بعدما تحولت الى حديث وسائل الاعلام..

الكوليرا تثير الهلع بالجزائر.. وهذه الدول تتأهب لمجابهة الوباء

الكوليرا تثير الهلع بالجزائر.. وهذه الدول تتأهب لمجابهة الوباء
الإثنين ٢٧ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٩:٢٤ بتوقيت غرينتش

حالة من الخوف والترقب يعيشها الجزائريون بعد إعلان السلطات الصحية بالبلاد ظهور داء الكوليرا بأربع مناطق جزائرية، ورغم تطمينات وزارة الصحة بأن "الوضع تحت السيطرة" لم تكن الجدية في التعامل مع الأسباب الحقيقية كما يتمنى الجزائريون.

العالم - تقارير

فبعد أيام عديدة من تداول معلومات بشأن ظهور فيروس غريب أصاب مواطنين بولاية البويرة (87 كلم شرقي العاصمة الجزائر) حُجِر عليهم بمستشفى بوفاريك، جاء التأكيد أخيرا بأن الفيروس ليس إلا وباء الكوليرا القاتل.

كان ذلك يوم الخميس الماضي، في ندوة صحفية، حينما خرج كل من مدير الوقاية بوزارة الصحة جمال فورار برفقة زوبير حراث مدير معهد باستور في ندوة ليعلنا أن الأمر يتعلق بوباء الكوليرا الذي انتشر بأربع ولايات؛ هي الجزائر العاصمة والبليدة وتيبازة والبويرة، حيث سجلت فيها 41 من أصل 88 حالة مشتبها فيها بالمرحلة الأولى.

ورغم تطمينات حراث في تصريحات نقلتها عنه الإذاعة الجزائرية الرسمية وتأكيده على أن "الوضع متحكم فيه بفضل الإجراءات الاستعجالية المتخذة والتي سمحت باستشفاء ثلاثين حالة غادرت المستشفيات"، ما زالت حالة الخوف والهلع تسيطر على الجزائريين، حيث التهافت غير المسبوق على اقتناء المياه المعدنية، مما تسبب بندرة واسعة وارتفاع في أسعارها.

كما أعلن جزائريون مقاطعة ماء الحنفيات والمسابح، وهي المقاطعة التي شملت الخضر والفواكه خاصة البطيخ الأحمر خوفا من الإصابة بالعدوى.

في المقابل تشهد مختبرات التحاليل الطبية على مستوى المستشفيات إقبالا غير مسبوق حتى من الذين لم تظهر عليهم أعراض المرض، للتأكد من سلامتهم، خاصة في الولايات التي سجلت إصابات بالكوليرا.

ويعد وباء الكوليرا من الأمراض المعدية الخطيرة والمتسببة في الوفاة بعد تعرض الشخص لإسهال حاد تتسبب فيه بكتيريا تنتشر بسبب غياب شروط النظافة، واستهلاك مياه أو خضراوات أو فواكه ملوثة تنتقل عن طريق اللمس.

وتعيش البكتيريا لمدة تتراوح بين يوم وسبعة أيام، حيث تتسبب في إسهال حاد يؤدي إلى تعرض المصاب لجفاف الجسم وتعقيدات أخرى على مستوى الرئة والقلب والكلى.

ويشير تقرير لمنظمة الصحة العالمية نشر في 1 فبراير/شباط الماضي إلى أن "الكوليرا ما زالت تشكل تهديدا عالميا للصحة العمومية، ومؤشرا على انعدام المساواة وانعدام التنمية الاجتماعية".

وتشير تقريرات الباحثين في المنظمة إلى وقوع عدد يتراوح تقريبا بين مليون وأربعة ملايين حالة إصابة بالكوليرا سنويا، وإلى تسبب الكوليرا في وفيات يتراوح عددها بين 21 ألفا و143 ألف حالة وفاة حول العالم.

بؤرة الوباء

وفي تطور جديد أعلنت وزارة الصحة إلى توصلها لبؤرة الوباء الواقعة في المنبع المائي "سیدي الكبیر" ببلدية أحمر العین بتیبازة (70 كيلومترا غربي العاصمة الجزائر).

