لإنقاذ الاقتصاد.. السودان يشهد أكبر تعديل حكومي منذ عقود

لإنقاذ الاقتصاد.. السودان يشهد أكبر تعديل حكومي منذ عقود
الإثنين ١٠ سبتمبر ٢٠١٨ - ١٠:٢٨ بتوقيت غرينتش

في الوقت الذي يواجه فيه السودان أزمة اقتصادية متنامية جرّاء النقص الحاد في العملات الأجنبية وارتفاع التضخم إلى أكثر من 65 في المئة، قرر الرئيس عمر حسن البشير، حل حكومة الوفاق الوطني المؤلّفة من 31 وزيرا وعيّن رئيسا جديدا للوزراء، سيشكل حكومة أصغر للتعامل مع الأزمة التي تعصف بهذا البلد الافريقي.

العالم - السودان

وأوضح بيان لرئاسة الجمهورية في السودان أن حل الحكومة يتضمن خفض عدد الوزارات لتصبح 21 وزارة بعدما كان عددها 31

وقال  إن ذلك يأتي في محاولة لمعالجة الأزمة الإقتصادية التي تعصف بالبلاد.

وقال البشير إن الهدف من هذه الخطوة هو تشكيل "حكومة فاعلة.. تستجيب لتطلعات الشعب السوداني في حياة كريمة وإعادة الأمل إليه"، حسبما أفادت وكالة السودان للأنباء الرسمية.

كما كلف البشير وزراء الدفاع والخارجية وشؤون الرئاسة بممارسة مهامهم حتي تشكيل الحكومة الجديدة.

ونقل بيان الرئاسة عن البشير قوله إن هذه الخطوة "ضرورية لمعالجة حالة الضيق والإحباط التي واجهتها البلاد خلال الفترة الماضية".

وبعد ساعات، أعفى البشير نائبيه حسبو عبد الرحمن وبكري حسن صالح - الذي كان يشغل رئاسة الوزراء - من منصبيهما وعين وزير الكهرباء السابق معتز موسي في منصب رئيس الوزراء وعثمان يوسف كبر في منصب نائب الرئيس.

بيان حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان

ووافق قادة حزب المؤتمر الوطني الحاكم خلال اجتماع ليلي على قرار البشير إقالة الحكومة برمّتها.

وأعلن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، على لسان نائب رئيس الحزب فيصل حسن ابراهيم خلال مؤتمر صحفي إن "حل الحكومة يأتي ضمن خطط الدولة في الإصلاح وخفض الإنفاق الحكومي، وبمبادرة من رئيس الجمهورية عمر البشير".

واضاف أنّ "الوضع الاقتصادي يحتاج إلى إصلاح، ولذلك أطلق الرئيس البشير مبادرة بتقليص عدد الوزراء من 31 إلى 21، ووزراء الدولة بنسبة 50 في المئة".

وكانت الحكومة المُقالة تضمّ 31 وزيرًا، ويرأسها بكري حسن صالح الذي يشغل، أيضًا، منصب النائب الأوّل للرئيس.

واعتمد المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني فصل منصب النائب الأوّل، عن منصب رئيس الوزراء، كما عيّن الرئيس السوداني وزير الري والموارد المائية في الحكومة السابقة، معتز موسى عبد الله، رئيسًا للوزراء، على أن يبقى بكري حسن صالح نائبًا أوّل لرئيس الجمهورية، كما عيّن البشير محمد عثمان يوسف كبر نائبًا لرئيس الجمهورية، أيضًا.

وقال ابراهيم إنّ عبد الله كُلّف بتأليف الحكومة، من دون أن يتضح متى سيؤدي اليمين.

اللجنة التنسيقية العليا تبارك حل الحكومة

في السياق، أعلنت اللجنة العليا لمتابعة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني تأييدها ومباركتها لحل الحكومة، والخطوات المتعلقة بدمج وتقليص الجهاز التنفيذي، حسب وكالة الأنباء السودانية.

وأكدت اللجنة تحملها المسؤولية لإجراء إصلاحات شاملة بما يضمن إصلاح الوضع الاقتصادي ومعاش الناس.

وفوضت اللجنة الرئيس السوداني لاتخاذ كل ما من شأنه أن يخدم قضايا المواطنين.

