بالفيديو.. تفاصيل فاجعة البحر الميت وفيضانه المدمر

السبت ٢٧ أكتوبر ٢٠١٨ - ١٠:٤٠ بتوقيت غرينتش

فيما تتواصل عمليات البحث والتمشيط في غرب الاردن للتأكد من وجود مفقودين جراء السيول والفيضانات التي اجتاحت منطقة قريبة من البحر الميت، تسلم الأهالي جثث أطفالهم الذين قتلوا اثر السيول الجارفة على المنطقة. وقتل 21 شخصا حتى الآن غالبيتهم من طلاب مدرسة كانوا في حافلة جرفتها الخميس السيول التي تسببت بها أمطار غزيرة في منطقة البحر الميت، فيما أصيب اكثر من 40 آخرين بجروح في الحادث.

العالم - تقارير

تعد منطقة البحر الميت من أكثر المناطق انخفاضا على وجه الأرض، لذا فهي أكثرها عرضة لتشكل السيول عند هطل الأمطار بغزارة، بسبب المياه التي تأتي من الجبال القريبة والتي تصب في البحر الميت.

وهذا ما يفسر ثقل حصيلة السيول التي شهدتها المنطقة في الآونة الأخيرة، لكن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الأردن لمثل هذه الفيضانات، إذ سبق أن حدث ذلك في أعوام مختلفة .

"عندما يغضب" البحر الميت

في معظم الأحيان، تؤدي الفيضانات إلى كوارث طبيعية وبشرية في جميع أنحاء العالم، ولكن الفيضانات في الأردن والمناطق المحيطة بالبحر الميت أكثر خطورة مقارنة بغيرها، إذ تأتي بدون مقدمات، وخلال ساعات فقط، وإشارة في حالة الطقس.

كما أن الحالة الجوية غالبا ما تكون شبه مستقرة قبل هطل الأمطار، ولذلك لا تأخذ الجهات المعنية ما يكفي من الاحتياطات كما أنها تُخفق في إصدار إرشادات للناس، فضلا عن عدم وجود تخطيط جماعي لتجنب الخسائر قدر المستطاع.

ويرجع السبب، كما يقول خبراء، وراء الطريقة الخاطفة والمفاجئة التي تحدث بها الفيضانات في منطقة البحر الميت إلى الأمطار الغزيرة وطبيعة الأرض المنخفضة، التي تصب فيها المياه القادمة من المناطق الجبلية وعدم وجود سدود تقف في وجه تلك السيول.

وتؤكد إدارة الكوارث في الأردن عدم قدرتها بالتنبؤ بوقت ومكان حدوث الفيضانات لأنه "ليس هناك فصل أو وقت معين من العام يشهد هطل مثل هذه الأمطار الغزيرة، ولا يستغرق الأمر سوى لحظات لتسبب خسائر بشرية ودمارا في الممتلكات والبنية التحتية وغيرها".

وتكثر مثل هذه الفيضانات في المناطق الصحراوية المليئة بالكثبان الرملية.

رحلة مدرسية تحولت إلى فاجعة في البحر الميت

رحلة مدرسية تحولت إلى فاجعة في البحر الميت في حين كان من المفترض أن تكون كغيرها من الرحلات المدرسية الترفيهية لطلاب إحدى المدارس في الأردن، توجهت يوم الخميس 25 أكتوبر/تشرين الأول 2018، إلى منطقة البحر الميت، إحدى أشهر المناطق السياحية التي يرتادها المواطنون والسياح.

القصة بدأت عندما تقدمت إحدى المدارس الخاصة في عمّان بطلب إلى وزارة التربية والتعليم للموافقة على رحلة مدرسية إلى مدينة الأزرق شرقي العاصمة عمّان، إلا أن الرحلة توجهت إلى البحر الميت يوم الخميس الماضي، الذي شهد طقساً سيئاً ومنخفضاً جوياً أدى هطول أمطار غزيرة.

وبعد وصول الحافلة، التي كانت تقل قرابة 45 شخصاً، أغلبهم من الطلاب، إضافة إلى بعض المعلمين، وعندما نزل ركاب الحافلة في منطقة منخفضة بالقرب من أحد شواطئ البحر، فوجئ الجميع بمداهمة مياه الأمطار الغزيرة، التي جرفت معظمهم من كان في المكان من طلاب، ومواطنين آخرين كانوا موجودين في الموقع نفسه.

وهو ما أسفر عن مقتل 21 شخصاً، وأكثر من 40 مصاباً، في الحادث، المعروف إعلامياً بـ «حادث البحر الميت»، حتى لحظة إعداد هذا التقرير، في ما زالت عمليات البحث عن آخرين مستمرة.

عمليات تمشيط مستمرة

مدير الإعلام في مديرية الدفاع المدني، إياد العمرو، قال إن عمليات البحث والتمشيط بمنطقة الحادث ما زالت مستمرة، للتأكد من وجود أشخاص آخرين في الموقع، مضيفاً: «إننا في الدفاع المدني نناشد المواطنين إبلاغ غرف الطوارئ في المديرية إذا كان أحد من أقارب أي مواطن قد فُقد، بأن يقوم بالاتصال؛ لمعرفة ما إذا كان هناك أشخاص مفقودين أم لا».

واضاف العمرو أن «المعلومات الأولية لدينا تفيد بأنه بقي شخص واحد، يتم البحث عنه الآن، لكن من الممكن أن يتغير الوضع».

