مع عودة نوبل إلى الأضواء.. العرب غائبون عن السلام وحاضرون في السلاح!

مع عودة نوبل إلى الأضواء.. العرب غائبون عن السلام وحاضرون في السلاح!
السبت ٠٦ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٥:٠٦ بتوقيت غرينتش

مع عودة جائزة نوبل للسلام الى دائرة الضوء، بعد فوز الناشطة العراقية الإيزيدية نادية مراد بجائزة هذا العام، يطرح هذه الأسئلة نفسها: لماذا تهتم الدول العربية بشراء السلاح اكثر مما تهتم بصنع السلام؟ ولماذا لا يعنيها "نوبل"، وإنما يعنيها الحصول على طائرات F16، ومنظومة واس 35 وغيرها من الأسلحة؟ ولماذا تتصدر قائمة الدول الأكثر إنفاقا على التسليح عالميا؟

العالم - تقاریر

احتل العرب ما نسبته 0.95% من جوائز نوبل الممنوحة هذا العام بعد فوز الشاعرة العراقية والناشطة الإيزيدية نادية مراد بجائزة نوبل للسلام، وبهذه الجائزة يكون العرب حصدوا 10 جوائز نوبل من 860 جائزة، من بينهم 6 جوائز خاصة بالسلام وواحدة في الكيمياء والباقي في الآداب، واحتل المصريون المركز الأول بين العرب بعدد 4 جوائز.

ورُشّحت نادية مراد من قبل وزارة الهجرة والمهجرين العراقية رسميًا، لنيل جائزة نوبل للسلام لدورها المهم في تعريف العالم بمأساة المرأة العراقية عمومًا والنساء الإيزيديات بشكل خاص في المناطق التي احتلتها عصابات داعش الإرهابية.

وظلّت نادية ثلاثة أشهر أسيرة لدى عناصر داعش، الذين استولوا في صيف عام 2014 على أجزاء كبيرة من سوريا والعراق اجتاحوا قرى الإيزيديين والمسيحيين وغيرها من غير المسلمين.

وقد علق المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية والحاصل على نوبل محمد البرادعي على جوائز هذا العام قائلا: "جائزة نوبل في الفيزياء لأمريكي وكندية وفرنسي؛ لإحداثهم طفرة هائلة في استخدامات الليزر التي وُصفت بأنها "حولت الخيال العلمي إلى حقيقة".

وأضاف البرادعي في تغريدة عبر حسابه على تويتر :"جائزة نوبل في الطب لأمريكي وياباني لاكتشافاتهما في توظيف الجهاز المناعي لمكافحة السرطان .. هل إمكانية أن يلحق العرب بمسيرة العلم مجرد خيال غير علمي؟".

يأتي هذا في الوقت الذي خلت قائمة المائة جامعة الأولي على مستوى العالم لعام 2018 من الجامعات العربية طبقا لتصنيف "كواكواريلي سيموندس – QS"، وكانت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن السعودية، أول جامعة عربية في التصنيف وجاءت بالمركز 173، بينما كان ترتيب جامعة القاهرة المصرية "551".

من جانبه يؤكد المستشار السابق بالأمم المتحدة إبراهيم نوار لـ"عربي21" أن الدول العربية لا يعنيها "نوبل"، وإنما يعنيها الحصول على طائرات F16، ومنظومة واس 35 وغيرها من الأسلحة.

ويضيف نوار أنه لا يوجد حاكم عربي واحد مهتم بالتفوق العلمي، وحتى المجهود المبذول في الإمارات بمجال التفوق التكنولوجي يرجع في الأساس لخدمة ثروتهم البترولية، بدليل أن الجامعات العربية بمختلف إمكانياتها وتاريخها لم تدخل دائرة الـ 100 الأفضل في العالم، بينما تتصدر الجامعات الإسرائيلية المشهد إقليميا، وجامعات جنوب إفريقيا تتصدر المشهد إفريقيا، وجامعات سنغافورة والصين والهند تتصدر المشهد آسيويا.

ويشير الخبير الدولي إلى أن جوائز نوبل للتفوق العلمي سوف تظل بعيدة عن العلماء العرب؛ لأنهم في الأساس محرومون من المراجع الحديثة، والمعامل المتطورة، والتكنولوجيا المتقدمة، والتبادل العلمي المثمر، وحتى حصول العالم المصري أحمد زويل على نوبل في الكيمياء إنما كان لإنجازاته وبحوثه العلمية بالولايات المتحدة، وهي بحوث لا علاقة لمصر ولا لجامعاتها بها علي الإطلاق.

