لماذا يخاف حكام السعودية والبحرين من مراسم عاشوراء؟

لماذا يخاف حكام السعودية والبحرين من مراسم عاشوراء؟
الخميس ٢٠ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٦:٢٩ بتوقيت غرينتش

ماذا يوجد في شعارات عاشوراء، حتى يكرهها حكام البحرين والسعودية؟ ما الذي يخشونه في خُطَب الامام الحسين عليه السلام؟ لماذا تضيق السلطات السعودية والبحرينية كل عام الخناق على الشعائر الدينية التي يمارسها اتباع مدرسة اهل البيت عليهم السلام؟.

العالم -العالم الاسلامي

تقتحم قوات الأمن في البحرين والسعودية كل عام القرى والبلدات الشيعية، لهدم المضايف الحسينية وإنزال الرايات الحسينية أو لافتات خُطّ عليها شعار عن ذكرى عاشوراء، أو خطاب للإمام الحسين عليه السلام، وابن بنت نبي الإسلام، الذي استشهد في واقعة كربلاء يوم العاشر من محرم عام 61 هجرية (680 م وتحبس رجال الدين والخطباء بسبب خطبهم في عاشوراء وتحذر وتهدد الشبان من المشاركة في المسيرات في العاشر من محرم.

في البحرين إنّها عاشوراء الثامنة منذ انتفاضة 2011. استحوذت السلطات الرسمية على المنامة، مركز عاشوراء البحرين، انتهى خطاب عاشوراء المركزي، وعلى مدى سنوات تم التضييق على الخطباء والمنشدين وأصحاب المآتم، ليمارسوا رقابة ذاتية، حتى تراجع المحتوى السياسي على منابر المآتم وفي مواكب العزاء، ليصل إلى ما يناهز الصفر منذ العام الماضي. مع ذلك، لم يسلم الخطباء ولا المنشدون ولا المآتم ولا المضائف ولا حتى لافتات عاشوراء.

على مدى 10 أيام، يقطع الاستنفار الأمني هدوء الأجواء الروحية المسالمة للمآتم الحسينية، لقد صار أمرا عاديا أن تشاهد آليات رافعة، وعناصر مدنية مسلّحة، وسيارات أمن، ترابض إلى جانب هذه المؤسسات في أي وقت. لا لشيء، سوى ثمة شعارات تطلقها سمّاعة الخطيب، وأخرى مكتوبة على يافطات كبيرة علّقت على امتداد الشوارع (الداخلية لا الرئيسية).

هذا ما تبيّنه طلّة في لافتات عاشوراء التي يتفنّن البحرينيون في حياكتها، خطّها أو طباعتها، ثم تستنفر الحكومة لإزالتها من الشوارع:  

مثلي لا يبايع مثله

هيهات منّا الذلة

موت في عز خير من حياة في ذل

لا أعطيكم بيدي إعطاء الذّليل ولا أفرّ فرار العبيد

لا أفلح قوم اشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق

كل يوم عاشوراء، كل أرض كربلاء

تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر

كلما ما لدينا من عاشوراء

هل لدى النظام موقف (عقائدي) وسياسي من عاشوراء؟ ربّما في السابق كان موقف السلطة سياسيا بحتا، يريد أن يمنع أية إسقاطات لثورة كربلاء على الواقع السياسي، أو استخدام للمنبر والموكب في تناول الوضع السياسي بشكل صريح ومباشر، ومن ثم التحريض على معارضته. لم يكن يبدو أن النظام يعير المعنى الثقافي للمناسبة أو أفكارها أي اهتمام جاد، ما دامت مستترة، أو ما دامت صامتة.

ولكن قبل سنتين، وحين استدعى الملك إداريا من مأتم السنابس (من سجنه) ليهاجمه مباشرة على قيام مشاركين في مراسم عزاء «الأربعين» بدوس صورته، قال الملك كلام يوحي بشيء آخر: لو كان الحسين موجودا في هذا الزمن لصار إلى جانبي!

وقبل ذلك بعشر سنوات، قامت الدنيا ولم تقعد على كلمة سابقة لعالم الدين البحريني الشيخ عيسى قاسم أعيد طباعتها في لافتة خلال موسم عاشوراء.

مسئولون كبار في الدولة بمن فيهم رئيس الوزراء شنّوا حملة معادية ضد الشيخ قاسم، أثارت قلق السفارة الأمريكية، بسبب هذه اللافتة: (معركة كربلاء قائمة بطرفيها اليوم وغداً. في النفس.. في البيت.. في كل ساحات الحياة والمجتمع.. وسيبقى الناس منقسمين إلى معسكر مع الحسين ومعسكر مع يزيد فاختر معسكرك(.

