من تونس الى الأرجنتين.. أصفاد العدالة تلاحق بن سلمان!

من تونس الى الأرجنتين.. أصفاد العدالة تلاحق بن سلمان!
الخميس ٢٩ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٩:٥٠ بتوقيت غرينتش

​​​​​​​اثارت زيارة الولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لتونس موجة غضب في الشارع التونسي حيث تعالت اصوات منظمات نقابية ومدنية وطلابية وأحزاب سياسية احتجاجا على زيارة المتهم الاول بارتكاب جرائم ابادة في اليمن واغتيال الصحفي جمال خاشقي. القصة لم تنته في تونس، فالمؤشرات تفيد بأن قضاء الارجنتين يحضر مفاجئات للامير الشاب على خلفية مشاركتة في قمة مجموعة العشرين التي ستعقد يومي الجمعة والسبت في بوينس آيرس.

العالمتقارير

تونسيون يحتجون ضد زيارة بن سلمان إلى البلاد

نظم مئات التونسيين مسيرة احتجاجية وسط العاصمة تونس، رفضا لزيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مساء الثلاثاء إلى تونس، على خلفية اتهامات له بالوقوف وراء مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

ورفع المحتجون شعارات من قبيل "شعب مواطنين.. تونس ليست للبيع"، و"الشعب يريد طرد ابن سلمان"، و"الشعب يريد تجريم التطبيع"، كما رفعوا أعلام تونس والجزائر وموريتانيا ومصر وفلسطين.

وانطلقت المسيرة التي دعت إليها منظمات مدنية وأحزاب من بينها حزب "حراك الإرادة" و"الجمهوري" و"الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع والصهيونية" (مستقلة)، من أمام تمثال "ابن خلدون" وسط العاصمة لتجوب شارع "الحبيب بورقيبة".

وشارك مئات المحتجين في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، مرددين شعارات ورافعين لافتات تندد بزيارة ولي العهد السعودي؛ بسبب مسؤولية الرياض في الأزمة الإنسانية في اليمن، وما تخلفه من المآسي والضحايا، وأيضا بسبب جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي الشهر الماضي في قنصلية بلاده بإسطنبول.

ومنذ الخميس الماضي، زار ابن سلمان الإمارات والبحرين ومصر، ضمن أول جولة خارجية له منذ مقتل خاشقجي (59 عاما) داخل قنصلية المملكة في مدينة إسطنبول مطلع أكتوبر / تشرين الأول الماضي.

وعبرت منظمات نقابية ومدنية وطلابية وأحزاب سياسية تونسية، عن رفضها زيارة ولي العهد السعودي، متهمة إياه بالوقوف وراء مقتل خاشقجي.

وبالتزامن مع بيانات التنديد والرفض والاستنكار، أُطلقت دعوات إلى تنظيم وقفات احتجاجية مساء الاثنين والثلاثاء الماضيين في العاصمة التونسية، رفضا للزيارة.

عدد من المحتجين في مظاهرات تونس رفعوا مناشير حقيقية للتنديد بطريقة تقطيع جثة الصحفي خاشقجي بقنصلية بلاده بإسطنبول

من أبرز مظاهر الاحتجاج في تونس على زيارة ولي عهد السعودية لافتة عملاقة وضعت على واجهة مقر النقابة الوطنية للصحفيين.

إلى جانب مأساة اليمن وجريمة خاشقجي، رفع المحتجون لافتة تدين سياسة السعودية تجاه القضية الفلسطينية.

كمت حمّل المحتجون في تونس السعوديةَ مسؤولية الأرواح التي تزهق في حرب اليمن.

أعلام بعض الدول العربية مثل فلسطين والجزائر كانت حاضرة في الاحتجاج على زيارة محمد بن سلمان.

إحراق صور ولي العهد السعودي بتونس أمر غير مسبوق في الدول العربية.

العديد من الهيئات المدنية التونسية شاركت في الاحتجاجات الرافضة لاستقبال محمد بن سلمان.

بالتزامن مع زيارته.. القضاء التونسي يفتح تحقيقا ضد بن سلمان

وفتح القضاء في تونس تحقيقا ضد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بشأن أوضاع حقوق الإنسان في اليمن، وذلك بالتزامن مع زيارة ولي العهد التي قوبلت بمظاهرات واحتجاجات عارمة.

وأكدت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أنها أودعت صباح الاثنين شكوى لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس ضد ولي العهد السعودي اعتمادا على التقرير المتعلق بأوضاع حقوق الإنسان باليمن.

ودعت النقابة في شكواها إلى البحث في الموضوع واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإحالة الملف إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.

وكان رئيس الحكومة التونسية الأسبق حمادي الجبالي قال إن زيارة محمد بن سلمان لتونس سواء كانت بطلب منه أو بدعوة من الدولة التونسية- هي إهانة للشعب التونسي وثورته التي قامت على قيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان.

