في لقاء خاص مع قناة العالم

قاسمي:مراهنات اميركا اضغاث احلام ومحور المقاومة فاعل بسوريا

الإثنين ٠٣ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٦:٤١ بتوقيت غرينتش

کشف المتحدث باسم الخارجية الايرانية بهرام قاسمي لقناة العالم خلال برنامج "من طهران" مساعي الاتحاد الاوروبي لتلافي خروج اميركا من الاتفاق النووي باقتراح حزم اقتصادية وموقف بلاده منها، مؤكداً في الوقت ذاته وقوف محور المقاومة ودمشق في وجه المؤامرات الاميركية والغربية في سوريا، الاضافة الى آخر التطورات الحاصة في المنطقة والعلاقات مع العراق.

وفيما يلي نص المقابلة:

العالم: ماذا تعني زيارة مساعد وزير الخارجية البريطاني الى طهران، وما هي الاسباب التي دفعته لزيارتها في هذا التوقيت بالذات، والنتائج التي تمخضت عنها؟

قاسمي: بشكل اساسي فان الخارجية الايرانية مبتنية على اساس التعاون الشامل مع كافة دول العالم، وتجري محادثات دورية منتظمة مع الجميع تحت عنوان المحادثات السياسية بين الجمهورية الاسلامية وهذه الدول، اما عن زيارة مساعد الخارجية البريطانية لطهران فهي تأتي في هذا الاطار حيث تجرى هذه المحادثات كل 6 اشهر في احدى عواصم العالم، وهذه المرة كان الدور على بريطانيا بان يأتي مسؤولها لطهران، واجرى محادثات مطولة ومفصلة والتقى بمسؤول الشؤون السياسية في وزارة الخارجية عباس عراقجي.

كما بحث المسؤول البريطاني مع المسؤولين الايرانيين جميع القضايا المطروحة بين الدولتين التي تتم متابعتها باستمرار خاصة فيما يخص التعاون الاقتصادي والسياسي والتعليمي اضافة الى المواضيع القنصلية وكذلك القضايا الدولية والاقليمية وبالاخص ما يتعلق بالاتفاق النووي ووضعه بعد الانسحاب الاميركي منه، والضمانات والرزم الاقتصادية التي تستطيع الدول الاخرى الموقعه على الاتفاق تقديمها لايران، واطّلع الجانبان البريطاني والايراني في هذه المحادثات على مواقف بعضهما البعض.

العالم: قامت الدول الاوروبية بتقديم حزمة من الاقتراحات بشأن الاتفاق النووي الى ايران، ماذا عن هذه الحزمة وما الذي حصل بها، خاصة وان ايران قدمت مجموعة من الشروط للقبول بها؟

بعد خروج الولايات المتحدة الاميركية من الاتفاق النووي، اجرت ايران عدة محادثات في المجالين السياسي والاقتصادي مع روسيا والصين وكذلك الدول الاوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق. وقدمت هذه الدول اقتراحات عسى ان تحظى برضا الجمهورية الاسلامية ولديها نظرة ايجابية من اجل الحفاظ على الاتفاق النووي. وتركز ايران في تلك المحادثات اكثر على الجانب الاقتصادي اضافة الى المواضيع الفنية وضمانات اوروبية محددة بامكان تنفيذها بصورة عملية، وبعد ان يتم تسليم هذه الاقتراحات يجري اتخاذ القرار الازم واتباع السياسة التي ترتأيها ايران في هذا المجال.

العالم: تراهن اميركا بعد فرض اجراءات الحظر الاقتصادي الحالية والمقررة فيما بعد، بان تعيش ايران حالة من الضغط الداخلي مما يجعلها تدخل في جولة من المفاوضات الاخرى، ما هي وجهة نظركم؟

قاسمي: تجربة الحظر الاقتصادية هي تجربة فاشلة، وفي نهاية المطاف ستضع ايران هذه الظروف وراء ظهرها، والظروف التي تمر بها ايران ليست بالجديدة وهي افضل حالا الان من الماضي بعد ان خاضت تجربة في السابق سواء اثناء الحرب المفروضة او الحظر الاقتصادي الذي وقعه مجلس الامن الدولي آنذاك، وقدرات ايران الاقتصادية تختلف كلياً وتتمتع بوضع افضل، كذلك تغير وضع العالم تماماً ومن الملاحظ ان وضع الولايات المتحدة يختلف كلياً عن الماضي، لان اليوم بعد خروج اميركا من الاتفاق النووي، تعيش الولايات المتحدة في حالة عزلة وتواجه تحديات عميقة مع روسيا والصين وبعض دول المنطقة والاتحاد الاوروبي وايضاً مع جارتها كندا.

