احتجاجات السودان تطرق أبواب القصر الرئاسي.. والبشير يردّ!

احتجاجات السودان تطرق أبواب القصر الرئاسي.. والبشير يردّ!
الأربعاء ٢٦ ديسمبر ٢٠١٨ - ١٢:٤٦ بتوقيت غرينتش

دخلت الاحتجاجات التي يشهدها السودان، اسبوعها الثاني، ضد حكم الرئيس عمر البشير المستمر منذ نحو ثلاثة عقود، والتي تخللتها أعمال عنف خلّفت قتلى وجرحى. وقبل وصولهم للقصر الرئاسي أطلق الأمن السوداني الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين المطالبين بتنحي الرئيس وتحسين الوضع الاقتصادي. واتهم البشير من اسماهم "الخونة" باستغلال الضائقة المعيشية في السودان خدمة لأعداء البلاد.

العالم – التقارير

استمرت لليوم السابع على التوالي الاحتجاجات الشعبية على الوضع الاقتصادي المتردي في السودان وأقامت أجهزة الأمن والشرطة نقاط تفتيش، وأغلقت الشوارع الرئيسية في عدد من المدن والولايات.

وفي العاصمة الخرطوم، أطلقت قوات الأمن السوداني، الغاز المسيل للدموع على مئات المتظاهرين المتوجهين إلى القصر الرئاسي.

وجاءت التظاهرات في الخرطوم تلبية لدعوة وجهها تجمع المهنيين في السودان الى المحتجين للتوجه الى القصر الجمهوري، "لتسليم مذكرة لرئاسة الجمهورية تطالب بتنحّي الرئيس فوراً عن السلطة استجابة لرغبة الشعب السوداني، وحقناً للدماء".

كما تجددت الاحتجاجات في مدينة أم درمان في ولاية الخرطوم تنديداً بتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد.

ونظمت الاحتجاجات مجموعة من المستقلين والنقابات المهنية، التي انضم أعضاؤها إلى الأطباء والمعلمين في مظاهرات في جميع ربوع البلاد منذ أسبوع ضد ارتفاع التضخم ونقص الغذاء.

وأفاد بيان لمنظمة العفو الدولية بأن ما لا يقل عن 37 متظاهرا قتلوا بصدامات مع قوات الأمن في السودان خلال خمسة ايام من الاحتجاجات، فيما تحدث الإعلام عن مقتل 10 اشخاص فقط.

وطالبت سارة جاكسون نائبة المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في شرق إفريقيا الحكومة السودانية بـ"كبح استخدام القوة ومنع إراقة المزيد من الدماء".

ونصحت جاكسون السلطات بعدم منع المواطنين من تنظيم المظاهرات، وأن تركز جهودها على "وقف قمع حقوق الإنسان في البلاد وحل الأزمة الاقتصادية".

هذا وعبرت دول الترويكا الخاصة بالسودان (الولايات المتحدة والنرويج وبريطانيا) في بيان لها عما وصفته "بالقلق من استخدام العنف تجاه المتظاهرين"، داعية الحكومة السودانية إلى "الاستجابة للتظاهرات بشكل مناسب".

من جهته هاجم عضو هيئة علماء السودان، عبد الجليل النذير الكاروري، الاحتجاجات في بلاده، ووصفها بأنها "تخريب"، متهما المحتجين بـ"العمالة".

وقال الكاروري، إن "دعاة التخريب وحرق ممتلكات الشعب عملاء للدوائر الأجنبية والموساد".

وأضاف أن "من حق الجميع التعبير ولكن تخريب ممتلكات الوطن أمر مرفوض ويجب محاسبة المتسببين فيه".

بدوره أشاد الرئيس السوداني عمر البشير خلال لقاء بقيادة الأجهزة الأمنية والاستخبارات بجهود هذه المؤسسات في الحفاظ على الأمن، داعيا مواطنيه إلى عدم الانجرار وراء من اسماهم مروّجي الشائعات.

وفي أول تعليق له على الاحتجاجات المطلبية، اتهم الرئيس السوداني من اسماهم الخونة والعملاء باستغلال الضائقة المعيشية في السودان لخدمة أعداء البلاد، وقال إن "بعض الخونة والمرتزقة والمندسين استغلوا الأوضاع الاقتصادية الصعبة للتخريب وخدمة الأعداء".

وحذّر البشير المواطنين من الاستجابة لمحاولات زرع الإحباط لدى الشعب السوداني.

وكان الرئيس السوداني التزم الغياب عن المشهد لخمسة أيام منذ اندلاع الاحتجاجات الأربعاء الماضي، قبل أن يظهر بوعود جديدة تعهد فيها "بإجراء إصلاحات اقتصادية توفر للمواطنين حياة كريمة، وتعيد ثقة المواطنين في القطاع المصرفي".

ولكن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، سخروا من هذه الوعود، وقالوا إنها "جاءت بعد 30 عاما من الفساد وتدهور الأوضاع الاقتصادية"، حسب تعبيرهم.

وحول طبيعة هذه الإصلاحات التي يقصدها البشير، اكد الصحفي السوداني خالد الأعيسر، أنها "ستكون إصلاحات سياسية"، موضحا أنه "ربما يقوم البشير بإجراء بعض التعديلات على المجموعة التي تدير أمر الاقتصاد في السودان".

وتوقع الأعيسر أن "التعديلات ربما تطال رئيس الوزراء السوداني ووزير المالية، إلى جانب إجراء بعض التعديلات في الحكومة، لإقناع المحتجين بأن هناك خطوات حقيقية لوقف تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد"، مستدركا بقوله: "لا يملك البشير الكثير على الصعيد الاقتصادي من حيث القدرة المالية وكفاءة الدولة وتحقيق توزان اقتصادي".

وأشار إلى وجود تعقيدات سياسية في البلاد، إضافة إلى معاناة السودان الحقيقية في الإنتاج، والتي من شأنها أن تقوي قيمة الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية، مضيفا أن "هذا الأمر يبدو شبه مستحيل في ظل هذه الظروف المعقدة".

وينظر إلى الحراك، الذي يشهده السودان، على أنّه التحدي الشعبي الأكبر لسلطة الرئيس عمر البشير، منذ بلوغه سدة الحكم قبل 29 عاماً.

ويطرح محللون سيناريوهات بشأن ما قد تسفر عنه الاحتجاجات الشعبية خلال الأيام المقبلة، وهي: نجاح النظام في احتواء الاحتجاجات والقيام بإصلاحات، حدوث تسوية سياسية بين الحكومة وقيادات في المعارضة حقناً للدماء، وأخيرا حدوث تدخل خارجي لدعم النظام أو المحتجين.