وسط انقسام سياسي.. داعش يكشر عن أنيابه في ليبيا

وسط انقسام سياسي.. داعش يكشر عن أنيابه في ليبيا
الأربعاء ٢٦ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٩:٥٢ بتوقيت غرينتش

مع تنامي تواجد انشطة الارهابيين في ليبيا في ظل الانقسام الوطني الذي تشهده الساحة السياسية الليبية، تعرض مقر وزارة الخارجية الليبية في طرابلس، الثلاثاء الى تفجير ارهابي ادى الى مقتل ثلاثة أشخاص بينهم مسؤول إحدى الدوائر بالخارجية الليبية (دبلوماسي)، وجرح عشرة أشخاص حسب الإحصائيات الرسمية.

العالم- ليبيا - تقارير

وفجر اليوم الأربعاء شهدت مواقع التواصل الإجتماعي تغريدة لأحد إرهابيي تنظيم داعش يعلن مسؤولية التنظيم عن التفجير الذي اعقبه حرق لمبنى الخارجية والسيطرة عليه -حسب البيان- لعدة ساعات.

وبالرغم من أن ليبيا لم تشهد الأمن والإستقرار منذ الإطاحة بنظام ديكتاتور الأنظمة العربية، العقيد القذافي عام 2011 حتى كتابة هذه السطور، إلا أنها اليوم اصبحت على كف عفريت الإرهاب التكفيري أكثر من أي وقت آخر.

إرهاب استغل الإنقسام الشعبي والوطني في ليبيا، ليخرج من جحوره التي كان يختبئ فيها بمدينة سرت (شرق العاصمة طرابلس)، ويكشر عن أنيابه بعمليات إجرامية تستهدف الخارجية الليبية في العاصمة طرابلس.

أما ظهور الإرهاب التكفيري في العاصمة الليبية طرابلس بالرغم من أنه لم يكن الأول من نوعه، وقد قام بتفجير مقر المؤسسة الوطنية للنفط، في أيلول/سبتمبر الماضي بهجوم انتحاري، وقبل ذلك إستهدف التنظيم الإرهابي مقر هيئة الإنتخابات في العاصمة الليبية أيضا مطلع أيار مايو الماضي، لكن هذه المرة يرى المراقبون أن التنظيم وحسب بيانه الذي أعلن فيه عن مسؤوليته تفجير الخارجية الليبية، يريد الثأر لقتلاه الذين يسقطون في مواجهات مع سكان مدينة سرت (450 كم) شرق العاصمة الليبية.

ان تنامي الحضور الإرهابي لداعش في ليبيا يرى المراقبون انه امر طبيعي، خاصة بعد الضربات القاضية التي تلقاها في العراق ومن بعده في سوريا، ما حمل القوات الأمريكية المحتلة لتهريب بعض قادته الى شمال افريقيا وأفغانستان – حسب المصادر التي اعلنت ذلك في حينها-، وكانت مصر هي الأخرى شعرت بوصول الإرهاب التكفيري الى أراضيها في صحراء سيناء، دون ان تتمكن من معالجتها حتى الساعة.

فالتنظيم الذي واجه السحق والطرد من سوريا والعراق، إستغل حالة الإنقسام التي تعيشها ليبيا، حيث تتنافس فيها سلطتان للحصول على الشرعية ومن ثم السيطرة التامة على البلاد.

فالسلطة الأولى التي تحظى بدعم الأسرة الدولية هي حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج وتسيطر على غرب البلاد تقريبا،

فيما تنافسها حكومة موازية اخرى يرأسها عبدالله الثني في شرق البلاد وتحظى بالجيش الوطني الليبي الذي أحياه المشير خليفة حفتر بعد إتساع رقعة انعدام الأمن والسلام في البلاد بعيد الإطاحة بحكومة القذافي.

هذا الإنقسام جعلت مدينة سرت عالقة بين حكومتي شرق البلاد وغربها، ليسيطر عليها المتشددون، بمن فيهم الجماعات الإرهابية ورغم مقاومة سكانها للجماعات الإرهابية، إلا أنها باتت تحت وطأة سيطرتهم عليها، حتى تمكن الإرهابيون التسلل منها الى العاصمة الليبية طرابس وتنفيذ هجمتهم الإرهابية على مبنى الخارجية الليبية يوم أمس.

أما واقع الحال، يؤكد ان ليبيا التي تعيش تحت وطأة حظر دولي للأسلحة لاتتمكن أيا من حكومتيها من مواجهة الإرهاب المدعوم من القوى السلطوية الدولية، ما دفع وزير الداخلية الليبي "فتحي باش آغا" ليؤكد في مؤتمر صحافي أمس الثلاثاء بأنّ “الفوضى الأمنية مستمرة ” في ليبيا وهي التي تتسبب بايجاد “بيئة خصبة” للتنظيم الإرهابي في ليبيا بشكل خاص وشمال إفريقيا بشكل عام.

ويوعز الوزير الليبي عدم استطاعة الحكومة مواجهة هجمات التنظيم لإفتقاره للأسلحة والمعدات اللازمة لمواجهة الإرهابيين. وبدوره طالب وزير الخارجية الليبي "طاهر سيالة" الأمم المتحدة برفع الحظر المفروض على الأسلحة إلى ليبيا منذ العام 2011 ليتسنى لها التصدي للإرهاب والإرهابيين.

تصريحات الوزيرين الليبيين تؤكد أن اصابع اقليمية ودولية لاتريد الأمن والسلام لليبيا وأن مصلحتها تتجلى في إبقاء ليبيا خارج محيط الأمن والسلم، وقد تتسرب الحالة الى دول اخرى في الشمال الأفريقي.

لكن ما يمنع اتساع رقعة حضور الجماعات الإرهابية في شمال افريقيا في الوقت الراهن، اكثر من ذي قبل هو الخشية الاوروبية من تسلل الإرهابيين عبر افواج المهاجريين غير الشرعيين الذين يشقون عباب البحر بسفن متهالكة يمتلكها المتاجرون بأرواح البشر وإحتمال وصولهم الى السواح الجنوبية لأوروبا.

ومن هنا تتجسد مهمة الأمم المتحدة ومجلس أمنها، فإذا ما ارادت تخليص الشعب الليبي وباقي الشعوب في شمال افريقيا هي تعرف اكثر من غيرها ان مواجهة الإرهاب لا يمكن ان تتم والحكومة الشرعية في ليبيا تعاني من حظر دولي على استيراد الأسلحة.

ولم تكن ليبيا بالمستوى الذي تتمكن فيه من التصدي للجماعات الإرهابي عبر الاسلحة المتواضعة التي يملكها رجال الأمن والشرطة. الأمر الذي يرى المراقبون على مجلس الأمن الغاء الحظر المفروض على ليبيا، الأخر هو مساعدة الليبيين في التمهيد لمساع توفر الأرضية لأنتخابات حول دستور يجمع كل ابناء الشعب حول محور واحد ليشارك في انتخابات تخرج البلاد من الأزمات الداخلية.

*عبدالهادي الضيغمي