الارهابيون يلعبون بالأوراق الخاسرة.. وإدلب بانتظار الحسم

الارهابيون يلعبون بالأوراق الخاسرة.. وإدلب بانتظار الحسم
الثلاثاء ١١ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٢:٥٠ بتوقيت غرينتش

فيما حذرت مصادر مطلعة مرارا خلال الفترة الأخيرة من أن التحضيرات جارية على قدم وساق من قبل الإرهابيين لتدبير "استفزاز كيميائي" في محافظة إدلب السورية، أكدت وزارة الدفاع الروسية اليوم، بدء تصوير محاكاة "هجوم كيميائي" بمدينة جسر الشغور في إدلب بمشاركة عناصر إرهابية، لتحميل حكومة دمشق مسؤوليته.

العالم - تقارير 

وأعلن مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية في بيان صحفي: "حسب معطيات وردت من سكان محافظة إدلب، يجري في مدينة جسر الشغور الآن تصوير مشاهد استفزاز مفبرك يحاكي استخدام الجيش السوري لـ"السلاح الكيميائي" ضد المدنيين.

وتابع: "لتصوير هذه المشاهد، وصلت إلى جسر الشغور صباح اليوم فرق إعلامية لبعض القنوات الشرق أوسطية وكذلك لفرع إقليمي لقناة إخبارية أمريكية كبيرة، ويقضي سيناريو الاستفزاز بتصوير مشاهد تقديم نشطاء من قوات الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) "المساعدة" إلى المواطنين، بعد الإلقاء المزعوم من قبل الجيش السوري لبراميل متفجرة تحوي مواد سامة".

وذكر البيان: "من أجل إعطاء المشاهد صبغة واقعية وجمع "الخوذ البيضاء" عينات التربة بشكل سريع، نقل المسلحون من بلدة خربة الجوز إلى جسر الشغور صباح اليوم برميلين يحتويان على مادة كيميائية منتجة على أساس الكلور".

وأشار البيان إلى أنه من المقرر أن تسلم جميع مشاهد الاستفزاز الكيميائي في جسر الشغور إلى وسائل الإعلام حتى نهاية اليوم لبثها، بعد تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي .

وكان نائب وزير الخارجية الروسي قد اكد "أوليغ سيرومولوتوف" أن الإرهابيين في سوريا باتوا يمتلكون القدرة لانتاج الاسلحة الكيميائية ويتلقون بالطبع الدعم المادي والتقني من الخارج.

وأشار سيرومولوتوف إلى امتلاك الإرهابيين في سوريا والعراق “وثائق علمية تقنية لإنتاج الأسلحة الكيميائية ومنشآت ومعدات كيميائية.. وبالطبع هم يتلقون دعما ماديا وتقنيا محددا من الخارج” مضيفا: “أنا لا أريد التكهن بشأن المشاركة المحتملة للأفراد أو الكيانات القانونية من الدول الغربية في توريد المواد الكيميائية إلى الإرهابيين في سوريا”.

ولفت المسؤول الروسي إلى أن “معلومات ميدانية ترد بشكل متواصل حول إعداد الإرهابيين لاستفزازات باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا كما أن الجانب السوري ينقل بانتظام معلومات دقيقة جدا بهذا الخصوص إلى مجلس الأمن الدولي و منظمة حظر استخدام الأسلحة الكيميائية ”.

وأوضح سيرومولوتوف أن “الممثلية الدائمة لدى الأمم المتحدة أبلغت رسمياً في الـ 17 من آب الماضي مجلس الأمن عن تسليم عدة حاويات من الكلور إلى معسكر للمسلحين بالقرب من قرية حلوز في محافظة إدلب”، مضيفاً إنه “ليس من باب المصادفة أن يعمد ممثلو بعض الدول الغربية وتحديداً منذ بضعة أسابيع إلى إطلاق التهديدات بتنفيذ عدوان جديد على سوريا في حال وقوع هجوم كيميائي في إدلب”.

وكشفت وزارة الدفاع الروسية قبل يومين عن معلومات موثوقة تؤكد استكمال التنظيمات الارهابية فى ادلب جميع التجهيزات لتصوير مسرحية كيميائية جديدة بغية اتهام الجيش السوري.

وحذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في اجتماع لمجلس الأمن الدولي في كانون الثاني الماضي من أن "الإرهابيين في سوريا والعراق حصلوا على تقنيات تصنيع مواد سامة وهو ما يهدد بانتشار الإرهاب خارج حدود المنطقة وقال: “هم لا يستخدمون المواد الكيميائية السامة فحسب بل لديهم أيضا تقنياتهم الخاصة وقدراتهم الإنتاجية لتجميع عوامل الحرب الكيميائية الكاملة”.

وكانت سوريا وجهت قبل أيام رسالة رسمية إلى أعضاء مجلس الأمن تتضمن معلومات دقيقة وعالية المصداقية حول تحضيرات المجموعات الإرهابية المسلحة في إدلب وريفي اللاذقية وحلب لاستخدام المواد الكيميائية السامة ضد المدنيين وعلى نطاق واسع بهدف عرقلة العملية العسكرية ضد الإرهاب في تلك المناطق.

"الخوذ البيضاء" 

من جهتها أفادت مصادر مطلعة أن ما تسمى جماعة "الخوذ البيضاء" قامت مؤخرا بنقل شحنات من غاز الكلور وغاز السارين خلال الأيام الماضية إلى ثلاث مناطق في ريفي إدلب وحماة الشمالي، كما نقلت عشرات الأطفال المختطفين إلى مكان مجهول.

أكدت مصادر مطلعة في ريف إدلب أن مسلحين من ما يسمى "الحزب الإسلامي التركستاني" ومن "هيئة تحرير الشام" — "النصرة" عقدوا الخميس الماضي اجتماعا مع عناصر من "الخوذ البيضاء" في مدينة جسر الشغور غرب إدلب، وأنه تم خلال هذا الاجتماع التوزيع النهائي للمهام والأدوار الموكلة لكل عنصر سيشترك بتنفيذ هجوم كيميائي يتم التحضير له بدعم من أجهزة مخابرات أجنبية بهدف اتهام الجيش السوري بتنفيذ هذا الهجوم واستدعاء التدخل الخارجي والعدوان الغربي على سوريا.

وقالت المصادر "وهي مقربة من قيادات جماعات مسلحة تنشط في إدلب": إن جماعة الخوذ البيضاء حددت ثلاثة مواقع جديدة لتنفيذ الهجوم الكيماوي وذلك بعد تسرب المعلومات عن المواقع المحددة سابقا، والمواقع الجديدة التي سيتم اختيار أحدها قبل ساعات قليلة من تنفيذ الهجوم هي بلدات الناجية بريف جسر الشغور والحواش بريف حماة الشمالي الغربي وبلدة كفرنبل بريف إدلب، مؤكدة أنه تم نقل شحنات من غاز السارين وغاز الكلور إلى هذه المناطق الثلاث، كما تم نقل عشرات الأطفال من مشفى جسر الشغور إلى مكان مجهول، ممن تم اختطافهم مؤخرا من أحد المخيمات قرب مدينة سلقين والذين تراوح أعمارهم بين السنتين والعشر سنوات.

ورجحت المصادر أن تقوم "الخوذ البيضاء" بالاشتراك مع المجموعات الارهابية المسلحة بتنفيذ مجزرة حقيقية هذه المرة لتلافي أي عيوب أو نقاط خلل كالتي ظهرت في مسرحية "كيماوي دوما" السابقة، والتي استطاعت روسيا الاتحادية كشفها وعرض حقائقها أمام المجتمع الدولي.

واستندت المصادر في توقعاتها هذه إلى طبيعة التحضيرات والغازات السامة التي تم نقل شحنات منها بالفعل إلى البلدات المرشحة لتنفيذ المجزرة.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء القمة الثلاثية في طهران بشأن سوريا، يوم الجمعة 7 سبتمبر/ أيلول: "إن الإرهابيين يحضرون لاستفزازات في سوريا، بما في ذلك باستخدام الأسلحة الكيميائية".

وطالب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، الخميس، الولايات المتحدة الأمريكية، الكشف عن قائمة الأهداف التي تستعد لاستهدافها في سوريا من قبل "الترويك" (الثلاثية- أمريكا بريطانيا فرنسا).

وأضاف المندوب: "إذا كانت برأيكم الأهداف مرتبطة بتخزين أو استخدام الأسلحة الكيميائية، يمكن العودة إلى عنوان ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وتقديم هذه المعلومات إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لإجراء عمليات تفتيش على الأسلحة الكيميائية".

