عن إدلب وسذاجة الجيش السوري ومهِمَّة “التخلص” من الرئيس الأسد!

عن إدلب وسذاجة الجيش السوري ومهِمَّة “التخلص” من الرئيس الأسد!
الأربعاء ١٢ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٣:٤٥ بتوقيت غرينتش

تُجدِّد الولايات المتحدة الأمريكيّة تحذيرها من استخدام الجيش السوري أسلحةً كيماويّةً ضِد المُعارضة السوريّة في إدلب أو الفصائل المُسلّحة فيها، بل وتقول واشنطن أنّها تمتلك الأدلّة “الكثيرة” في هذا الشأن على لسان مبعوثها إلى سورية جيمس جيفري.

العالم - مقالات وتحليلات

وعلى لسان جيفري أيضاً جاء أن الهُجوم غير مقبول، وتصعيد مُتهوِّر، وقد يُؤدِّي إلى حمام دم، وعمليّات نُزوج ولُجوء كبيرة، كما أضاف جيفري أن الرئيس بشار الأسد ليس له مستقبل كرئيسٍ لسورية، لكن “التخلُّص” منه ليس مُهمَّة الولايات المتحدة.

وتأتي تصريحات جيفري، في الوقت الذي يحشد فيه الجيش العربي السوري قوّاته للهُجوم على إدلب (آخر معاقل المُعارضة)، وبدعم جوّي روسي، تمهيداً لاجتياحٍ برِّيٍّ، يُعلن انتصار الدولة السوريّة على “المُؤامرة الكونيّة”.

اللافت في كُل هذا، أو العجيب أنّ قوّات الجيش السوري، ورغم كل التحذيرات، ستشُن هجمات كيماويّة، بل وتمتلك واشنطن أدلّةً حول هذا قبل وقوع الهجمات، لكن ولسذاجة الحُكومة السوريّة التي عرف العالم كله نيتها استخدام أسلحة مُحرّمة، تستخدمها، وتستجلب بيديها عُدواناً رباعيّاً، أو خُماسيّاً على عاصمتها، أي أحمق له أن يُصدِّق هذه المسرحيّة، التي يعلم أبطالها نصها، وأحداثها، ونهايتها!.

سُؤالٌ آخَر مطروح، وهو لماذا تحل لعنات العالم على الدولة السوريّة، فقط لاستخدامها الأسلحة الكيماويّة، وكأنّ الأخيرة هي فقط التي تقتل “الأبرياء” وغيرهم، فذاتها واشنطن وعلى لسان مبعوثها، قالت أنّ الهجوم البرّي بحد ذاته، سينتج عنه نزوحاً، ولجوئاً، بل وحمام دم، فهل يعني هذا أنّ الموت بالكيماوي يُصنَّف موتاً، والموت بالأسلحة الأًخرى يُعَد رفاهيّة في الموت؟

ثُمَّ ماذا يعني أنّ لا مُستقبل للأسد، لكن الولايات المتحدة ليست مُهمتها “التخلُّصَ” مِنه، هل يعني هذا أن مهمتها فقط مُعاقبته على جُرم لم يرتكبه (الكيماوي)، وإن كان مُهمّتها أي واشنطن عدم إنهاء حُكم الأسد بالتخلُّص منه، فكيف تَجزِم بأنّ لا مُستقبل له فيها؟

تبدو الاسطوانة الأمريكيّة “مشروخةً” بامتياز، ولا يُمكن لأحد أن يُصدِّق أنها تأتي في سياق الخوف على المدنيين في إدلب، ولُجوئهم، ونُزوحهم، أو أنّ عينيّ الإدارة الأمريكيّة ستذرف الدموع، على “حمام الدم” المُنتظر هذا، والذي ستضطر قوّات الجيش السوري إلى الوقوع في محظوراته، إذا ما تم التوصُّل إلى اتِّفاق، قبل بِدء الهُجوم المرتقب.

الجيش السوري لن يَستخدِم سلاحه الكيماوي بالتأكيد، فهو لن يُضيف لمعركته انتصاراً، لكن سيخوض معركته الأخيرة مُجبراً بالسّلم أو بالحرب، لاستعادة آخر المُحافظات الخارِجة عن حُكومته المركزيّة، وهو حق تلك الحُكومة، التي بذلت كل ما بِوِسعِها لتجنيب هَذهِ المُحافظة (إدلب) المأساة الدمويّة.

مشهد “التَّباكي” الإعلامي الذي جرى تصعيده أثناء الهجوم السوري على الغوطة وقبلها حلب، نعتقد أنّه سيكون في أدنى حالات تعاطفه، فأوّلاً هذه المُحافظة فيها من الروائح التركيّة والقطريّة، ما لا يسر شاشات هذا الإعلام، وثانياً تظاهرات البصرة العراقيّة بدأت تأخذ حيّزها هُناك في الإعلام المذكور، وتحديداً هؤلاء الذي يطلقون النَّار على مقار الجماعات التابعة ليد إيران في العراق، لتتحوّل المُظاهرات من مطلبيّة، إلى سياسيّة، فأي إدلب، وإيران في البصرة تُضرَب أو تَضرِب؟

خالد الجيوسي/ رأي اليوم