السعودية تتعهد بمساعدة تونس.. ماذا وراء الكواليس؟

السعودية تتعهد بمساعدة تونس.. ماذا وراء الكواليس؟
الأحد ١٦ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٤:٣٨ بتوقيت غرينتش

بعد زيارة للسعودية استمرت 3 أيام، تلبية لدعوة تلقاها من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أبلغ رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، الصحفيين، بأن المملكة تعهدت بمساعدة مالية لبلاده بنحو 830 مليون دولار

العالم-تقارير

نقلت وسائل اعلام تونسية، أمس السبت، عن رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، بعد عودته من زيارة إلى الرياض، أن السعودية تعهدت بمنح بلاده مساعدات مالية واستثمارات بقيمة 830 مليون دولار.

وأوضح الشاهد، وهو صهر الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، أن المساعدات المالية تتوزع بين 500 مليون دولار لتمويل الميزانية، و230 مليون دولار لتمويل التجارة الخارجية، و100 مليون دولار في شكل استثمارات.

ولم يخض رئيس الحكومة في تفاصيل.

ولفت إلى أنّ خط تمويل التجارة الخارجية سيتمكن من تقليص العجز التجاري، مشيراً إلى أن وزير التجارة، رضا شلغوم، سيزور السعودية لإتمام هذه القرارات.

وكانت وكالة الأنباء السعودية، قد ذكرت أن الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، حضرا العوجا بالدرعية توقيع اتفاقيتين ومذكرة تفاهم بين حكومة السعودية والجمهورية التونسية.

وفي مقال حمل عنوان "تونس أمام خطر انقلاب مدعوم خليجياً"، نُشر الخميس الماضي في موقع "ميدل إيست آي"، حذر الصحفي ديفيد هيرست من دعم السعودية والإمارات لتونس؛ من جراء ما وصفه بـ"خضوع" السبسي لـ"إغراءات" الرياض وأبو ظبي، بحسب الموقع.

وقال هيرست: "وجود حركة إسلامية سلمية ممثلة بحركة النهضة في تونس تعتبره بعض الديكتاتوريات في الخليج (الفارسي) ومصر شوكة في جنبها، وتسعى للقضاء على التجربة الديمقراطية الهشة هناك".

ويأتي ذلك في أتون أزمة سياسية تعيشها تونس زادت حدتها عندما أعلن السبسي، الذي يتزعم نجله حافظ حزب "نداء تونس" (ليبرالي علماني)، إنهاء حالة التوافق مع حركة النهضة (إسلامية)، بعد إعلان الأخيرة تكوين ائتلاف مع الشاهد.

يشار الى ان حركة "النهضة" تمثل الكتلة الاكبر في مجلس نواب الشعب التونسي بـ 68 نائباً.

والخميس الماضي، بدأ رئيس حكومة تونس زيارة إلى السعودية استمرت 3 أيام، تلبية لدعوة تلقاها من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي زار تونس قبل نحو أسبوعين، والتي أثارت جدلاً واسعاً على خلفية قتل الصحفي جمال خاشقجي وترافقت مع احتجاجات شعبية حاشدة.

من جانبه، أكد رئيس حركة "النهضة" في تونس، راشد الغنوشي، أنّ بلاده "ستمضي في تحقيق أهدافها واستكمال ديمقراطيتها" رغم وجود "قطاع طرق يحاولون إجهاض التحول الديمقراطي"، دون أن يوضح من قصد بـ"قطاع الطرق".

وأضاف الغنوشي أنّ "تونس لا تزال في مرحلة الانتقال الديمقراطي التي ستستكمل بإجراء انتخابات 2019 (التشريعية والرئاسية) في موعدها المحدد؛ لتصبح بذلك أول بلد ديمقراطي في العالم العربي".

وأشار في ذات السياق إلى أن "البلاد تعيش حملة انتخابية سابقة لأوانها استعدادا للاستحقاق الانتخابي القادم، تستخدم فيها أسلحة قديمة اعتمدها نظام الاستبداد السابق كالاتهام بالمؤامرات والانقلابات"، على غرار الاتهام الموجه لحركة "النهضة" بوجود غرفة سوداء تابعة لها بوزارة الداخلية.

ولفت الغنوشي إلى أن "الدستور التونسي الذي شاركت حركة النهضة في صياغته يشرّع للتنفاس السياسي المعقول وبأسلحة مباحة".

وأكد أنه "لا مجال للفوضي اليوم في تونس البلد الذي يحكمه القانون ومن له أدلة قطعية على تورط طرف سياسي معين فعليه التوجه للقضاء".

كما اعتبر الغنوشي، أن "البلاد تعيش حالة من القلق بسبب نجاح حزبهم في الانتخابات البلدية لسنة 2018 وترأسها لعدد من البلديات على غرار بلدية العاصمة"، مبينا أن "نجاح النهضة ليس نجاح حزب بل هو نجاح التحول الديمقراطي في البلاد".

وكانت مجلة جون آفريك كشفت في نوفمبر الماضي، نقلا عن مصادر دبلوماسية أن زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى تونس تمخض عنها تعهده بتقديم مبلغ ملياري دولار وديعة لدى البنك المركزي التونسي، وتوفير ما قيمته أربعمئة مليون دولار من النفط بسعر تفضيلي.

وبحسب المجلة الفرنسية، اضطر ولي العهد السعودي إلى اختصار زيارته لتونس أمس بسبب معارضة المجتمع المدني التونسي لهذه الزيارة التي تمثلت في المظاهرات القوية التي نددت بها.

ولفتت المجلة الواسعة الانتشار إلى أن تونس -التي تعمل جاهدة على جمع ما أمكنها من أموال على الساحة الدولية نظرا لمؤشراتها الاقتصادية السيئة- كانت في أمس الحاجة إلى هذه المساعدة المالية التي من شأنها أن تجنبها أزمة اقتصادية.

ورأت جون آفريك في هذه الزيارة نجاحا للدبلوماسية التونسية التي حرصت بشدة على احترام البروتوكول، وعدم التطرق للمواضيع التي قد تثير غضب ولي العهد السعودي.

وقالت إن المسؤولين التونسيين تجنبوا الحديث مع ضيفهم عن القضايا الخلافية، مثل قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي وقضية تسليم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، الذي لجأ للسعودية منذ هروبه من تونس في 14 يناير/كانون الثاني 2011، وقد أصدرت العدالة التونسية طلبا أوليا بتسليمه في عام 2012، ظل حتى الآن حبرا على ورق.

وتظاهر تونسيون في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة رافعين شعارات من قبيل "تونس ليست للبيع" و"الشعب يريد طرد بن سلمان"، تعبيرا عن رفضهم للزيارة، بينما طالب حقوقيون بإلغائها متهمين محمد بن سلمان بالتورط في مقتل خاشقجي وارتكاب جرائم ضد الإنسانية في اليمن.

كانت تونس حليفاً قوياً للسعودية في فترة حكم الرئيس الهارب زين العابدين بن علي، لكن العلاقات توترت بعد فراره إلى السعودية ورفض الاخيرة دعوات أحزاب تونسية بتسليمه للمحاكمة بعد الثورة التونسية عام 2011. واتسمت علاقات البلدين بالفتور في أعقاب وصول حركة النهضة إلى الحكم بعد الثورة الشعبية.