جرح الاستعمار على جسد الجزائر، لن يجبر!

جرح الاستعمار على جسد الجزائر، لن يجبر!
الخميس ١٣ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٦:١٤ بتوقيت غرينتش

فرنسا من الدول الاستعمارية الكبيرة ذات التاريخ الاستعماري الطويل حيث من المعروف أن الدول الاستعمارية دائماً ما تبحث عن بسط نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري إلى دول أخرى كما كانت عليه فرنسا.

العالم -تقارير

وكانت الجزائر تقع في الأصل تحت حكم الدولة العثمانية قبل الاحتلال الفرنسي لها ومع الضعف وعوامل الانهيار التي برزت في ضعف الدولة العثمانية حتى ازدادت المطامع من جانب أوروبا في السيطرة على أملاك تلك الدولة العجوز الضعيفة، فحرصت فرنسا بتنافسها القوى والطويل مع بريطانيا على السيطرة على المستعمرات والتنافس عليها مما نتج عنه التفكير في احتلال الجزائر بما يعطيها القدرة والقوة على حد النفوذ الانجليزي.

هذا وبعدأن احتلت فرنسا الجزائر لمدة تزيد عن 100 عام كانت تعمل إلى بقاءها مستعمرة فرنسية بشكل دائم حيث اتبعت سياسة البطش والإخضاع ضد الشعب الجزائري.

حيث عمدت إلى طمس هوية الشعب الجزائري المسلم والقضاء على هويته العربية حيث قامت بمنع تدريس اللغة العربية في المدارس الجزائرية و أنشأت المدارس الفرنسية والتي تعتمد على اللغة الفرنسية كلغة تعليم إلى جانب العمل على تقسيم الشعب الجزائري وزرع بذور الاختلاف والطبقية فيه بناء على العرق وتقسيمه إلى عرب وامازيع بما يضمن بقاءه ضعيفا مقسما مما يسهل أيضاً من السيطرة عليه .

العنف الإستعماري ... جرح لا يجير

تعددت الجرائم التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية في القرن التاسع عشر حتى العشرين ، بطرق مروعة فمن القتل الجماعي للسكان، إلى النهب والسلب وتدنيس المقدسات، وقد أطلق احد الجنرالات الفرنسيين” Bugeaud” سياسة الأرض المحروقة وحرب الإبادة، على مشروعهم الهمجي والقائمة على إنهاء الوجود الجزائري بكل الطرق .

فإلى جانب عمليات الاستيطان واغتصاب الأراضي الصالحة للزراعة شنت قوات الاستعمار الفرنسي حرب إبادة منظمة للسكان، بتوجيه من قادة الجيش، وارتكبت مجازر جماعية استهدفت مئات السكان والقبائل الجزائرية،خاصة تلك التي أبدت رفضها للاستعمار الفرنسي.

وقد عبر عن هذه السياسة الإجرامية أحد الفرنسيين المشاركين، في إحدى عمليات الإبادة كمايلي: 

"أن مسالة العرب قبرت نهائيا، ولم يبقى لهم سوى الموت أو الهجرة أو قبول الخدمة عند أسيادهم، هل يستيقظون قبل أن تطلق عليهم رصاصة الرحمة؛؟ أتمنى ذلك…” 

واتسمت عملية الإبادة قبل حدوثها بنوع من التخطيط المسبق للعملية حيث يصفها احد القادة الفرنسيين بقوله: “… وقد تتخذ الإجراءات الصارمة للإطاحة بالقبيلة المنوي تدميرها بقوات كبيرة، بحيث يكون الهرب مستحيلا لأي مخلوق، والسكان الآمنون لايدركون الخطر المحدق بهم، إلا عندما يسمعون قرع الطبول التي تضرب نغمة مؤذية للسمع وبعد ذلك تحدث المفاجأة التي لايوجد لها مثيلا إلا فيما نعرفه من قصص إبادة الهنود الحمر…”

و يعترف الكونت ديريسون-d’hérisson هو الأخر في كتابه” مطاردة الإنسان” la chasse a”homme”، فيقول:” إننا والحق يقال أتينا ببرميل مملوء ة أذانا غنمناها أزواجا من الأسرى…”.

حيث كان قادة الاحتلال الفرنسي يشجعون الجنود ويعطوهم عشر فرنكات عن كل زوج من أذان الأهالي التي يحضرونها …!.