وفي 14 أيار/ مايو الماضي، أجرى حزب “المؤتمر الوطني” (الحاكم) تعديلا في حكومة الوفاق الوطني، طال 8 وزراء و5 وزراء دولة و10 ولاة من (18 والي ولاية بالبلاد)، وهي الحكومة التي جاءت بناء على توصية للحوار الوطني الذي قاطعته غالبية فصائل المعارضة.

والحوار الوطني مبادرة دعا لها البشير عام 2014، وأنهت فعالياتها في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، بتوقيع ما عرف بـ”الوثيقة الوطنية”، التي شملت توصيات بتعديلات دستورية وإصلاحات سياسية. لكن عددا من فصائل المعارضة بشقيها المدني والمسلح قاطع هذا الحوار.

محافظ بنك السودان: أزمة السيولة في طريقها للإنفراج

وأعلن بنك السودان المركزي، أن كل العوامل التي تسببت في مشكلة الصرف النقدي في المصارف قد زالت، وسيعود العملاء لسحب أموالهم بكل الطرق البنكية، النقدية منها والإلكترونية.

وقال محافظ بنك السودان المركزي بالإنابة، مساعد محمد أحمد، إن الأزمة في طريقها للانفراج، حيث انتهت مسبباتها، وقلت الضغوط التي واجهها البنك المركزي خلال أواخر أيام العيد، مثل عمليات صرف مرتبات العاملين بالدولة، وتأمين الاحتياجات والسلع الأساسية.

وأعلن أن المركزي انتهي من ترتيب الأمور الخاصة بتوفير السيولة في المصارف، وسيتم ضخ السيولة، بعد تزايد قيمة الودائع البنكية.

الأزمة الاقتصادية

ومنذ مطلع العام الجاري، شهدت البلاد مظاهرات بعد ارتفاع أسعار الخبز إلى الضعف بعدما ألغت الحكومة الدعم على طحين القمح، بالإضافة إلى بعض السلع الأساسية.

وقد انخفضت العملة السودانية بما جعل من الصعب استيراد القمح ومواد أخرى.

ويعاني الاقتصاد السوداني منذ انفصال جنوب السودان في عام 2001، مستحوذة على ثلاثة أرباع الموارد النفطية.

وتسعى الخرطوم لتخفيض معدل الإنفاق الحكومي بهدف معالجة النقص الشديد في مخزون العملة الصعبة وتقليل معدل التضخم الذي وصل إلى رقم قياسي.

وتعاني المصارف السودانية من انخفاض مقدار العملة السائلة، وقد أصبحت الطوابير الطويلة من المواطنين أمام نوافذ الصرف في المصارف من المظاهر المعتادة في الخرطوم خلال الأسابيع الماضية.

كما أصبحت أغلب أجهزة الصرف الآلي فارغة من العملات. كما انخفض الحد الأقصى للسحب في بعض الأجهزة إلى 500 جنيه سوداني (نحو 28 دولارا) يوميا.

وكان من المتوقع أن يتحسن الوضع الاقتصادي في البلاد بعد رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي ظلت مفروضة على السودان لنحو 20 عاما.

لكن الأزمة اشتدت خلال السنة الأخيرة في ظل ازدهار السوق السوداء للدولار وتراجع النظام المصرفي الرسمي خاصة بعد خفض قيمة الجنيه السوداني وهو ما زاد من صعوبة استيراد السلع الأساسية مثل القمح.

وارتفع سعر الدولار في السوق السوداء ليصل إلى نحو 47 جنيها، بينما بقي السعر الرسمي في المصارف نحو 30 جنيها للدولار. لكن المصارف لا توفر هذه الخدمة فعليا للعملاء، بحسب مراقبين.

وأدت كل هذه العوامل إلى ارتفاع نسبة التضخم بنحو 64 في المئة بحلول يوليو/ تموز الماضي.

وفي تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، رفعت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية كانت تفرضها على الخرطوم منذ عقود، وكان متوقّعًا أن يكون لقرار واشنطن أثر إيجابي، لكنّ الاقتصاد السوداني لم يستفد منه وفق مسؤولين سودانيين، وذلك بسبب تحفّظ المصارف العالمية عن التعامل مع نظيراتها السودانية.