بعبارة اخرى، حتى شعوب وحكام دول العالم رفضوا اتباع سياسات اميركا لضمان مصالحهم بدلاً من مصالح الولايات المتحدة الاميركية.

ان خلق التور داخل الجمهورية الاسلامية هي احلام لن تراه في الواقع، وتصريحات السلطات الاميركية ضدها ما هي الا ترهات لا اساس لها، بسبب عدم فهم ثقافة وحضارة الشعب الايراني، ويجب على ادارة ترامب ومستشاريها ان ترفع وعيها بالشعب الايراني وان تمتنع عن الاستماع الى الجماعات الارهابية التي تقدم لهم بعض النصائح منها، كي لا تعرض نفسها للمزيد من المشاكل.

العالم: كيف تقيم آخر الأوضاع في إدلب؟

قاسمي: بعض السياسيين في الغرب وعدد من الدول العربية، يظنون أنهم يستطيعون إسقاط الحكومة بالضغط عليها وتقوية داعش، لكن الحكومة السورية وعكس تصوراتهم، حققت انتصارات ثمينة، لذلك فإن الدول الغربية والعربية باتت تدرك أخطاءها الإستراتيجية. فالآن، وبعد مضي سنوات، نشاهد هزيمة الإرهابيين في سوريا والعراق، وفي المنطقة بأسرها، واستطاعت الحكومة السورية تحقيق نجاحات عدة في مجال طرد الإرهابيين من البلاد، ولكن تبقی هناك منطقة مهمة والتي تأمل بعض الدول أن تحقق أحلامها السابقة فيها ولهذا يحاولون اتخاذ خطوات لتقويض الجيش والحكومة السورية.

تحاول الولايات المتحدة وبعض الدول والاطراف الداعمة لداعش، اضعاف الحكومة السورية، لكن الإرادة الثابتة في سوريا والمقاومة سوف لن تسمح بوصول الوضع الی هذه المرحلة.

العالم: حبذا لو تخبرنا بتفاصيل عن عقد قمة أستانا في طهران؟

قاسمي: إيران وتركيا وروسيا عقدت لقاءات بنّاءة ومناهضة للإرهاب، في مسار ايجابي وناجح والذي يمثل انجح مسار في مجال النقاش السوري الذي أطلق عليه عنوان أستانا.

في الاجتماع القادم والذي سينعقد في إيران، سيجتمع رؤساء الدول الثلاث وستتاح لهم الفرصة للمناقشة وتبادل الاراء حول آخر تطورات المنطقة وسوريا وموضوع مكافحة الإرهاب، وبالتالي يمكن أن يتم التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف بين هذه الدول ما سيمكنهم من رسم خارطة طريق للتعاون في المستقبل.

العالم: ما رأيك حول بعض التعليقات في المنطقة والتي تؤكد علی ضرورة انسحاب القوات الإيرانية من سوريا؟

قاسمي: ايران، تتواجد في سوريا للدعم الاستشاري في مكافحة الإرهاب بطلب من الحكومة السورية. لا تستطيع أي دولة أن تملي قراراتها علی ايران، لذا فاننا سنبقی في سوريا لمكافحة الارهاب، مادام الارهاب في هذا البلد ومادامت الحكومة السورية تطلب منا البقاء في هذا البلد، واما الكلام عن ان ايران كيف يجب أن تتصرف، فهو كلام تافه ليس له اساس ومثير للسخرية.

