معركة غزة.. المقاومة تكسر عنجهية "إسرائيل"

معركة غزة.. المقاومة تكسر عنجهية
الأربعاء ١٤ نوفمبر ٢٠١٨ - ١١:٥٧ بتوقيت غرينتش

تمكنت المقاومة الفلسطينية في غزة وبردها المزلزل على التصعيد الاسرائيلي الاخير ضد القطاع من فرض معادلة جديدة للمواجهة مفادها بأن توسيع دائرة عدوان الاحتلال يعني توسيع دائرة رد المقاومة في العمق الاسرائيلي، وفي الوقت الذي اقرت فيه شخصيات اسرائيلية بفشل تل ابيب امام قوة المقاومة الفلسطينية أعلن وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان استقالته لرفضه وقف اطلاق النار في قطاع غزة.

العالم - تقارير

تحويل نزهة نخبة الاحتلال إلى كابوس

أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن المقاومة الفلسطينية تمكنت من تحويل "نزهة" الاحتلال الإسرائيلي ونخبته العسكرية والأمنية إلى "كابوس" يعصف بالمؤسسة الأمنية والعسكرية والسياسية الإسرائيلية.

وأوضح القيادي في حركة "حماس"، النائب مشير المصري، أن "المقاومة الفلسطينية تثبت نفسها من خلال؛ أدائها النوعي، وإبداعها المتصاعد، وقدرتها على إيلام العدو، ويقظة مجاهديها".

وأضاف  "تزامن ذلك بالتأكيد على أن أرض غزة لحمها مر، وهي محرمة على الصهاينة، وذلك بإفشالها العملية السرية الاستخباراتية الإسرائيلية شرق مدينة خان يونس"، منوها بأن "غزة ليست كغيرها من المدن والعواصم التي يرتكب فيها العدو الصهيوني اغتيالات هادئة".

ولفت المصري إلى أن "غزة تدير معركتها مع العدو بكل حكمة واقتدار؛ سواء من خلال غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة، وهذه سابقة تاريخية في إطار صراعنا مع العدو الصهيوني، أو عبر توجيه ضرباتها المؤلمة والدقيقة والمحسوبة للاحتلال بقصف الحافلة الإسرائيلية أو قصف قلب عسقلان، إضافة لاستشرافها المستقبل، وتأكيدها أن في جعبتها الكثير".

وذكر أن "المقاومة وضعت معادلات جديدة؛ بأن توسيع دائرة العدوان الإسرائيلي يعني توسيع دائرة الرد من قبل المقاومة في العمق الصهيوني"، مؤكدا أن "المقاومة استطاعت في هذه الجولة أن تفرض معادلة أكثر ترسخا في صراعها مع العدو".

الرضوخ لارادة المقاومة

ونوه القيادي في حماس بأنه "لم يكن أمام الكابينت (المجلس الوزاري الإسرائيلي المُصغر للشؤون السياسية والأمنية) في اجتماعه ربما الأطول، إلا أن يرضخ لإرادة المقاومة بالتوصل لتفاهم التهدئة".

وحول إفشال المقاومة للعملية السرية الإسرائيلية، التي تسببت بعاصفة داخل المحافل الأمنية والعسكرية للاحتلال، قال: "من الواضح أن العدو كان يحمل تقديرا خاطئا في التعامل مع غزة ورجال مقاومتها، وظن أن غزة ربما تكون نزهة لنخبته الأمنية والعسكرية".

كابوس لقيادة الاحتلال

وأكد النائب المصري أن "اكتشاف المقاومة لضباط النخبة المتسللين في خان يونس (مساء الأحد الماضي)، تسبب بكابوس لقيادة الاحتلال ووضعها في أزمة أمنية وسياسية كبيرة".

وتابع: "ظن العدو أن رد المقاومة سيكون محدودا، على إثر هذه الجريمة الجبانة واختراقه لتفاهمات التهدئة، وإذ بالمقاومة تضربه في العمق، وتوجه ضرباتها النوعية للعدو الذي ظن أنه قادر على أن يضع حدا للمقاومة عبر البدء بما انتهت عليه العصف المأكول، بقصف المباني السكانية والمؤسسات المدنية".

