حل الكنيست وتبكير الانتخابات.. الاسباب والتداعيات

حل الكنيست وتبكير الانتخابات.. الاسباب والتداعيات
الثلاثاء ٢٥ ديسمبر ٢٠١٨ - ١١:٥٤ بتوقيت غرينتش

في ظل إستمرار النزاعات الداخلية الإسرائيلية وبعد مرور بضعة أيام من قرار الإنسحاب الأميركي من سوريا، والذي وصفه المحللون بأنه "انتكاسة كبيرة لإسرائيل"، قرر رؤساء الائتلاف الحكومي الصهيوني، حل الكنيست والذهاب نحو اجراء انتخابات مبكرة.

العالم- تقارير

ذكرت صحيفة "يديعوت احرونوت" الاسرائيلية أن القرار جاء في أعقاب اجتماع خاص عقده رؤساء الائتلاف الحكومي، إذ تقرر في ختام الاجتماع حل الكنيست خلال أيام، والدعوة لانتخابات مبكرة في التاسع مع إبريل/ نيسان المقبل.

القرار جاء بعد فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في منع قرار حل الكنيست.

وأكدت تقارير أعقبت اجتماع نتنياهو، بوزير التعليم ورئيس "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت، أنه تقرر الاتجاه نحو إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، في ظل معارضة نتنياهو وتأكيده على ضرورة الحفاظ على الحكومة اليمينية.

وكان نتنياهو اكد خلال اجتماع للحكومة الشهر الماضي: "في مرحلة حساسة أمنيا، فإن إجراء انتخابات أمر غير ضروري وسيشكل خطأ".

وأظهر أحدث الاستطلاع، أن ما نسبته 60% من "الإسرائيليين"، غير راضين عن أداء نتنياهو، بمنصبه كوزير للجيش، وتعامله مع القضايا الأمنية، لاسيما عقب جولة الاعتداء الأخير على قطاع غزة.

ازمات على وقع الاخفافات بغزة

ومنذ القصف الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة مطلع نوفمبر الماضي، تتوالى الازمات على نتنياهو، والتي لم يكد يخرج من واحدةٍ منها حتى يجد الأخرى في انتظاره، والتي بدأت باستقالة وزير الحرب السابق في حكومته وصديقه إفيغدور ليبرمان.

واستقال ليبرمان، زعيم حزب "اسرائيل بيتنا"، اعتراضًا على قبول هدنة لإنهاء القتال مع فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، مدينًا وقف إطلاق النار ووصفه بأنه "استسلام للإرهاب" حسب زعمه، كما انتقد أيضًا مساعي التوصل لهدنة طويلة الأجل مع حركة حماس.

الأزمة تصاعدت بعد استقالة ليبرمان بيومين، في أعقاب فشل الاجتماع بين رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ونفتالي بنيت رئيس حزب البيت اليهودي الذي طالب بأحقيته في تولي منصب وزير الحرب، ليعلن حزب البيت اليهودي انسحابه من الائتلاف الحكومي وأنه سيدعو لانتخابات مبكرة.

خلافات داخلية وملفات فساد..

من جانبها أشارت "يديعوت احرونوت"، إلى ما يسمى "قانون التجنيد"، معتبرة أن سبب هذه الخطوة يعود إلى الخلاف المحتدم مع أحزاب المتدينين حول قانون تجنيد اليهود المتدينين في جيش الاحتلال، وكذلك على ضوء عدم تمتع الائتلاف بأغلبية في الكنيست مع انسحاب حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان قبل أسابيع.

ولفتت إلى أن تقديم الانتخابات جاء أيضًا بسبب ازدياد ملفات الفساد المتهم بها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ونية المستشار القضائي للحكومة حسم القضايا خلال بداية العام المقبل، بعد أسبوعين من توصيات الشرطة بتقديم لائحة اتهام بحق نتنياهو بتهم متعلقة بالفساد والرشاوى وخيانة الأمانة.

والسؤال هنا، هل حل الكنيست وتبكير الانتخابات، ينقذ "نتنياهو" من تهم الفساد؟

ومن المتوقع أن تباشر الجهات المسؤولة اليوم الثلاثاء إعداد الإجراءات القانونية الضرورية لإجراء هذه الانتخابات.

وبناءا على ذلك، فستبدأ اليوم وزيرة القضاء الإسرائيلية، "إييليت شاكيد"، بإعداد صيغة مشروع قانون باسم الحكومة يقضي بحل الكنيست، ومن المنتظر أن تطرحه صباح اليوم على اللجنة الوزارية الخاصة بشؤون التشريع من أجل المصادقة عليه قبل حمله إلى الكنيست لمناقشته والتصويت عليه بالقراءات الثلاث قبل أن يصبح قانونا ساريا المفعول.

ويتوقع أن تنتهي الكنيست من التصويت والمصادقة على مشروع القانون حتى يوم غد الأربعاء، علما بأنه تم تحديد يوم التاسع من شهر ابريل/ نيسان المقبل موعدا لإجراء الانتخابات العامة في "إسرائيل".