ويقول العقيد “فوري” – forey–:” انطلقت من مليانة سبعة طوابير بهدف التخريب، واختطاف اكبر عدد ممكن من قطعان الغنم، وعلى الأخص النساء والأطفال، لان الوالي العام ( الجنرال بيجو) كان يريد بإرسالهم إلى فرنسا أن يلقي الفزع في قلوب السكان، واختطفنا في هذه الحملة ما يزيد على ثلاثة ألاف من رؤوس الغنم، وأشعلنا النار في مايزيد على عشرة من القرى الكبرى، وقطنا واحرقنا أكثر من عشرة ألاف من أشجار الزيتون التين وغيرها…

ويتحدث الرائد ” ويستي ” عن إحدى حملاته فيقول:

” إن الدواوير التي أحرقت والمحاصيل الزراعية التي أتلفت، لا تكاد تصدق، فلم يكن يرى من الجانبين من الطابور سوى النيران.”

ويقول ” ديفو ” في مذكراته – عن قرية بني راشد – :

” بعد العشاء كانت جميع المنازل قد التهبت بالحطب الذي بنيت به، وكانت السنة اللهب تتصاعد، فكم كانت هذه العملية جريئة من طرف جيوشنا، فرغم الجرائم لا أنسى قساوة حياة هؤلاء المساكين في فصل الخريف القريب، كم امرأة وطفل هلكوا".

هكذا كانت حملات العدو التوسعية لم تتحلى ولو بقيمة إنسانية واحدة، فهذه الجرائم المذكورة على أساس الاعتراف الذي صرح به هؤلاء الجنود الذين ارتكبوا هذه الجرائم، ماهي إلا محولة إبادة شعب برمته عن طريق الرق والقتل والإبادة الجماعية وغيرها، فقد تفنن الاستعمار الفرنسي في بداية الحملة، خاصة في مرحلة الحكم العسكري التي دامت من 1830 إلى 1870 والتي سخرت فيها كل الأساليب القمعية من إبادة وتشريد، وهذا كله من اجل القضاء على فتيل المقاومة. 

أعمال القمع والإجرام زادت حدتها عندما انطلقت شرارة المقاومة والثورة التحريرية في 01 نوفمبر 1954 بهدف قمع الثوار وإخماد نار الثورة، ومنها عرفت هذه الفترة من تاريخ الجزائر أحداثا ومجازر لا تختلف عن سابقاتها إلا من حيث المكان والزمان.

اندلاع الثورة الجزائرية

بعد أن تم للفرنسيين احتلال الجزائر في عام 1830 م و بعد عدد من المحاولات لطمس الهوية الجزائرية بكل مرادفتها ومرور وقت طويل والجزائر مستعمرة إلا وكان اندلاع الثورة الجزائرية في عام 1954 م و التي استمرت إلى ما يقارب ( 8 ) سنوات رغم بطش ومجازر المحتل وتجويعه وحصاره حيث أصر الجزائريين على نيل استقلاهم مهما كانت الخسائر فخرجت المظاهرات في المدن الجزائرية وقابلتها قوات المستعمر بكل قسوة وقامت بارتكاب العديد من المجازر البشعة في حق الجزائريين حيث راح ضحية المظاهرات في المدن الجزائرية في بدايتها فقط  45  ألف قتيل.

إلا أن الجزائريين لم يستسلموا وقرروا المقاومة إلى النهاية واستمرت المظاهرات والأعمال المناهضة للاحتلال حيث تم تأسيس جيش التحرير الوطني والذي ضم الحشود الكبيرة من أبناء الشعب الجزائري حيث استمرت أعمال المقاومة على هذا المنوال لمدة 8 سنوات تقريبا استخدمت فيها فرنسا كل الوسائل لإجهاض الثورة الجزائرية والقضاء عليها وأسقطت الأف بل مئات الآلاف من الجزائريين حتى استلمت فرنسا أمام ذلك الصمود والإرادة والتحدي إلا أن أرغمت في النهاية على الاعتراف باستقلال الجزائر.

المرأة الجزائرية والثورة

هناك كان للعنصر النسوي دور فعال في تحرير الجزائر من الاستعمار.

تذكر سجلات المحاربين القدامى لما بعد الحرب أن عدد النساء المشاركات في حرب التحرير الجزائرية بلغ 11 ألف امرأة محاربة، شكل منهن النساء الريفيات 80%، بينما كانت نسبة نساء الحضر 20%، أوكلت إليهن أدوار غير قتالية، وأخرى قتالية في خلال الحرب.