واعتبر، أن "المقاومة نجحت في ترسيخ معادلة أكثر رسوخا في إطار صراعنا مع الاحتلال، تدشن من خلالها مرحلة جديدة مع الاحتلال لها ما بعدها".

المقاومة يدها على الزناد في كل لحظة

ووفق ما أثبتت التجربة، بأن الاحتلال لا يلتزم بأي اتفاقيات أو تفاهمات، وحول طبيعة رد المقاومة على قيام الاحتلال باختراق جديد للتهدئة، قال القيادي بـ"حماس": نحن ملتزمون ما التزم الاحتلال"، منبها بأن "المقاومة يدها على الزناد في كل لحظة، وهي تدرك أن هذا العدو غادر وجبان".

وبين أن "أي اختراق للتهدئة لن يقابل إلا بالرد المناسب"، موضحا أن "استمرار الاحتلال بخرقه للتهدئة يعني أن ردود المقاومة ستكون أكثر إيلاما".

القصف بالقصف والدم بالدم

ونوه بأنه "تم التوصل لتفاهم التهدئة من منطلق القوة، ولهذا عظيم الاعتبار في إدارة أي معركة مستقبلية مع الاحتلال"، مؤكدا أن "الساعات والأيام القادمة هي محل اختبار في مدى التزام الاحتلال بالتهدئة".

وشدد المصري على أن "معادلة المقاومة ستبقى ثابتة؛ أن القصف بالقصف والدم بالدم"، مضيفا: "إذا أراد الاحتلال مواجهة، فنحن لها بكل ثقة".

#غزة_تقاوم_وتنتصر_وحدها

وتابع النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي بترقب لليوم الثاني الغارات المستمرة التي شنتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، في الوقت الذي استمرت فيه المقاومة الفلسطينية برشقاتها الصاروخية تجاه المستوطنات الإسرائيلية.

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، راقب النشطاء تطور الأحداث والسجال الدائر بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، معلنين تضامنهم الواسع مع المقاومة وسكان قطاع غزة، فيما دشن النشطاء وسم #غزة_تقاوم الذي تصدر قائمة أعلى الوسوم تداولا في العديد من البلدان العربية.

تطبيع الحكومات العربية مع الاحتلال

في ذات الوقت أعرب النشطاء عن شكواهم مما قالوا إنه "اتفاق" من إدارات مواقع التواصل بحذف جميع فيديوهات عمليات المقاومة الفلسطينية خلال اليومين، بينما نشر عدد من الدعاة دعائهم بنصرة أهل غزة، ناقدين ما وصفوه بـ"تعاون" وتطبيع الحكومات العربية مع الاحتلال.

النشطاء الفلسطينيون أيضا كان لهم دور واسع في نشر ومتابعة تطور الأحداث خلال هذين اليومين، حيث قاموا بنشر العديد من مقاطع الفيديوهات والصور التي توضح إطلاق الصواريخ الفلسطينية تجاه مستوطنات الغلاف، بالإضافة إلى نشر عناوين صحف الاحتلال المحلية المتابعة لنزوح سكان المستوطنات.

انتصار سياسي ومعنوي للمقاومة

التهدئة أيضا حازت تفاعلا واسعا بين النشطاء حيث أشادوا بموقف المقاومة، معتبرين أن تلك التهدئة هي انتصار سياسي ومعنوي للمقاومة، في الوقت الذي توقع فيه عدد من النشطاء عدم التزام الاحتلال بالتهدئة.

الضفة تبتهج بنصر غزة

وخرجت جماهير غفيرة مساء أمس في عدة محافظات بالضفة الغربية، ابتهاجا بنصر المقاومة في غزة، وذلك عقب دخول التهدئة حيز التنفيذ.

وجابت المسيرات العفوية شوارع كل من محافظة رام الله وجنين والخليل، بمشاركة المئات من الفلسطينيين.