وكشف مدير الوقاية بالوزارة جمال فورار أن عدد الإصابات المشتبه بها بلغ 139، منها 46 حالة مؤكدة، إضافة إلى وفاة شخصين بسبب المرض.

وزير الصحة الجزائري: سنقهر الكوليرا في ثلاثة أيام

تعهد وزير الصحة الجزائري مختار حسبلاوي بالقضاء على وباء الكوليرا الذي يضرب مناطق مختلفة من البلاد في غضون ثلاثة أيام، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

وأضاف الوزير في ندوة صحفية بمدينة البليدة أن السلطات تبنت "منذ بداية ظهور هذا الوباء إستراتيجية مكنت من محاصرته ومنع انتشاره"، مؤكدا أنه سيتم القضاء عليه "قبل الدخول المدرسي المقبل".

وعن أسباب انتشار المرض، قال حسبلاوي إنه "لم تحدد إلى الآن الأسباب النهائية رغم اكتشاف منبع بمنطقة سيدي الكبير بأحمر العين بتيبازة أثبتت التحاليل احتواءه على البكتيريا المسببة لهذا المرض". وبناء على ذلك منعت وزارة الصحة استهلاك مياه التبع.

ومع تزايد المخاوف، أكدت شركة "الجزائرية للمياه" أن المياه المنزلية صالحة للشرب ولا داعي للتخوف من استهلاكها، بينما انتشرت في الأيام الأخيرة على مواقع التواصل رسائل محذرة داعية للتوقف عن شربها.

ردود الفعل في وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي

وعلى مستوى شبكات التواصل الاجتماعي تصدر موضوع الكوليرا نقاشات النشطاء، وعبر كثيرون عن غضبهم واستيائهم من ظهور وباء من المفترض أنه أفل منذ عقود.

كما وجهت وسائل الإعلام ومواقع التواصل انتقادات حادة  للمسؤولين الحكوميين بسبب الفوضى التي رافقت التعاطي الرسمي مع ظهور الوباء.

وعبر حسابه الرسمي في تويتر غرد الإعلامي أنيس رحماني قائلا "مجرد الحديث عن الكوليرا سنة 2018 هو إهانة للجزائر ككل شعبا وحكومة! من يعتمد سقي الخضراوات والفواكه بالمياه القذرة هذا مجرم سفاك وآثم يجب ضربه بيد من حديد! على أصحاب الشأن التحرك لوقف هذه الجريمة التي لم تعشها الجزائر حتى وقتَ الإرهاب! النظافة والنزاهة قضية مجتمع ككل، وهي والغش سواء!".

وأشار العديد من الصحف إلى أن السلطات لم تعلن عن الوباء إلا بعد أسبوعين من ظهوره في الجزائر التي لم تسجل أي حالة كوليرا منذ 1996، في حين يعود آخر وباء إلى عام 1986.

وبحسب هذه الصحف، فقد استقبلت المستشفيات عشرات المرضى الذين كانوا يعانون من إسهال حاد منذ السابع من أغسطس/آب في العديد من المناطق، إلا أن وزارة الصحة لم تعلن أن السبب هو بكتيريا الكوليرا إلا في 23 أغسطس/آب بعد ثلاثة أيام على نفيها هذه الفرضية.

وكتبت صحيفة ليبرتي الناطقة بالفرنسية "من الواضح أن السلطات كانت على علم بالمرض قبل هذا الإعلان"، وأكدت أن بحوزتها مذكرة من وزارة الصحة من ثماني صفحات مؤرخة في 22 أغسطس/آب تنبه الولايات (المحافظات) والقطاعات الصحية إلى هذا المرض.

وأكد الموقع الإخباري "كل شيء عن الجزائر" استنادا إلى مصدر طبي أن "معهد باستور ووزارة الصحة كانا على علم بطبيعة المرض منذ الاثنين 20 أغسطس/آب على الأقل".

كذلك انتقد المدونون على مواقع التواصل الاجتماعي غياب المسؤولين في أوج الأزمة، ورأى بعضهم أن السبب يرجع إلى رفض الوزراء قطع عطلتهم بمناسبة عيد الأضحى الذي تزامن مع عطلة نهاية الأسبوع.