تعلّق إعلامية لبنانية، بأن النظام في البحرين اختار أن لا يكون في معسكر الحسين عليه السلام.

الداخلية البحرينية: الحديث عن شهادة الحسين غرضها إرهابي!

طرفة تهكمية انتشرت بشكل واسع على وسائل التواصل المجتمعي، إثر توقيف كل من الشيخ هاني البناء والشيخ ياسين الجمري في 16 سبتمبر الموافق لليوم السادس من محرم. تقول الطرفة إن التهم الموجه إلى كل منهما هي:

1- اتهام يزيد بن معاوية بقتل الحسين عليه السلام

2- اتهام حرملة بتصويب السهم على العباس

3- اتهام يزيد بمنع الماء عن الحسين عليه السلام

في الحقيقة، هذه الطرفة لم تُضحك أحداً، بل أثارت حوقلاتهم وحسبناتهم، حتى إن البعض قام بتداولها مصدّقاً ما جاء فيها، فهي تقول واقع الحال الذي وصل إليه الوضع في البحرين من خنق الكلام ومحاكمة حتى ما هو مثبت في الكتب من حقائق تاريخية.

الداخلية البحرنية التي سبق لها أن تدخّلت في فريضة شرعية لدى الشيعة هي (الخمس) واستولت على الحقوق الشرعية الخاصة بالناس وقامت بمحاكمة الشيخ عيسى قاسم وآخرين على خلفيتها، هي اليوم تتدخّل في محتوى الخطاب العاشورائي الذي عرفه البحرينيون منذ مئات السنين قبل أن يأتي آل خليفة إلى البحرين.

لقد تفاجأ البحرينيون بجملة الاستدعاءات لخطباء المنابر التي ما زالت تتسع قاعدتها دون تقديم السلطة لأية إيضاحات، فقد تلا توقيف الشيخين البناء والجمري استدعاء كل من الشيخ مهدي الكرزكاني، الشيخ صادق الغريفي، الشيخ مجيد السهلاوي، الشيخ محيي الدين المشعل، الشيخ بشار العالي، الشيخ محمد الريّاش، الشيخ محمد الملا، الرادود عبدالله صباح.. والقائمة ما زالت قيد التحدّيث حتى لحظة كتابة هذا التقرير.

أُخليت مجالس هؤلاء الخطباء في الليالي الأخيرة من عاشوراء. الشيخ بشّار العالي كتب على صفحته: "أعتذر عن مجالسي الليلة التاسعة من محرم بسبب استدعائي للتحقيق من قبل الداخلية، نسألكم الدعاء".

الغريب، أن لا شيء استدعى هذه الاستدعاءات. الأجواء العاشورائية هذا العام بدت أكثر هدوءاً من الأعوام السابقة، مرّت الليالي دون تصعيدات خطابية في المنابر، أو جماهيرية في مواكب العزاء. لقد تفاجأ البحرينيون بجملة الاستدعاءات المتتالية، ثم قرار النيابة العامة إيقاف كل من البناء والجمري، ثم مجيد السهلاوي لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق بتهمة "التحريض على كراهية النظام لغرض إرهابي"!

"غرض إرهابي"؟! إنها تهمة جديدة وخطيرة. لم يكن في طرح هؤلاء الخطباء ما يثير الحفيظة السياسية، فجل خطاباتهم موضوعات اجتماعية وقضايا دينية. إنّ تهمة النيابة أكثر طرافة من النكتة التي سقناها أعلاه، لقد جاء في التحقيق مع بعض المشايخ التالي: أنت تتحدث عن شهادة الحسين، فأنت تحرّض الشباب الذين يستمعون لك على مواجهة السلطة لكي يحصلوا على الشهادة!

نعلم أنّها طرفة سخيفة، لكن هذا ما حدث فعلاً. لقد وصل الأمر بالسلطة أن تجعل الحديث عن شهادة الإمام الحسين تحريض على كراهية النظام؟ ولغرض إرهابي أيضاً؟!

لا تفسير لهذه الهجمة الشرسة على الخطاب العاشورائي المتعارف عليه منذ مئات السنين، ولا تفسير لتحميل ما يعرض على المنبر من روايات ووقائع أغراضاً إرهابية، إنه باختصار، إرهاب وتهديد لكل من يعتلي المنبر الحسيني خاطباً، ومحاصرة للشعائر الدينية التي ينصّ عليها دستور البحرين ويعتبرها من العادات المرعية كما يقول المحامي الشملاوي، وهو مدى غير مسبوق في التاريخ البحريني.

