرشدا لمراسل جريدة لوموند الفرنسية لبعض الوقت، وأفاد هذا الدبلوماسي الغربي بأن "الهاجس الجيوسياسي الذي يشغل بال ولي العهد ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، هو إيران وبصفة أقل قطر. لهذا السبب، تم تركيز نظام أمني متكامل من بين أهدافه الرئيسية التجسس".

سلطنة عمان: في مطلع العام 2011 أحبطت سلطات عمان شبكة تجسس اماراتية كانت تعمل على زعزعة الاستقرار داخل السلطنة، وتخطط لضم سلطنة عمان بعد وفاة سلطانها قابوس بن سعيد مع العلم ان أراضي الإمارات كانت تابعة لساحل عمان. وكانت الشبكة التجسسية بمثابة الصدمة لدى العمانيين.

قطاع غزة: في العام 2014 أعلنت مصادر خاصة عن تورط وفد الهلال الأحمر الإماراتي - الذي وصل القطاع بحجة تقديم مساعدات إنسانية - في مهمة تجسسية سرية لصالح إسرائيل، وبعد وصول الوفد المكون من 50 طبيب غادر على نحو مفاجئ من خلال معبر رفح المصري، وترك كافة معداته دون سابق إنذار. مغادرة الوفد على هذا النحو، جاءت بعد أن اكتشف الجهاز الامني التابع لحركة حماس بما لا يدع مجالا للشك أن جميع أفراد الطاقم الإماراتي يعملون لصالح الموساد الإسرائيلي، وأن مهمتهم السرية التي جاؤوا من أجلها إلى قطاع غزة تنص على جمع معلومات استخبارية عن مواقع كتائب القسام ومنصات إطلاق الصواريخ.

تركيا: نشر موقع "هافنتغون بوست عربي" تقريرا يؤكد بأن الإمارات كان لها دور في الانقلاب الفاشل الذي حصل  في تركيا العام الماضي، كما أعربت عربت صحيفة "ميدل ايست آي" البريطانية أن "محمد دحلان" القيادي الفلسطيني التابع لحركة "فتح" الفلسطينية والذي يعيش في الإمارات منذ فترة طويلة كان يقوم بدور الوسيط بين الحكومة الإماراتية وجماعة الداعية "فتح الله غولن" المتهم الرئيسي في عملية الانقلاب الفاشلة وكان يقوم "دحلان" أيضا بتحويل الكثير من الأموال الإماراتية إلى أعضاء تلك الجماعة الانقلابية خلال الفترة التي سبقت ذلك الانقلاب الفاشل.

المواطنين: نشر تلفزيون (CBC News) الكندي تقريراً أبرز فيه أن دولة الإمارات تستخدم برامج تجسس كندية لمراقبة الناشطين الحقوقيين، وسط مطالبات حقوقية بوقف تصدير تلك التكنلوجيا لأبو ظبي في ظل سجلها سيء السمعة في حقوق الإنسان، ونبه التلفزيون الكندي إلى قضية أحمد منصور الناشط في مجال حقوق الإنسان المعتقل منذ أكثر من عام في سجن إماراتي، ويحاكم الآن بتهمة تتعلق بقانون الجرائم الالكترونية "سيء السمعة".