البحرين في شباك "اسرائيل"

البحرين في شباك
الأحد ١٦ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٧:٠٥ بتوقيت غرينتش

من المعروف أن بعض لدول الخليجية سبق أن بدأت مسيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب منذ فترة طويلة مع مرحلة التطبيع الدبلوماسي وصولاً إلى التعاون الأمني والاقتصادي، وسبق للبحرين أن أنهت مقاطعتها للبضائع الإسرائيلية وتبادلت الزيارات في ما بينها بشكل علني لكن الموقف الشعبي لهذه الدول واضح للعلن برفضه الشديد واستنكاره لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهیوني.

العالم - البحرین

وتسارعت وتيرة الحراك التطبيعي بين "إسرائيل" ودول عربية وخليجية بشكل خاص، مؤخرا، وتمثلت، إضافة إلى زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي "بنيامين نتنياهو" إلى سلطنة عمان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفي استضافة عواصم خليجية وفودا رياضية إسرائيلية.

وفي احدث مشاهد مسلسل التطبيع البحريني دافع وزير خارجية هذا البلد الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة عن اعتراف أستراليا بالقدس الغربية عاصمة لـ"إسرائيل"، معتبرا أنها "خطوة لا تمس بالمطالب الشرعية للفلسطينيين".

وقال وزير الخارجية البحريني في تغريدة على "تويتر": "كلام مرسل وغير مسؤول. موقف أستراليا لا يمس المطالب الفلسطينية المشروعة وأولها القدس الشرقية عاصمة لفلسطين ولا يختلف مع المبادرة العربية للسلام والجامعة العربية سيدة العارفين".

ويأتي موقف البحرين وسط رفض فلسطيني وإدانة من جامعة الدول العربية للقرار الأسترالي، بوصفه انتهاكاً خطيراً للوضع القانوني الدولي الخاص بمدينة القدس ولقرارات الشرعية الدولية.

في المقابل قدم الكاتب الإسرائيلي البارز بقناة "كان" العبرية التابعة لهيئة البث الإسرائيلية (رسمية) "شمعون آران" التهئنة للبحرين بمناسبة اليوم الوطني، الذي يوافق الأحد 16 ديسمبر/كانون الأول الجاري، متمنيا إقامة علاقات دبلوماسية بين تل أبيب والمنامة.

وأوضح "آران"، أن "(إسرائيل) تتحدث كثيرا في الفترة الراهنة عن التقارب بينها والدول الخليجية، وكذلك عن التطور في العلاقات بين العالمين، العربي والإسلامي، وبلاده، لذلك أعرب عن أمنيتي بقرب إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين البحرين و(إسرائيل)".

وتتردد أنباء قوية، منذ أسابيع، عن زيارة مرتقبة لنتنياهو، إلى البحرين، رغم النفي الرسمي الذي صدر من المنامة.

وتقول تقارير غربية وإسرائيلية، إن السعودية أعطت الضوء الأخضر للبحرين لافتتاح ممثلية رسمية لـ"إسرائيل" خلال الزيارة المرتقبة.

وكانت القناة الثانية الإسرائيلية ذكرت، مؤخرا، أن نتنياهو يرغب بتطبيع العلاقات مع البحرين بشكل معلن، بعد جدل تناولته وسائل الإعلام حول نيته زيارة المملكة قريبا.

واشارت الى انه جرى السماح للاعلام الاسرائيلي بالنشر حول اعلان رسمي قريب للعلاقات مع هذه الدولة، فيما تلقى وزير اقتصاد الاحتلال ايلي كوهين دعوة رسمية لزيارة المنامة منتصف نيسان ابريل المقبل.

حكاية التطبيع مع "إسرائيل" في البحرين

هرولة البحرين نحو التطبيع مع "إسرائيل" ليست وليدة اليوم، فالبداية ترجع إلى عام 1994 حين زار يوسي ساريد وزير البيئة الإسرائيلي المنامة على رأس وفد كبير، تحت ذريعة المشاركة في مؤتمر يتناول قضايا البيئة، وأثارت تلك الزيارة حينها جدلًا كبيرًا في الشارع العربي والبحريني على حد سواء.

وبعدها بـ6 سنوات تقريبًا وفي عام 2000 عقد في دافوس لقاء بين ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة والرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس، أثمر فيما بعد عن قرار المنامة إغلاق مكتب مقاطعة "إسرائيل" في البحرين، لتبدأ بعدها رحلة التطبيع بشكل ودي وإن لم تخرج للعلن بصورة رسمية.

وفي 2008 التقى ملك البحرين شخصيًا مع بيريز وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية يومذاك، على هامش مؤتمر "الحوار بين الأديان" في نيويورك، فيما أعلن الحاخام أبراهام كوبر رئيس مركز "إيلي فيزنتال" الأمريكي أنه التقى بالملك وسمع منه تأكيدات صريحة بشأن حق مواطني البحرين بزيارة "إسرائيل".