وبين الغضب والسخرية، أشار رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن الحكومة لم تقم بأي حملة عامة لشرح المرض وكيفية الوقاية منه، كما أن موقع وزارة الصحة لا يحتوي على أي مدونة حول مرض الكوليرا.

كما اشتكى بعضهم من الانقطاع المتكرر للماء، بينما توصي السلطات الصحية بضرورة غسل الأيدي عدة مرات في اليوم.

دول عربية تتأهب لمجابهة الكوليرا وترفع التاهب 

وعلى المستوى العربي فقد اكدت وزارة الصحة التونسية عدم تسجيل أي إصابة بوباء الكوليرا فيما اعلن المغرب رفع حالة التأهب لمواجهة انتقال مرض الكوليرا من الجزائر إلى ليبيا، في حين رفعت وزارة الصحة في حكومة الوفاق الليبية، درجة التأهب والاستعداد لمواجهة انتقال مرض الكوليرا.

وأكدت وزارة الصحة التونسية في بيان نشرته يوم الجمعة عدم تسجيل أي إصابة في تونس بالكوليرا.

وأضافت أن أنشطة التقصي الوبائي المنجزة من طرف مصالح وزارة الصحة متواصلة.

وقالت الوزارة في البيان "في نطاق الوقاية من المخاطر الصحية المرتبطة بتدهور عوامل المحيط وإمكانية تفاقم هذه المخاطر في صورة حدوث فيضانات .

واعتبارا للمعطيات الوبائية الحديثة المتمثلة في ظهور حالات من الكوليرا ببعض المناطق بالجزائر خلال الفترة الأخيرة، علما بأن هذه الاصابات معزولة وأن الوضع الصحي بالقطر الشقيق تحت السيطرة.

فإن وزارة الصحة تعلم العموم بأنّ مصالحها المختصة تقوم بتكثيف أنشطتها الوقائية خاصة تلك المتعلّقة بالمراقبة الصحية لمياه الشرب والأغذية بالتعاون مع السلطات والمصالح المعنية حماية للصحة العامة".

وشددت الوزارة على ضرورة الامتناع عن التزود من مصادر مياه مجهولة المصدر، مع ضرورة استعمال أوعية صحية ونظيفة لحفظ المياه وتطهيرها بماء الجافال في صورة التزود من نقاط مياه خاصة.

كما رفعت سلطات المغرب درجة التأهب، يوم الأحد، بعد انتشار وباء الكوليرا في الجزائر.

واستنفرت وزارة الصحة المغربية مصالحها حيث تم تقديم خطة لتعزيز نظام المراقبة ضد المخاطر الناجمة عن هذا الوباء.

وتعتزم الوزارة اتخاذ تدابير وقائية بخاصة في المناطق الحدودية مع الجزائر، فضلا عن تعزيز نظام المراقبة لرصد المسافرين القادمين من الجزائر.

وأما في ليبيا، فقد رفعت وزارة الصحة في حكومة الوفاق الليبية، أمس الأحد، درجة التأهب والاستعداد لمواجهة انتقال مرض الكوليرا من الجزائر إلى ليبيا.

وقالت الوزارة في بيان صحفي إن إدارة الرصد والتقصي بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض، رفعت درجة التأهب والاستعداد لمواجهة احتمالية انتقال مرض الكوليرا من الجزائر إلى ليبيا، خصوصا عند المناطق الحدودية.

وأضاف البيان أن إدارة الرصد والتقصي بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض طالبت كلا من راصدي برنامج الإنذار المبكر، وفرق الاستجابة السريعة وراصدي المستشفيات، بضرورة أخذ الحيطة والحذر من الأشخاص الوافدين من الجزائر، والتقصي عن حالتهم الصحية في حال ظهور أي أعراض للمرض لديهم.

وشددت إدارة الرصد بالمركز الوطني لمكافحة الإمراض على ضرورة الإبلاغ فورا عن أي حالة مشتبه بها، مؤكدة على أنها ستكون على تواصل تام مع الراصدين لاستقبال أي بلاغ خلال 24 ساعة يوميا.