المقاومة انتصرت في الجولة الأخيرة من الحرب بقطاع غزة

المقاومة انتصرت في الجولة الأخيرة من الحرب بقطاع غزة
الأربعاء ١٤ نوفمبر ٢٠١٨ - ١١:١٥ بتوقيت غرينتش

من حق الشعب الفلسطيني بشكل عام، وأبناء قطاع غزّة بشكل خاص، أن يحتفلوا بالنّصر، وأن يكبروا في المساجد، فلولا صمودهم ومقاومتهم البطوليّة لما قبل رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو المتغطرس بوقف إطلاق النّار، ولاستمرّ في القصف من البحر والبر والجو.

العالم - مقالات وتحليلات 

الإسرائيليّون لا يفهمون إلا لغة القوّة، وأكثر من يجيد هذه اللُّغة هم رجال المقاومة، سواء في قطاع غزّة، أو في الضفة الغربيّة، وكل المؤشرات تؤكّد أنّها عادلة، وستطرد كل اللغات الاستسلاميّة الأخرى، مثل العملة الجيّدة التي تطرد العملات الفاسدة الأخرى.

نتنياهو أدرك أنّ استهداف القطاع لم يعد يمر دون رد “مزلزل” ودون خسائر ضخمة في صفوف قوّاته ومستوطنيه، أرسل وحدة النخبة في قوّاته الخاصّة للتسلّل إلى القطاع لقتل أو خطف قيادات المقاومة، مثلما كان عليه الحال في الماضي، فوقعوا في مصيدة لم يعرفوا كيف يخرجون منها، ولولا القصف الجويّ الكثيف، وتدخّل الطائرات العموديّة لإنقاذ هذه الوحدة الإرهابيّة لتم القضاء عليهم جميعًا، وليس على قائدهم فقط، وهذا حق مشروع، وواجب وطنيّ.

الحرب الأخيرة في قطاع غزّة جاءت قصيرة هذه المرّة لأنّ نتنياهو، ومجلس وزرائه المصغر، أدرك أنّه سيتكبد خسائر كبرى غير مسبوقة ماديا وبشريًّا، وسيخسر موقعه في الانتخابات البرلمانيّة المقبلة، وسيصيب أصداءه أصدقاؤه المطبعين من العرب بالحرج، فقرر تقليص الخسائر واللجوء إلى مصر سعيا لطوق النَّجاة، وهكذا كان، ولكن إلى حين.

المعادلة الجديدة لرجال المقاومة كرست مفهوما جديدا في الحرب، وهي العمارة مقابل العمارة، والنار مقابل النار، وغلاف غزة الاستيطاني بات ومستوطنيه رهينة لصواريخ المقاومة التي باتت أكثر دقةً وأكثر مفعولًا.

أربعمائة صاروخ جرى إطلاقها في يوم واحد فقط، أوقعت إصابات قياسيّة في أوساط الإسرائيليين، وأطلقت صفّارات الإنذار وفتحت الملاجئ لمئات الآلاف من المذعورين والهلعين.. من كان يتصور حدوث هذا التطور في الطّرف الآخر المتغطرس، وبهذه السرعة؟ إنّه محور المقاومة الذي سيكنس كل المحاور الاستسلاميّة الأخرى بإذن الله.

الصواريخ التي تطلقها المقاومة من قطاع غزة لم تعد عبثيّة يا فخامة الرئيس عبّاس، وليست “مواسير” مضحكة، وإنّما أصبحت سلاحا يهدد تل أبيب ونهاريا وأسدود والمجدل وصفد، وكل المدن التي استولى عليها الإسرائيليّون وشردوا أهلها، والعقول الجبّارة التي تصنعها تحت الأرض لا تستحق الحصار وقطع الكهرباء ووقف الرواتب.

المقاومة انتصرت في هذه الجولة لأنّها تؤمن بأنّ النصر قادم وحتميّ، مثلما تؤمن بأنّ وراءها شعب مجاهد مستعد للصّمود والتضحية، بل لا يعرف غيرهما في هذا الزّمن العربيّ الرّديء.

عندما تعود قناة الأقصى للبث بعد عشر دقائق من قصفها وتدميرها، فهذا يعني أنّ هناك من يستعد لكل الاحتمالات ويملك الخطط البديلة، والنظرة المستقبليّة الواعية والدقيقة، وأنّ هذه القناة المقاومة (بكسر الواو) توجع الإسرائيليين، وتشكّل فيلقا ضاربا يقض مضاجعهم.

مبروك لأهلنا في كل فلسطين، وليس في قطاع غزّة فقط، هذا الانتصار الكبير المشرف، والنتائج السريعة التي حقّقها، والمعادلات العسكريّة الجديدة التي رسّخها رغم الحصار التّجويعيّ، وظلم ذوي القربى.. والأيّام بيننا.

  • عبد الباري عطوان – رأي اليوم