ويوضح نوار أن العرب مهتمون بتصدر المشهد الدولي ولكن في شراء السلاح، مشيرا إلى أنه من بين الدول الأكثر إنفاقا على التسليح عالميا 7 من دول الشرق الأوسط في مقدمتهم السعودية والإمارات والكويت طبقا لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام لعام 2017، الذي أكد أن زيادة إنفاق السعودية الدفاعي أدى لزيادة حجم الإنفاق العسكري عالميا، وأن حجم إنفاقها العسكري شهد زيادة 74% بين عامي 2008 و2015، تليها الإمارات التي أنفقت 26 مليار دولار، مقابل 16.5 مليار دولار أنفقتهم "إسرائيل".

ويضيف رئيس هيئة الكتب والوثائق المصرية السابق والأستاذ بجامعة المنوفية خالد فهمي أن الحصول على جائزة نوبل في العلوم والآداب، يحتاج لمجهود فردي ومؤسسي مشترك، وهو ما لا يتوفر في الدول العربية، التي لا يجتمع فيها الأمران معا.

ويوضح فهمي أنه في حال وجود تميز شخصي وهو كثير بين الباحثين العرب، فلا يوجد في المقابل دعم مؤسسي، وبالتالي يضيع المجهود الشخصي لأنه لا يجد من يدعمه ويوفر له الإمكانيات التي يحتاجها ليترجم نبوغه على أرض الواقع.

ويشير فهمي إلى أن القوانين المنظمة للبحث العلمي بالدول العربية لا تدفع للتطور، كما أن الميزانيات المرصودة له لا ترقى لما يتم رصده للاعبي كرة القدم، وليس لصفقات السلاح التي يتم شراؤها بشكل منتظم، حيث بلغ إنفاق العرب على التسليح خلال الأعوام الماضية 5.5% من الناتج القومي العربي، بينما بلغ الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي والأنشطة الرياضية 3.9% من الناتج القومي العربي.

وبلغت القيمة الإجمالية للصفقات العسكرية التي أبرمتها ست دول عربية في خلال عام 2017، حوالي 161.4 مليار دولار، كانت أعلاها؛ الصفقة المبرمة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية إبان زيارة ترامب للمملكة في مايو (أيار) الماضي، والتي بلغت قيمتها 110 مليارات دولار.

تلك الزيارة التي أعقبها اندلاع «أزمة خليجية»، مما دفع قطر وعددًا من دول الجوار، لإبرام ثماني صفقات عسكرية بلغت قيمتها 46.2 مليار دولار، من بينها أربع صفقات سلاح أبرمتها قطر بلغت قيمتها 28.9 مليار دولار.

وحظت أمريكا بنصيب الأسد من هذه الصفقات العشرة المبرمة، بقيمة إجمالية وصلت 130.8 مليار دولار، يليها روسيا بـ8.5 مليارات دولار، ثم بريطانيا بـ8 مليارات دولار، ثم إيطاليا بـ5.9 مليارات دولار.

ولم يُعلن الجانبان بشكل تفصيلي عن ماهية الصفقة، لكن موقع جيزمودو الإسترالي (Gizmodo)، أفاد بأن الصفقة قد تشمل: 153 دبابة من طراز M1A1/A2 Abrams، و48 طائرة هليكوبتر من طراز شينوك CH-47K، و112محركًا مرتبطًا بها، و58 منظومة إنذار بالهجمات الصاروخية من طراز AN / AAR-57 و48 مدفعًا رشاشًا من طراز M240H عيار 7.62 مم.

وتُعد السعودية، من أكثر الدول في العالم في الإنفاق العسكري، وفي أبريل (نيسان) 2017، أفاد المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم، بإن السعودية جاءت في المركز الرابع عالميًا، في الإنفاق العسكري خلال عام 2016، بعقود بلغت قيمتها 63.7 مليار دولار، وهي قيمة تقترب من نصف الصفقة الأخيرة، تلك الصفقة التي من شأنها رفع السعودية في هذا التصنيف.

فبعد أقل من أسبوعين من اندلاع الأزمة الخليجية، وتحديدًا في 14 يونيو 2017، أعلنت وزارة الدفاع القطرية، توقيع صفقة شراء مقاتلات إف-15 من الولايات المتحدة بقيمة 12 مليار دولار، وبحسب وكالة بلومبرج الأمريكية، فقد اشتملت الصفقة على شراء 36 طائرة أمريكية من طراز إف 15.

