مطامع السعودية في المهرة

مطامع السعودية في المهرة
الأربعاء ١٩ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٧:٢٤ بتوقيت غرينتش

السعودية تثير غضب سكان المهرة اليمنية مرة أخرى في ظل تعنّتها في البقاء بهذه المحافظة الحدودية الهادئة.

العالم - اليمن

ومن خلال خرقها لأي اتفاق مع الجانب اليمني تؤكد السعودية أن أهدافها لا تتعلق أبداً في إرساء الأمن والاستقرار في المهرة وأن أهدافها أبعد من هذا، وبعد كل ما جرى يتضح جلياً أن للسعودية أطماع سياسية واقتصادية وعسكرية كما هو الحال بالنسبة للإمارات.

اعتصامات ضد السعودية 

بدأت اعتصامات السكان في المهرة منذ نهاية نيسان/ أبريل الماضي، قبل أن يعلن تعليقها بمناسبة دخول شهر رمضان المبارك، وعادت المظاهرات مطلع أيار/ مايو الماضي.

وبقيت هذه الاعتصامات والمظاهرات سيدة الموقف في ظل تعنّت الجانب السعودي بالوجود العسكري هناك ورفضه الخروج من المهرة بعد انتهاء المهلة التي حددوها من أجل احترام السيادة الوطنية اليمنية وإنهاء وجود المليشيات ورفع القيود المفروضة على حركتهم، بحسب الأهداف التي أقرتها السعودية نفسها.

ومؤخراً استأنف أهالي محافظة المهرة اليمنية اعتصامهم في منطقة المسيلة ضد الوجود العسكري السعودي في مناطقهم.

ويأتي ذلك بعد اتهام للسعودية بخرق التزامها بتسليم المنافذ الحدودية، ويبرز المشهد الحالي هناك بما يشبه الاستعمار، فالشريط الساحلي الذي يمتد على طول محافظة المهرة تحوّل إلى معسكرات سعودية من الدمخ إلى حوف.

أهمية المهرة

تكتسب المهرة أهمية بالغة حيث تعدّ ثاني أكبر محافظة يمنية من حيث المساحة بعد حضرموت، ويوجد بها منفذان حدوديان مع عمان هما "صرفيت" و"شحن"، وأطول شريط ساحلي باليمن يقدر طوله بـ 560 كم، وميناء "نشطون" البحري.

يضاف إلى هذا أنها تشترك مع سلطنة عمان بحدود برية، وهذا كفيل لإرسال السعودية والإمارات قوات عسكرية إلى تلك المنطقة، لأن كلا البلدين غير معجب بالسياسة الحيادية لدولة عمان ويريدان أن يجبراها على الانخراط في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل، في البداية كانت المحاولات عبر تجنيس بعض سكان المهرة من قبل الإمارات لضمّهم إلى حلفها لكونها تعلم جيداً بأن سكان المهرة لديهم روابط قوية مع عمان وهناك زيجات وأعداد كبيرة منهم يذهبون إلى السلطنة للعمل وكسب الرزق.

وعندما عجزت الإمارات عن فعل أي شيء حرّضت السعودية على الانخراط بالأزمة هناك وإشعال الوضع بحجة محاربة الجماعات المتطرفة هناك وإرسال مساعدات، وبعد أن تكشّفت نوايا الإمارات والسعودية بدأ الغضب الشعبي الذي لم يعد يستطيع تحمّل المزيد من المضايقات السعودية التي تحوّلت في محافظتهم إلى حد الاستعمار.

وحول هذا الموضوع قال وكيل محافظة المهرة السابق الشيخ علي سالم الحريزي لقناة الجزيرة القطرية إن "مشاريع السعودية في المهرة خرق لسيادتنا لا نقبله"، مشدداً على ضرورة "سحب القوات السعودية والإماراتية من المهرة".

وأعلن الحريزي عودة الاحتجاجات على الوجود السعودي في المحافظة، وحذّر من تحويل سواحل المهرة إلى معسكرات سعودية.

كما نقل موقع "المهرة بوست" عن الحريزي قوله إن عودة الاحتجاجات تأتي تماشياً مع دعوة لجنة الاعتصام إلى وقف تعليق الاعتصام الذي استمر شهرين، بعد تجاهل السعودية التي تواصل حشد قواتها العسكرية في المحافظة (التي تقع شرقي اليمن)، غير مبالية بمطالب المحتجين، ما يضطر أبناء المهرة لاستخدام كل الوسائل السلمية لمواجهة تجاهل السعودية والسلطة المحلية.