وكان لانهيار جسر أسمنتي، صباح الجمعة 26 أكتوبر/تشرين الأول 2018، بمنطقة البحر الميت أثر سلبي على مواصلة عمليات البحث والإنقاذ في الحادثة.

التعرف على 19 جثة

مدير مركز الطب الشرعي، أحمد بني هاني قال إنه «تم الكشف على جميع الجثث التي وصلت لنا، وتم التعرف على 19 شخصاً من قِبل ذويهم، وبقي جثمان طفلة لم يأت أحد بعدُ للتعرف عليها. ولقد تم أخذ عينة من دم هذه الضحية لإجراء فحص DNA؛ للتعرف عليها في حال لم يأت أحد من ذويها».

«التربية» تحمّل المدرسة المسؤولية

وزارة التربية والتعليم، بدورها، حملت المدرسة التي نظمت الرحلة مسؤولية ما حدث، وقال وزير التربية والتعليم الأردني، عزمي محافظة إن المدرسة تقدمت بطلب الذهاب لرحلة إلى منطقة الأزرق، ولم يأت ذكر للبحر الميت في الطلب؛ ومن ثم وافقت الوزارة على الطلب.  وأضاف «محافظة» أن المناطق التي يمكن أن تشهد سيولاً غير مسموح بزيارتها أصلاً في أي رحلة مدرسية، والطلب الذي تقدمت به المدرسة وصل قبل نحو 10 أيام، والوزارة لم تكن تعلم أن الطقس سوف يكون هكذا.

الملك الأردني يجتمع بمسؤولين لبحث الكارثة

الملك الأردني عبد الله الثاني اجتمع بعد ظهر الجمعة 26 أكتوبر/تشرين الأول 2018، في مجلس السياسات الوطني بقصر الحسينية، وشدد على ضرورة أن يكون هناك تقرير مفصل يحدد ما حصل بالضبط؛ لتحديد من يتحمل المسؤولية.

وقال الملك الأردني إن «ما حدث الخميس 25 أكتوبر/تشرين الأول 2018، مأساة كبيرة آلمتنا جميعاً»، مقدماً التعازي لأهالي الضحايا والأردنيين جميعاً.

بدوره، أعلن رئيس الحكومة الأردنية، عمر الرزاز، تشكيل لجنة، مكوَّنة من عدد من الوزراء، لتقديم تقرير شامل عن حادث البحر الميت، وتوضيح كل التفاصيل المتعلقة بالحادث، ليتم اتخاذ الإجراءات اللازمة.

كما وجَّه «الرزاز»، بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء الأردنية «بترا»، اللجنة بمراجعة معايير وأسس الرحلات المدرسية، وتقديم التوصيات لتحديثها وتشديدها بما يضمن سلامة الطلبة.  إضافة إلى تقديم تقرير مفصل عن أوضاع الجسور والبنية التحتية في مختلف مناطق المملكة، للتعامل مع الكوارث الطبيعية.

عدد الوفيات التي نجمت عن حادث البحر الميت

وقالت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن عدد الوفيات ارتفع إلى 21 شخصا، وكشفت أن عمليات البحث والإنقاذ والتفتيش عن ناجين أو جثامين المزيد من الضحايا مستمرة، مشيرة إلى أن مدير عام الدفاع المدني مصطفى البزايعة يتابع عمليات البحث من موقع الحادث في البحر الميت.

وأظهرت لقطات صورها شاهد ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي المياه تندفع بسرعة أسفل جسر في زرقاء ماعين، قرب شاطئ البحر الميت، بعد أمطار غزيرة مفاجئة.

وقالت مصادر في الدفاع المدني إنه أمكن إنقاذ 37 شخصا في عملية كبيرة شاركت بها طائرات هليكوبتر، وأفراد من الجيش وغواصين وكلاب مدربة.

وأطلقت عملية واسعة للبحث عن ناجين جرفتهم مياه السيول من الأودية إلى شواطئ المنطقة، التي تعد أكبر منخفض على وجه الأرض.

وقالت مصادر بمديرية الدفاع المدني للتلفزيون الرسمي، إن الأمطار الغزيرة جرفت حافلة تقل 44 طفلا ومعلما كانوا في رحلة مدرسية في منطقة البحر الميت، وهي مقصد سياحي شهير.

كما أن من بين الضحايا بعض الزوار الذين كانوا متواجدين بالمنطقة.

سيول الأردن تشعل مواقع التواصل الإجتماعي

خيم حزن شديد على رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعد مقتل 21 شخصا على الأقل جراء السيول في منطقة البحر الميت في الأردن، ومعظم هؤلاء من الطلبة المدرسيين.

وتصدر هاشتاغ #سيول_الاردن تويتر في العالم العربي حاصدا أكثر من 48 ألف تغريدة أعرب من خلالها المستخدمون عن تضامنهم مع دولة الأردن التي ضربتها موجة من السيول العنيفة.

وظهر هاشتاغ آخر بعنوان #البحر_الميت والذي كان ضمن قائمة أكثر الهاشتاغات انتشارا في عدد من الدول العربية حاصدا أكثر من 45 ألف تغريدة.

وتداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لشاب أردني يغامر بحياته في سيول البحر الميت لينقذ طفلا من الموت.

وفي المقابل غردت الملكة رانيا على حسابها الخاص في تويتر قائلة: "قلوبنا انفطرت من هول الفاجعة. ندعو بالرحمة على من فقدنا، واللهم صبر أهلهم وأعنهم على مصابهم وخفف على كل مصاب واكتب النجاة للمفقودين #البحر_الميت".