يأتي هذا الإرهاب والتصعيد غير المبرر قبل شهرين من موعد الانتخابات النيابية المقبلة، وهي فترة يُتوقع فيها تهدئة الأوضاع في البلاد، لكن العكس هو ما يحدث، والسؤال هو لماذا؟

يقول أحد المحلّلين: "السلطة أمام حالة عامّة من الإعراض عن نية المشاركة في التصويت للانتخابات المقبلة. يشترك في ذلك الشارعين الموالي والمعارض، لقد أصبحا متقاربين في السخط العام من الوضع المتدهور على كافة الأصعدة، ما يظهر فشل السلطة السياسي. لهذا تفكّر السلطة كيف تجعل شارعها يذهب إلى صناديق الاقتراع، وهي دائماً تنجح في تحريكه نحو ما تريد عن طريق تخويفه من الشارع المعارض وإشعاره بالخطر والتهديد". ويعتقد المحلّل أن "التهم التي ساقتها الداخلية للخطباء "التحريض على كراهية النظام لغرض إرهابي"، هي محاولة لتهييج الشارع الموالي وإشعاره بأن الخطر الذي أوهمته به في 2011 ما زال محدقاً به، وأن عليه أن يهبّ للمشاركة في الانتخابات وإيصال ناخبيه إلى المقاعد البرلمانية". هل ترون هذا ممكناً؟

من جهته قال المحامي عبد الله الشملاوي إن مايعرضه خطباء المنبر الحُسيني يستمد مصدره من كُتب المسلمين، ويستمد شرعيته من العادات المرعية التي اعتبرها دستور البحرين ميزانا، فيكون تكرار التحقيق مع الخطباء وسجنهم أحيانا محاصرة للشعائر الدينية وهو جريمة ماسة بأمن الدولة لما تُشكله من اعتداء على الدستور.

السلطات البحرينية تحارب شعائر الشيعة في عاشوراء

وقال مركز البحرين لحقوق الإنسان إن السلطات الأمنية في البحرين تستهدف حرية الدين والمعتقد بالتضييق على إحياء الشعائر الدينية ومراسم عاشوراء في القرى والمدن البحرينية.

وذكر أن السلطات الأمنية عمدت إلى إزالة اللافتات العاشورائية من 9 مناطق بحرينية مما حدا بالأهالي لمواجهة ذلك، الأمر الذي أدى لإصابة عدد من الشباب الذين تصدوا لعملية إزالة اللافتات.

وقال المركز إن السلطات حققت مع تسعة خطباء ومنشدين اثنين (سيد حسين المالكي ومهدي سهوان) واعتقلت خطيبين وضيقت على العزاء المركزي الذي يقام سنوياً في مدينة حمد في يوم الرابع من شهر محرم.

وأوضح أن السلطات الأمنية توجّهت يوم الجمعة 14 سبتمبر/أيلول، لمنظمي العزاء المركزي بمدينة حمد لمطالبتهم بإزالة صور الشيخ عيسى أحمد قاسم الذي أسقطت الحكومة جنسيته قبل عامين.

المركز أشار إلى أن السلطات الأمنية أقدمت يوم السبت 15 سبتمبر/أيلول على إزالة اللافتات والمظاهر العاشورائية من قرية المالكية ما أدى لحدوث مشادات كلامية ومواجهات بين الأهالي وقوات الشرطة. واستخدمت الشرطة الطلقات الرشية (الشوزن) لتفريق المحتجين ما أدى لإصابة عدد من الشباب بشظايا متفرقة في أنحاء جسمهم.

واعتبر مركز البحرين لحقوق الإنسان ذلك ممارسات ممنهجة وتضييقاً على حقوق الطائفة الشيعية التي كفلتها لها العهود والمواثيق الدولية، داعيا السلطات إلى الإفراج عن الخطيبين هاني البناء وياسين الجمري، وضمان حقوق الإنسان لاسيما تلك المتعلقة بحرية المعتقد والدين، والكف عن التضييق على ممارسات الشعائر الدينية واستهداف الخطباء.

الوفاق: اعتداء سافر على الحريات الدينية

وفي السياق أصدرت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية بياناً أكدت فيه على أنَّ ما تقوده السلطات البحرينية من أعمال القمع والترهيب والاستهداف بشكل واسع لموسم عاشوراء يشكل اعتداءً سافراً على الحريات الدينية وانتهاكا لحق الناس في التفكير، ويكشف صورة من حجم محاربة السلطات للتعايش المجتمعي.

