توتر العلاقات الروسية الهولندية... ماذا بعد؟

توتر العلاقات الروسية الهولندية... ماذا بعد؟
الإثنين ٠٨ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٧:٢١ بتوقيت غرينتش

بعد كيل الاتهامات التي وجهتها هولندا الى روسيا في تنفيذ هجمات إلكترونية على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن الوضع حول اتهامات هولندا لبلاده في اختراق هذه المنظمة ما هو إلا مثال على "دبلوماسية المنابر".

العالم - تقارير

هولندا واثقة جدا من اتهاماتها

وأعلنت رينيه جونس بوس، سفيرة هولندا في موسكو إيضاحها للخارجية الروسية أن الهجمات الإلكترونية على المنظمات الدولية أمر غير مقبول.

وقالت السفيرة للصحفيين: "لقد أوضحت للخارجية الروسية، أن هولندا تتحمل مسؤولية المنظمات الدولية المتواجدة على أراضيها مثل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وأننا لا نستطيع قبول بالهجمات الإلكترونية على المنظمات الدولية".

وأشارت "لقد أعطينا إشارة واضحة على أن هذا يجب أن يتوقف".

دبلوماسية المنابر

إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن الوضع حول اتهام هولندا لروسيا في اختراق منظمة حظر الكيميائي ما هو إلا مثال على "دبلوماسية المنابر".

وفي وقت سابق من اليوم الاثنين 8 تشرين الأول/ أكتوبر، قال لافروف: "تم استدعاء سفيرنا إلى وزارة الشؤون الخارجية في هولندا، وقدمت له مذكرة احتجاج حول هذه الحادثة مع اتهامات، اطلعتم عليها من وسائل الإعلام.

وأضاف: وهذه هي كل القصة… أعتقد أنه مثال آخر على دبلوماسية المنابر".

استدعاء السفيرة الهولندية لدى موسكو

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، أنه تم استدعاء السفيرة الهولندية لدى موسكو، رينيه جونس بوس، اليوم الاثنين بسبب الاتهامات الأخيرة بحق روسيا وحملة التضليل التي تقوم بها لاهاي.

ووصلت سفيرة هولندا في موسكو إلى مبنى وزارة الخارجية الروسية، وذلك بعد حملة من الاتهامات التي وجهتها أمستردام ضد روسيا.

وأفادت وزارة الدفاع الهولندية الأسبوع الماضي بأن المخابرات الهولندية تمكنت من منع وقوع "هجوم إلكتروني" على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية خطط له 4 مواطنين روس.

وأضافت أن "الهجوم المزعوم" خطط له في أبريل الماضي، وأن طرد الروس المشتبه بهم من هولندا حصل في الشهر ذاته. ولم يستبعد رئيس الوزراء الهولندي مارك روتيه احتمال فرض عقوبات جديدة على روسيا بهذا السبب.

يجب تقديم الوثائق والأدلة والمعلومات الرسمية

وفي هذا السياق أعلن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن الكرملين لا يعتبر المعلومات الصادرة من لاهاي بشأن تدخل روسيا في عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أدلة على ذلك.

وقال بيسكوف، للصحفيين ردا على سؤال حول إذا كان الكرملين يعتبر معلومات نشرتها وسائل الإعلام حول تدخل روسيا في عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية دليلا على ذلك: "كلا، ليست دليلا، هناك قنوات عمل على مستوى الجهات المعنية، سواء في إطار آلية تقديم المساعدة القانونية المتبادلة وغيرها، وعبر هذه القنوات يجب تقديم الوثائق والأدلة والمعلومات الرسمية، ونحن مستعدون للنظر فيها، لكننا لا نعتزم مواصلة الحديث حول هذه المواضيع عبر الوسائل الإعلام".

وأشار إلى أنه هذه المعلومات: "عامة بما فيه الكفاية، ولا نعرف أي حجج… أو أدلة ملموسة، ولذلك نفضل عدم التعليق على ذلك في هذه الحالة".

