شاهد: سوري يستعيد فن تحريك الدُمى رغم صعوبات الحرب

الأربعاء ٠٥ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٣:١٠ بتوقيت غرينتش

خسر شادي الحلّاق، وهو آخر محرك لدمى الظل في دمشق، معظم معداته بفعل الحرب، واستطاع الهرب ليصبح لاجئا في لبنان، وبدأ شادي هناك العمل في الأشغال اليدوية، لكن قناعته بأن هذا الفن القديم قد يتم إنقاذه لم تتوقف.

العالم - منوعات 

خسر آخر محرك لدمى الظل في دمشق معظم معداته بفعل الحرب وتحمل الحياة لاجئاً، في لبنان لكنه يؤمن اليوم بأن هذا الفن السوري القديم، ربما ينجو، بعد أن ارتأت الأمم المتحدة ضرورة صونه واستمراره. 

ومسرح خيال الظل هو شكل من أشكال الفنون التقليدية يعتمد على تحريك الدمى اليدوية الصنع خلف ستارة شفافة رقيقة أو شاشة داخل مسرح مظلم، لسرد سيناريو مقروء، على أنغام موسيقى خفيفة.

وكان مسرح الظل جزءاً أساسياً من يوميات المقاهي الدمشقية، واستخدم كل حكواتي جلد الحيوانات المصبوغة مل الدمى أو العرائس وأمضوا الساعات في الترفيه عن رواد المقاهي بالحكايات الطويلة المشوقة، والأغاني الساخرة، وأبيات الشعر، التي تعكس حال المجتمع.

وأدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة يونسكو في الأسبوع الماضي مسرح خيال الظل على قائمة التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى الصون العاجل.

وأشارت إلى أن عوامل مختلفة مثل التكنولوجيا الحديثة، والنزوح الجماعية، التي تسببت فيها الحروب أدت إلى انخفاض الإقبال على مسارح خيال الظل انخفاضاً كبيراً في السنوات القليلة الماضية.

وبعد انحسار هذا الفن، حمل شادي الحلاق المولود بدمشق في 1976 عبء الحفاظ عليه.

وشادي ابن الحكواتي الراحل ذائع الصيت رشيد الحلاق، ويعمل في هذا المسرح الذي يطلق عليه أيضاً اسم "كركوز وعواظ".

وقال شادي: "قبل ثلاثة أو خمسة أيام اعتبر كثيرون أن هذا الفن لا يطعم الخبز. أما اليوم فنحن نفكر في شراء الخبز وأيضاً أن نأكله... آمل أن يكون هذا القرار للأفضل".

وعندما اتخذ شادي هذه الحرفة مهنة له في 1993 كان مسرح خيال الظل التاريخي، في طي النسيان واختفى من المجتمع الدمشقي.

وعبرت عائلة الحلاق عن قلقها من فشل الشاب الشغوف في تحويلها إلى مهنة تعيله في حياته اليومية.

لكنه أعاد إحياء هذه المهنة المنسية من خلال دراسته المتعمقة للقصص القديمة وكتب التاريخ وصنع العرائس بمفرده من جلد الإبل، والبقر، والحمير.

وفي عرض قدمه في الآونة الأخيرة، استخدم الحلاق شاشة شفافة رسم عليها مدينة دمشق القديمة ليروي قصة تجار عديمي الضمير، واستخدم بطبيعة الحال شخصيتي كركوز، وعواظ لتصل الرسالة بأسلوب طريف ومشوق.

ويمكن التحكم في الدميتين بالعصي ويضغطان على الجزء الخلفي من الشاشة ويصوب الضوء من خلفهما، فيظهر ظلهما فقط على الشاشة.

وخسر الحلاق مسرحه المتنقل في بداية الحرب ومعه 23 دمية  في الغوطة الشرقية خارج دمشق بفعل الصراع المشتعل في كل الجبهات.

واستطاع الهرب من الحرب وعبر الحدود وصولاً إلى لبنان، أين عمل في الأشغال اليدوية.

وفي لبنان جرت العادة أن يقدم بعض العروض للتلاميذ السوريين، واكتشفه مسؤولو اليونسكو في أحد هذه العروض.

وتؤكد مسؤولة ثقافية سورية أن الحلاق سيبدأ تعليم هذه المهنة لبعض محركي دمى الظل المستقبليين في سوريا على مدى ستة أشهر، ليطمئن على استمرار هذا الفن.

وفي تعبير عن تفاؤله بهذا التطور قال الحلاق: "يمكنني تخيل مدى سعادة الناس لرؤية هذا الفن يستمر ولا يختفي، لأنه جزء من تراثنا وثقافتنا".