ثورة الجياع في عدن.. التحرير على الطريقة السعودية الاماراتية!

ثورة الجياع في عدن.. التحرير على الطريقة السعودية الاماراتية!
الخميس ٠٦ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٦:١٢ بتوقيت غرينتش

ثورة جياع تشهدها كل المحافظات الجنوبية في اليمن بعد تدهور أوضاعها المعيشية نتيجة انهيار العملة اليمنية أمام العملات الأخرى، وهو ما دعا بالمواطن الجنوبي إلى كسر حاجز الصمت المؤطر بالخنوع للتعبير عن تنديده لما يجري أمام لا مبالاة غريبة من سلطات أمر الواقع المهجنة التي تتعمد باستمرار تجاهل الأصوات الشعبية الغاضبة.

العالم - اليمن

وينبئ ذلك بتوسع نطاق الاحتجاجات وتحولها إلى ثورة جياع عارمة لاقتلاع حكومة عبد ربه منصور هادي والتحالف من جذورها. خصوصاً وقد تعمّدت بدماء شهداء سقطوا في موجة الغضب التي شهدتها شوارع مدينة عدن، الأحد الماضي، والتي صبّ فيها آلاف الجنوبيين سخطهم البالغ من التدهور المريع للعملة اليمنية أمام الدولار دون مبررات، إلى جانب ذلك أحرق المتظاهرون الإطارات في الشوارع العامة وأغلقوا الطرقات ورددوا هتافات منددة بفساد حكومة هادي وفشل التحالف في اليمن، في حين عمّ العصيان المدني جميع زوايا المدينة التي انتفضت في وجه الموت البطيء الذي لاح كابوسه فعلياً في حياتها وسلوكها.

يذكر أن الدولار كان يساوي مطلع العام 2015، 215 ريال يمنياً، إلا أن استمرار الحرب، سبب هبوطاً متواصلاً، حتى وصل اليوم إلى 630 ريالا يمنيا

وتبرز المعاناة الحقيقية التي يكابد ظروفها أبناء الجنوب ويتقاسمون ويلاتها الاقتصادية والأمنية تحت وطأة المحتل الجاثم على القرار والهوية، والقابض على بوصلة المصالح الشعبية بشقيها المؤسسي والخاص.

فالنموذج السيئ الذي قدمته الإمارات في إدارة المحافظات الجنوبية وبعض المدن الساحلية المحتلة خلق وعياً مستحدثاً في أوساط المغرّر بهم من أبناء الجنوب ما جعلهم يعيدون حساباتهم الداخلية كـ"مكونات سياسية" أو كـ"أفراد" ينشدون المواطنة الهادئة التي تمنحهم أبسط حقوقهم الإنسانية والاجتماعية، أما أولئك الملتحقين بميليشيات العدوان ومرتزقته في جبهات الشمال فقد آل أمرهم بين خياري العودة إلى عدن وما حولها، أو الالتحام والالتفاف حول المجاهدين اليمنيين من أبناء الجيش واللجان الشعبية وخوض القتال معهم ببسالة دفاعاً عن أرضهم وعرضهم بعد أن ادركوا ماذا ينتظرهم حال تمكّن الغزاة من احتلالهم والسيطرة على قرارهم وحياتهم كما فعل بهم في مسقط رأسهم دون رادع، ويرون أيضاً كيف أن إخوانهم الذين نزحوا من مدينة الحديدة بفعل المعارك الأخيرة، نزح جميعهم إلى المحافظات والمدن الواقعة تحت سلطة حكومة صنعاء، وسيطرة "أنصار الله"، ولسان حالهم: "ننزح حيث نشعر بالأمان"، في المقابل تعرّض النازحون إلى المحافظات الجنوبية لأسوأ أساليب الإذلال والامتهان، وتم طردهم وترحيلهم، وعدم السماح لهم بدخول مدن الجنوب، بعد أن ظلوا عالقين في النقاط الأمنية لأيام، في مشهد يجسّد مدى استفحال ثقافة الاحتلال العدوانية والإقصائية، وتعمق قيم الكراهية والانقسام التي حلّت بفعل العدوان محلّ مشاعر الحب والأخوة، وقيم التعايش والتسامح والسلام.