وتقرر تقديم موعد الانتخابات بعد أن فشل رؤساء الائتلاف في التوصل إلى صيغة متفق عليها بشأن قانون التجنيد وإعلان رئيس حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل)، يئير لابيد، نيته التصويت ضد مشروع هذا القانون.

ومن المعروف أن أحزاب المتدينين يعارضون مشروع قانون التجنيد المطروح على الكنيست، ولهذا فإن الائتلاف الحكومي المؤلف من 61 نائبا وهي أغلبية ضئيلة من أصل 120 نائبا في الكنيست، يحتاج إلى دعم أحد أحزاب المعارضة من أجل تمرير القانون المذكور في الكنيست.

وبعد ان كان حزب "يش عتيد" وحزب "يسرائيل بيتينو" المعارضان يؤيدان القانون وعلى استعداد للتصويت لصالحه، تراجع حزب "يش عتيد" عن موقفه وقرر التصويت ضد مشروع القانون المطروح معللا ذلك بأن ثمة صفقة عقدت بين نتنياهو والأحزاب المتدينة تعويضا لهذه الأحزاب عن إرغام الشباب المتدينين على تأدية الخدمة العسكرية، وهو ما يص عليه القانون الجديد.

وفي مثل هذه الحالة، اتضح أن القانون المذكور لن يحظى بأغلبية في البرلمان ولن تتم المصادقة عليه، علما بأن المحكمة العليا كانت قد حددت تاريخ 15 يناير/كانون الثاني كموعد اقصى للمصادقة على القانون المثير للجدل والذي عرض على المحكمة للبت في مواعيد التصويت عليه بعد مماطلة الأحزاب المتدينة استغرقت سنوات في عرقلة القانون.

وانتقد اثنان من رؤساء أحزاب الائتلاف الحكومي بشدة رئيس الوزراء نتنياهو، وقالا إنه قرر خوض الانتخابات لسبب واحد، ألا وهو التحقيقات الجارية بحقه. ورأى الاثنان أنه كان باستطاعة رئيس الوزراء إيجاد حل لقانون التجنيد إذا أراد ذلك حقا.

من سيشكل الحكومة القادمة؟

وأظهر أحدث استطلاع للرأي العام في "إسرائيل" استمرار تمتع حزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو بأكبر عدد مقاعد في الكنيست بحصوله على 30 مقعدا، وبالتالي عودته لتشكيل حكومة جديدة.

وبحسب الاستطلاع الذي نشرته صحيفة "معاريف" الاسرائيلية، تراجعت أحزاب الوسط بشكل كبير ومن بينها تحالف حزب العمل "المعسكر الصهيوني" الذي حصل على 24 مقعدا بالانتخابات الأخيرة، بينما يشير الاستطلاع إلى تحطم الحزب بحصوله على 9 مقاعد فقط.

وبين الاستطلاع حصول حزب برئاسة قائد أركان الجيش الأسبق بيني غانس حال ترشحه للانتخابات على رأس قائمة 13 مقعدا ليتحول للحزب الثاني من حيث القوة بعد الليكود، يليه حزب "هناك مستقبل" بزعامة يائير لبيد بحصوله على 12 مقعدا، مقابل 11 مقعدا في الكنيست حاليا، أما حزب البيت اليهودي فيحصل على 11 مقعدا مقابل 8 مقاعد حاليا.

ووفقاً للاستطلاع، فقد تراجع تحالف حزب العمل "المعسكر الصهيوني" بزعامة آفي غباي إلى 9 مقاعد فقط وذلك مقابل 25 حاليا، في الوقت الذي حصل فيه حزب "إسرائيل بيتنا" على 5 مقاعد متراجعًا مقعد عن الوضع الحالي.

وحصلت القائمة العربية المشتركة على 11 مقعدا في تراجع بمعدل مقعدين عن الاستطلاعات الأخيرة، أما حزب "شاس" فحصل على 4 مقاعد وحزب ميرتس على 5 مقاعد، وحزب بزعامة المنشقة عن حزب ليبرمان "أورلي أبوكسيس" حصل على 6 مقاعد.

وبحسب الاستطلاع فسيكون بإمكان نتنياهو إعادة تشكيل حكومة جديدة عبر الأحزاب اليمينية والمتدينين.

وفي قراءة لتأثير هذا القرار على الجانب الفلسطيني يرى محللون، أن تأثير الانتخابات في المرحلة القادمة قد يكون له تداعيات بتصعيد مباشر وسريع على جبهة الجنوب الحدودية مع قطاع غزة على وجه التحديد أكثر من أي جبهة أخرى، إذ إن جبهة الجنوب بالإمكان السيطرة على حالة التصعيد فيها بشكل أسهل في إطار الدعاية الانتخابية. ويمكن أن يتخذ نتنياهو، في هذه المرحلة، عددا من قرارات المغامرة وخاصة فيما يتعلق بالفلسطينيين في قطاع غزة.

إلى ذلك، فإن من أهم التداعيات المباشرة لقرار تبكير الانتخابات هو الاعتقاد في الأوساط القريبة من نتنياهو، أن الخطوة ستحول دون عرض الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في أوج المعركة الانتخابية في "إسرائيل"، خطة إملاءاته لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والصراع الإسرائيلي العربي بما بات يعرف بـ"صفقة القرن".