قطر.. وموقفها من مجلس التعاون وقمة الرياض؟

قطر.. وموقفها من مجلس التعاون وقمة الرياض؟
الجمعة ٠٧ ديسمبر ٢٠١٨ - ١١:١٣ بتوقيت غرينتش

لعدة سنوات فضلت الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي، الهوية الخليجية، هوية جمعية تحت مظلة مجلس التعاون، على أمل أن تنتج الثقافة المشتركة والاندماج الاجتماعي والتزاوج المجتمعي الخليجي، رؤية سياسية موحدة لدى الدول والحكومات الخليجية، الا ان مجلس التعاون ومثل شقيقته الكبرى، الجامعة العربية، أسفر في النهاية عن اتحاد هش بسبب الخلاف في الرؤى والمواقف تجاه الاحداث، مما كشف انه كيف يمكن للهويات المتنازعة، والمرتبكة بعض الأحيان، أن تزرع بذور الشقاق.

العالم- تقارير

لا تفضي المشتركات الاجتماعية والثقافية وحدها بالضرورة إلى وحدة سياسية ناجحة على ارض الواقع. وأظهرت الخلافات بين الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية مع قطر أن الازمة الخليجية ليست وليدة اللحظة، وهناك عوامل مباشرة أدت إلى تفجرها بهذا الشكل وأهمها مزاعم السعودية والامارات وحلفائهما حول دعم قطر للجماعات الارهابية.

وقد تبادلت الدول الخليجية هذه المزاعم والاتهامات فيما بينها الی أن وصل الرئيس الامريکي دونالد ترامب الی سدة الحکم وهنا شعرت کل من السعودية والامارات أن الاصطفاف في المنطقة يميل لصالحهما في الوقت الراهن.

من هنا قررت الدولتان التصدي للسياسة المستقلة التي تنتهجها الدوحة متوقعتين أن تحظى هذه الخطوة بدعم إدارة ترامب. کما لا يخفى على المراقبين الموقف المستقل واللهجة التصالحية لقطر تجاه إيران. وقد أكد أمير قطر خلال اتصالاته بالمسؤولين في ایران وما تبعته من زیارات متبادلة بين مسؤولي البلدين ان علاقات قطر مع الجمهورية الاسلامية الإيرانية عريقة وتاريخية ووثيقة وان الدوحة تريد تعزيز العلاقات مع طهران أكثر مما مضى.

وعقب ذلك شنت وسائل اعلام سعودية حملة شديدة على الدوحة متهمة إياها بالتنصل من مقررات قمة الرياض. کما وجهت السعودية وحلفاؤها اتهامات اخری لقطر وفرضت عليها حصارا قاسيا مضی عليه أکثر من عام واحد لحد الان وقد کشف هذا الحصار عن تفكك واضح في العلاقات بين دول الخليج الفارسي وأدی الی اعلان قطر الانسحاب من منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك".

وليس هذا فحسب؛ اذ نشر موقع بلومبيرغ الأميركي الأربعاء الماضي تحليلا لم يستبعد انسحاب قطر أيضا من مجلس التعاون، الأمر الذي سيثير من دون شك حفيظة السعودية ويحرجها.

وقال الكاتب بوبي غوش في مقاله إن المبررات التي قدمتها قطر لانسحابها من منظمة أوبك بعد عضوية دامت 57 سنة، يمكن بسهولة -بل وبشكل أكثر إقناعا- أن تستخدم لتبرير الخروج من مجلس التعاون.

وأضاف غوش أن رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني قال في تغريدة إن منظمة أوبك تُستخدم فقط لأغراض تهدف إلى الإضرار بمصالح بلاده. واعتبر الكاتب أن هذا يطبق بشكل مضاعف داخل مجلس التعاون، حيث تعد السعودية والإمارات المحركين الرئيسيين لحصار قطر.

ورأى الكاتب أن قطر ليس لديها ما تكسبه من بقائها في المجلس، لا سيما أن المجلس –حسب رأيه- لا يملك إلا تأثيرا ضئيلا في الشؤون الإقليمية.

