لا توجد خطة متفق عليها في ليبيا لإعادة بنائها

لا توجد خطة متفق عليها في ليبيا لإعادة بنائها
السبت ١٥ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٦:٠١ بتوقيت غرينتش

قالت جريدة «ذا تايمز» البريطانية إنه وعلى الرغم من اتفاق الطرفين الرئيسيين في ليبيا على وقف إطلاق النار والحاجة لإجراء انتخابات، فليس لدى أي منهما خطة ذات مصداقية لإعادة بناء البلد، مشيرة إلى أنه «لا توجد خطط حتى الآن لكيفية إجراء الانتخابات المزمعة في ديسمير أو حتى لجمع الأطراف سويًا».

العالم-ليبيا

وأضافت الجريدة، في تقرير لها الأربعاء الماضي، عندما هاجم مسلحون مقر المؤسسة الوطنية للنفط يوم الإثنين الماضي، تطلبت محاولة معرفة هوية المهاجمين وقتًا طويلًا، بسبب حالة الفوضى التي تعاني منها البلاد، ولم يُعرف بعد عدد المشتبه بهم في الهجوم.

ووأضح التقرير أن هناك العديد من فروع تنظيم «القاعدة»، لاسيما في الصحراء الجنوبية لليبيا غير الخاضعة للقانون، ربما رغبت في إيصال رسالة عن طريق مهاجمة مقر مؤسسة النفط في طرابلس هذا الأسبوع. غير أنه في نهاية المطاف عكس الهجوم بوضوح الأسلوب النمطي لتنظيم «داعش»، الذي أعلن  مسؤوليته عنه.

واعتبرت جريدة  «ذا تايمز» أنه من المثير للدهشة استمرار نشاط تنظيم «داعش» في «بلدٍ ضعيفٍ ومقسمٍ مثل ليبيا، فحتى محاولة التنظيم لبناء ولايته الإقليمية هناك دحضها الدعم الجوي الأميركي».

وأضافت أن الأكثر دهشة هو افتقار العالم الخارجي لأي خطة يمكن تصديقها للم شتات البلد مرة أخرى، رغم الدور الذي لعبه الفاعلون الخارجيون في إطاحة حكومة معمر القذافي قبل سبع سنوات، مشيرة إلى أن هناك حل رسمي يتضمن دعم الأمم المتحدة لحكومة الوفاق الوطني يعقبه انتخابات برلمانية ورئاسية وهو ما وقع عليه كل من السراج وحفتر.

قلة من القوى الغربية والخليجية المتدخلة في ليبيا تعتقد أن «حكومة الوفاق الوطني هي حكومة حقيقة أو أن الانتخابات لديها فرصة كبيرة في النجاح»

لكن الجريدة أردفت أن قلة من القوى الغربية والخليجية المتدخلة في ليبيا تعتقد أن «حكومة الوفاق الوطني هي حكومة حقيقية أو أن الانتخابات لديها فرصة كبيرة في النجاح»، مضيفة أن القادة الغربيين والخليجيين هم أنفسهم ليس بإمكانهم التوافق فيما بينهم.

وقالت إن «ليبيا بالنسبة للنظم الملكية في الخليج (الفارسي) هي مجرد ساحة أخرى حيث يمكنهم تصفية حساباتهم ونزاعاتهم المتعلقة بدور الإسلام في السياسة»، مضيفة أنه في حين تدعم الإمارات حفتر، فقطر تقدم دعهما لطرابلس.

وأضافت أن الحلفاء الأوروبيين يتداعون أيضًا في الوقت الراهن، لافتة إلى أن القتال في طرابلس هذا الشهر أثار استياءً غير بادٍ  في إيطاليا صُب جمه كليًا على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في نزاع وصفه البعض بأنه أكثر من مجرد صراع مدفوع بالغرور.

وتابعت أن مجموعة متنوعة ومثيرة للدهشة من «الميليشيات» المحلية تتنافس للسيطرة على أكبر مدينتين في غرب غرب ليبيا، مضيفة أن أكثر تلك «الميليشيات» قوة موالية لحكومة الوفاق الوطني لكنها متهمة بتمويل نفسها عن طريق الإبتزاز.

وأرجعت «ذا تايمز» خلفية كل النزاعات في ليبيا إلى «الميليشيات» النظامية وتلك التي شُكلَّت على عجل والتي أطاحت بالقذافي في العام 2011 بمساعدة من القوات الجوية التابعة للدول الغربية والخليجية.