العالم: هناك أنباء عن ان السعودية تبحث عن مخرج من مستنقع اليمن، متوسلة بممثل الأمم المتحدة في اليمن، فكيف تقييم سلوك الرياض؟

قاسمي: المعتدي لاينتصر ومصير كل معتد هو الفشل. ولذا فان قوات التحالف العربية بقيادة السعودية لن تحصل علی شیء سوى هزيمة كبرى، وهذا الفشل، قد بان منذ مدة طويلة ولايزال مشهود. السعودية كانت تريد وتحلم أن تحقق أهدافها في اليمن في غضون أسابيع قليلة، ولكن وبعد مضي سنوات من العدوان، ترى الرياض نفسها أمام إرادة أمة تدافع عن كرامتها ووطنها، وأصبحت السعودية عاجزة وفاشلة أمام هذه الأمة.

ان الحل في اليمن سهل جداً؛ وقف العدوان والقصف، والعودة إلى الحل السياسي والمفاوضات بين الاطراف اليمنية - اليمنية. على المجتمع الدولي أن يمنع السعودية وحلفائها من العدوان علی اليمن. فإذا حدث هذا، وكفت بعض الدول الغربية، عن إرسال السلاح لقمع الشعب اليمني، وضغطت على السعودية من أجل وقف الهجمات والحرب، ففي هكذا ظروف يمكننا أن نرى بداية العملية السياسية وسوف يخيم الهدوء علی المفاوضات بين الاطراف اليمنية، ومن ثم سيتم تهيئة الارضية اللازمة للمرحلة الأولى وهي ايصال المساعدات الإنسانية وأغاثة المرضی وكسر الحصار، وبعد ذلك يمكن بلورة حلا سياسيا تحت رعاية الأمم المتحدة.

العالم: بالنظر الی التحركات التي حدثت في المجال الفلسطيني، هل تری أملاً لحل هذه القضية؟

قاسمي: إذا راجعنا التاريخ، سنجد ان الكثير من هذه القضايا نوقشت وكان هناك محاولات عدة، بأشكال مختلفة عن طريق المفاوضات والاجتماعات لتثبيت وضع جديد للمنطقة، لكن طالما أصر كيان الاحتلال الاسرائيلي علی العدوان والاحتلال وهي طبيعته الجوهرية، فاننا لن نرى أي إجراء إيجابي. وقد أرانا التاريخ ما علينا اجتنابه من حِيَل هذا الكيان. أنا لست متفائلاً أبداً بأن يحدث شيءاً إيجابياً لفلسطين في الوضع الحالي. مادام هناك احتلال وعدوان فسيكون هناك كفاح وللشعب الفلسطيني الحق في الدفاع عن نفسه وعن بيته ووطنه وسيدوم هذا الوضع.

العالم: برأيكم ماذا وراء الترويج لشائعات تتحدث عن ارسال صواريخ ايرانية للعراق، وما وراء تهويل سفريات المواطنين العراقيين لبعض المدن الإيرانية؟ 

قاسمي: تعلمون اننا نمر في ظروف خاصة في الوقت الراهن، نحن اليوم كجمهورية اسلامية ايرانية، أصبحنا تحت الضغوط والمقاطعات الامريكية المباشرة وهناك محوران اقليميان يقفان الى جانب السياسة الامريكية ضدنا ويسعيان لإضعاف الجمهورية الاسلامية الايرانية. واحد الأهداف التي تتابعها مطابخهم السياسية هو ايجاد اجواء كاذبة ومفتعلة ولا تستند لأي وثائق للعبث بالعلاقات الخارجية لإيران، وخاصة العلاقات التي تربط طهران بجاراتها، لانهم يعرفون لو استقرت العلاقات بين ايران والدول الأخرى وخاصة دول الجوار، فإنهم لن يتمكنوا من تطبيق مقاطعاتهم المعدة سلفا، ومن أجل ذلك يحاولون العبث بالعلاقات الايرانية لتشوبها القلاقل وعدم الاستقرار خاصة مع دول الجوار. 

