ايام اختفاء خاشقجي واختفاء محمد بن سلمان

ايام اختفاء خاشقجي واختفاء محمد بن سلمان
الثلاثاء ١٣ نوفمبر ٢٠١٨ - ١١:٢٣ بتوقيت غرينتش

المهلة التي طالبت بها السعودية للكشف عن جميع ملابسات مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي شارفت على الانتهاء حيث يمر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بظروف صعبة وتتصاعد الاصوات المطالبة بازاحته عن ولاية العهد.

العالم -  تقارير

فكما يبدو فإن المجتمع الدولي قد توصل الى نتيجة شبه مؤكدة بشأن تورط محمد بن سلمان بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لاسيما بعد الخطاب الذي القاه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والذي كشف فيه عن تسجيلات بعثها لعدد من الدول تكشف بوضوح عملية القتل التي جرت في القنصلية السعودية بتركيا.

ليس تسجيلا واحدا وانما عدة تسجيلات تسرب بعض منها للصحافة بينها ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها وذكرت، "أنه وبعد وقت قصير من قتل الصحفي جمال خاشقجي، الشهر الماضي، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، تواصل أحد أعضاء الفرقة التي أجهزت على خاشقجي عبر الهاتف مع أحد المسؤولين في المملكة، قائلا له: "بلغ سيدک" بأن المهمة قد أنجزت".

وعلى الرغم من أن الأمير محمد بن سلمان لم يذكر بالاسم، إلا أن المسؤولين في المخابرات الأمريكية خلصوا إلى أن كلمة "سيدك" تشير إليه.

وتضيف الصحيفة أن التسجيل الذي اطلعت عليه مديرة المخابرات الأمريكية، جينا هاسبيل، الشهر الماضي، يعدّ أقوى دليل حتى الآن على أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضالع في عملية قتل خاشقجي. ويصرح التقرير الذي نشرته الصحيفة بأن الشخص الذي قام بالاتصال الهاتفي هو ماهر عبد العزيز مطرب، أحد أعضاء المجموعة المكونة من خمسة عشر شخصا، والتي أوفدت إلى إسطنبول لتصفية خاشقجي.

 وتقول الصحيفة إن ضابط المخابرات الأمريكية السابق "بروس رايديل" اعتبر هذا الاتصال بمثابة دليل جنائي جيد.

وفي مثل هذه الاجواء وجه المجتمع الدولي رسائل قوية وقاسية للسطات السعودية بان تغير من نهجها العدواني تجاه شعوب المنطقة واليمن وكذلك تجاه شعبها الذي يقاسي هو الآخر آلام الظلم والدكتاتورية.

وفي آخر المواقف الدولية فقد توعد رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، باتخاذ خطوات إلى جانب دولٍ أخرى، لم يحددها، ضد السعودية على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وذلك بعد إعلان استماع مخابرات بلاده لتسجيلات صوتية لحادثة قتل الأخير.

ونقلت وكالة أنباء "كنديان برس" المحلية، يوم  الاثنين، عن ترودو قوله: "إن مسؤولي الاستخبارات الكنديين استمعوا إلى تسجيل تركي بشأن مقتل خاشقجي"، موضحاً أنه "لم يستمع للتسجيل بشكل شخصي".

وتابع: "نحن لا نزال نتباحث مع حلفائنا ممن هم على نفس نهجنا الفكري، حول الخطوات القادمة حيال السعودية".

وأشار ترودو إلى أنه ناقش قضية خاشقجي خلال مكالمة هاتفية حديثة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم السبت، خلال الاحتفال بمئوية نهاية الحرب العالمية الأولى في باريس.

الموقف البريطاني ايضا كان قويا ازاء المطالبة بتحقيق علمي وشفاف في قضية مقتل خاشقجي، فقد دعا وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، عقب لقائه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في الرياض، الى إجراء تحقيق "مقْنع" في مقتل خاشقجي، وقال: "سيظل المجتمع الدولي متحداً في الصدمة والغضب من القتل الوحشي لخاشقجي قبل شهر، ومن غير المقبول بوضوح أن تظل الملابسات الكاملة وراء قتله غير واضحة".

وتابع قائلاً: "نشجع السلطات السعودية على التعاون الكامل مع التحقيق التركي في مقتل خاشقجي حتى نحقق العدالة لعائلته".

كما طالب وزير الخارجية البريطاني، السعودية بإنهاء حربها على اليمن،

وقال هانت في بيان له: "التكلفة البشرية للحرب في اليمن هائلة في ظل ملايين المشردين والمجاعة والأمراض وسنوات من إراقة الدماء، والحل الوحيد الآن هو اتخاذ قرار سياسي بتنحية السلاح والسعي إلى السلام".

المسؤول البريطاني الذي زار السعودية جلس مع الملك سلمان من دون حضور ولي العهد محمد بن سلمان، في سابقة لم تحدث في السعودية الا قبل ايام عندما زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبى السعودية والتقى الملك من دون حضور محمد بن سلمان.

مؤشرات تدل على ان ابن سلمان اصبح شخصا غير مرغوب به وانه لايحق له الظهور في الصور مع الشخصيات الدولية بل هي هذه الشخصيات تستنكف جلوس ابن سلمان في صورة واحدة او جلسة واحدة الى جوارها.

صحف اجنبية ذهبت الى ابعد من ذلك عندما تحدثت عن ترتيبات تجري في الخفاء لإزاحة محمد بن سلمان عن ولاية العهد ونشرت صحيفة الغارديان تقريرا في هذا الشأن اكدت فيه: "إنه بعد مرور 9 أسابيع على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي على يد مسؤولين سعوديين في قنصلية بلاده بإسطنبول، بدأت عملية صنع القرار في الرياض في التغير ببطء".

وقال “مارتن شولوف” مراسل الصحيفة بالشرق الأوسط في مقال له، إن العواقب الناجمة عن اغتيال “خاشقجي” في إسطنبول كان لها آثار سلبية كبيرة على محمد بن سلمان (وريث العرش) وأعطت هذه العواقب فرصة جديدة للفريق القديم داخل العائلة الحاكمة للعودة.

ونقل “شلوف” عن مصادر قريبة من البلاط الملكي في الرياض، أن ابن سلمان ورجاله ينظرون للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الآن على أنه خان المملكة من خلال الكشف عن تفاصيل التحقيق ورفض جميع المداخلات من المبعوثين السعوديين، بما في ذلك عرض دفع الدية.

وما زالت تداعيات قتل خاشقجي تؤثر على هرم السلطة في الرياض، حيث يتم الآن بحسب الغارديان اتخاذ بعض القرارات بعيدا عن ولي العهد في كل مكان، الذي تلمح تركيا إلى أنه هو من أمر بالاغتيال مباشرة.

وتابع مارتن شلوف في مقاله إنه تم تفسير عودة أحمد بن عبد العزيز ، وهو الشقيق الوحيد للملك الوحيد الباقي على قيد الحياة، الملك سلمان، إلى الرياض في وقت سابق من هذا الشهر على أنه خطوة أولى في استعادة النظام القديم، حيث تم اتخاذ القرار بعد مشاورات مكثفة بين الأمراء الكبار داخل الأسرة.

وكل المؤشرات تدل على انه كلما انقضى يوم من عمر قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي كلما اهتز العرش الذي يجلس عليه محمد بن سلمان لولاية العهد وكلما انقضى يوم من عمر اختفائه كلما زاد ذلك من ايام احتفاء محمد بن سلمان عن الواجهة السياسية للسعودية.

*طاهر حائري