وهلل المتظاهرون للمقاومة بغزة محتفين بما أبلته من بلاء حسن خلال جولة التصعيد الأخيرة، حيث هتف المشاركون لغزة ولمقاومتها "بالروح بالدم نفديك يا غزة"، "لما العلم بيتفجر، لازم بغزة تفخر"، معتبرين غزة عنوانا من عناوين الوحدة الحقيقية التي جمعت الشعب الفلسطيني خلف خيار المقاومة، رافعين لافتات "غزة توحدنا".

وندد المشاركون بكل الشعارات التي تدعو للسلام مع الاحتلال والتطبيع معه، بقولهم: "فليسقط غصن الزيتون، ولتحيا البندقية".

وذكر المتظاهرون عددا من أبطال المقاومة في الضفة، والذين تمكنوا من تنفيذ عمليات ناجحة ضد الاحتلال، كأمثال الشاب المطارد أشرف نعالوة، كما طالبوا بتصعيد المقاومة في الضفة والرد على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وذلك عبر هتافهم "طلقة بطلقة ونار بنار، تحية لأحمد جرار".

تكريس لصوابية وفاعلية نهج المقاومة

وقالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في لبنان إن الانتصار العظيم والمبارك الذي حقّقته المقاومة الباسلة في قطاع غزة على العدو الصهيوني، عندما أفشلت له عمليةً استراتيجيةً نوعيةً كانت موجّهة ضد المقاومة، والرد البطولي على هذا العدوان الغاشم بكل جرأةٍ وحزمٍ واقتدارٍ، شكّلَ نقلةً نوعيةً في الصراع مع هذا العدو.

وعدت الحركة في بيان لها أن هذا الانتصار ثبَّتَ معادلة الردع وتوازن الرعب مع الاحتلال من جهة، وضرب منظومته العسكرية والاستخبارية من جهةٍ ثانية، ما يفتح الأفق لدى المقاومة لتعديل قواعد الصراع والاشتباك مع العدو لصالحها.

كما رأت أن "هذا الانتصار كرّس صوابية ونجاعة نهج المقاومة كمسار نضالي في طريق نيل حقوق شعبنا وتحرير الأرض وإنجاز العودة، وليس الاستمرار في تكرار تجارب تفاوضية فاشلة ومضرّة بالقضية الفلسطينية وبالوحدة الوطنيّة".

وأشادت حماس بفصائل المقاومة في غزة التي قدمت أجمل صور الوحدة الوطنية النضالية عبر غرفة العمليات المشتركة، التي أدارت المواجهة بقرار ميداني موحّد وبكل جسارة وحكمة واقتدار.

المصالحة عبر المقاومة

وبدوره أكد الشيخ حسن يوسف، القيادي في حركة "حماس"، أن شعبنا الفلسطيني قوي بمقاومته، وبوحدته وترابطه.

وقال: "المقاومة هي التي توحدنا، ولنأخذ درسا من الميدان في غزة وغرفة عملياتها الرائعة التي شكلت سدًّا منيعا وقويا وحاميا لشعبنا".

وأضاف "المصالحة والوحدة الوطنية والشراكة السياسية يمكن لها أن تنجح بقوة عبر الإجماع على برنامج المقاومة؛ لأن سراب الحلول السياسية شتت شعبنا ومزقه ودمر نسيجه الاجتماعي".

هكذا يُبنى الردع أمام حماس

وتسارعت ردود الأفعال الإسرائيلية على الإعلان عن التوصل لوقف إطلاق للنار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، حيث اعتبر محللون ما حصل خضوعا من قبل حكومة نتنياهو .

المراسلة السياسية للقناة 13 دانا فايس قالت إنه "في أعقاب سبع ساعات من اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشئون الأمنية والسياسية في قاعدة الكرياه بتل أبيب، أوصى الجيش بالاستمرار في ضرباته ضد المنظمات الفلسطينية، طالما أن هذه الفصائل واصلت إطلاق صواريخها باتجاه إسرائيل".

ومن جانبه قال مراسل صحيفة "إسرائيل اليوم" أريئيل كهانا إن "مداولات الكابينت المصغر تشير لعدم رغبة الحكومة بالدخول في مواجهة واسعة بسبب التوتر القائم في الجبهة الشمالية، في ظل البحث عن طرق لمعاقبة حماس دون الذهاب لتصعيد مفتوح، أو الدخول في حرب شاملة".

