روسيا لا تعتبر الغرب صديقا لها، بل خصما... والسبب؟

روسيا لا تعتبر الغرب صديقا لها، بل خصما... والسبب؟
الأربعاء ١٠ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٦:٥٣ بتوقيت غرينتش

العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة ودول الغرب شهدت المزيد من التدهور منذ انضمام شبه جزيرة القرم إلى روسيا في آذار/ مارس عام 2014 على خلفية الأزمة الأوكرانية، وتعتبر أزمة العلاقات هذه الأسوأ منذ انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية قبل أكثر من ربع قرن.

العالم – تقارير

ما هي الحرب الباردة؟

الحرب الباردة هي عبارة عن مواجهة سياسية وأيديولوجية وعسكرية في بعض الأحيان غير مباشرة، حدثت بعد الحرب العالمية الثانية خلال الفترة 1947-1991م، أما أطرافها فهم عبارة عن أكبر قوتين في العالم وهما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وحلفاء كل منهما، وكان من مظاهر هذه الحرب انقسام العالم إلى معسكرين هما شيوعي بقيادة الاتحاد السوفيتي وليبرالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

ويمكن القول إنّ مصطلح الحرب الباردة يعني صراعاً لا يعلن فيه أحد الطرفين المتحاربين الحرب على الطرف المقابل بشكل رسمي، وقد قاد كل من طرفي الحرب على الآخر باستخدام وسائل الإعلام والفن، والوسائل السرية كالعملاء السريين والجواسيس.

الازمة في اوكرانيا وتدخل روسيا

تشن بعض الدول الغربية حملة إعلامية غير مسبوقة ضد روسيا، إن كان في مجلس الأمن أو في وسائل الإعلام المختلفة. ففي أزمة أوكرانيا وشبة جزيرة القرم رفضت واشنطن الاعتراف بانضمامها إلى روسيا، على الرغم من أن ذلك جاء باستفتاء شعبي جرى في مايو/ مارس 2014.

وتعززت اجواء المواجهة بين الشرق والغرب باعلان واشنطن فرض عقوبات ضد روسيا ردا على تدخلها المفترض في الانتخابات الرئاسية الاميركية في 2016 وعلى عدة هجمات معلوماتية.

واستهدف 19 شخصا وخمسة كيانات روسية (بينهم جهاز الاستخبارات الداخلي وجهاز الاستخبارات العسكرية) بقرار تجميد الارصدة وبحظر يفرض على الشركات الامريكية في التعامل معهم. واعلنت روسيا التي ترفض هذا الحظر، عزمها اتخاذ "تدابير للرد" على واشنطن. 

أزمة غير مسبوقة بسبب سكريبال

لكن الدول الغربية لم تتوقف عند هذا الحد، بل ذهبت بريطانيا لتشن حربا إعلامية ضروسا ضد روسيا، وتتهمها بتسميم ضابط المخابرات الروسي السابق سيرجي سكريبال مع ابنته في مدينة سالزبري بجنوب بريطانيا، قبل إجراء أي تحقيق أو تقديم أي دليل بهذا الشأن.

وجاءت الاتهامات لروسيا مباشرة بعد أن وجدت الشرطة البريطانية الجاسوس سيرجي سكريبال مغمى عليه مع ابنته بجانب بيته، علما بأن بريطانيا هي المطالبة بتقديم توضيحات وتفسيرات عن كيفية تسميم مواطن روسي على أراضيها وتحت حماية قواتها الأمنية وفي عقر دارها.

روسيا لا تعتبر الغرب صديقا لها

وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، اليوم الأربعاء، بأن بلاده لا تعتبر الغرب صديقا لها، بل خصما.

وقال ريابكوف في مقابلة نشرت في صحيفة "فاينانشيال تايمز": "لا نعتقد أنهم في الغرب بالمعنى الواسع… هم أصدقاؤنا، لكننا ننظر للغرب على أنه خصم يعمل على تقويض مواقف روسيا وآفاق التطور الطبيعي لروسيا".

ووفقا له، فإن الوضع في العلاقات مع الغرب، وعلى وجه الخصوص، روسيا والولايات المتحدة، الآن "هو أسوأ بكثير مما كان عليه حتى في اللحظات الحارة أو بالأحرى الباردة في الماضي."

وذلك على الرغم من أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره الأميركي، دونالد ترامب، أعربا عقب أول قمة رسمية لهما في هلسنكي في 16 تموز/ يوليو الماضي، عن الاهتمام في تحسين العلاقات الثنائية.