وارتبط دور "الخوذ البيضاء" خلال سنوات الحرب على سوريا بفبركة تمثيليات حول استخدام الأسلحة الكيميائية في العديد من المناطق، مع محاصرة الجيش السوري لمعاقل المسلحين فيها بمحاولات لإنقاذ المجموعات الإرهابية، وللحيلولة دون إحباط مخططات ومشاريع دول العدوان على سوريا.

وكان الرئيس السوري بشار الأسد أكد خلال مقابلة مع صحيفة "ميل أون صنداي" البريطانية شهر يونيو/ حزيران الماضي، أن بريطانيا قدمت دعما علنيا كبيرا لجماعة "الخوذ البيضاء" التي تشكل فرعا لتنظيم "جبهة النصرة " في سوريا، معتبرا أن تلك المنظمة "أداة تستخدمها بريطانيا"، مضيفا أن لندن وباريس وواشنطن "فبركوا الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما".

المزاعم الامريكية 

وكان البيت الأبيض أعلن في بيان الثلاثاء الماضي، أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيردون على الفور، "إذا ما اختار الرئيس السوري، بشار الأسد، استخدام الأسلحة الكيميائية".

وأضاف البيت الأبيض في البيان، أنه يراقب عن كثب التطورات في محافظة إدلب، حيث من المتوقع أن تبدأ الحكومة السورية عملية عسكرية لتحريرها.

بدوره، أكد قائد القوات المسلحة الفرنسية، فرانسوا لوكوانتر، الخميس، أن "الجيش الفرنسي سيكون مستعدا لتوجيه ضربة مجددا في سوريا في حال تم استخدام السلاح الكيميائي خلال الهجوم على إدلب".

وكانت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، قد نفذت فجر 14 نيسان/ أبريل الماضي عدوانا ثلاثيا بالصواريخ على سوريا ردا على هجوم كيميائي مزعوم في الغوطة الشرقية، الذي نفت السلطات السورية مسؤوليتها عنه بشكل قاطع.

وذكرت السلطات السورية مرارا أن جميع المخزونات من المواد الكيميائية قد تم إخراجها من سوريا تحت إشراف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

ويشير المراقبون الى ان لدى الإمبريالية الغربية الأمريكية والفرنسية والبريطانية عدة احتمالات وهم سيبذلون قصارى جهدهم لتنفيذها في إطار إيقاف توجه الجيش السوري نحو إدلب، لا سيما بعد انهيار معاقل الإرهابيين المأجورين كجيش من المرتزقة في خدمة الغرب الإمبريالي في عدة مناطق من سوريا، وهي استخدام ذريعة الكيماوي لشن عدوان مرتقب على سوريا.

وتدرك الإمبريالية الأمريكية وحلفاؤها في الحرب التي فرضت على سوريا، أن إعلان خاتمة هذه الحرب سيكون بتوقيت إدلب، فهي المعركة الأشد تعقيداً وصعوبة وأهمية أيضاً وأن ما بعدها لن يكون سوى تفاصيل إذا ما قورن بها. لذا تتصاعد حدة التصريحات وتتعالى التهديدات الغربية الأمريكية الفارغة علها تساهم في تثبيط عزيمة الدولة السورية وحلفائها عن بدء معركة التحرير، ولهذا فإن محاولات الضغط على الدولة السورية عبر التهديد بتنفيذ ضربة عسكرية تجري على قدم وساق.

إن التصميم الذي تبديه الدولة السورية وحلفاؤها روسيا وإيران على خوض معركة تحرير إدلب من سيطرة التنظيمات الإرهابية والتكفيرية، بوصفها المعركة الأخيرة في الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات، لا يترك أمام المساعي التركية أي فرصةٍ للنجاح في مناوراتها المكشوفة، وفي هذه المعركة، لا مفرّ ولا ممرّ ولا مستقرّ لمن يستعدّون للهروب من الإرهابيين.

وتتحمل "جبهة النصرة والمجموعات الإرهابية" والمرتبطين معهم، المسؤولية الرئيسية في إراقة دم السوريين، بوصفها الأطراف الرئيسية التي رفضت مبدأ المصالحات والتفاهمات مع الدولة السورية، لمنع المعركة.

وتأتي أهمية حسم هذه المعركة في القرار السوري الذي لا رجعة فيه،  بانتظار إطلاق صافرة المضي في تحقيق النصر الناجز على الارهاب وعلى المفبركين.