الناشطون السياسيون الجنوبيون شاركوا في هذه الثورة الشعبية وشكّلوا أحد أعمدتها، فهم من ارتفعت أصواتهم مراراً وتكراراً، واليوم تتحد أصواتهم مع إخوانهم المنتفضين، حيث غرّد أبرز الناشطين السياسيين الجنوبيين "أحمد الصالح" بـ "أن حال المواطن في المحافظات الجنوبية أصبح أسوأ مما كان عليه من قبل، وعلى الشعب في الجنوب اليوم أن ينتفض ضد الجميع فلم يعد لديه ما يخسره، وأشار "الصالح" إلى أن دماء أبناء الجنوب وصمودهم هو من حقق انتصاراً عسكرياً للتحالف وعاصفة الحزم يتغنى به أمام العالم، لكن إعادة الأمل فشلت فشلاً ذريعاً ولم تحقق الحد الأدنى منها، بل تلاشى الأمل في المناطق المحررة، ودعا الناشط الجنوبي كل أبناء المحافظات الجنوبية مشاركة أهالي عدن في حراكهم الشعبي السلمي حتى تحقيق مطالبهم المتمثلة في العيش الكريم والمواطنة العادلة وإقالة الفاسدين في حكومة هادي.

أكثر من ثلاثة أعوام ألقت بظلالها على الجنوب وتحديداً منذ ما يسمى بـ"تحرير عدن"، عانى فيها الجنوبيون الويلات، ويوماً بعد يوم تزداد حالتهم سوءاً وتدهوراً ومرضاً وفقراً، وسرقت منهم السكينة والطمأنينة وسط الاغتيالات والتفجيرات وحالات الاختطاف والاغتصاب والإخفاء القسري، حتى إعادة الإعمار والمبالغ التي رصدها تحالف العدوان وسلّمها لحكومته في عدن ذهبت بعيداً لمناطق لم تشهد أي صراع يذكر بفعل وزراء نافذين في الحكومة، وأخرى حطت رحالها في جيوب المنتفعين وأرصدة مافيا الفساد والدمار على حساب الشعب اليمني وكرامته وتطلعات مستقبله المسروق من عتاولة الموت وجهابذة الارتزاق.

يمنيون يحرقون صور حكام السعودية والإمارات

وتداول ناشطون يمنيون يوم الأربعاء 5 سبتمبر2018، مقطع فيديو يظهر قيام محتجين في حضرموت بتمزيق صورٍ لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، والملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز حكام دول العدوان في احتجاجات وتظاهرات دعت للعصيان المدني في عدد من المدن اليمنية، لليوم الرابع على التوالي، رفضاً لارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة بعد هبوط قيمة الريال اليمني أمام الدولار .

كما طالب المحتجون برحيل القوات الإماراتية والسعودية، وهتف المتظاهرون الذين طالبوا ما يسمى "التحالف العربي" بقيادة السعودية بترك اليمن، ضد الملك السعودي وولي عهد أبو ظبي وطالبوهما بالخروج.

وقطع المحتجون معظم الشوارع الرئيسية في مدن عدة بالمحافظة بينها "كريتر" و"المعلا" و"الشيخ عثمان"، و"خور مكسر"، و"المنصورة" و"دار سعد" و"التواهي" و"البريقة"، عبر وضع الأعمدة والأحجار فيها، وإشعال إطارات السيارات.

وبحسب نشطاء في مواقع التواصل فإن المنطقة التي شهدت التظاهرات والهتافات ضد الرياض وسياسات حكومة الرئيس المستقيل هادي، هي التي انطلق منها الكفاح المسلح ضد الإنجليز عام 1963.