اتهامات هولندا لروسيا عملية دعائية مفتعلة

الى ذلك وصفت الخارجية الروسية الاتهامات التي وجهتها إليها هولندا بمحاولة شن هجمات إلكترونية على عدد من المؤسسات الدولية بعملية دعائية مفتعلة جديدة ضد موسكو.

وقالت الخارجية الروسية في بيان أصدرته الاسبوع الماضي: "أشرنا مرارا للطرف الهولندي، بما في ذلك عبر القنوات الدبلوماسية، إلى أن حملة هوس التجسس المعادية لروسيا والتي يجري شنها في البلاد رفقة تسريبات إعلامية مغرضة حول الهجمات الإلكترونية المزعومة، تلحق أضرارا كبيرة بالعلاقات الثنائية". 

وأضافت الوزارة: "انتظرت هولندا 6 أشهر تقريبا قبل أن تنشر المعلومات حول طرد 4 مواطنين روس من البلاد، وهذا الأمر لا يمكن أن يبدو غريبا إلا بالنسبة لغير المطلعين على الوضع الراهن، لأن يوم 9 أكتوبر الجاري سيشهد افتتاحا لدورة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي ستتناول مناقشة قضايا تمويل آلية تحديد المسؤولين في إطار الأمانة الفنية للمنظمة".

ولفتت الخارجية الروسية إلى أن "عددا من الدول الغربية يسعى بدأب لتشكيل مثل هذه الآلية الخاصة بتحديد المذنبين في استخدام الأسلحة الكيميائية، خلافا لمبادئ القانون الدولي وانتهاكا لصلاحيات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

وأكدت في هذا السياق أن "من الواضح أن التسريب الإعلامي الحالي ليس إلا مرحلة جديدة من خلق الأجواء السياسية اللازمة لدفع هذه المبادرة المخالفة للقوانين نحو الأمام".

ولفتت الخارجية الروسية في بيانها إلى أن المؤتمر الصحفي لوزارة الدفاع الهولندية، الذي تم خلاله الإعلان عن الاتهامات لروسيا، انعقد بحضور ممثل عن بريطانيا، كما أشارت إلى أن التصريحات التي تم الإدلاء بها خلال هذه الفعالية تزامنت مع اتهامات لندن لموسكو لشن هجمات إلكترونية على عدد من المؤسسات الدولية بينها الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات.

وتوصلت الوزارة إلى استنتاج مفاده أن كل هذه الحقائق تؤكد أن ما جرى اليوم هو "عملية دعائية مفتعلة جديدة" موجهة ضد روسيا.

روسيا تملك حق الوصول إلى معلومات منظمة الحظر

وقال مصدر في وزارة الخارجية الروسية إن اتهامات هولندا لروسيا بشن هجوم إلكتروني على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لا أساس لها، إذ أن روسيا تملك حق الوصول إلى معلومات المنظمة.

ووصف المصدر هذه الاتهامات بأنها مثال على سياسة تمارسها دول غربية وصلت إلى مستوى الظلامية.

وأشار المصدر إلى أن الممثلين الروس شاركوا في التحقيق في الأسباب التقنية لتحطم طائرة "بوينغ" التي وقعت في دونباس عام 2014، ولا توجد مصلحة لروسيا في الوصول لمعلومات التحقيق بشكل غير شرعي.

الغرب يشن هجوما متزامنا غير مسبوق على روسيا

وفي السياق، شنت عدة دول غربية الاسبوع الماضي هجوما منسقا غير مسبوق على روسيا متهمة إياها بشن عمليات قرصنة إلكترونية على عشرات المؤسسات الرياضية والعلمية على أراضي أوروبا والولايات المتحدة وكندا.

ووصلت هذه الحملة إلى ذروتها مع إعلان وزارة العدل الأمريكية عن توجيه اتهامات لـ7 أشخاص قالت إنهم عناصر من الاستخبارات العسكرية الروسية بالتورط في شن عمليات اختراق إلكتروني في إطار "مؤامرة تخريبية" شملت مختلف أنحاء العالم.