والحقيقة ان الارتباك داخل مجلس التعاون كبير ومترسخ. فالبحرين تسير على خطى السعودية بشأن تمرير سياساتها ضد قطر، لکن الكويت وعُمان مستاءتان من "البلطجة السعودية"، كما أعلن الكويتيون أنهم يرغبون في رؤية جهود لحل الأزمة الخليجية في القمة الخليجية القادمة في الرياض. کما ان اميرکا تسعی هذه الايام لانهاء الازمة ورفع الحصار عن قطر من خلال ممارسة الضغوط علی السعودية.

وفي السياق ذاته، افاد تقرير للجزيرة، ان قرار الانسحاب من أوبك، أشعل الحماسة في نفوس القطريين من جديد، وفكرة الانسحاب من مجلس التعاون توهجت أكثر فأكثر، حيث تراهم الآن وقد نشطوا -وما زالوا- على وسائل التواصل المختلفة، يدعون قيادتهم إلى اتخاذ قرار مشابه.

وإعلان الانسحاب من المجلس الذي إن لم تحركه أزمة إستراتيجية خطرة غير مسبوقة في تاريخه كالحصار، فهو بالتالي لن يحركه أي أمر آخر، ومن ثم صار البقاء فيه نوع من تبديد الوقت والجهد، هكذا ينطق لسان حال المجتمع القطري.

ما يشجع ويدفع هذا التوجه الشعبي القطري هو ذاك الفهم والوعي الذي تكوّن بعد الأزمة بأشهر قليلة، وثبت فعليا لهم أن هذا الكيان قد فقد دوره كثيرا، بل إن سلبيته بلغت حدا غير مسبوق خلال الأزمة، كان آخرها تجاهل القمة السابقة في الكويت بشكل لا يمكن تبريره، حين لم يحضر من القادة سوى أمير الكويت وأمير قطر، في حين قللت دول الحصار مستوى التمثيل ليصل بأحدهم أن يمثله وزير دولة.

ما قاله أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في وقت سابق إن "استمرار الأزمة الخليجية كشف إخفاق مجلس التعاون الخليجي في تحقيق أهدافه وتلبية طموحات شعوبنا الخليجية" إشارة إلى مدى الاستياء القطري على المستوى الرسمي قبل الشعبي تجاه هذا الكيان، الذي هرم قبل أن يبلغ الأربعين من عمره، بل وصار في الوجدان القطري أنه لم يعد لوجود قطر فيه أي حاجة، والانسحاب منه لن يضر قطر أكثر مما لحق بها من أضرار نتيجة الحصار.

هكذا إذن وصلت نظرة قطر الرسمية والشعبية إلى مجلس التعاون: كيان غير مؤثر، وبالتالي يمكن أن يصل المراقب للوضع إلى نتيجة مفادها أن البقاء فيه هدر للوقت والجهد وكذلك المال.

فمن وجهة نظر المجتمع القطري قد صار البقاء في مجلس التعاون نوعا من تبديد الوقت والجهد، لكن التساؤل المطروح الآن: كيف سيكون مظهر القمة القادمة بالرياض، بينما السعودية تعيش أزمة دولية عميقة خانقة على خلفية جرائمها في اليمن وتداعيات تصفية الصحفي المعارض جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول، حيث تبحث عن أي حل إقليمي أو دولي يعينها على تبييض بعض ما تشوه من صورتها أمام العالم. فهل تحدث مفاجأة قطرية قبل الأحد القادم موعد انعقاد قمة الرياض ام كما وجد المراقبون للشأن الخليجي أن تصريحات وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مؤخرا أمام مجلس العلاقات الخارجية أثناء زيارته للولايات المتحدة، بأن "مجلس التعاون الخليجي افتقد القدرة على التأثير، ومن غير المرجح أن يسترد دوره مستقبلا في ظل الوضع الحالي"، هي إشارة قطرية أخرى للعالم، مفادها أن مستقبل هذا المجلس غامض؟