كانت هذه المهام التي شغلتها المرأة الجزائرية في حرب التحرير، تتوزع بين القتال، والتجسس، والتمريض، وجمع التبرعات، ونقل الدعم، والاهتمام بحاجات مقاتلي جبهة التحرير، ويقول أيضا المؤرخ الفرنسي «جيرارد دي جروت» «لقد ساعدت النساء القوات المقاتلة من الرجال في مجالات مثل النقل والاتصالات والإدارة».

سمح للوضع الاجتماعي والتعليمي الذي حظيت به نساء الحضر، من العمل بسرية، والتحرك بحرية لدعم المقاومين المختبئين بالمدن، خاصة بالعاصمة الجزائر؛ ما عزز وجود الثوار داخل المدن.

وتعد «زهرة بوظريف» إحدى بانيات الثورة الجزائرية إبان الاستعمار، فهي أول امرأة تشارك في العمل الحربي مع جبهة التحرير ضد المستعمر، وألقي القبض عليها من قبل الجيش الفرنسي، ثم أفرج عنها بعد ذلك عقب الاستقلال.

لكن لم تشفع الجهود التي ساهمت بها المرأة الجزائرية في تحررها بعد نهاية الحرب؛ حيث عادت إلى مكانتها التقليدية المحافظة، بعد أن كانت تنشط مع الرجل جنبًا إلى جنب، وتشغل مناصب قيادية، حينها قال «سي علال»، قائد جبهة التحرير، إنّ «في الجزائر المستقلة، تتوقف حرية المرأة المسلمة على باب منزلها.

ولن تتساوى المرأة أبدًا مع الرجل»، بل سنت جبهة التحرير قانونًا سنة 1958 يقضي بترحيل النساء «التقدميات» منهن إلى البلدان المجاورة.

مطامح متواصلة... 

الإليزية... تعترف بإقامة نظام الإبادة والتعذيب بالجزائر !!!

وإعترفت الرئاسة الفرنسية، اليوم الخميس، بأنها استخدمت نظام التعذيب خلال حرب الاستقلال الجزائرية.

ورغم المجازر والدمار وانتهاكات حقوق الانسان مازال الجزائريون بلا تعويض. وقال مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن "الرئيس ماكرون من المنتظر أن يقر رسميا بأن عالم الرياضيات موريس أودين، وهو ناشط مؤيد للاستقلال ذو توجهات شيوعية، الذي اختفى في عام 1957،

قد مات جراء التعذيب الناتح عن النظام الذي استخدم حين غزت فرنسا الجزائر وتعاني العلاقات الفرنسية الجزائرية من آثار الذاكرة الاستعمارية.

حيث طالبت قوى سياسية ومدنية في الجزائر، باريس بتقديم اعتراف بجرائم الاستعمار واعتذار رسمي عن جرائمها في الجزائر وتعويضات للضحايا.

وتطالب الجزائر بمعالجة 4 ملفات تاريخية بين البلدين تتعلق باستعادة الأرشيف الجزائري الموجود في باريس، وقضية تعويض ضحايا وآثار التفجيرات النووية، التي قامت بها فرنسا في الجزائر منذ عام 1958 في الصحراء الجزائرية، وتسوية ملف المفقودين الجزائريين، الذين اختفوا أثناء سلطة الاحتلال في السجون والمعتقلات وتعويض واسترجاع جماجم قادة المقاومة الشعبية الجزائرية الموجودة في متحف بباريس منذ أكثر من 150 سنة".

وكان الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، قد اعترف أمام البرلمان سنة 2012 بالمعاناة التي عاشها الشعب الجزائري على يد الاستعمار الفرنسي، وقام كاتب الدولة المكلف بالمحاربين القدامى والذاكرة جون مارك تودتشيني، بتجسيد ذلك الاعتراف حينما تنقل في نيسان/ أبريل 2015، إلى مدينة سطيف للترحم على روح سعّال بوزيد، أول ضحية لمجازر 8 أيار/ مايو 1945.

وفي كانون الثاني/ يناير 2016، ولأول مرة منذ الاستقلال، قطع وزير المجاهدين- قدماء المحاربين — الجزائري الحوض المتوسط وقام بزيارة إلى فرنسا.