وشدد الحريزي -الذي أقيل من منصبه نتيجة موقفه المؤيد لأبناء محافظته والرافض للوجود السعودي- على أن سواحل المهرة اليوم كلها معسكرات سعودية من الدمخ إلى حوف، وهو ما يحرم أبناء المهرة من ساحل المحافظة بشكل كامل، كما حرموا من المطار ومن المناطق الكثيرة التي احتلتها القوات السعودية في المحافظة.

مطامع السعودية

تعمل السعودية على السيطرة على مواقع حساسة في المهرة بعد فشلها في إحداث أي فارق لمصلحتها في حرب اليمن ككل، ولكون سكان المهرة مسالمين ولا يريدون الدخول في اتون حرب تجعل حياتهم أصعب مما هي عليه اليوم نراهم يفضّلون الجانب السلمي ويتظاهرون لإخراج السعوديين من محافظتهم بالطرق السلمية التي لا يفهمها آل سعود الذين يجبرون السكان على استخدام العنف لإخراجهم.

غضب السكان جاء على خلفية اعتداء السعودية على سيادتهم الوطنية وعملها على السيطرة على أهم المناطق الحساسة التي تعتبر منافذ للمحافظة، حيث تريد السعودية الحصول على نافذة لها على بحر العرب وحالياً تسيطر القوات السعودية على منفذي شحن وصيرفت، وميناء نشطون، ومطار الغيضة الدولي.

كما تعتزم السعودية إنشاء ميناء نفطي في محافظة المهرة، في حين تحدّثت وسائل إعلام يمنية عن نيّة السعودية القيام بعمليات إنشائية بالمحافظة على حدود سلطنة عمان لمدّ أنبوب لنقل النفط السعودي.

وفي السياق، أكد عضو اللجنة الإعلامية لاعتصام المهرة، علي مبارك بن محامد، وجود أعمال إنشائية مكثّفة تشهدها المحافظة، وحفريات قرب منازل المدنيين، مشيراً إلى أنه قد تم الطلب من المقاولين وقف تلك الأعمال حتى التواصل مع السلطات المحلية.

من جانبه، قال وكيل محافظة المهرة السابق علي سالم الحريزي: “إننا مضطرون لاستخدام كل الوسائل السلمية من أجل طرد القوات السعودية المحتلة لاراضينا، وطائرات الأباتشي أصبحت ترهب مواطنينا”.

وحذر من تحويل سواحل المحافظة إلى معسكرات سعودية، وقال الحريزي، إن السلطات السعودية في مطار الغيضة هي من تدير المحافظة وليست السلطة المحلية، مطالباً برحيل القوات السعودية والسماح للسلطة المحلية بممارسة مهامها.

وكانت السعودية قد دفعت بتعزيزات عسكرية في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي تمركزت في مطار الغيضة والمنافذ البرية والبحرية، تحت لافتة مكافحة التهريب، وهو ما رفضته حينها مكونات قبلية وسياسية، قبل أن تجري تفاهمات مع السلطة المحلية لضمان عدم عسكرة الحياة في المحافظة المعروفة بالهدوء والنأي عن الصراعات السياسية التي تشهدها البلاد.

وقبل السعودية، كانت الأطماع الإماراتية في المحافظة قد بدأت بإنشاء تشكيلات عسكرية، وشراء ذمم ولاءات سياسيين وشخصيات قبلية، لكن النفوذ الإماراتي قوبل برفض زعماء قبائل مقربين من سلطنة عمان. وبدا أن حمى الاحتجاجات الشعبية التي أثبتت نجاحها في محافظة أرخبيل سقطرى وأجبرت القوات الإماراتية على مغادرة الجزيرة في مايو/ أيار الماضي، قد أعطت دفعة للمهريين في رفع صوتهم والمطالبة بحقوقهم.

ومع ازياد الضغط الشعبي تتراجع السعودية، لكنها لا تلبث إلى أن تعود لخطواتها السابقة بعد أن يهدأ الشارع، وهذا ما فعلته مع أنصار الله في المفاوضات بعد فشلها الميداني وهذا ما فعلته مع سكان المهرة.