الحرب التجارية بين الصين وأميركا و عقوبات بكين الذكية

الحرب التجارية بين الصين وأميركا و عقوبات بكين الذكية
الخميس ٢٣ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٩:٣٥ بتوقيت غرينتش

أعلنت الولايات المتحدة، بداية تطبيق رسوم جمركية جديدة على المنتجات الصينية بقيمة 16 مليار دولار، في خضم حرب تجارية مستعرة بين واشنطن وبكين التي سارعت العملاق الأسيوي إلى الرد بالمثل بعد دقائق فقط!

العالم- الأميركيتان

وكانت الصين قد أعلنت قبله، أنها تعتزم القيام بـ"رد ضروري" على رسوم جمركية أميركية .

وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان إنها "تعارض بشدة" الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة، مشيرة إلى أنها ستقدم شكوى بهذا الصدد إلى آليّة فض النزاعات في منظمة التجارة العالمية.

وبدورها؛ أعلنت منظمة التجارة العالمية قبل أسابيع،  أنّ الإجراءات الأميركية غير قانونية، مما أغضب واشنطن عليها فأعلنت أنّها ستعاقب المنظمة واتهمتها بعدم الفاعليّة.

وتتهم واشنطن بكين باتباع ممارسات تجارية غير نزيهة، الأمر الذي نفته الأخيرة.

 

ذرائع ترمب

ساقت الإدارة الأميركية أسباباً لفرض رسومها على الصين، وهي:


أولاً: عدوان الصين على حقوق الملكية الفكرية، حيث تدعي الولايات المتحدة أنّها تتعرض لخسارة تبلغ مئات الملايين من الدولارات سنويا، نتيجة لتغاضي الصين عن العدوان على الحقوق الفكرية للمنتجات الأميركية. وهو ما تنفيه الصين وتطلب من المتظلّمين اللجوءإلى المحاكم والقوانين المحلية، التي تقول إنها تكفل المحافظة على الحقوق الفكرية.

"يبدو أنّ ترمب يعتقد أنّ الحروب الاقتصادية سهلة وغير مكلفة، كما صرح بذلك في إحدى تغريداته؛ ولذا فإنّه -على ما يبدو- يريد جني مكاسب ماليّة كبيرة بالضغط على الآخرين، لكي يقدّم لناخبيه الأموال والوظائف التي طالما وعدهم بها. وهو يريد جنيها ليس من الصين فحسب، بل من كل الأطراف بمن في ذلك حلفاؤه كالسعودية واليابان والأوروبيين"


ثانياً: معاملة الصين بالمثل، إذ تفرض الصين جمارك بنسبة 25% -حسب قول الرئيس الأميركي- على السيارات الأميركية.

ثالثاً: التلاعب الصيني بأسعار العملة المحلية (اليوان) كي تبقيها متدنيّة أمام الدولار الأميركي، وهو ما يجعل قدرة الصين التنافسية على التصدير أكبر، نتيجة رخص بضائعها وصعوبة استيراد البضائع الأميركية بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل اليوان.

رابعاً: تعديل الميزان التجاري بين البلدين الذي يميل بشدة نحو الصين، إذ يبلغ حجم التبادل التجاري السنوي بينهما قرابة 800 مليار دولار، ويبلغ مقدار العجز التجاري لصالح الصين حوالي 375 مليار دولار. ويرد الصينيون قائلين إنهم لا ذنب لهم في عجز البضائع الأميركية عن المنافسة بالقدر المطلوب.

 

بكين تفرض رسوما جمركية على واردات من الولايات المتحدة بقيمة 34 مليار دولار

قبل شهرين فرضت الصين رسوما جمركية على واردات من الولايات المتحدة بقيمة 34 مليار دولار و كانت تعادل النسبة التي فرضتها واشنطن على سلع صينية لرسوم دخلت حيز التنفيذ.

وفرضت واشنطن رسوماً  على 818 صنفا من البضائع الصينية من بينها سيارات وقطع تدخل في صناعة الطائرات او الاقراص الصلبة لاجهزة الكمبيوتر لكنها تستثني الهواتف المحمولة او التلفزيونات.

بالمقابل شملت الرسوم الصينية منتجات زراعية أميركية مثل الصويا  وقطاع السيارات وايضا مأكولات بحرية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية في ذاك اليوم ان "الولايات المتحدة انتهكت قواعد منظمة التجارة العالمية وأطلقت أكبر حرب تجارية في التاريخ الاقتصادي ".

 

عقوبات ذكيّة صينية

بحسب المحللين، فإنّ ارتباط الاقتصاد الصيني بنظيره الأميركي أصبح ارتباطاً عضويّاً، إلى درجة أنّ أي إضرار بالاقتصاد الأميركي سيقود إلى خسارة كبيرة للاقتصاد الصيني، وذلك لكون الصين هي أكبر دائن خارجي لأميركا.

إذ يبلغ ما استثمرته الصين مباشرة في سندات الخزانة الأميركية 1.17 تريليون دولار، وهي تستثمر -بشكل مكثف- في الشركات الأميركية الكبرى؛ ولذا فإنّ خطوة كهذه يترتب عليها توجيه ضربة لأسواق الأوراق المالية الأميركية أو لسعر الدولار، لا يمكن أن تقدم عليها الصين حاليا.

إنّ ما أعلنته الصين من إجراءات مضادة ليس إلاّ رداً أوليّاً، وأغلب الظنّ أنّها ستلجأ إلى عقوبات ذكيّة لا تسبّب ضرراً كبيراً للاقتصاد الأميركي، ولكنّها ستؤثر مباشرة على تلك الفئة من الناخبين التي تساند ترمب، وستضر بصورته أمامهم، فهي إذن عقوبات سياسية مغلفة بغطاء تجاري.

وربما ستلجأ الصين إلى التقليل من شراء سندات الخزانة الأميركية، بحيث تجعل قدرة الولايات المتحدة -وهي المدين الأكبر في العالم- على الإيفاء ببعض التزاماتها الداخلية والخارجية، أكثرَ صعوبة.

كما أنّ الردود الصينية على القرار الأميركي قد لا تتوقف عند الرد الاقتصادي، فمصالح الولايات المتحدة منتشرة في كل مكان من العالم، وخاصة في قارة آسيا التي تعدّ الفناء الخلفي للصين.

والسؤال هنا الى متى يستمر ترامب في حربه الأقتصادية ضد الصين؟

 

محمد حسن القوجاني