كما شارك في سابقة هي الأولى من نوعها، وفدًا إسرائيليًا في اجتماع لجنة التراث العالمي الذي نظمته منظمة "اليونسكو" خلال الفترة من 24 من يونيو/حزيران الماضي إلى 4 من يوليو/تموز المقبل في البحرين.

واستكمالاً لسلسلة الخطوات هذه، زار الاول من مارس الماضي وفد يقوده الحاخام الأميركي مارك شناير المنامة ضمن حملة دينية ينظمها كنيس يهودي إلى البحرين وفلسطين المحتلّة.

الحاخام شناير قائد هذه الحملة التي ضمّت 17 شخصاً قال من المنامة ان البحرين قد تكون أول دولة خليجية تبني علاقات دبلوماسية مع إسرائيل شاكراً للملك البحريني"تقديمه الدعم لإسرائيل"، على حد قوله. كما حثّ خلال زيارته اليهود على زيارة البحرين والاستثمار فيها.

مشاهد اللقاء بين الملك البحريني والحاخام الأميركي والخطوات الأخيرة تكشف حميمية العلاقات، وفي هذا السياق يقول الكاتب والإعلامي البحريني حسين يوسف لـ الميادين نت إن "لهذه الخطوات هدفان، الأول هو حرف المسار عن الاضطهاد الديني التي تمارسه السلطات تجاه الشعب البحريني وحرمانهم من حقوقهم الأساسية والثقافية وهذا ما أكدت عليه جمعيات حقوق الإنسان. ومن جهة ثانية فهي أحد أساليب العلاقات العامة وتسويق النظام البحريني للمجتمع الدولي على أنه متسامح وذلك من خلال مدّ اليد للكيانات الصهيونية والكيانات المطبّعة ودعمها لها".

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي زار وفد من إحدى الجمعيات البحرينية يضم 24 شخصًا دولة الاحتلال، وكانت هذه المرة الأولى التي يزور فيها وفد بحريني الأراضي المحتلة بشكل علني، في حين قالت الجمعية البحرينية إن وفدها الذي زار "إسرائيل" لا يمثل أي جهة رسمية.

وفي 10 من مايو/أيار الماضي دافع وزير الخارجية البحريني عن حق "إسرائيل" في الدفاع عن نفسها عبر تدمير "مصادر الخطر"، وفي تغريدة له عبر حسابه الرسمي على "تويتر" بعد ساعات من إعلان تل أبيب استهداف 50 موقعًا تابعًا للقوات السورية كتب يقول: ".. فإنه يحق لأي دولة في المنطقة ومنها "إسرائيل" الدفاع عن نفسها بتدمير مصادر الخطر".

وفي الشهر ذاته كشفت اللجنة الأوليمبية الفلسطينية مشاركة دراجين بحرينيين في ماراثون أُقيم بـ"إسرائيل"، معتبرة إياها سابقة تنطوي على درجة عالية من الخطورة تصل حد الخيانة العظمى لنضالات الشعب الفلسطيني وتضحياته.

دعم ملكي ومعارضة شعبية

وكلف الملك البحريني كلف ولده الأمير ناصر بن حمد آل خليفة قائد الحرس الملكي ورئيس المجلس الأعلى للرياضة في البحرين بالمسؤولية عن دفع التطبيع مع تل أبيب قدمًا.

وكانت وثائق "ويكليكس" قد كشفت النقاب عن أن الملك البحريني تباهى في لقاء جمعه بالسفير الأمريكي في فبراير/شباط 2005 بالمنامة بأن هناك علاقة عمل قوية تربط البحرين بجهاز المخابرات والمهام الخاصة الإسرائيلي "الموساد"، وأنه يدرس توسيع نطاق العلاقات مع "إسرائيل" إلى مجالات أخرى، وهو ما حرص باك على استدعائه في تقريره المنشور.

هذا والموقف الشعبي في البحرين واضح للعلن برفضه الشديد واستنكاره لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهیوني. وردود فعل الشارع البحريني السابقة تفاوتت بين التصريحات وبيانات المؤسسات الدينية والجمعيات السياسية والأهلية وجمعية مقاومة التطبيع، بالإضافة إلى تصريحات نواب البرلمان وخطب الجمعة السياسية الذين رفضوا التطبيع مع الكيان الصهيوني بكافة أشكاله والمتضمنة إقامة علاقات اقتصادية وتجارية.

ولا ننسى وقوف الشعب البحريني مع حركات التحرر العربي والعالمي وتأييده لجبهات المقاومة الوطنية والإسلامية ضد الكيان الصهيوني، ومشاركة بعض شبابه الشهداء في حروب التحرير ضد "إسرائيل" الغاصبة، ولا ننسى أيضاً قربانه للأقصى والقدس الشهيد محمد جمعة الشاخوري الذي سقط أثناء تظاهرة أمام السفارة الأميركية في 5 نيسان/ أبريل 2002. فهذا الشعب الذي عرف عنه مواقفه الشجاعة ودعمه غير المحدود لحركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية لن يتراجع عن موقفه برفض كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.