وبرر الجبالي موقفه بالقول إن ما أقدم عليه محمد بن سلمان من تعدٍ صارخ على القيم الإسلامية والإنسانية في بلاده وخارجها -وآخرها جريمة القتل والتمثيل بالصحفي جمال خاشقجي- يحتم عدم الترحيب به على أرض تونس الثورة.

تجنبا لأسئلة الصحفيين.. الرئاسة التونسية اكتفت ببيان 

قالت وكالة رويترز للأنباء إن الرئاسة التونسية ألغت المؤتمر الصحفي في ختام المباحثات التي أجراها الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قصر قرطاج، واكتفت بدعوة المصورين فقط.

وعلى عكس التقاليد المعمول بها في مثل هذه الزيارات انتهى اللقاء ببيان رئاسي، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة للتهرب من أسئلة الصحفيين التونسيين بخصوص الزيارة التي أثارت جدلا كبيرا في تونس.

وحالة من الغضب سادت الصحفيين التونسيين لمنعهم من تغطية الزيارة في مقابل إتاحة الأمر لوسائل الإعلام السعودية.

وتونس لم تشهد في السابق ضجة إعلامية أو شعبية أثناء زيارة مسؤول عربي كما شهدت ذلك خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان.

هيومن رايتس تخاطب بن سلمان: يد العدالة ليست قصيرة

وبينما يشارك الأمير محمد بن سلمان يوم الجمعة في قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين تقدمت منظمة هيومن رايتس ووتش بشكوى ضده، مطالبة سلطات الأرجنتين بملاحقته بداعي جرائم حرب في اليمن وحالات تعذيب لرعايا سعوديين واحتمال ضلوعه في جريمة قتل خاشقجي.

و خاطبت منظمة هيومن رايتس ووتش وليَ العهد السعودي محمد بن سلمان عبر تويتر قائلة إن يد العدالة ليست قصيرة وإنها قد تطاله في الأرجنتين إذا زارها، وذلك بعد تغريدة سابقة حذرته فيها من السفر إلى هناك "لتلميع صورته" بينما قد يتربص به القضاء.

وقالت هيومن رايتس في تغريدتها أمس "إن يد العدالة ليست قصيرة، وقد تطال المنتهكين حتى في قارة أخرى. يجب أن يتذكر ولي عهد السعودية ذلك قبل مشاركته في قمة العشرين في الأرجنتين".

وفي تغريدة سابقة، خاطبت المنظمة ولي العهد السعودي في تحذير مباشر قائلة "يا محمد بن سلمان، قبل أن تسافر إلى الأرجنتين لتلميع صورتك أمام رؤساء الدول في قمة العشرين، اعلم أن القضاء هناك قد يحقق في جرائمك المحتملة".

وذكرت وسائل إعلام سعودية في وقت مبكر من صباح الأربعاء أن محمد بن سلمان غادر تونس متوجها إلى الأرجنتين لحضور قمة مجموعة العشرين.

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش طالبت الأرجنتين باستغلال بند في دستورها متعلق بجرائم الحرب، للتحقيق في دور ولي العهد السعودي في جرائم محتملة ضد الإنسانية في اليمن ومقتل الصحفي جمال خاشقجي.

وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة سارة ليا ويتسون إن المنظمة تقدمت بهذا الطلب إلى القاضي الاتحادي في الأرجنتين، حيث من المقرر أن يحضر محمد بن سلمان افتتاح قمة مجموعة العشرين هذا الأسبوع.

وأضافت أن المنظمة قدّمت معلومات لممثلي الادعاء في الأرجنتين، على أمل أن يحققوا في تورط ومسؤولية ولي عهد السعودية عن جرائم حرب محتملة في اليمن وتعذيب مدنيين وقتل خاشقجي.

ويعترف الدستور الأرجنتيني بالاختصاص العالمي لجرائم الحرب والتعذيب، مما يعني أن السلطات القضائية هناك يمكنها التحقيق في تلك الجرائم ومحاكمة مرتكبيها، لكن وسائل إعلام أرجنتينية نسبت إلى مصادر قضائية قولها إن من غير المرجح أن تأخذ السلطات على عاتقها القضية ضد ولي العهد السعودي.

القضاء الأرجنتيني يدرس توجيه تهم لابن سلمان بسبب قتل خاشقجي

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن السلطات القضائية في الأرجنتين "تدرس إمكانية توجيه تهم لولي العهد السعودي محمد بن سلمان على خلفية جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي والعملية العسكرية التي تقودها المملكة باليمن"، وفقا لمسؤولين مشاركين في تحرٍ بهذا الخصوص.

وأضافت الصحيفة الأمريكية أن "التحري، الذي يركز على مزاعم بشأن ارتكاب جرائم حرب خلال التدخل العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، يعد الاختبار الأهم حتى الآن لقدرة بن سلمان على التحرك خارجيا إثر غضب دولي لاحقه منذ جريمة قتل خاشقجي، الذي كان مقيما في ولاية فيرجينيا وكاتبا في صحيفة واشنطن بوست".

ومن المتوقع، حسب "نيويورك تايمز"، أن "تكون قضية خاشقجي، أيضا، جزءا من التحري، إضافة إلى ادعاءات بتعذيب معارضين في السعودية".