الصفقة الثالثة الأغلى في ترتيب الصفقات العسكرية التي أبرمتها الدول العربية في 2017، كانت من نصيب قطر أيضًا؛ وتمثلت في شراء قطر لـ24 طائرة حربية مُقاتلة من طراز «تايفون»، من بريطانيا، بلغت قيمتها حوالي 8 مليارات دولار.

الصفقة الرابعة كانت أيضًا من نصيب قطر، وتمثلت تلك الصفقة في شراء سبع قطع بحرية من إيطاليا، بقيمة كبيرة بلغت 5 مليارات يورو (وهو ما يساوي أكثر من 5.9 مليارات دولار).

أما اللافت في الصفقة فكان توقيتها، إذ جاء الإعلان القطري عنها ، في الثاني من أغسطس (آب) 2017، أي بعد اندلاع الأزمة الخليجية، ففي خلال أقل من شهرين فقط من اندلاع الأزمة، أبرمت قطر صفقتين عسكريتين بلغت قيمتهما الإجمالية نحو 19 مليار دولار!

من جانبها، أبرمت الإمارات عددًا من الصفقات العسكرية مع مطلع عام 2017، إذ استغلت الإمارات معرض الدفاع الدولي «أيدكس 2017»، والذي تنظمه كل عامين، لعقد سلسلة من الصفقات العسكرية. ففي 23 فبراير (شباط) ومع انتهاء الأيام الخمسة للمعرض، قال العميد راشد الشامسي، المتحدث باسم المعرض، إن إجمالي الصفقات والتعاقدات التي وقعتها القوات المسلحة الإماراتية خلال كل أيام المعرض، بلغت قيمتها نحو 19.17 مليار درهم (وهو ما يوازي 5.2 مليارات دولار).

في أبريل (نيسان) 2016، أفاد موقع ديفينس ويب المتخصص في الأخبار العسكرية بشراء مصر 50 طائرة من طراز «ميج 29»من روسيا، في إطار صفقة أسلحة كبيرة تشمل شراء منظومة دفاع جوي من الطراز «SA-23» و«SA-17»، بالإضافة إلى شراء 46 طائرة من طراز «ka-52» لحاملة الطائرات الميسترال، في صفقة يبلغ مجملها حوالي 5 مليارات دولار.

الكويت أيضًا كان لها نصيب كبير من صفقات السلاح الأمريكية، الذاهبة لدول الخليج الفارسي، ففي 7 سبتمبر (أيلول) 2017، أعلن الرئيس الأمريكي ترامب، خلال مؤتمر صحافي جمعه بأمير الكويت صباح الأحمد، أن البلدين أبرما صفقة بيع طائرات حربية من أمريكا إلى الكويت تبلغ قيمتها 5 مليارات دولار.

أیضا أبرمت البحرين الصفقة مع شركة «لوكهيد مارتن» الأمريكية، بقيمة بلغت 3.8 مليارات دولار، وبموجب الصفقة، تشتري البحرين 16 طائرة من طراز «إف- 16» بالإضافة إلى عقود توريد لقطع غيار الطائرة بمستلزمات صيانتها.

يبدو أن السعودية لم تكتفِ بإبرام صفقة السلاح الأضخم مع أمريكا والتي بلغت 110 مليارات دولار، لتُبرم صفقة عسكرية أخرى قبل مرور شهرين على إبرام الصفقة الأولى، ولكن هذه المرة مع موسكو، ففي 10 يوليو 2017، أبرمت السعودية صفقة عسكرية مع روسيا تبلغ قيمتها 3.5 مليارات دولار.

هذا وقبل أيام قليلة فقط من شراء قطر لـ 24 طائرة تايفون من بريطانيا، أبرمت الدوحة صفقة سلاح بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 2.6 مليار يورو ( وهو ما يساوي 06. 3 مليارات دولار)، وتحديدا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2017، وتضمنت الصفقة عقودًا لشراء 12 طائرة من طراز رافال بقيمة 1.1 مليار يورو، بالإضافة إلى توقيع الجانبين خطاب نوايا لشراء قطر 490 آلية مدرعة من نوع «في بي سي إيه » من مجموعة نكستر الفرنسية بقيمة تصل إلى 1.5 مليار يورو، وبذلك تبلغ القيمة الإجمالية لأربع صفقات سلاح أبرمتها قطر في 2017، 28.9 مليار دولار، كلهم عقب الأزمة الخليجية.