اكراد سوريا بين التهديد التركي والتخاذل الاميركي

اكراد سوريا بين التهديد التركي والتخاذل الاميركي
الخميس ١٣ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠١:٤٥ بتوقيت غرينتش

تختلف الادوار التي يقوم بها الاكراد في شمال شرق سوريا، مع تغير الاوضاع الميدانية هناك، نظرا للدعم العسكري واللوجستي الذي يتلقونه من امريكا بحجة محاربة "داعش". اما الآن فهم يترقبون خوض معركة مع الجيش التركي بعد اعلان أنقرة، عن عملية عسكرية وشيكة شرقي الفرات والتي تخشى دائما حصولهم على كيان مستقل او كانتون انفصالي طالما تدعمهم واشنطن.

العالم - تقارير

منذ بداية الحرب على سوريا اصبح الاكراد السوريون أداة بيد واشنطن لتمرير سياساتها الاقليمية حيث قتل الالاف منهم جراء المعارك التي خاضوها بدعم امريكي في شمال سوريا دون ان يحصلوا على مكاسب سياسية. وهذه المرة يبدو أن النزاع بين الاكراد وتركيا اصبح محتدما بعدما توعدت الاخيرة ببدء عملية عسكرية جديدة "خلال أيام" تستهدف المسلحين الأكراد الذين تدعمهم القوات الأمريكية شرقي الفرات.

أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن عملية وشيكة في سوريا شرقي الفرات ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها.

أردوغان قد قال في كلمة له يوم الأربعاء "سنبدأ العملية لتطهير شرق الفرات من الإرهابيين الانفصاليين خلال بضعة أيام، هدفنا لن يكون أبداً الجنود الأمريكيين". وتصنف انقرة هذه القوات ضمن المنظمات الارهابية الانفصالية، وتصفها عدوا لها.

وحول الاتفاق التركي الأميركي بشأن خارطة الطريق في منبج، قال اردوغان إنّ الولايات المتحدة اتخذت سبيل المماطلة، وما زالت على ذلك النهج في الوقت الراهن، مضيفا "ستسمح هذه الخطوة بفتح المجال أمام حل سياسي وتعاون أفضل".

يأتي هذا في حين اعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن أي عمل عسكري من جانب واحد في شمال سوريا محل قلق بالغ و"غير مقبول".

وقال الكوماندر شون روبرتسون المتحدث باسم البنتاغون في بيان "القيام بعمل عسكري من جانب واحد في شمال شرق سوريا خاصة في ظل احتمال وجود أفراد من الجيش الأمريكي هناك أو في محيط المنطقة محل قلق بالغ. أي أفعال من هذا النوع غير مقبولة بالنسبة لنا".

وأضاف روبرتسون أن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن تركيا الحدودي لكن المعركة ضد "داعش" لم تنته وقوات سوريا الديمقراطية تظل "شريكا ملتزما" في التصدي للتنظيم.

ورغم المزاعم الاميركية بدعم القوات الكردية امام اي هجوم تركي الا انها لم تقم باي اجراء عملي لحماية هذه القوات من التعرض للهجمات التركية التي قتل خلالها الالاف من العناصر الكردية.

وعبرت أنقرة مرارا عن شعورها بخيبة الأمل لما تصفه بأنه تأخير في تنفيذ اتفاق منبج وقالت الشهر الماضي إنه ينبغي تنفيذ الاتفاق بالكامل بحلول نهاية العام.

وبدأت القوات التركية والأمريكية دوريات مشتركة في شمال سوريا الشهر الماضي، لكن هذا التعاون تعقد بعدما قصفت تركيا مسلحين من الأكراد إلى الشرق من نهر الفرات.

واكد ​وزير الدفاع التركي​ ​خلوصي أكار​، أن تركيا مصممة على استمرار عملياتها العسكرية في إدلب ومنبج وشرقي الفرات.

وأوضح الوزير التركي خلال كلمة في ملتقى الصناعات الدفاعية التركية، الأربعاء، أن "تنظيمات إرهابية لاسيما حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية وداعش نفذوا هجمات إرهابية داخل تركيا مستفيدة من الفراغ في السلطة والوضع غير المستقر في دول بالمنطقة"، حسب تعبيره.

ولفت إلى "أننا حيدنا أكثر من 3 آلاف إرهابي متطرف من داعش خلال ​عملية درع الفرات​، ونحو 5 آلاف مسلح من ​قوات سوريا الديمقراطية​ عبر عملية غصن الزيتون"، مشيراً إلى "متابعة تركيا عن كثب آخر التطورات في بحار إيجة والمتوسط والأسود".

ووفقا للاتفاق المبرم بين اميركا وتركيا حول منبج في حزيران الماضي فكان من المقرر ان يتم نزع سلاح قوات سوريا الديمقراطية أثناء انسحاب التنظيم من منبج الا ان الاتفاق لم يطبق لحد الان.

وتوتر الوضع بين انقره وواشنطن خلال الفترة الماضية على خلفية رفض تركيا النقاط العسكرية الاميركية التي تدعي واشنطن اقامتَها لمنع حصول أي مواجهة بين الجيش التركي والمقاتلين الاكراد المصنفين تركياً ارهابيين.

واعلنت الولايات المتحدة إقامة مراكز مراقبة في المنطقة الحدودية شمال شرق سوريا، لمعالجة المخاوف الأمنية لتركيا، بحسب المتحدث بأسم وزارة الدفاع الأميركية. وبهذا القرار تكون واشنطن قد ضربت بعرض الحائط الطلب الذي قدمته أنقرة رسميا للعدول عن إقامة هذه النقاط، بعدما أعلنت الأخيرة في الأيام القليلة أنها طلبت من أميركا التخلي عن نقاط المراقبة المذكورة، الأمر الذي لاقى إنتقاداً حاداً من وزارة الدفاع التركية، بشخص الوزير خلوصي أكار.

في المقابل تقول واشنطن أن الهدف من هذه النقاط، هو التأكد من أن قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية لن تنسحب من المعركة ضد داعش، ليس الا، بحسب وزارة الدفاع الأميركية.

واعلن المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون سوريا جيمس جيفري في وقت سابق أن الهدف من نشر نقاط المراقبة المذكورة آنفا، هو ضمان أمن تلك المنطقة أي شرق الفرات، بما فيها أمن تركيا، ولن تنشر لغرض القتال، بل المراقبة فقط.

أما فيما يتعلق بمستقبل الوجود الكردي في شمال شرق سوريا يبدو أنه يرتبط بالاجندة الامريكية، مادام الاكراد قادرين على لعب ادوار مختلفة تصب في اطار تمرير سياسات واشنطن في المنطقة، سواء فيما يتعلق بالمحاربة المزعومة لداعش او مواجهة الجيش التركي او عرقلة دخول الجيش وتمدد الدولة السورية الى اراضيها في شرق الفرات.