هذا ما سيكتب في التاريخ العسكري

أما الخبير العسكري الإسرائيلي في صحيفة يديعوت أحرونوت رون بن يشاي فأشار إلى إن "ما حصل في غزة خلال الساعات الأخيرة لا يبني ردعا إسرائيليا، لأن كثافة الضربات الجوية الإسرائيلية على المنظمات الفلسطينية لم تؤثر فيها، هذا ما سيكتب في التاريخ العسكري".

وأضاف في مقال تحليلي أنه "فقط من خلال عملية برية حادة قاسية تتضمن دخولا مكثفا داخل غزة كفيلة بأن تجثو حماس على ركبتيها، حينها سيتحقق هذا الهدف، رغم أن ذلك سيجبي أثمانا من حياة الإسرائيليين".

وأشار أن "المنظمات الفلسطينية بدأت حملتها بصاروخ الكورنيت، ثم القذائف الصاروخية، ثم تواصل إدارة حرب استنزاف ضد إسرائيل على طول الجدار الحدودي، وليس هناك إسرائيلي واحد يوافق على هذه المعادلة الجديدة غير القائمة على التوازن، فمستوطنو الغلاف ليسوا قادرين على الحياة بطريقة استنزاف طوال الأيام والليالي، وحياتهم باتت غير مستوعبة".

الحكومة الإسرائيلية فقدت قوة الردع

وأشعل مستوطنون في مستوطنة سديروت شمال قطاع غزة إطارات سيارات للتعبير عن غضبهم على ما وصفوه باتفاق وقف إطلاق النار الهزيل الذي دخل حيز التنفيذ بداية من مساء الثلاثاء.

وقد أبدت شخصيات إسرائيلية في المعارضة استياءا من تطبيق وقف إطلاق النار، معتبرة أن الحكومة الإسرائيلية فقدت قوة الردع.

وبينما قال المجلس الأمني الوزاري الإسرائيلي إنه أعطى تعليمات للجيش بمواصلة العمليات في غزة في حال اقتضت الضرورة ذلك، أفادت القناة الإسرائيلية العاشرة بأن انقسامات عميقة سادت خلال اجتماعات المجلس برئاسة نتنياهو.

وأضافت القناة أن العديد من الوزراء المحسوبين على التيار المتشدد عارضوا وقف إطلاق النار مع الفصائل الفلسطينية. وكان وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان بين من عارضوا الانخراط في التهدئة مجددا، وقد أصدر بيانا بذلك.

التصعيد العسكري على غزة بلا أهداف

وتحت عنوان "رحلة إلى المجهول"، كتب المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أليكس فيشمان مقالا وصف جولة التصعيد بالذهاب "في رحلة محفوفة بالمخاطر بلا هدف أو مكان"، لافتا إلى أن "إسرائيل" وجدت ذاتها مضطرة لتوجيه ضربة موجعة إلى حماس، سواء لأسباب سياسية داخلية أو حتى لظروف أمنية.

ليبرمان يقدم استقالته

وختاما, أعلن وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الاربعاء استقالته لرفضه وقف اطلاق النار في قطاع غزة بعد خلال حاد مع الحكومة التي يرأسها بنيامين نتانياهو.

وقال ليبرمان للصحافيين "ما حدث بالأمس من إعلان اتفاق لوقف إطلاق النار والتهدئة هو بمثابة خضوع واستسلام للإرهاب" حسب زعمه.

وادعى "ما نفعله الان كدولة هو شراء الهدوء على المدى القصير، لكننا سندفع على المدى البعيد ثمناً ونتكبد ضررا بالغاً" على مستوى الأمن القومي، وفق تعبيره.

وقالت القناة الثانية الإسرائيلية ان انتقادات شديدة وجهت الى ليبرمان امس الثلاثاء، في اعقاب تصويته لصالح قرار وقف النار مع غزة.

وكان القيادي بحركة حماس حسام بدران قد دعا امس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إقالة وزير الحرب ليبرمان.