حذر في أوروبا من تحرك روسيا

ويبدي الأوروبيون حذراً شديدا من تحركات روسيا في بلدانهم خاصة بعد أن أصدرت الشرطة البريطانية، في 5 سبتمبر/ أيلول 2018، مذكرتي توقيف بحق روسيَّين في قضية تسميم الجاسوس السابق المزدوج سيرغي سكريبال وابنته يوليا بغاز نوفيتشوك في بريطانيا، وعرفت عنهما بأنهما الكسندر بتروف ورسلان بوشيروف.

وادعى رئيس شعبة مكافحة الإرهاب نيل باسو، خلال لقاء مع الصحافيين، إن هذين الاسمين ليسا حقيقيين، داعياً الجمهور إلى الإدلاء بأي معلومات عنهما.

وقال: «يرجح أنهما يتنقلان باسمين مستعارين، وإن هذين ليسا اسميهما. لديهما جوازا سفر روسيان بهذين الاسمين.

وعقب انتشار الصور اتهمت موسكو فوراً السلطات البريطانية بـ"التلاعب بالمعلومات."

ونقلت وكالة «تاس» الرسمية عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قولها: «مرة جديدة، ندعو البريطانيين إلى التوقف عن توجيه اتهامات علنية والتلاعب بالمعلومات».

هولندا تتهم وروسيا تحذر من التدمير

واخيرا أعاد إعلان وزيرة الدفاع الهولندية إحباط بلادها ما اسمته محاولات استخباراتية روسية لاختراق الموقع الإلكتروني لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في أبريل الماضي أعاد روسيا إلى عمق الاتهامات التي تواجهها في هذا الصدد.

وزعم رئيس وكالة الاستخبارات العسكرية الهولندية أن أربعة روس ضبطوا متلبسين حينئذ في فندق مجاور لمقر المنظمة في لاهاي وبحوزتهم معدات تجسس مختلفة عرضت مع هوياتهم وكانت المنظمة تتحقق حينئذ من مادة استخدمت في الاعتداء على الجاسوس الروسي سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا.

وفي هذا الاطار، صرح مدير إدارة شؤون عدم الانتشار والرقابة على الأسلحة في وزارة الخارجية الروسية، فلاديمير يرماكوف، اليوم الأربعاء، بأن محاولات منح المدير العام للأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية الحق في تحديد هوية المسؤولين عن استخدام المواد السامة أمر مدمر.

وقال يرماكوف، خلال مناظرات سياسية في اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة: "نعتبر محاولات منح المدير العام للأمانة العامة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أن يقوم وحده وبدون الرجوع إلى مجلس الأمن، بتحديد المسؤولين عن استخدام المواد السامة، أمرا مدمرا لنظام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية".

اتهام روسيا بالتجسس ليس صدفة

بدوره، نفى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن تكون رحلة المواطنين الروس الـ4 لهولندا والذين تتهمهم أمستردام بمحاولة تنفيذ هجوم سيبراني على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، حملت طابعا سريا.

وتابع: "لكن بعد مرور نصف سنة، سربت وسائل الإعلام الهولندية معلومات مفادها أن هؤلاء الأشخاص قاموا بالتجسس السيبراني"، وبعد ذلك استدعت الخارجية الروسية السفيرة الهولندية لدى موسكو وطلبت منها المزيد من التفاصيل بشأن القضية، لكنها "لم تقل أي شيء واضح".

واعتبر لافروف أن توجيه الاتهامات بالتجسس السيبراني لروسيا في الفترة الحالية ليس من قبيل الصدفة، وإنما عمل دعائي مقصود، إذ تزامن "طفو القصة التي ظهرت في أبريل، على السطح مجددا" مع اجتماع وزراء دفاع دول الناتو، على سبيل المثال.

وخلص وزير الخارجية الروسي إلى أن بروز المسألة الآن "يتيح صرف الانتباه عن المواضيع المعقدة التي تناقش حاليا في الاتحاد الأوروبي والناتو، بما في ذلك، إمكانيات التنسيق بين هذين الهيكلين في مجال الدفاع".

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن خطوات هولندا الأخيرة تجاه روسيا تهدف إلى شن موجة جديدة من الهجمات على موسكو، وأن هولندا قامت بهذه العملية بالتنسيق مع حلفائها. في إشارة إلى الاتهامات بالهجمات السيبرانية التي وجهتها إلى موسكو الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول الغربية الأخرى.