لماذا يكسب الإيراني في العراق ويخسر الأميركي؟

لماذا يكسب الإيراني في العراق ويخسر الأميركي؟
الخميس ٢٠ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٤:١٤ بتوقيت غرينتش

تعج التحليلات السياسية في الاعلام العربي والدولي عن دور العوامل الخارجية (وخاصة ايران والولايات المتحدة) في الوضع العراقي بعد إجراء الانتخابات وما يترتب عليها من استحقاقات سياسية تؤثر بشكل كبير علاوة على الداخل، على البيئة الاقليمية والفضاء الدولي. فما هي تفاصيل عملية صنع القرار العراقي وكيف يتأثر بالعوامل الخارجية ولماذا ينجح بعضها وينكمش بعضها الآخر؟.

العالم - مقالات وتحليلات

تكثر الشائعات وتتزايد التسريبات وتتعدد السيناريوهات حول من سيفوز بمنصب رئيس الوزراء في العراق والذي بالتأكيد تأتي أهميته الكبيرة من انه المنصب التنفيذي الاول في البلاد والقائد العام للقوات المسلحة والمسؤول الاول عن الملفات الأمنية والإقتصادية وبالتالي تنعكس إدارته وميوله وتوجهاته على يوميات المواطن العراقي وحياته العامة وكذلك على دول الجوار والتوازنات والتدافعات والاصطفافات في منطقة الشرق الاوسط.

ووفق المقولة المنسوبة للمرجعية العليا في النجف الاشرف والتي تحظى بولاء غالبية العراقيين، ونصها "المجرب لا يجرب"، تخرج من سباق التنافس على منصب رئيس الوزراء، الكثير من الأسماء الحزبية والسياسبة التي اخذت فرصتها في الحكم والإدارة لكن محصلة عملها تكشفه واقع الحياة الذي يعيشه المواطن العراقي من نقص معيب في الخدمات وفقر يتناقض مع اقتصاد ريعي وفساد مخجل لأحزاب وتيارات وتنظيمات رفعت شعارات دينية واخلاقية وخدمية.

ومع استبعاد المجربين عن حلبة السباق الى منصب رئيس الوزراء ومع الاخذ بنظر الاعتبار ما طرحته المرجعية العليا من شروط ومواصفات، اعلنت اغلب الأحزاب ومن ضمنهم التيار الصدري تأييدها لها،  تصعب امکانیة التكهن باسم المرشح الذي سيتم تكليفه لتسنم هذا المنصب الهام في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة يوم الثلاثاء القادم.

بالتأكيد ان منصبي رئيس الجمهورية والبرلمان ايضا شهدا مشاورات ومناكفات ومشاورات ماراثوانية على ان الرغم من هاتين الرئاستين لا ينطبق عليهما معيار المجرب لا يجرب بسبب اختلاف الصلاحيات والدور التنفيذي والامني والعسكري والاقتصادي والخدمي الذي يقوم به رئيس الوزراء.

ورغم ان التسريبات تتحدث عن بعض الأسماء التي تكون الاوفر حظا لتولي رئاسة الوزراء لكن المعايير التي طرحتها المرجعية العليا والمواصفات التي ارادها زعيم كتلة سائرون- الفائزة بـ٥٤ مقعدا-  تحدد رئيس الوزراء بالمواصفات لكنه ترك التسمية لعملية معقدة ستكون نتاج مشاورات وتفاهمات بين سائرون وكتلة الفتح بزعامة هادي العامري – الفائزة بـ٤٨ مقعدا- وهناك ما يشير الى ان الشخصية الاوفر حظا ستكون على الاكثر تنحدر من الجنوب العراقي ولا تحمل فشلا في مناصب سياسية سابقة وقادرة بشكل ما على مواجهة الانانيات الحزبية وحيتانها دون كسر الود مع حاضنتها السياسية ويكون صاحب قرار قوي وليس العوبة حزبية ولا يكرر محذور التفرد والقفز على الإجماع الوطني.

كذلك فان شخص رئيس الوزراء القادم لا بد ان لا يكون ايضا مستفزا لأطراف خارجية مؤثرة في صناعة القرار العراقي ومتأثرة به، لكن بملاحظة ان قرار صنع الملك بات في يد سائرون والفتح وفي ظل تسريبات حول ارتفاع حظوظ السياسي المخضرم عادل عبد المهدي بالفوز بمنصب رئيس الوزراء، فهذا يعني ان الفاعل الأميركي بات غير مؤثر واقصى ما يتوقعه هو ان لا يكون قرار الاختيار مستفزا له أو يستبطن تهديدا لتصفير وجوده ونفوذه في العراق.

وهنا ينبغي ان يشار الى ان الفرق بين الاميركي والايراني حين يشير البعض الى التدافع بينهما في الملف العراقي ان الاميركي يصنف الاحزاب او الائتلافات العراقية بين حليف وعدو بينما يصنفها الإيراني بين صديق واكثر صداقة. وهنا يمكن التأكيد ان رأسي القرار السياسي لاختيار شخص رئيس الوزراء اي سائرون والفتح يقفان في خندق الرفض للاعب الاميركي ونفوذه وتدخلاته لكن في نفس الوقت فان سائرون يضع نفسه في خانة الصديق للإيراني بينما فتح في خانة الصديق الاكثر قربا.

ولذلك فان التحليلات السياسية تشير الى ان انتخاب محمد الحلبوسي من داخل البيت السني رئيسا للبرلمان في وقت تشير التوقعات الى تسنم القيادي الكردي برهم صالح لمنصب رئيس الجمهورية، نصرا للإيراني وهذا ببساطة لان الايراني لا يصنع عداوات ومنفتح على جميع المكونات ولذلك فان اي قرار وطني عراقي سيكون بالمحصلة مكسبا للإيراني وتراجعا للأميركي لان الأخير يريد صفتين متلازمتين في حلفائه هما الولاء لواشنطن والعداء لإيران وهذا ما يخدش وطنية العراقي ويضر بتوازنات مصالحه ويبعد مسافته من الأميركي رغم كل الاغراءات والتهديدات، ويقربه من الإيراني وهنا يكمن السر لمن اراد الإعتبار والدرس.

احمد المقدادي / العالم