مطالبات الشارع الفرنسي وقرارات الحكومة!

الجمعة ٠٧ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٦:٥٤ بتوقيت غرينتش

مع بدء مسيرات كان قد نظمها الشعب الفرنسي، في نوفمبر الماضي، احتجاجًا على مشروع قانون الهجرة، فعادت المسيرات الى الشوارع في ثوب جديد، ولكن هذه المرة احتجاجا على أسعار الوقود وارتفاع مستوى المعيشة، واعتراضًا على السياسات الخارجية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

العالم - تقارير

هذا وبالرغم من أن وزير الداخلية الفرنسي "جيرار كولومب"،كان قد وضح المشروع، قائلا: إن نص المشروع متوازن تماما ومنسجم مع القانون الأوروبي، ولا يزال أقل بكثير من الإجراءات التي تم اتخاذها في دول مثل ألمانيا وإيطاليا والسويد، دفع وتيرة الحد إلى التراجع.

الا أن العاصمة باريس شهدت حالة شديدة من الفوضى والدمار والتخريب، لم تشهدها منذ انتهاء الثورة الفرنسية عام 1794،نتيجة لما فعله المتظاهرين من إشعال النيران في متحف أورونجوري، والتهام ألسنة النيران في العديد من المؤسسات الحكومة والخاصة، واقتحامهم لبرج إيفل الذي يعد من أهم المعالم السياحية في باريس!!...بينما تعدت المظاهرات عن حدها ،مطالبين لرحيل ماكرون، حيث خرجت الأوضاع عن سيطرة الشرطة الفرنسية.

فحدثت مواجهات عنيفة هناك بين قوات الشرطة والمحتجين أسفرت عن اعتقال 100 متظاهر، وسقوط العديد من الضحايا في صفوف المحتجين والشرطة، ونهب وتخريب الكثير من المصارف والمطاع التي تقع في تلك المحيط، فيما خرج وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستانير ليدعو جمع الشعب الفرنسي إلى الهدوء، والتمسك بالأهداف السلمية للاحتجاجات.

في المقابل لم ينصاع الشعب الفرنسي وراء هذه الرسالة، وتوجه إلى برج إيفل تمهيد لاقتحامه، ما أدى إلى عدم صمود الشرطة أمام كل تلك الاحتجاجات وأمر وزير الداخلية بتكثيف الحملات الأمنية لحماية برج إيفل، ونجحت في ذلك.

http://media.alalam.ir/uploads/org/2018/12/07/154420568405985300.mp4

ولم تنجح الشرطة الفرنسية في حماية متحف أورونجوري الذي يعتبر عاملا أساسيا في ترويج السياحة الفرنسية، وسقط ضحية لتلك المسيرات، وقامت قوات الأمن الحكومة الفرنسية، بإغلاق 19 محطة مترو في باريس، والمؤسسات الحكومية الهامة، نتيجة الاحتجاجات التي ضربت العاصمة، وخوفًا من نهبهم أو تعرضهم للسرقة من قبل المتظاهرين.

وحاليا، وبعد ثلاثة أسابيع من التعبئة الشعبية احتجاجا على زيادة أسعار المحروقات، تستعد الحكومة للأسوأ وتخطط لنشر 89 ألف شرطي بينهم ثمانية آلاف في باريس وحدها،تحسبا لاحتجاجات يوم غد،السبت ولاحتواء مظاهر العنف المتوقعة.

حيث قامت بلدية باريس بنزع كل ما يمكن للمتظاهرين استعماله أو تكسيره، كإجراء احترازي،كما توقف البرج ايفل عن استقبال الزائرين وتم إغلاقه أمام الزوار على مدار يوم 8 ديسمبر،بسبب الاحتجاجات ولأسباب أمنية،حسب ما اعلنه الموقع الإلكتروني الخاص ببرج إيفل،مشيرا إلى أنه سيتم إرجاع ثمن التذاكر لكل من اشتراها.

وفي ذات السياق،أكد رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب أن 89 ألفا من قوات الأمن سينشرون في أنحاء البلاد، بينهم ثمانية آلاف في باريس، ومعهم عربات مصفحة ونحن هنا أمام أناس لم يأتوا للاحتجاج، ولكن للتكسير، لا نريد منحهم العنان".

هذا وقد أعلنت نقابة الشرطة الفرنسية في وقت سابق من يوم الخميس، عزمها تنظيم إضراب عن العمل و دعمهم لاحتجاجات "السترات الصفراء"، ضد زيادة أسعار الوقود،قائلا: إن "مطالب السترات الصفراء، تهمنا جميعا، وحان الوقت للتضامن معهم بشكل قانوني... وسيشارك موظفون إداريون وتقنيون وعمال في وزارة الداخلية في الإضراب".

بعد انطلاق مسيرات لحركة السترات الصفراء و حدوث الإحتجاجات بسبب قرار الحكومة زيادة سعر وقود السيارات وضد الضرائب بشكل عام وارتفاع تكاليف المعيشة،مما أدت الى مقتل 4 أشخاص وإصابة المئات، وسط اتهامات للشرطة باستخدام العنف تنازلت الحكومة الفرنسية عن قرارها و قامت بإلغاء الضرائب على وقود السيارات التي كان مقررا فرضها خلال العام المقبل 2019،معتبرة أن "عناصر راديكالية" تحاول استغلال احتجاجات "السترات الصفراء" لإسقاط النظام في البلاد، محذرة من أن الرد عليهم سيكون "مناسبا وحاسما"!!!...

كما قال المتحدث باسم الحكومة بنجامين غريفو لصحيفة "لوباريزيان" الفرنسية تعليقا على الفعالية الاحتجاجية المزمعة قرب قصر الإليزيه في باريس غدا : "إن عناصر مسيّسة وراديكالية تحاول استغلال الحراك. هم يريدون الإطاحة بالسلطة".

وأعرب المتحدث عن قلقه إزاء احتمال "انتشار الأسلحة النارية" بين المتظاهرين، وقال: "قتل أربعة أشخاص وأصيب مئات آخرون خلال الفعاليات الاحتجاجية.

وتابع: "السترات الصفراء" الحقيقيون يجب ألا يكونوا دروعا بشرية. يوجد في صفوف المتظاهرين من يمنع الشرطة من شن حملات التوقيف".

كما نصح غريفو المواطنين بعدم المشاركة في احتجاجات السبت في باريس، محذرا من أن "أي اعتداءات خلال التظاهرات ستواجه برد مناسب وحاسم" مؤكدا على أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيلقي كلمة حول الوضع في البلاد على خلفية الاحتجاجات الأخيرة.

وفي وقت سابق من اليوم صرح رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية ريشار فيران لوكالة فرانس برس بأن ماكرون سيلقي خطابا "مطلع الأسبوع المقبل" حول أزمة "السترات الصفراء" التي تشهدها فرنسا، موضحا أنه اختار هذا الموعد لتجنب "صب الزيت على النار" قبل تظاهرات غدا.