هل يذوب جليد العلاقات بين الجزائر والمغرب؟

هل يذوب جليد العلاقات بين الجزائر والمغرب؟
الأحد ١٨ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٨:١٧ بتوقيت غرينتش

بعد مرور حوالي شهرين على اتفاق المغرب والجزائر على إجراء محادثات بخصوص أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، و بعد أن دعا الملك المغربي الأسبوع الماضي الجزائر إلى إعادة فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ 24 عاما، بعث الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، برقية تهنئة إلى محمد السادس، جدد له من خلالها عزمه الراسخ على "توطيد وشائج الأخوة وعلاقات التضامن التي تربط الشعبين".

العالم-تقارير

وجاء في البرقية: "يسعدني، والشعب المغربي الشقيق يحيي الذكرى الثالثة والستين لاستقلاله المجيد، أن أعبر لجلالتكم عن أخلص التهاني وأزكى التبريكات، راجيا من الله العلي القدير أن يحفظكم وأسرتكم الملكية الشريفة، ويديم عليكم نعم الصحة والسعادة والهناء، ويحقق للشعب المغربي المزيد من التقدم والازدهار تحت قيادتكم الرشيدة".

وأضاف: "وأغتنم هذه المناسبة المجيدة لأستحضر بكل تقدير، وإكبار ما سجله التاريخ من صفحات مشرقة للتضحيات الجسام التي بذلها المغاربة تحت قيادة جدكم الراحل الملك محمد الخامس، تغمده الله بواسع رحمته، والتي توجها إعلان الاستقلال واسترجاع الشعب المغربي الشقيق لسيادته".

وقبل أسبوع، أكد الملك المغربي، في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى الـ43 لما يعرف في المغرب بـ"المسيرة الخضراء"، انفتاح بلاده على المقترحات والمبادرات التي تتقدم بها الجزائر بهدف تجاوز الجمود في العلاقات بينهما. وأضاف أن الآلية التي يقترحها على الجزائر تتناول قضايا الاستثمار وتعزيز التشاور الثنائي تجاه التحديات الإقليمية والدولية، وأهمها مكافحة الإرهاب وإشكالية الهجرة، بما يضمن إرساء علاقات ثنائية متينة. وقال إن مهمة هذه الآلية "تتمثل في الانكباب على دراسة جميع القضايا المطروحة، بكل صراحة وموضوعية، وصدق وحسن نية، وبأجندة مفتوحة، ودون شروط أو استثناءات".

واعتبر الملك المغربي أن هذه الآلية "يمكن أن تشكل إطارا عمليا للتعاون، بخصوص مختلف القضايا الثنائية، وخاصة في ما يتعلق باستثمار الفرص والإمكانات التنموية التي تزخر بها المنطقة المغاربية"، كما "ستساهم في تعزيز التنسيق والتشاور الثنائي لرفع التحديات الإقليمية والدولية، لاسيما في ما يخص محاربة الإرهاب وإشكالية الهجرة".

محمد السادس: وضع العلاقات بين المغرب والجزائر "غير طبيعي وغير مقبول"

ووصف محمد السادس وضع العلاقات بين المغرب والجزائر، بأنه "غير طبيعي وغير مقبول"، وقال إن هذا الواقع "لا يتماشى مع الطموح الذي كان يحفز جيل التحرير والاستقلال إلى تحقيق الوحدة المغاربية".

وأكد أن "المغرب مستعد للحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة، من أجل تجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية، التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين"، وأن مصالح الشعبين الجزائري والمغربي "هي في الوحدة والتكامل والاندماج، دون الحاجة لطرف ثالث للتدخل أو الوساطة".

وقال مصدر حكومي رفيع، إن آلية الحوار التي اقترحها الملك المغربي ستكون لها ثلاثة أهداف هي "طرح القضايا الثنائية العالقة على الطاولة بشفافية ومسؤولية والتعاون الثنائي بين البلدين في المشاريع الممكنة بالإضافة إلى كيفية التنسيق حول بعض القضايا الكبرى المطروحة كمشاكل الإرهاب والهجرة".

الا أن بعض الشخصيات الجزائرية يرون أن دعوة محمد السادس بـ "غير الجادة" و"تجسد الخطاب التقليدي للمغرب".

وبحسب مسؤول الأمن الجزائري السابق، أن عودة العلاقات الجزائرية-المغربية إلى سابق عهدها، وإعادة فتح الحدود البرية المغلقة بين البلدين، منذ ما يزيد على 20 عاماً، تتطلب تحقيق الشروط التي وضعتها الجزائر عام 2013، وهي؛ إنهاء حملة التشهير ضد الجزائر، وإحداث تعاون مخلص وفعال ومثمر، لحماية الحدود الجزائرية من تهريب المخدرات بكميات كبيرة إليها، فضلاً عن احترام موقف الحكومة الجزائرية من مسألة الصحراء الغربية، الذي يعتبر أن مسألة تصفية الاستعمار يجب أن تجد تسوية وفقاً للقانون الدولي داخل الأمم المتحدة.

المغرب والجزائر يتفاوضان حول انبوب الغاز

واتفق كل من وزير الطاقة الجزائري مصطفى قيطوني ونظيره المغربي عزيز الرباح في تشرين الاول/اكتوبر الماضي على بدء محادثات بشأن مستقبل إمداد أوروبا بالغاز عبر التراب المغربي، وذلك على هامش المؤتمر العربي حول الطاقة الذي عقد في مدينة مراكش.

وبموجب الاتفاق يشرع البلدان قريباً في عقد سلسلة من الاجتماعات بخصوص أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي الذي يعرف بـ"Maghreb Europe Gas Pipeline"، ويمتد على مسافة 1300 كيلومتر انطلاقا من منطقة حاسي الرمل في الجزائر، ويعبر المغرب على طول 540 كيلومترا، قبل وصوله إلى قرطبة الإسبانية.

ويبدو أن عزم المغرب على تحسين علاقاته مع دول الجوار أصبح سياسة، كما هو حال الجزائر إذ أن المغرب وقبل أسابيع، دعا إلى تعزيز البنية الإفريقية للسلم والأمن لمواجهة التحديات الأمنية، لاسيما تهديدات من اسماهم الفاعلين غير الحكوميين التي تمس بالاستقرار والوحدة الترابية للدول الإفريقية.

الرياضة... وتلطيف الاجواء بين الجانبين 

وكانت الجزائر قامت قبل نحو 5 أشهر، بالتصويت لصالح ملف احتضان المغرب كأس العالم 2026، مما فسح المجال لتلطيف الأجواء بين الجانبين. وما كرس هذه الأجواء الإيجابية التضامن الكبير الذي عبر عنه كثير من الجزائريين مع المنتخب المغربي الذي شارك في نهائيات كأس العالم بروسيا.

ورد المغاربة التحية بأحسن منها، حيث قال نشطاء مغاربة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر إن الطرفين يحتاجان لجمع شتات المغرب العربي الكبير. فيما قال آخرون إن المغرب خسر تنظيم مونديال 2026، لكنه بالمقابل ربح جارته الشرقية التي صوتت لصالحه.

وانتشرت عدة وسوم آنذاك دعا من خلالها عدد من نشطاء تويتر وفيسبوك لفتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ العام 1994، وتبادلوا العبارات الإيجابية بينهما.