وأوضحت الصحيفة أن التحري في الأرجنتين "حركته شكوى مقدمة من منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية، ولا يزال في مراحله الأولى".

وأضافت أن "الحصانة الدبلوماسية أو غيرها من أنواع الحصانة قد تحمي الأمير السعودية في نهاية المطاف من أي اتهامات محتملة".

ولفتت في هذا الصدد إلى أن مسؤولين أرجنتينيين استبعدوا أن ينتج عن التحر مذكرة اعتقال بحق بن سلمان قبل قمة العشرين، الذي تنعقد يومي الجمعة والسبت المقبلين.

لكن "مجرد وجود خطر ضئيل على بن سلمان جراء التحرك القضائي في الأرجنتين وفق الصحيفة قد يطغى على رحلة كان يُنظر إليها في السابق على أنها فرصة للأمير السعودي لإظهار أنه ما زال مرحبًا به بين قادة العالم حتى بعد أن خلص تقييم لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه) أنه أمر بقتل خاشقجي".

وأضافت "نيويورك تايمز" أن تراجع الأمير عن المشاركة في اجتماع قمة مجموعة العشرين، الذي يحضره قادة أكبر الاقتصادات في العالم، سيمثل "علامة على أن جريمة قتل خاشقجي قد تمثل وصمة مستمرة تعوق استمرار فعالية الأمير كزعيم إقليمي".

ونقلت الصحيفة عن كينيث روث، المدير التنفيذي لـ"هيومن رايتس ووتش" قوله إن "حضور بن سلمان قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس يمكن أن يشكل فرصة لتحقيق العدالة لضحايا الانتهاكات في اليمن أو السعودية".

وأضاف: "يجب على محمد بن سلمان أن يعلم أنه ربما يواجه تحقيقا جنائيا إذا توجه إلى الأرجنتين".

من جانبه، قال كارلوس ريفولو، رئيس رابطة المدعين في الأرجنتين، لـ"نيويورك تايمز"، إن شكوى المنظمة "هيومن رايتس" رُفعت إلى النيابة العامة في الأرجنتين، الإثنين، وأنها الادعاء يدرس حاليا إمكانية فتح تحقيق رسمي.

يشار إلى أن الدستور الأرجنتيني ينص على أحقية السلطات القضائية في البلاد بمقاضاة من يتم اتهامه بجرائم حرب أو انتهاكات لحقوق الإنسان، بغض النظر عن جنسيته أو مكان ارتكاب الجريمة، طالما أنه وصل إلى أراضيها.

وسط مطالب بمقاضاته.. محمد بن سلمان يصل الأرجنتين

ووصل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الأربعاء إلى الأرجنتين لحضور اجتماعات قمة مجموعة العشرين وسط تهديدات من منظمة هيومن رايتس ووتش بأن تطاله يد القضاء هناك.

والأسبوع الماضي، نقل عن وكالة المخابرات المركزية الأميركية أنها توصلت إلى أن "قتل خاشقجي كان بأمر مباشر من محمد بن سلمان"، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب شكك في تقرير الوكالة، وتعهد بأن يظل "شريكا راسخا" للسعودية رغم قوله إن الأمير السعودي ربما كان لديه علم بخطة قتل خاشقجي، وربما لم يكن يعلم.

وتواجه السعودية أزمة دولية كبيرة منذ أعلنت في 20 أكتوبر/تشرين أول الماضي، مقتل خاشقجي في قنصليتها بإسطنبول، بعد 18 يومًا من الإنكار.

وقدمت الرياض روايات متناقضة بشأن مصيره، قبل أن تقر بقتله وتجزئة جثته، إثر فشل "مفاوضات" لإقناعه بالعودة إلى المملكة.

وأثار ما حدث لخاشقجي موجة غضب عالمية ضد المملكة ومطالبات بتحديد مكان الجثة ومحاسبة الجناة، وخاصة من أمر بالجريمة.

وقالت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، قبل أيام، إنها توصلت إلى أن "بن سلمان" هو من أمر بقتل خاشقجي.

لكن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع الرياض، شكك في تقرير الوكالة.

وأعلنت النيابة العامة السعودية، منتصف الشهر الجاري، أن من أمر بقتل خاشقجي هو "رئيس فريق التفاوض معه"، وأنه تم توجيه تهما إلى 11 شخصا، وإحالة القضية إلى المحكمة، مع المطالبة بإعدام 5 منهم.

السؤال الذي يطرح نفسه هو. هل الحصانة الدبلوماسية تحمي الأمير السعودي من الملاحقة القضائية؟ ام العدالة ستجتاز سياج الحصانة وتأخذ مجراها في المقاضاة و المساءلة؟ مهما كانت النتيجة ستبقى الاحتجاجات الشعبية الصاخبة وتهديدات هيومن رايتس ووتش وتحركات القضاء الارجنيتي و.. نقطه سوداء من الصعب محوها من ذاكرة السعودية.