وقالت الوفاق «إن السلطات تعمل على اعتقال واستدعاء وإهانة العلماء والخطباء والمنشدين ورؤساء المؤسسات الحسينية وتمارس الهجوم السافر على المناطق لإزالة مظاهر عاشوراء وتمزيق وتهشيم بعض المظاهر العاشورائية، وأنَّ تلك الممارسات المتطرفة وغيرها تحدث في معظم المناطق دون أدنى احترام لمشاعر المسلمين الذين يحيون ذكرى سِبط الرسول (ص) الإمام الحسين».

وأكدت الوفاق «أنَّ البحرينيين يحيون مواسم عاشوراء منذ مئات السنين حتى قبل وجود العائلة الحاكمة في البحرين وقبل تأسيس الدولة الحديثة، وهو ما درجت عليه واعتادت عليه ويعد ضمن الأعراف المرعية، وأن التعدي عليه وامتهان كرامة رجالات البحرين الذين ينتمون للمذهب الجعفري من العلماء والخطباء والوجهاء ورؤساء المؤسسات والعاملين في إحياء عاشوراء يشكل تجاوزا غير مقبول ويجب أن يتوقف وعلى السلطات أن تكف يدها عن الاستهداف الطائفي والازدراء لمعتقدات الآخرين وشعائرهم الدينية وحرية التفكير والضمير».

وأكدت الوفاق «أنَّ كل تلك الممارسات والتطرف ضد المواطنين وانعدام ثقافة التعايش لدى السلطات نتيجة غياب الشراكة وتفرد فئة بمصير كل البحرينيين في كل شيء، حيث أن السلطات الأمنية والقضائية بأجهزتها المختلفة تُمارس دورها في استهداف الشعائر الدينية بمنطق "لا رأيكم إلا ما أرى" وأنَّ كل طرح أو تفكير أو ممارسة لا تروق للحكم يستنفر أجهزته المختلفة للانقضاض عليها بالنار والحديد دون أدنى احترام لدين أو فكر أو رأي أو وجود آخر».

ورأت الوفاق «أنَّ غياب الشراكة السياسية والإصلاح السياسي واستفحال الاستبداد واستحكام التسلط هي التي أوصلت البلاد بهذا الواقع القائم على محاربة التوافق والتعايش والبطش ضد الآخر وهو ما يعانيه معظم البحرينيين على كل المستويات وفي مختلف الصعد والمجالات».

سجناء بحرينيون تم ضربهم بسبب ممارسة شعائر عاشوراء

مرآة البحرين: وقد كشفت منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الانسان، عن وجود انتهاكات خطيرة تجري في سجن جو بحق السجناء السياسيين الذين قاموا بممارسة شعائر عاشوراء.

وقالت منظمة سلام عبر حسابها عبر موقع التواصل الاجتماعي "حصلنا على إفادات من سجن جو عن تعرض المعتقلين للضرب جراء ممارسة الشعائر الدينية، وتم معاقبة البعض  يوم امس في ساحة الفسحة خارج المبنى وإبقائهم تحت حرارة الشمس الشديدة وضربهم من قبل كبار الضباط في السجن ومطالبتهم بسب وشتم قيادات المذهب الشيعي في البحرين".

عاشوراء في السعودية... احياء للشعائر وتعتيم للسلطات

يبدو أن خناقَ السلطات السعودية على الشعائر الدينية التي يمارسها الأهالي الشيعة في القطيف، ليس له حدود بل إن واقع ممارسات الأجهزة الأمنية والسلطات المتواطئة لا يعرف حداً في نفق الظليمة الطويل الذي يقع على كاهل أهالي الطائفة الشيعية، وفق تعبير مراقبون.

وشهد شارع الثورة بالقطيف في الايام القليلة الماضية انتشاراً أمنياً مكثفاً تحسبا لخروج الأهالي في الموكب العاشورئي الموحد، وتعمدت سلطات آل سعود نزع الرايات الحسينية  واستبدالها بالعلم السعودي، بعد أن قامت باستدعاء أبرز رواديد القطيف وأجبرتهم على توقيع تعهدات بعدم المشاركة في الموكب العاشورائي الموحد، ومنذ انطلاق موسم هذا العام قامت السلطات بإزالة وتخريب عدد من المضائف في بلدة القديح وصفوى وأم الحمام.