وتابعت أن «بريطانيا وفرنسا قدمتا دعمًا جويًا وعن طريق قواتهما الخاصة على الأرض في العام 2011، لكنهما رفضتا توفير الأسلحة (للميليشيات)، وكانتا سعيدتين برؤية حليفتهما في الخليج قطر تفعل ذلك، دون أن تدركا وعلى ما يبدو حتى وقت قريب أن علاقات قطر القوية مع جماعة الإخوان المسلمين ستتسبب في هيمنة الميليشيات الإسلامية» على المشهد.

وقالت إن «الميليشيات مثلَّت مقطعًا عرضيًا من المجتمعات العربية الحديثة، إذ ضمت بعض العلمانيين، والإسلاميين والسلفيين والجهاديين. وكثير منها يديرها شباب ساخطون لديهم القليل من العقيدة لكنهم ممتنون لفرصة محاربة النظام والخدمة نظير مرتب ضئيل»

قوى خارجية
وبعد الحرب، تحولت تلك القوة المؤثرة إلى مجموعة متنوعة من اللواءات المحلية سيطرت على مدن وإلى جماعة إسلامية على درجات متفاوتة من التطرف، وفق تقرير الجريدة.

واشار التقرير إلى أن أيًا من تلك القوى الخارجية سعت بنشاط إلى نزع سلاح «الميليشات» لأنه أمر اعتبروه غير عملي حتى أنهم لم يحاولوا تحقيقه فعلًا، وبدلًا من ذلك سعت تلك القوى إلى خلق «توازن» وإلى تقليل مستويات العنف عن طريق المفاوضات.

وقال إن حفتر، الذي أمضى كثيرًا من السنوات الماضية في قتال «الجماعات الإسلامية والجهادية» في الشرق، ليس على استعداد كبير لقبول مثل هذا الاتفاق، «وهو ما قد يجعله نظريًا حليفًا مرحبًا به بالنسبة للغرب لولا اللامبالاة البادية لأي نوع من التسوية أو الديمقراطية، وميل أحد مساعديه الرئيسيين إلى تصوير نفسه وهو يطلق النار على أسراه».

وفي هذه الفوضى تدخلت الأمم المتحدة أولًا أملًا في أنها قد تبني مؤسسات حكومة الوفاق والوطني كثقل موازن لـ«الميليشيات» وللتفاوض مع حفتر. وتبعها الرئيس الفرنسي ماكرون الذي بدا عازمًا على قيادة العملية السياسية بشأن ليبيا لعدة أسباب، وفقًا للتقرير.

وكان ماكرون هو من جمع سويًا حفتر والسراج في باريس في مايو الماضي واقنعهما بالموافقة على تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية في ديسمبر المقبل.

ورأت «ذا تايمز» أن تدخل فرنسا ذاك هو أول ما أغضب إيطاليا، إذ تعتقد روما أنها تفهم ليبيا أفضل من أي دولة أخرى لأنها كانت مستعمرة إيطالية فيما مضى، مضيفة أنه سواء كانت إيطاليا تعتقد أن خطة الانتخابات سابقة لأوانها أو لا كما تقول حكومتها الجديدة الآن، فهذه بالتأكيد هي حجتها الآن بعد اندلاع أعمال العنف مجددًا.

الانتخابات المزمعة يبدو أنها شجعت الميليشيات على التصعيد قبيل حلول يوم الاقتراع»

وتقول الجريدة إن «الانتخابات المزمعة يبدو أنها شجعت الميليشيات على التصعيد قبيل حلول يوم الاقتراع»، ونقلت عن رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني اليميني المتطرف قوله في إشارة إلى ماكرون: «خوفي هو أن شخصًا ما بدوافع اقتصادية ومصالح أنانية يعرض أمر شمال أفريقيا للخطر وبالتالي أمر أوروبا ككل».

وتشير إلى أنه على الرغم من أن الحكومة الإيطالية الجديدة قد تبدو حليفًا طبيعيًا لحفتر، فهي ترى أن حكومة الوفاق الوطني هي أملها الوحيد في كبح قوارب المهاجرين العابرة البحر المتوسط إلى أوروبا.

وتقول إنه «رغم الهدوء الحذر الذي يسود طرابلس الآن، فلا يوجد مزيد من الحديث عن تأجيل الانتخابات ولا يوجد أيضًا مقترح بديل لكيفية جمع كل الأطراف سويًا»، مشيرة إلى أنه لا توجد حتى الآن أيضًا خطة متفق عليها بشأن كيفية تنظيم الانتخابات أو تأمينها.

ونقلت عن تقرير لـ«المجلس الأطلسي» الأسبوع الماضي أنه «لا يمكن تحقيق السلام في بلد يوجد به 20 مليون قطعة سلاح على الأقل لـ 6 ملايين مواطن»، مضيفًا أن التوصل لحل في الأزمة الليبية لن يتحقق إلا بمنع تدخلات الفاعلين الخارجيين.