.

وفي أول رد فعلٍ على قيام المحتجين بتمزيق صور حكام دول العدوان على اليمن قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش الذي بدا غاضباً في تغريدة له على تويتر "‏السلوك المخزي تجاه رموز الإمارات والتحالف في حضرموت وبعض مناطق الجنوب والتي يوجهها الإصلاح لن يثنينا عن تأدية المهمة، قناعتنا أنها أقلية حزبية لا تريد لليمن الخير والتحالف في سعيه لتثبيت الاستقرار لن تهزه هذه التصرفات.

شوارع عدن تشتعل في وجه ما تسمى"الشرعية"!

وشهدت شوارع مدينة عدن الجنوبية، يوم الأحد الماضي، مظاهرات شعبية كبيرة رفضاً لانهيار الريال اليمني والارتفاع الجنوني للأسعار، مرددين شعارات ضد الميليشيات الإماراتية.

ومن بين المناطق التي تجمع فيها اليمنيون كان أحد مخارج مدينة رداع، وقاموا بصفّ الناقلات وهي محملة بالقات (دينات وسيارات هايلوكس) وسط الطريق، وقطعوا خط صنعاء البيضاء صباح اليوم، مرددين شعارات رافضة لما تقوم به المليشيات الإماراتية من تعسفات ضد المدنيين.

كما وشهدت مديرية المنصورة بعدن احتجاجات شعبية مماثلة، وقال شهود عيان إن محتجين قطعوا شوارع رئيسية ومنعوا حركة المرور فيها، وأشارت مصادر يمنية جنوبية رفضت الكشف عن اسمها إلى أن التظاهرات جاءت بعد الارتفاع المخيف للدولار أمام الريال اليمني حيث بلغ سعر الدولار الواحد أكثر من 600 ريال يمني.

ويربط محللون بين التحرك الشعبي في مدينة عدن، وبين تلك التظاهرات التي خرجت في سقطرى، والمهرة قبل أشهر، على أن الرابط بين تلك التحركات هو الرفض الشعبي المتصاعد في الجنوب ضد سياسات قوى الغزو والاحتلال خاصة وأن الجنوب دخل مرحلة فوضى شملت كل مناحي الحياة، منذ سيطرة الاحتلال الإماراتي على الجنوب قبل أكثر من ثلاث سنوات، الأمر الذي يقود الشارع برأي محللين إلى انتفاضة لطرد الاحتلال من مدن الجنوب.

هذا ويشنّ ما يسمى بـ "التحالف العربي" الذي تقوده السعودية والإمارات حرباً على اليمن منذ أكثر من 3 سنوات، ومنذ سيطرته على المحافظات الجنوبية والشرقية اليمنية، لم يقدم لهم سوى الموت والسياط الحارة، والفوضى الأمنية.

ويجمع كل ساسة الجنوب على فساد الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي وعدم أهليته لإدارة المرحلة ناهيك عن تدمير اليمن لتنفيذ أجندات العدوان، وفي هذا الصدد يقول السياسي الجنوبي أحمد عمر بن فريد، أن حكومة هادي لا تجيد شيئاً سوى السرقة والنهب والفساد، موضحاً أن العناد وحده هو الذي منع الرئيس هادي من تغيير حكومته قبل أشهر مضت عندما دعت الحاجة لذلك، وأشار بن فريد في تغريدة نشرها على حسابه بـ "تويتر"، إلى أن حكومة هادي اليوم تهرب من عدن وتترك الشعب فريسة للفقر والمرض والفوضى ما يثبت أنها لا يجب أن تقال فقط وإنما تحاسب أيضاً، مبيناً أن الثورة ستعم الجنوب كله وليس بإمكان أحد إيقافها.