وفيما يخص علاقاتنا مع العراق، فإننا نتمتع بعلاقات جيدة جدا مع العراق في الوقت الحالي، نحن نجل الشعب العراقي ونكن له فائق الاحترام، ونعتقد ان امن واستقرار العراق، هو امن واستقرار بلادنا. ونحن سعداء جدا بأن العراق دخل مرحلة تطبيق الديمقراطية، ويواصل السير فيها. أما من الناحية الاقتصادية والزيارات المتبادلة بين المسؤولين ومواطني البلدين، فهذا امر طبيعي وقائم فعلا. وأعتقد ان المحورين المشؤومين الاقليميين، اللذين لايرغبان بوجود علاقات وطيدة بين ايران وجاراتها، يحضران في مطابخهم السياسية الكثير من المشاريع للعبث بالعلاقات الحسنة بين ايران وجاراتها وخاصة العراق الذي يمر في مرحلة تشكيل البرلمان والحكومة في الوقت الراهن. 

أما ما يخص مزاعم إرسال ايران صواريخ للعراق، فهي كذبة كبرى، ولا اساس لها من الصحة، ولا نرى اي وجود لمثل هذا الافتراء، ولايمكن ان قدموا دليلا واحدا لذلك. وان مزاعم تهديد ايران، او تهديد بعض التيارات العراقية من قبل ايران، هو الآخر محض إفتراء لا مثيل له، وتروج له البؤر المخططة للشائعات ونحن نعرفها ونعلم من الذي يقف وراءها، وفي اي بلد يسكنون، ومن هي الدول التي تروج لمثل هذه الدعايات المغرضة. 

وحول الأحاديث المطروحة لزيارة المواطنين العراقيين لبعض المدن الايرانية، نؤكد ثقتنا بأن تلك الاحاديث هي الاخرى منبعثة من تلك البؤر المشاغبة، وتصب في نفس الهدف، والهدف من كل تلك المؤامرات هو زعزعة العلاقات السياسية بين ايران والعراق اولا، ومن ثم تشويه الرأي العام لدى البلدين. انهم لن يتحملوا وجود مثل هذه العلاقات الوثيقة بين البلدين، ومن أجل ذلك يحاولون وعبر دعاياتهم السلبية والتي لا تستند لاي وثائق، العبث بهذه العلاقات، ونحن نعلم انهم ينشدون هدفا واحد ونحن نعلم بذلك، فوصيتي لكل المواطنين والأحزاب العراقية، وكذلك لإخوتي المواطنين الايرانيين، ان يتعاملوا بدقة بالغة وحساسية عالية لمثل هذه الشائعات التي تريد العبث بالعلاقات الايرانية مع باقي دول العالم خاصة دول الجوار، وان لاينخدعوا بمؤامرات وشائعات غرف القرار التي تروج لمثل هذه الشائعات المغرضة.

العالم: وكيف تنظرون الى الانتخابات العراقية ومراحل تشكيل الحكومة في هذا البلد؟ وهل أن ايران تدعم تيارا، او حزبا محددا في العراق للوصول الى السلطة؟ 

قاسمي: فيما يخص العراق لدينا راي واحد وهو رأي الشعب العراقي. فما تقرره غالبية الشعب وما تصوت عليه غالبية البرلمان وتختاره للعراق، سيكون هو الخيار الذي نعتمده ايضا. فنحن سنتعاون مع اي حكومة مهما كانت توجهاتها وتشكيلتها، ومن اي حزب كانت، وسنكن لها الاحترام الفائق، ونعتبرها الحكومة الشرعية للعراق، ونرى انفسنا ملزمين بإعتبارها بأنها هي التي تمثل غالبية المجتمع العراقي. وبالتأكيد لاتوجد لنا اي وجهة نظر غير هذه، ولم ولن نراهن على اي حزب او جماعة محددة، لأننا نحترم أمن واستقرار ووحدة العراق وإن سيادته هي التي تمثل إرادة الشعب.

فكل ما يصوت له الشعب العراقي، ويصادق عليه البرلمان، يكون محترما من قبل الجمهورية الاسلامية الايرانية، ولاتوجد لنا أي نظرة خاصة تجاه اي حزب او جماعة لا في العراق ولا في اي بلد آخر خاصة في دول الجوار، وأعتقد أن إرادة الشعب، هي أهم الأمور التي يجب إحترامها.