وسارعت السلطات السعودية إلى تحذير وتهديد الشبان الرواديد من المشاركة في المسيرات في العاشر من محرم وبينما أبناء القطيف يستعدون لتصدّر مسيرات العاشر التي اعتاد شيعة أهل البيت(ع) أن ينظمونها في مثل هذه الأيام، تجديداً لولائهم لأبي عبدالله الحسين(ع).

مصادر خاصة أكدت لمرآة الجزيرة أنه جرى استدعاء جميع الرواديد الحسينيين ظهر الأربعاء، في القطيف إلى مركز الشرطة حيث استمر التحقيق معهم لساعات وأُلزموا بالتوقيع على تعهّد بعدم المشاركة في عزاء الموكب الموحّد.

ولفتت المصادر إلى أنه بالرغم من منع الأهالي من العزاء الموحد وبالرغم من التهديدات والضغوطات التي يتعرضون لها في كل آونة، فإنهم سيخرجون ملبّين النداء لمولاهم الحسين سلام الله عليه على وقع هتافات “لو قطعوا أرجلنا واليدين لن نترك الحسين”.

يُشار إلى أن السلطات السعودية، تمارس الضغط على شيعة القطيف بصورة مكثفة منذ بداية محرم 1440، وذلك بتكسير المضائف الحسينية وإغلاقها، واستدعاء القائمين على الحسينيات والضغط عليهم لإزالة المضائف والرايات الحسينية إلى جانب عدم إظهار صوت المكبرات الصوتية ونحو ذلك.

هذا وأصدرت السلطات السعودية قراراً بمنع إنشاء مخيم الولاية الحسيني الخاص بالنساء والأطفال والذي يتم تشييده في كل عام لإحياء ذكرى عاشوراء في قرية أم الحمام، كما بادرت القوات السعودية إلى اقتحام وتكسير محلات لبيع الكتب الدينية والرايات الحسينية.

ولا يقتصر منع وسائل الاعلام السعودية التغطية الصحفية لمناسبة ذكرى عاشوراء فحسب، بل تمتد الى مولد النبي محمد ومناسبة إسلامية أخرى لاتختص بالشيعة فقط مثل الاسراء والمعراج. ويتهم الشيعة الاعلام السعودي الرسمي بالطائفية وممارسة التمييز الديني بحقهم.

ويمنع التلفزيون والإذاعة والصحف والمجلات بصورة كلية نقل أخبار النشاطات والمناسبات الدينية والثقافية للشيعة. بحسب شبكة راصد الإخبارية.

كما يمنع الإعلام السعودي نقل أخبار رجال الدين الشيعة وآرائهم الدينية، بينما تزدحم الصحف وقنوات التلفزيون والراديو السعودية وبشكل يومي بأراء ومحاضرات رجال الدين السنة، ومن ضمنهم مؤيدون لتنظيم القاعدة.

يأتي ذلك في الوقت الذي يدّعي فيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حرصه على دعم الحريات العامة، وتغيير صورة السعودية النمطية التي اعتاد العالم على أن يراها تصنع وتصدر الإرهاب، في حين أن ممارسات السلطات التابعة لإبن سلمان ضد الأهالي الشيعة سيما التضييقات اليومية والإعتقالات الممنهجة والقتل التعسفي، يؤكد أن كل مزاعم ابن سلمان حول الإصلاح عارية عن الصحة تماماً، بحسب مراقبين.‏

وما بين ملك «يتخيّل» أن الحسين كان سيكون معه لو أنه موجود اليوم، وبين دولة تشعر دائما بالتوجّس من أن تكون هي المقصودة بمعسكر يزيد، أو بالظالم، المضطّهد، باتت «ثورة» عاشوراء تشكّل عقدة ثقافية شائكة للنظامين البحريني والسعودي على السواء. لقد صارت الدولة تعيش عاشوراء، وتتفاعل مع إشكالها وكأنه اليوم، لم تعد عاشوراء إشكالا تاريخيا، لقد باتت بالنسبة للنظامين إشكالا سياسيا ودينيا وأخلاقيا حتى.

يبدو أن الإمام الحسين، تاريخه، ومؤسساته، هو المتهم اليوم بالتحريض على كراهية هذين النظامين، لا الخطباء الذين اعتقلوا، ولا المنشدون، ولا إدارات المآتم، ولا حتى أنصار الحسين من المواطنين المعارضين من الشيعة والسنة.

ويبدو أن التنظير الشيعي بأن اسم الحسين لوحده كاف بأن يعبّر عن المظلومية كان صائبا. وحده صوت مأتم الحسين في البحرين والسعودية، ظل باقيا، ولم يخبت ضجيجه في أُذُن الظالم.

كلمات دليلية :