الازدواجية في غايات زيارة ابن سلمان 

الازدواجية في غايات زيارة ابن سلمان 
الثلاثاء ٢٧ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٦:١١ بتوقيت غرينتش

الزيارة الخارجية الاولى لابن سلمان بعد جريمة قتل خاشقجي بدات من الامارات ومن المفترض ان تنتهي في الارجنتين. عدم الاعلان عن المحطات التالية للزيارة الا قبل يوم واحد من التوجه اليها يحمل في طياته مؤشرات خاصة .

العالم - مقالات

ابن سلمان بدا جولته يوم الخميس من الامارات في حين ان الانباء وحتى اللحظة الاخيرة كانت متضاربة حول القيام بها ، كما انه على صعيد تعريف المحطات التالية للجولة تم الاستفادة من عبارات مثل يتوقع ان تكون المحطة التالية هي البلد الفلاني . والان وصل ابن سلمان الى مصر بعد زيارته الامارات والبحرين. الى هنا لم يواجه ابن سلمان اي مشكلة لانه زار ثلاث دول من حلفائه ، تلك الدول التي لا تختلف عن السعودية من حيث الرقابة الاستبدادية المفروضة على وسائل الاعلام  وبالتالي على الراي العام .

الجولة الجديدة من زيارات ابن سلمان بعد مقتل خاشقجي والتي يتهمه غالبية الراي العام بالمسؤولية المباشرة فيها، بدات في حين ان غالبية المحللين والعارفين بالشان السعودي يعتقدون بان ابن سلمان والنظام السلماني كان سيكون في خبر كان لو لا دعم الرئيس الامريكي دونالد ترامب له وان انهيار النظام السعودي كان حتميا. في مثل هذه الظروف يسعى ابن سلمان من خلال زياراته هذه توجيه رسالة مفادها ان استقرار النظام السعودي لم يتزعزع بسبب حادثة خاشقجي، ولذلك فان بامكان ولي العهد السفر الى خارج البلاد بارتياح دون ان ينتابه اي قلق. المزج بين منطقي الخليج الفارسي ( البلدين الحليفين اي الامارات والبحرين) مع دول مصر وتونسي والجزائر واحيانا موريتانيا باعتبارها المحطات الاخرى لزيارة ابن سلمان، يهدف الى الايحاء بان السعودية وبعد مقتل خاشقجي ليست منعزلة وان مكانتها لم تتزعزع . وعلى هذا الاساس واستمرارا لهذا الهدف لا يستبعد المحللون بان يبذل ابن سلمان جهودا حثيثة للقاء المسؤولين الاتراك على هامش قمة "جي 20 " المقررة في الارجنتين، ليضرب عصفورين ين بحجر واحد، تبرئة نفسه من جريمة قتل خاشقجي واثارة سخط استياء قطر . 

ويرى بعض المحللين الاخرين بان مستشاري ابن سلمان وفي هذه الفترة الحرجة وبعد حادثة قتل خاشقجي، لم يحسنوا تقديم المشورة اليه ما جعله يتمادى في تشويه مصداقيته. وكدليل على ذلك يقول المحللون، "وان تم استقبال ابن سلمان من قبل مسؤولي هذه البلدان ولكن ردود فعل الراي العام حيال الزيارة – على سبيل المثال ما حدث في تونس حيث تم وصفه بـ"ابو منشار" – شوهت صورة ابن سلمان اكثر من السابق. اما بعض المحللين الاخرين يرون ان مجرد خروج ولي العهد من البلاد في الظروف التي تلت جريمة القتل والتوجه الى الدول الحليفة وغير الحليفة، حتى وان كان قد تم رغما عنهم وبطلب من السعودية، الا انها خطوة مناسبة لنسيان الدور الذي اضطلع به ابن سلمان في جريمة قتل خاشقجي والتستر عليه.

الى جانب ما قيل، يبدو ان ابن سلمان ينوي تحقيق هدف اكبر من هذه الزيارة، التمهيد لـ"صفقة ترامب" تلك المهمة التي اوكلها اليه الرئيس الامريكي . السعودية وان كانت لا تستطيع حاليا استقبال رئيس وزراء كيان الاحتلال في الرياض ولكنها بلا شك يمكنها ان تشجع حلفائها على القيام بهذا الامر، وانطلاقا من ذلك تمهد الارضية لتحقيق اوامر ترامب القاضية بالتطبيع مع الكيان الاسرائيلي. هذه الخطوة تم الاعلان عنها رسميا من خلال تقديم البحرين ( وبعدها عمان ) على انها المحطة التالية لزيارة نتنياهو، وطبعا تسريب خبر تواجد وزير اقتصد الكيان الصهيوني في البحرين جعل من هذه الزيارة امرا محتوما. 

اما في دول شمال افريقيا حيث يتبين من ردود افعال الراي العام، يبدو ان المهمة ستكون اصعب ولذلك يحاول ابن سلمان التكتم على محطات زيارته التالية للتقليل من ردود افعال الراي العام . ابن سلمان الزم نفسه بزيارة تونس ، ذلك البلد الذي ينشط فيه حزب النهضة وجماعة الاخوان على نطاق واسع، وسمتها البارزة انها من ألد اعداء السعودية السلفية. ولو اضفنا الى ما سبق الجزائر التي لم تنضوي في اي حلف اقليمي سعودي، لادركنا لماذا تم اختيار هذه الدول كمحطات تالية لزيارة ولي العهد وما هي الاهداف التي يتوخاها ابن سلمان من هذه الزيارات؟ .

الى هنا فان الزيارة مرت بسلام لابن سلمان، ومخرجاتها كانت الصور والسيلفيات والافلام التي توصف بـ"مراسم الاستقبال" و اقرأها ( المجون والاستمتاع ) ، اما ما سيواجهه ولي العهد الغر في محطات زيارته التالية فهذا ما يجب ان ننتظر ونراه، رغم ان المهمة الجديدة التي وضعها ترامب على عاتق ابن سلمان تسهل الامور لولي العهد السعودي الذي خرج لتوه من خطر الانهيار مهما كانت الظروف.   

ابو رضا صالح - العالم