وتسعى الأمم المتحدة لإنجاح مفاوضات جنيف حسب شروطها، وتمارس ضغطها على سلطات صنعاء بمنح العدوان الضوء الأخضر لارتكاب المزيد من المجازر، وترمي بكل ثقلها لحرق الاقتصاد اليمني وانهيار العملة المحلية لخلق سخط شعبي عارم من شأنه الضغط على سلطة الأمر الواقع للخروج من هذا الظرف الذي يتأجج يوماً بعد يوم بفعل الحرب والحصار، وهو ما سيجعل وفد صنعاء المفاوض إلى تقديم التنازلات والرضوخ لبعض الشروط، وفي هذه الحالة تكون الأمم المتحدة قد هيّأت المناخ المناسب لنجاح هذه المفاوضات بطريقتها التي تروق لها.

 قوى العدوان يعرقل المشاركة بمشاورات جنيف

هذا واتهمت وزارة الخارجية اليمنية قوى العدوان بوضع العراقيل لمنع الوفد الوطني من المشاركة في مشاورات جنيف.

وقالت الوزارة في بيان صادر عنها اليوم " في الوقت الذي تعاملت فيه القيادة السياسية والجهات المختصة في حكومة الإنقاذ الوطني بكل جدية وإيجابية عالية مع جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث لعقد مشاورات جنيف وبعد أن استكملنا كافة الإجراءات والتنسيق اللازم مع فريق الأمم المتحدة وأصبح وفدنا الوطني جاهزا للسفر فوجئنا بوضع عراقيل من قبل قوى العدوان بعدم منح ترخيص لتسيير طائرة عمانية -باعتبارها الوسيلة الآمنة والمعتادة لنقل وفدنا الوطني- بعد أن تم طلب ذلك كجزء من التفاهم والتنسيق وكما هو المعتاد في كل المفاوضات والمشاورات السياسية وذلك بهدف عرقلة وفدنا من المشاركة في مشاورات جنيف ".

وأشار البيان إلى أن هذه العراقيل من قبل تحالف العدوان تأتي بعد أن كان يراهن على دفعنا لرفض المشاركة من خلال التصعيد العسكري على الأرض وفي كافة الجبهات وارتكاب المجازر بحق المدنيين والأطفال تزامنا مع بدء التحضير للمشاورات والإعلان عنها.

وتابع " ولعلها لم تكن صدفة حين تزامنت البداية الأولى لموجة هذا التصعيد مع إحاطة المبعوث الأخيرة أمام مجلس الأمن والتي تضمنت إعلان السادس من سبتمبر موعدا للمشاورات في جنيف".

وقال" إن خارجية حكومة الإنقاذ الوطني وهي توضح للرأي العام في الداخل والخارج حجم الاستخفاف السعودي الإماراتي بالجهود الأممية وسعيهما لنصب العراقيل للحيلولة دون المشاركة في مشاورات جنيف ومنعها تقديم ترخيص، فإنها تعبر عن تقديرها لجهود المبعوث الأممي إلى اليمن ومحاولاته الجادة لإنجاح المشاورات كمقدمة لمفاوضات شاملة تقود إلى وقف العدوان غير المبرر على بلادنا وفك الحصار من خلال حل عادل وشامل ومستدام".

وعبرت وزارة الخارجية عن أملها في أن تقوم الأمم المتحدة ومعها المجتمع الدولي بالضغط على قوى العدوان لمنح ترخيص لطائرة عمانية تنقل الوفد الوطني من صنعاء وتضمن عودته أيضاً تجنباً لما حصل في جولات سابقة من بقاء الوفد عالقاً في مسقط لأكثر من ثلاثة أشهر.

واختتمت بالقول " نؤكد أن خيارنا الدائم والثابت هو السلام القائم على الشراكة العادلة في ظل يمن موحد كامل السيادة وعلى استعدادنا المتواصل بالتعاون المستمر مع المبعوث الأممي إلى اليمن ".