وقال مساعد النائب العام الأمريكي لشؤون الأمن القومي، جون ديميرس، في مؤتمر صحفي: "نعلن عن توجيه اتهامات لـ7 عناصر من الاستخبارات العسكرية الروسية بخرق عدد من القوانين الجنائية الأمريكية لتنفيذ أنشطة إلكترونية تخريبية ضد الولايات المتحدة وحلفائها". 

وأشار ديميرس إلى أن هذه الاتهامات منسوبة لبعض "العملاء الروس، الذين عملوا على تنفيذ عملية سرية في لاهاي" وتم طردهم من هولندا، بالإضافة "إلى عدد من زملائهم في موسكو".

ولفت إلى أنهم متهمون بـ"التآمر من أجل قرصنة معلومات أشخاص في مؤسسات واقعة على أراضي الولايات المتحدة وكندا وأوروبا للحصول على معلومات بهدف الاستفادة منها في مصلحة الاتحاد الروسي".

ومن جانبه، ذكر نائب الدائرة الشرقية في ولاية بينسلفانيا، سكوت بريدي، خلال المؤتمر الصحفي ذاته، أن "هؤلاء الأشخاص يواجهون اتهامات بمحاولات اختراق الحواسيب والشبكات الإلكترونية في مختلف أنحاء العالم".

وقال بريدي موضحا: "ضحايا هذه التصرفات غير الشرعية هم وكالات ومنظمات خاصة بمكافحة المنشطات داخل الولايات المتحدة وخارجها، مثل الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات والوكالة الأمريكية لمكافحة المنشطات ومحكمة التحكيم الرياضية والاتحاد الدولي لألعاب القوى والاتحاد الدولي لكرة القدم بالإضافة إلى 34 منظمة رياضية أخرى".

وأشار المسؤول الأمريكي إلى أن المتهمين الـ7 حاولوا الحصول على معلومات سرية حول الرياضيين المحترفين.

وتابع بريدي: "لقد وجهوا أنشطتهم كذلك ضد مؤسسات عملت على منع استخدام الأسلحة الكيميائية وحققت في قضايا خاصة باستخدام هذا السلاح في سوريا وتسميم العقيد السابق بالاستخبارات العسكرية الروسية في بريطانيا (سيرغي سكريبال)".

بريطانيا وأستراليا تتهمان الاستخبارات الروسية

واستمرت هذه الحملة باتهام بريطانيا وأستراليا لأجهزة الاستخبارات العسكرية الروسية بشن بعض أكبر الهجمات الإلكترونية خلال السنوات الأخيرة، من بينها هجوم على اللجنة الوطنية للحزب الديموقراطي الأمريكي خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016.

ووجه كل من المركز الوطني البريطاني للأمن المعلوماتي والحكومة الأسترالية أصابع الاتهام إلى مجموعات قرصنة معروفة ويزعم غالبا أنها مقربة من السلطات الروسية.

وقد قالت إن أجهزة الاستخبارات العسكرية الروسية يمكنها فقط أن تشن هجمات بهذا الحجم بأوامر من الكرملين.

كندا تعلن تعرضها لهجمات إلكترونية وتحمل روسيا المسؤولية

ولاحقا انضمت كندا إلى هذه العملية الغربية حيث أعلنت عن تعرضها لسلسلة هجمات إلكترونية وحملت روسيا المسؤولية عنها.

وقالت الخارجية الكندية في بيان إنها ترجح "بثقة عالية" وقوف الاستخبارات العسكرية الروسية الخارجية خلف هجمات القرصنة الإلكترونية، مشيرة إلى أن بعضها طال الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في الرياضة.

وأضاف البيان: " تنضم كندا إلى حلفائها في تحديد وفضح سلسلة من عمليات القرصنة على يد الجيش الروسي.. تشكل هذه الأفعال جزءا من نمط أوسع من الأنشطة التي تقوم بها الحكومة الروسية والتي تقع خارج حدود السلوك الملائم".