شاهد: مشادة بين وزير عراقي ووزير سعودي بسبب الملك!

الأربعاء ١٢ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٢:٠٥ بتوقيت غرينتش

شهد اجتماع مجلس الجامعة العربية في القاهرة، مساء أمس الثلاثاء، مشادة كلامية بين وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، وممثل السعودية أحمد عبد العزيز القطان، وزير الدولة لشؤون الدول الأفريقية.

العالم - السعودية

ودعا الجعفري خلال كلمة العراق بالاجتماع، الذي عقد على مستوى الوزراء في الدورة الـ150 بمقر المنظمة في العاصمة المصرية القاهرة، إلى إيجاد حل سياسي في اليمن يفضي إلى إنهاء الحرب الدامية منذ أكثر من 3 سنوات.

واستشهد الجعفري بموقف تاريخي عن اليمن وحضارته، قائلاً: "اليمن تدفع ثمن الصراع، ونحن مع الحوار، مع حقن الدماء، نحن مع إشراقة اليمن التي منذ زمن قديم تقدم لنا نموذج الحكم العادل.. امرأةٌ (من اليمن، الملكة بلقيس) صعقت الجو اليمني، وتتحدث بلغة حكيمة حينما أبدى الآخرون قوتهم وعضلاتهم، وقالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد فانظري ماذا تأمرين، لكنها قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها.. تكلمتْ بعقل وبتوازن".

وأثارت كلمة الوزير العراقي ممثلَ المملكة العربية السعودية أحمد عبد العزيز القطان، الذي فسَّر مداخلة الجعفري بأنها موجهة ضد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وعائلة آل سعود.

وقال القطان: "أما ملوك المملكة العربية السعودية، فأنا أعتقد وأجزم بأن ما قاموا به منذ أن أسَّسها أبو تركي (الملك عبد العزيز آل سعود) -إذا كنتم تعرفونه- حتى يومنا هذا، يشيد الجميع بما قام به والأبناء البررة من بعده تجاه العالم العربي والإسلامي".

وأضاف: "نحن لم نسعَ إلى هذه الحرب (في اليمن)، لكن سعت إليها إيران ومن يقف وراء إيران و الحوثيين، الذين تُوجِّه لهم كل أنواع الدعم والأسلحة، لضرب المملكة العربية السعودية"، بحسب وصفه.

لكن، يبدو أن ردَّ الوزير السعودي كان في غياب وزير خارجية العراق إبراهيم الجعفري، الأمر الذي أثار حنق الأخير، ليردَّ قائلاً: "سمعت أنه ورد تعليق على خطابي، وصدري يتسع لكل تعليق وأي متحدث مهما كان، على أن يكون النقد أو الرد بشكل دقيق لا يحمّل النص ما لا أقوله". 

وأضاف الجعفري: "إنه استشهد بالمقطع الأول بكلمة (ملك)، ويبدو أن هذه الكلمة تثير الكثير من الحساسية، وأنا لا أقصد بها أحداً لا من قريب ولا من بعيد، لا مدحاً ولا ذماً".

وتابع حديثه قائلاً: "استشهدت بالمقطع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (اذهبوا إلى الحبشة فإن فيها ملكاً لا يُظلَم عنده أحد). مدح الرسول الأكرم ملكاً"، ليتساءل مخاطباً القطان: "لماذا لم تأخذ هذا النص وتقول إن الجعفري مدح الملك؟! وأنا قلت المقطعين لا مدحاً ولا ذماً بأحد، وتكلمت من وحي الخاطر". متسائلاً: "لماذا هذه الحساسية من كلامي؟!".

ووجَّه الوزير العراقي كلامه للقطان، قائلاً: "إذا كنت تريد التفكير على طريقتك فأنت حرٌّ ولك الحق، لكن ليس لك الحق في أن تُحمّلني ما لا أقصد، أنا لا تنقصني الشجاعة على قول ما أريده هنا وبملء فمي".

وخاطب الجعفري الوزيرَ السعودي قائلاً: "أنا موجود، وكان بإمكانك القول: هل أنت تقصد كذا وكذا.. وبعدها يمكن توضيح ما أقصده، وليس من حقك أن تُحملني إسقاطاتك الذهنية وتقول كلاماً أنا لم أقصده وتذكره (أمام المجلس) في غيابي، كنتُ في الحج قبل أيام وكنتُ في ضيافة الملك سلمان بن عبد العزيز، فما كان لك أن تُعلق عني أو يُناقَش كلامي وأنا خارج القاعة، فأنا لا تنقصني الشجاعة لأقول ما أقصد"، بحسب تعبيره.

وعقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، الثلاثاء، القمة الـ150 في العاصمة المصرية القاهرة، برئاسة السودان، ونوقشت عدة ملفات، أبرزها ملف دعم القضية الفلسطينية، والملفان السوري واليمني، وتدخلات إيران في المنطقة، وغيرها من الملفات الساخنة.

وبعد قطيعة دامت أكثر من رُبع قرن، توَّجت السعودية والعراق تقارُبَهما، العام الماضي، بتوقيع مذكّرة تأسيس "مجلس تنسيق مشترك"، هو الأول من نوعه في تاريخ العلاقات بين البلدين، التي شهدت مدّاً وجزراً امتاز في أغلب فتراته بالحذر والقطيعة.

لكنّ نقطة التحول الحقيقية بدأت بالفعل لدى زيارة وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إلى بغداد في فبراير عام 2017؛ في محاولة لتحسين علاقات البلدين، التي تدخل في إطار رأب الصدع بين طرفين أساسيين في المنطقة، السعودية والعراق، الذي تصنفه الرياض على أنّه يقع ضمن الوصاية "الإيرانية".

ملامح التقارب بين بغداد والرياض بدأت في التجلّي مع افتتاح مَنفذ عرعر الحدودي بين العراق والسعودية في أغسطس عام 2017، وصولاً إلى قيام شركة الرحلات السعودية الاقتصادية "طيران ناس" (فلاي ناس)، بداية أكتوبر من العام الماضي، بأول رحلة تجارية بين الرياض وبغداد منذ 1990.